«الدعم السريع» تسيطر على معبر حدودي مع جنوب السودان ومدينة استراتيجية

مواطنون يتهمون «كتائب الإخوان» بقتل وتعذيب العشرات... ويستنجدون بالجيش

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)
جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)
TT

«الدعم السريع» تسيطر على معبر حدودي مع جنوب السودان ومدينة استراتيجية

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)
جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)

أعلنت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على منطقتين استراتيجيتين قرب وعلى حدود السودان الجنوبية الشرقية مع دولتي جنوب السودان وإثيوبيا، هما بلدة «بوط» بولاية النيل الأزرق، والمعبر الحدودي مع الجمهورية الجنوبية عند بلدة «جودة» بولاية النيل الأبيض، وهو ما نفاه الجيش، وأكد أنه يسيطر على كامل المنطقة.

وإلى ذلك، وجّه مواطنون في ولاية سنار اتهامات لـ«كتائب الإخوان» المعروفة باسم «كتائب البراء بن مالك»، بقتل واعتقال وتعذيب مدنيين في منطقة استردها الجيش أخيراً، بذريعة «التعاون مع (الدعم السريع)»، وطالبوا الحكومة وقيادة الجيش بالتدخل لحمايتهم.

شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وقالت «قوات الدعم السريع» في بيان، إنها سيطرت على «اللواء 70» و«الكتيبة 379 مشاة» التابعة للجيش ببلدة «جودة» الواقعة بمحلية الجبلين بولاية النيل الأبيض، ولم يصدر من الجيش تعليق على ما أوردته.

ويعد معبر «جودة» الحدودي أحد أكبر المعابر بين السودان وجنوب السودان، ويربط ولاية النيل السودانية ومقاطعة «الرنك» بجنوب السودان، ومن يسيطر عليه يسيطر تقريباً على أكثر حدود البلدين نشاطاً، ويهدد ولاية النيل الأبيض التي توجد «قوات الدعم السريع» في شمالها وتسيطر على محلية «القطينة»، كما يهدد مدينة «الجبلين» حاضرة المحلية التي تبعد نحو 40 كيلومتراً عن منطقة جودة، والتي بدأت فيها حركة نزوح منذ وصول «الدعم» إليها.

وقالت «الدعم السريع» إنها سيطرت أيضاً على «اللواء 15 مشاة» التابع لـ«الفرقة الرابعة مشاة» في بلدة «بوط» بمحلية التضامن بولاية النيل الأزرق، وإن الجيش انسحب وسيطرت قواتها على البلدة، كما استولت على عدد كبير من الذخائر والمعدات، وهو ما نفاه الجيش، وقال في نشرة صحافية على منصته الرسمية على «فيسبوك»، إنه صد محاولة «يائسة لميليشيا آل دقلو الإرهابية» استهدفت البلدة، وكبدتها خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، وأضاف: «بوط ستظل أبية عصية على بقايا المتمردين».

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بين قواته في سنار قبل هجوم «الدعم السريع» عليها (موقع مجلس السيادة في «فيسبوك»)

وسيطرت «قوات الدعم» على عدة بلدات في ولاية النيل الأزرق، عقب استرداد الجيش لمدن «سنجة، والسوكي، والدندر» بولاية سنار، والقوات المنسحبة من سنار (يقول الجيش إنها فرّت) سيطرت على تلك المناطق في الولاية الحدودية؛ ما يهدد العاصمة «الدمازين» مقر «الفرقة الرابعة مشاة» التابعة للجيش التي تبعد عنها بعشرات الكيلومترات فقط.

وناشد مواطنو قرية «الشقيق» في ريف مدينة سنجة حاضرة ولاية سنار، القوات المسلحة التدخل لوقف انتهاكات «كتائب البراء» المستنفرين ضد السكان، وقالوا إنها اعتقلت وعذبت 22 مواطناً، وقتلت اثنين تحت التعذيب، بتهمة «التعاون مع (الدعم السريع)» التي تصل عقوبتها إلى الإعدام، وجرت الاعتقالات والقتل دون محاكمة. وقالوا في بيان: «نناشد حكومة السودان وقيادة القوات المسلحة، إيقاف هذه الاعتقالات والتعذيب على أساس إثني، وإجراء تحقيق حول أسباب الوفيات»، وتابع البيان: «نحملكم مسؤولية كل هذا العبث والضرر الذي لحق بنا»... ودعا البيان مفوضية حقوق الإنسان، وجهات مناهضة التعذيب والإخفاء القسري، للتدخل الفوري، وإجراء تحقيق، وإطلاق سراح المعتقلين.

سودانيون نازحون هرباً من ولاية سنار جنوباً (أ.ف.ب)

ولا تعد العمليات «الانتقامية» التي ينفذها كل من الجيش و«قوات الدعم السريع» استثنائية؛ إذ ظلت مواقع التواصل الاجتماعي تتداول مقاطع فيديو لعمليات إعدام عدد من المواطنين في منطقة «الحلفايا» بالخرطوم بحري من قبل عسكريين وهم يطلقون النار عن قرب على أشخاص بثياب مدنية بحضور الشهود... في حين نفذت «الدعم السريع» عمليات «انتقامية» واسعة النطاق في شرق ولاية الجزيرة بوسط البلاد، بعد معارك أعقبت انسلاخ قائدها العسكري أبو عاقلة كيكل وانضمامه للجيش، راح ضحيتها المئات بين قتيل بالرصاص أو تحت التعذيب أو جراء الحصار والجوع وانعدام الدواء.

