أزمة «الوفد» المصري تتصاعد بعد انسحاب البدوي

رئيس الحزب الأسبق اتهم قيادات حالية بـ«تحقيق مكاسب شخصية»

رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة وبجواره السيد البدوي خلال اجتماع سابق (الحزب)
رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة وبجواره السيد البدوي خلال اجتماع سابق (الحزب)
TT

أزمة «الوفد» المصري تتصاعد بعد انسحاب البدوي

رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة وبجواره السيد البدوي خلال اجتماع سابق (الحزب)
رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة وبجواره السيد البدوي خلال اجتماع سابق (الحزب)

تصاعدت أزمة حزب «الوفد» المصري على خلفية إعلان رئيسه الأسبق، السيد البدوي، انسحابه الكامل من المشهد «الوفدي»، مؤكداً أن قراره «جاء بعد الأزمات الأخيرة التي شهدها الحزب»، متهماً قيادات حالية في الحزب بـ«تحقيق مكاسب شخصية».

ويشهد «الوفد» منذ أيام أزمة بين قياداته عقب إصدار رئيس الحزب، عبد السند يمامة، قراراً بفصل البدوي؛ إثر توجيه الأخير «انتقادات لأداء الحزب» خلال مقابلة تلفزيونية، الأسبوع الماضي.

وأعلن البدوي، مساء الجمعة، انسحابه من المشهد داخل حزب الوفد، وقال في بيان له إن «كل كلمة تحدّث بها خلال لقائه التلفزيوني هي تعبير صادق» عن رأيه ورؤيته اللذَيْن سبق أن طرحهما في أكثر من حوار على مدار السنوات الماضية.

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، ويحل ثالثاً من حيث عدد المقاعد داخل مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) بواقع 39 نائباً، كما أن لديه 10 مقاعد في مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

وقُوبل قرار فصل البدوي بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، واتهم عدد من قادة الحزب يمامة بـ«مخالفة لائحة الحزب»، داعين إلى «اجتماع طارئ لـ(الهيئة العليا)».

وحدّدت «الهيئة العليا» للحزب مطلع فبراير (شباط) المقبل، موعداً لاجتماعها وفق القيادي «الوفدي»، فؤاد بدراوي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «(الهيئة العليا) سوف تجتمع لبحث الأزمة»، مؤكداً أن إعلان البدوي الانسحاب من المشهد الحزبي، «لا يعني استقالته من الحزب أو رضوخه لقرار الإقالة، وإنما يعني سياسياً عدم مشاركته في أي أنشطة حزبية».

وحسب بدراوي فإن انسحاب البدوي «لن يحل الأزمة داخل الحزب، بل سيزيدها تعقيداً ويُصعّدها»، موضحاً أن الحزب «يواجه أزمات متعددة تتعلّق بانفراد يمامة باتخاذ القرارات، وهو ما ترفضه قيادات الحزب، وستتم مناقشته في اجتماع (الهيئة العليا)»، وفق رأيه.

واتهم البدوي قيادات حالية بالحزب بـ«تحقيق مكاسب شخصية»، وقال في بيان انسحابه: «لن أكون جزءاً من هذا المشهد، الذي يطغى عليه الصراع على المناصب والمقاعد».

المقر الرئيسي لحزب الوفد بالقاهرة (الحزب)

وواجه «الوفد» أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه، حينها، السيد البدوي، وذلك على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته؛ مما أدى إلى تدخل الرئيس السيسي في الأزمة؛ حيث اجتمع مع قادة «الوفد»، داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، أنه «في كل الأحوال فإن الأزمة داخل (الوفد) مستمرة ومرشحة للتصاعد بسبب التجاذب بين أطرافها، وربما سيشهد الحزب مزيداً من الأزمات»، متوقعاً أن تتخذ الهيئة العليا للحزب خلال اجتماعها المرتقب، «قرارات تصعيدية؛ مما سيؤدي إلى تصعيد متبادل من الأطراف كافّة».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد «الوفد» أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلّق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب الوفد، حول بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».

وأبدى فهمي تخوّفه من تأثير أزمة «الوفد» على مشاركة الحزب في الانتخابات البرلمانية التي يتوقع أن تجري العام الحالي، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن الأزمة «ستؤثر سلباً في خوض (الوفد) الانتخابات البرلمانية، خصوصاً مع التصعيد المتبادل بين جميع الأطراف».

