مصر تشدد على أهمية أمنها المائي في ظل تواصل نزاع السد الإثيوبي

دعت مجدداً إلى ضرورة الالتزام بمبدأ التوافق بين دول حوض النيل

ملف المياه تصدر محادثات وزير الخارجية المصري ووزير التجارة والصناعة بجنوب السودان (الخارجية المصرية)
ملف المياه تصدر محادثات وزير الخارجية المصري ووزير التجارة والصناعة بجنوب السودان (الخارجية المصرية)
TT

مصر تشدد على أهمية أمنها المائي في ظل تواصل نزاع السد الإثيوبي

ملف المياه تصدر محادثات وزير الخارجية المصري ووزير التجارة والصناعة بجنوب السودان (الخارجية المصرية)
ملف المياه تصدر محادثات وزير الخارجية المصري ووزير التجارة والصناعة بجنوب السودان (الخارجية المصرية)

شددتْ مصر على «أهمية أمنها المائي»، ودعت مجدداً إلى «ضرورة احترام قواعد القانون الدولي، والالتزام بمبدأ التوافق بين دول حوض النيل».

جاءت التأكيدات المصرية في ظل استمرار نزاع «سد النهضة»، الذي أقامته إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، والذي يثير أزمة مع دولتي المصب، مصر والسودان.

وتصدر ملف المياه جانباً من محادثات وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع وزير التجارة والصناعة بجنوب السودان، جوزيف موم مجاك، في القاهرة، السبت. ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، فقد أكد عبد العاطي «رفض بلاده للتصرفات الأحادية فيما يتعلق بالموارد المائية المشتركة».

وجددت مصر، الشهر الماضي، رفضها «أي مساس بحقوقها المائية من نهر النيل»، وأكدت على «مخاطر إنشاء سد النهضة، من دون أي تشاور مع دولتي المصب»، مبرزة أن تحركات أديس أبابا لفرض سياسة الأمر الواقع «تمثل انتهاكاً لقواعد القانون الدولي».

وشرعت إثيوبيا في بناء «السد» منذ عام 2011 بداعي إنتاج الكهرباء. فيما تطالب مصر والسودان بإبرام «اتفاق قانوني ملزم»، ينظم قواعد تشغيل «السد»، بما يؤمِّن حصتيهما من مياه النيل، لكن المفاوضات بين الأطراف الثلاثة لم تنجح في الوصول إلى ذلك الاتفاق على مدار السنوات الماضية.

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

ونهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، «اكتمال بناء وملء سد النهضة»، وقال في كلمة ألقاها أمام برلمان بلاده إن اكتمال بناء السد «لن يسبب أي ضرر لدولتي المصب مصر والسودان». لكن القاهرة ترى في المقابل أن السد الإثيوبي «يمثل خطراً وجودياً عليها»، وقالت «الخارجية المصرية»، في خطاب قدمته لمجلس الأمن، في أغسطس (آب) الماضي، إن «السياسات الإثيوبية غير القانونية ستكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتي المصب».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، إذ تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات «الري المصرية».

والشهر الماضي، شدد وزير الري المصري، هاني سويلم، على أهمية «وجود تعاون مائي فعّال على أحواض الأنهار الدولية»، عاداً ذلك «مسألة وجودية لا غنى عنها بالنسبة لبلاده»، ومشيراً إلى «مخاطر إنشاء سد النهضة، دون أي تشاور أو دراسات كافية تتعلق بالسلامة، أو بالتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المجاورة»، وأوضح أن ذلك «يمثل انتهاكاً للقانون الدولي».

نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، أيمن عبد الوهاب، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «استمرار سياسات إثيوبيا الأحادية يزيد من مخاطر توتر العلاقات بين دول حوض النيل، ويحول قضية المياه إلى أداة للنزاع بين الدول، خصوصاً مع ازدياد جهود التنمية في عديد من دول حوض النيل».

مصر تؤكد رفضها للتصرفات الأحادية فيما يتعلق بالموارد المائية المشتركة (الخارجية المصرية)

وأعرب بدر عبد العاطي، خلال لقاء وزير التجارة والصناعة بجنوب السودان، السبت، عن التقدير للعلاقات التاريخية التي تجمع البلدين، مبرزاً أن مصر «كانت الدولة الثانية التي تعترف بجمهورية جنوب السودان فور استقلالها عام 2011». كما أكد وزير الخارجية المصري أن «بلاده طالما قدمت الدعم الكامل لجنوب السودان لتحقيق السلام والاستقرار، وتنفيذ مشروعات تنموية في عدة مجالات، من أهمها الري والموارد المائية، والكهرباء، في إطار تحقيق المصالح المشتركة».

وفي نهاية يونيو (حزيران) الماضي، افتتح وزير الري المصري عدداً من المشروعات المائية في جنوب السودان، منها «مركز التنبؤ بالأمطار والتغيرات المناخية، ومشروع تطهير بحر الغزال من الحشائش المائية، وعدد من آبار المياه الجوفية»، كما سلّم حكومة الجنوب أربع طائرات مساعدات إنسانية مقدمة من مصر.


مقالات ذات صلة

مصر لتعظيم الاستفادة من ساحلها الشمالي عبر «المكون الفندقي»

يوميات الشرق جانب من مدينة العلمين الجديدة (إدارة مهرجان العلمين)

مصر لتعظيم الاستفادة من ساحلها الشمالي عبر «المكون الفندقي»

أكد اجتماع للحكومة المصرية الأحد «اتجاه الدولة لزيادة عدد الغرف الفندقية بطول الساحل الشمالي الغربي» بحسب إفادة رسمية للمتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا خيام نازحين سودانيين في بعض الدول (المنظمة الدولية للهجرة)

هل تفتح انتصارات البرهان الباب لعودة سودانيين من مصر؟

«انتصارات البرهان» الأخيرة تفاعل معها سودانيون يقيمون في ضاحية فيصل بمحافظة الجيزة بمصر، عبر احتفالات واسعة للجالية السودانية.