وكان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في تصريحات سابقة إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

كما أبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا لحزب الوفد رفضهم القرار؛ حيث قال القيادي بالحزب، منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، حينها، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب».

واقترح طارق فهمي في هذا الصدد أن «يتم تشكيل لجنة حكماء من قيادات (الوفد) لتقريب وجهات النظر بين الأطراف كافّة، والتوصل إلى توافق سياسي يجنّب الحزب مخاطر تصاعد الأزمة».


مقالات ذات صلة

مصر تشدد على أهمية أمنها المائي في ظل تواصل نزاع السد الإثيوبي

شمال افريقيا ملف المياه تصدر محادثات وزير الخارجية المصري ووزير التجارة والصناعة بجنوب السودان (الخارجية المصرية)

مصر تشدد على أهمية أمنها المائي في ظل تواصل نزاع السد الإثيوبي

شددت مصر على «أهمية أمنها المائي»، ودعت مجدداً إلى «ضرورة احترام قواعد القانون الدولي، والالتزام بمبدأ التوافق بين دول حوض النيل».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)

مصر تستوحي الطراز الفرنسي القديم في «جاردن سيتي الجديد»

على الرغم من إنشاء تجمّعات سكنية فاخرة في ضواحي العاصمة المصرية، فإنّ الحيّ الراقي العتيق لم يفقد بريقه، وظلَّ يُعدُّ إحدى الوجهات المفضّلة للإقامة لدى كثيرين.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي خلال تفقده الأكاديمية العسكرية المصرية (الرئاسة المصرية)

السيسي يطمئن المصريين بشأن القدرة على تجاوز «الظروف الصعبة»

للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع، يعمد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى طمأنة المصريين بشأن قدرة بلاده على تجاوز «الظروف الصعبة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)

السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

قال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في تصريحات متلفزة، مساء الخميس: «نعمل حالياً على وضع الهيكل التنسيقي للمجلس المصري - السعودي».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)

القاهرة الخديوية «المرهَقة» تسعى إلى استعادة رونق الزمن الجميل

كلّف الخديوي إسماعيل، المعماري الفرنسي هاوسمان، بتصميم القاهرة الخديوية وتنفيذها في وسط مدينة القاهرة عام 1867، وتصل المساحة التي خُصصت لذلك إلى 20 ألف فدان.

محمد الكفراوي (القاهرة)

الجيش السوداني يحقق «انتصاراً كبيراً» ويستعيد عاصمة الجزيرة

احتفالات شعبية في مدينة بورتسودان بعد سيطرة الجيش على مدينة ود مدني السبت (أ.ف.ب)
احتفالات شعبية في مدينة بورتسودان بعد سيطرة الجيش على مدينة ود مدني السبت (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يحقق «انتصاراً كبيراً» ويستعيد عاصمة الجزيرة

احتفالات شعبية في مدينة بورتسودان بعد سيطرة الجيش على مدينة ود مدني السبت (أ.ف.ب)
احتفالات شعبية في مدينة بورتسودان بعد سيطرة الجيش على مدينة ود مدني السبت (أ.ف.ب)

أعلن الجيش السوداني، السبت، استعادة مدينة «ود مدني» عاصمة ولاية الجزيرة وسط البلاد من قبضة «قوات الدعم السريع»، التي سيطرت عليها منذ أكثر من عام، وشاب الغموض عملية استرداد المدينة بسهولة غير متوقعة، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع» من المدينة والمواقع المتقدمة في كل أنحاء الولاية.

وهنأ الجيش السوداني الشعب السوداني بدخول قواته مدينة ود مدني، التي تبعد نحو 186 كيلومتراً جنوب العاصمة الخرطوم، وقال المتحدث الرسمي باسمه العميد نبيل عبد الله، إن قواته تعمل الآن على «نظافة جيوب المتمردين داخل المدينة»، وإن القوات المسلحة والقوات المساندة لها تتقدم بعزيمة وإصرار في كل المحاور.

وعبر الجيش والفصائل المتحالفة معه إلى قلب المدينة من خلال الجسر الرئيسي «جسر حنتوب» الذي يعبر النيل الأزرق من شرق المدينة، دون خوض أي معارك مع «قوات الدعم السريع» التي كانت تسيطر المدينة عليها منذ ديسمبر (كانون الأول) 2023.

ومع تصاعد العمليات العسكرية في الجزيرة لم تدخل «قوات الدعم السريع» في أي اشتباكات عسكرية جدية أو معارك كبيرة في معظم المواقع التي كانت تقع تحت سيطرتها.

وخلال عام من سيطرتها على ولاية الجزيرة، اتهمت «قوات الدعم السريع» بارتكاب مجازر وانتهاكات فظيعة ضد الأهالي، أدت إلى مقتل الآلاف من المواطنين العزل ونهبت ممتلكاتهم.

احتفالات شعبية شملت عدة مدن سودانية بعد سيطرة الجيش على مدينة ود مدني السبت (أ.ف.ب)

وبحسب متابعات «الشرق الأوسط»، سرّع الجيش السوداني والفصائل المتحالفة معه، خلال الأيام الماضية من وتيرة العمليات العسكرية في ولاية الجزيرة، وأحرز تقدماً كبيراً في جبهات القتال، بدءاً من السيطرة على مدينة «الحاج عبد الله» وعدد من البلدات المجاورة لها التي تقع غرب ود مدني، ثم في شرق المدينة بما في ذلك بلدات «أم القرى» و«الشبارقة».

وكان مدهشاً لكثير من المراقبين أن «قوات الدعم السريع» على الرغم من كثافة انتشارها في ولاية الجزيرة، بدأت التراجع من مواقعها وارتكازاتها دون خوض معارك فعلية.

«الدعم» يعترف بالخسارة

وفي أول تعليق صادر عن «قوات الدعم السريع»، اعترف المستشار القانوني لقائد قوات الدعم السريع محمد المختار بـ«خسارة معركة الجزيرة»، بقوله في مقطع فيديو: «خسرنا معركة لم نخسر الحرب»، وأضاف: «الحرب كر وفر»، قبل أن يعود ليتابع: «معركتنا ستظل مستمرة ولن نتراجع».

وشنت «قوات درع السودان» التي تقاتل إلى جانب الجيش، ويقودها القائد المنشق عن «الدعم السريع» «أبو عاقلة كيكل»، الجمعة، هجوماً مباغتاً، استطاعت على أثره استعادة بلدة «أم القرى» شرق مدني، بعد انسحاب «قوات الدعم السريع»، وهي بلدة تقع في منطقة استراتيجية جغرافياً في الطريق إلى عاصمة الولاية.

قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان (أ.ف.ب)

وواصلت قوات كيكل، السبت، توغلها في العمق، وسيطرت على عدد من البلدات والقرى الصغيرة، ومن ثم تمكنت من عبور «جسر حنتوب» على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق والالتحام بقوات قادمة من محاور أخرى للوصول إلى وسط ود مدني دون قتال يذكر.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن القيادة العسكرية العليا للجيش السوداني، وضعت خططاً عسكرية معقدة لاسترداد ود مدني، ومهاجمتها بمتحركات قادمة من كل جبهات القتال، بمشاركة كبيرة من القوات المساندة لها، أبرزها «قوات درع السودان»، والقوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة الدارفورية، وعدد من كتائب وميليشيات الإسلاميين التي تحارب في صفوف الجيش منذ بدء الحرب.

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، قائد «قوات درع السودان»، أبو عاقلة كيكل، يقف أمام مدخل الفرقة الأولى مشاة التابعة للجيش السوداني بوسط المدينة.

وقال مواطنون من ود مدني لــ«الشرق الأوسط»، إنهم لاحظوا حركة غير عادية ليلة الجمعة لـ«قوات الدعم السريع»، التي كانت تنتشر في الأحياء السكنية وتسيطر على المواقع المهمة للحكومة في المدينة. وأفاد سكان قرويون جنوب مدني بأنهم شاهدوا عناصر من «الدعم السريع» على متن سيارات عسكرية مقاتلة وأخرى مدنية، يتجهون عبر الطريق الغربي باتجاه العاصمة الخرطوم.

اتهامات أميركية لـ«الدعم»

وكانت قوات الجيش قد انسحبت من مدينة ود مدني في 11 ديسمبر 2023، ودخلتها «قوات الدعم السريع» دون قتال كبير أيضاً، ووقتها أعلن الجيش فتح تحقيق في ملابسات وأسباب انسحاب قواته من مواقعها العسكرية في مدينة ود مدني.