أحمد إمبابي (القاهرة )
العالم العربي المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)

أنماط دعاية لحزب مصري جديد تثير اهتماماً وانتقادات

استطاع حزب «الجبهة الوطنية» الوليد في مصر، أن يلفت الانتباه سريعاً، بسبب دعاية غير تقليدية صاحبت الإعلان عنه، ووُصفت بـ«المثيرة للجدل»، بينها مواكب سيارات.

رحاب عليوة (القاهرة)
رياضة عربية بعثة نادي بيراميدز المصري في مطار لواندا (إكس)

البعثة «نجت من الموت»... طائرة «بيراميدز» المصري تتعرض لطارئ جوي خطير

تعرضت طائرة نادي بيراميدز المصري لحالة طوارئ جوية خطيرة خلال رحلة العودة من أنغولا إلى القاهرة، السبت، مما أدى إلى إجلاء الطوارئ في مطار لواندا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة وبجواره السيد البدوي خلال اجتماع سابق (الحزب)

أزمة «الوفد» المصري تتصاعد بعد انسحاب البدوي

تصاعدت أزمة حزب الوفد المصري على خلفية إعلان رئيسه الأسبق، السيد البدوي، انسحابه الكامل من المشهد «الوفدي».

عصام فضل (القاهرة)

وفد من «الجامعة العربية» في سوريا الأسبوع المقبل

مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

وفد من «الجامعة العربية» في سوريا الأسبوع المقبل

مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

يزور وفدٌ من جامعة الدول العربية، العاصمة السورية دمشق، الأسبوع المقبل، في زيارة تستغرق يومين، بحسب تصريحات الأمين العام المساعد لـ«الجامعة العربية»، السفير حسام زكي لـ«الشرق الأوسط».

وقال زكي، الذي سيترأس وفد «الجامعة العربية» إلى سوريا، إن «العمل جارٍ على إعداد أجندة الزيارة التي سوف تتضمَّن عقد لقاءات مع أطراف سورية عدة، إلى جانب الاجتماع مع الإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت، مطلع الشهر الحالي، عن عزم جامعة الدول العربية زيارة دمشق؛ بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرَّح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك، قبل أن تعلن «الجامعة» رسمياً عن الزيارة، الأحد الماضي.

تصوُّر لما يحدث

وبدأت «الجامعة العربية» الإعداد للزيارة منذ مدة، وتواصَلت مع الإدارة الجديدة في سوريا لإتمامها؛ بهدف «إعداد تقرير يُقدَّم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا»، وفق زكي، الذي أوضح أنه «رغم تواصل عدد من الدول العربية مع الإدارة الجديدة في دمشق، فإن هناك دولاً أخرى من بين أعضاء (الجامعة) الـ22 لم تفعل ذلك».

مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

وأشار إلى أن «زيارة وفد الجامعة ستتيح نقل تصوُّر لما يحدث في سوريا لتلك الدول التي ليست لديها القدرة أو الرغبة في التواصل مع دمشق حالياً، مع إتاحة الفرصة للإدارة الجديدة لعرض تصورها للفترة المقبلة».

ومنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي.

وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية، أو وفود برلمانية واستخباراتية، أو اتصالات هاتفية.

وبينما تواصل «الجامعة العربية» الإعداد للزيارة، استضافت العاصمة السعودية، الرياض، الأحد، اجتماعاً وزارياً عربياً - غربياً؛ لمناقشة الوضع في سوريا، بمشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية، وأمين عام مجلس التعاون الخليجي، ووزراء خارجية مصر، وسوريا، وقطر، والإمارات، والأردن، وسلطنة عمان، ولبنان، والبحرين، وعدد من المسؤولين الغربيين.

هدف أساسي

وبشأن ما إذا كان «اجتماع الرياض» ستكون له انعكاسات على زيارة وفد «الجامعة العربية» إلى دمشق، قال الأمين العام المساعد إن «مخرجات اجتماع الرياض أكبر من الزيارة المرتقبة إلى دمشق، وبالتأكيد ستكون لها انعكاسات على الزيارة؛ لكنها لن تغير هدفها الأساسي، وهو استطلاع الوضع في سوريا من أطراف عدة، وإعداد تقرير مفصل عن مجمل التطورات؛ لوضع أعضاء (الجامعة) في صورة ما يحدث على الأرض».

وعقدت «لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا» اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر الماضي، أكدت خلاله «الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية».

جانب من اجتماع «لجنة الاتصال العربية» بشأن سوريا في مدينة العقبة بالأردن (الخارجية المصرية)

وسبق أن أكد الأمين العام المساعد لـ«الجامعة العربية»، في تصريحات متلفزة الأسبوع الماضي، أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناء على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، مؤكداً أن «سوريا دولة كبيرة ومهمة، وتحتاج لكل الدعم العربي السياسي والمادي».

الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، عدّ زيارة وفد «الجامعة العربية» إلى دمشق بأنها «زيارة تعارف، واطِّلاع، وعلاقات عامة».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «سوريا الآن في مرحلة انتقالية، وهناك سلطة جديدة لا بد من التواصل معها»، مشيراً إلى أن «مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده في دمشق، وإجراء الانتخابات، من شأنهما أن يزيدا من شرعية الإدارة السورية الجديدة، ويدعما الانفتاح العربي والغربي عليها».

وكان مجلس وزراء الخارجية العرب قد أقرَّ في اجتماع طارئ عُقد بالقاهرة، في مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بـ«الجامعة العربية»، منهياً قراراً سابقاً، بتعليق عضويتها، صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011.