ورغم مرور أكثر من عام على الواقعة، لم تصدر نتائج التحقيق بشأن انسحاب القوات التي كانت موجودة في المدينة، وهي الفرقة الأولى مشاة.

وأتت التطورات الميدانية بعد بضعة أيام من العقوبات التي أصدرتها إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، بحق قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، الشهير باسم «حميدتي»، واتهمت قواته انتهاكات كبيرة، بما في ذلك جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم حرب في إقليم دارفور غرب البلاد.

آثار معارك سابقة في أحد شوارع مدينة «ود مدني» عاصمة ولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

وقالت مصادر سياسية مدنية متعددة لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إنها لم تكن تستبعد دخول الجيش ولاية الجزيرة دون معارك، ورجحت أن تكون العملية قد تمت ضمن عمليات إعادة تموضع وترتيبات عسكرية جديدة لـ«قوات الدعم السريع»، وخفض وجودها العسكري في بعض الولايات.

وأضافت المصادر أن مجريات العمليات العسكرية على الأرض، كانت تشير بوضوح طوال الأيام الماضية، إلى متغيرات عسكرية متوقعة، بما في ذلك انسحاب «قوات الدعم السريع» دون خوض معارك كبيرة أو مواجهات ضخمة مع الجيش.

وألمحت المصادر إلى احتمال أن يكون انسحاب «الدعم السريع» من الولاية التي سيطر عليها لأكثر من عام، ضمن إطار تكتيكي عسكري للتوغل في ولايات أخرى، خاصة بعد تقدمها في ولاية النيل الأزرق في الجزء الجنوبي الشرقي للبلاد، أو تهديدات لولايات في شمال البلاد.

محاصرة الخرطوم

ووصف خبراء عسكريون تحدثوا لــ«الشرق الأوسط»، فضلوا عدم الكشف عن هوياتهم، استعادة الجيش لمدينة ود مدني، بأنها «نصر كبير»، وقالوا إن هذا النصر يعني فعلياً نجاح التكتيكات العسكرية التي اتبعها الجيش، من أجل محاصرة «قوات الدعم السريع» في جنوب العاصمة الخرطوم، وتابعوا: «هذه الخطط بدأت باستعادة المدن الرئيسية في ولاية سنار، وكان الهدف منها قطع الطريق أمام أي تقدم أو تحرك لـ(قوات الدعم السريع)، وعدم إتاحة الفرصة لها لتهديد مناطق أخرى».

وأفاد خبراء، وهم ضباط سابقون في الجيش السوداني، بأن تحرير ولاية الجزيرة يعني إنهاء أي وجود لـ«الدعم السريع»، ويضع قواته التي لا تزال تسيطر على مناطق واسعة في الخرطوم جنوباً باتجاه ولاية الجزيرة، في «كماشة» تمكن الجيش من القضاء عليها.

احتفالات شعبية

عنصر من الجيش السوداني يمرّ بين منازل متضررة جراء الحرب مطلع الشهر في مدينة امدرمان بالخرطوم (رويترز)

وفور وصول أنباء استعادة الجزيرة من قبضة «الدعم السريع»، خرج آلاف المواطنين في مدن البلاد المختلفة، ابتداء بالعاصمة الإدارية المؤقتة، مروراً بمدينة «عطبرة» في ولاية نهر النيل (شمال)، إلى مدينة أم درمان ثانية كبرى مدن العاصمة السودانية الخرطوم، وإلى القضارف شرقاً، احتفالاً باستعادة الجيش السوداني ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة.

ومنذ ديسمبر 2023، سيطرت «قوات الدعم السريع» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى عبر محورها لاستعادة الولاية كاملة.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في وسط البلاد والخرطوم، لا تزال «الدعم السريع» تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من إقليم كردفان وبعض المناطق في النيل الأزرق والأبيض.

ويقول الخبراء إن الجيش وفي حال فرضه لسيطرته الكاملة على ولاية الجزيرة، سيحاصر «قوات الدعم السريع» في العاصمة الخرطوم من الجهتين، الجنوبية، والشمالية، عبر مدينة الخرطوم بحري التي استعاد الجيش أجزاء واسعة منها أخيراً، ويضعها في «كماشة» يصعب الخروج منها.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في 15 أبريل (نيسان) 2023، وأدت لمقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم، إلى مناطق آمنة، ولجوء أكثر من 3 ملايين إلى دول الجوار، بحسب تقديرات أممية.