وقال الإداري الأهلي وضابط الشرطة المتقاعد مالك الحسن أبو روف، ناظر المنطقة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات العمل الخاص، وغيرها من كتائب الكيزان، ارتكبت، وترتكب، انتهاكات واسعة وعلى أساس إثني في سنجة، وأبو حجار، وود النيل، ودار عقيل، بجانب انتهاكاتها السابقة للمواطنين في الدندر، والسوكي، وكامراب، وود العيس، بذريعة التعامل والتعايش مع (قوات الدعم السريع)». وتابع: «الجيش هرب من تلك المناطق وترك المواطنين دون حماية، وعندما عاد اتهمهم بالتعاون والتعايش مع (قوات الدعم السريع)».


مقالات ذات صلة

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

شمال افريقيا سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

وثقت هيئة «محامو الطوارئ» (منظمة حقوقية) أكثر من 7 تسجيلات مصورة، قالت إنها «لانتهاكات وتصفيات عرقية في ولاية الجزيرة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم  (أرشيفية - أ.ب)

البرهان يرفض السلام قبل القضاء على «الدعم السريع»

أوضح البرهان، أنه قدم «شرحاً وتنويراً للقادة في دول غرب أفريقيا»، وأبلغهم أن السودان «يواجه غزواً واستعماراً جديدين»...

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا أعمدة من الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أكثر من 120 قتيلاً بقصف على أم درمان

أفاد مسعفون سودانيون بأن أكثر من 120 شخصاً قُتلوا، أمس (الاثنين)، في قصف استهدف منطقة بأم درمان الواقعة ضمن الخرطوم الكبرى.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))
شمال افريقيا سد مروي في شمال السودان  (سونا)

الجيش السوداني يتصدى لمسيَّرات هاجمت سد مروي

أعلنت قيادة «الفرقة 19 مشاة» التابعة للجيش السوداني، الاثنين، تصديها لهجوم بعدد من المسيَّرات الانتحارية التي استهدفت سد مروي، أكبر السدود في شمال البلاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي) أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا شهدت مدينة بورتسودان انقطاعاً واسعاً في الكهرباء منذ صباح الاثنين (رويترز)

انقطاع الكهرباء في عدة مناطق سودانية بعد مهاجمة سد مروي

انقطعت الكهرباء، اليوم (الاثنين)، عن بورتسودان، مقر الحكومة السودانية المتحالفة مع الجيش، بعدما استهدف هجوم بمسيّرة سداً لتوليد الطاقة الكهرومائية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
TT

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

انتشرت مقاطع فيديو صادمة على منصات التواصل الاجتماعي توثق عمليات تنكيل جماعي بمدنيين على أيدي عناصر ترتدي أزياء الجيش السوداني، في مناطق متفرقة من ولاية الجزيرة وسط السودان، التي استردها الجيش والفصائل المسلحة المتحالفة معه، السبت الماضي.

واستهدفت تلك الارتكابات، بشكل مقصود مجموعات عرقية وإثنية من أصول أفريقية أغلبهم من سكان «الكنابي» الذين استوطنوا ولاية الجزيرة منذ عقود طويلة، بمزاعم أن هذه المجموعات تتعاون وتخابر مع «قوات الدعم السريع».

وقلّلت القوات المسلحة السودانية (الجيش) من عمليات القتل الواسعة، التي نفذها رجال بثياب عسكرية، ضد مدنيين في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة تحت ذريعة «التعاون» مع «قوات الدعم السريع»، وتضمنت القتل «ذبحاً وحرقاً» وإطلاق الرصاص على الرؤوس، والإلقاء في مياه النيل الأزرق، وعدّها «تجاوزات فردية» في بعض المناطق عقب ما سماه «تطهير» مدينة ود مدني.

مواطنون ينزحون من مدينة ود مدني السودانية من جراء الحرب بين «قوات الدعم» والجيش (أ.ف.ب)

وأدان بيان صادر عن مكتب الناطق الرسمي للجيش، الثلاثاء، تلك الجرائم، وقال: «إن القوات المسلحة السودانية ملتزمة بصرامة بالقانون الدولي، وحريصة على محاسبة كل من يتورط في أي تجاوزات تطول أي شخص من الكنابي و قرى الولاية طبقاً للقانون»، لكنه لم يشر إلى تشكيل لجان تحقيق.

واتهم الجيش جهات لم يسمها، «بالتربص بالبلاد، ومحاولة استغلال أي تجاوزات فردية لإلصاقها بالقوات المسلحة والقوات المساندة لها، في الوقت الذي تلوذ بالصمت حيال جرائم الحرب المستمرة والمروعة التي ترتكبها ميليشيا آل دقلو الإرهابية ضد المدنيين»، مشيراً إلى أنه ينسق مع لجنة أمن الولاية لمتابعة الحالة الأمنية في ولاية الجزيرة.

وقبل أن يفيق السودانيون من صدمة مقتل العشرات من سكان قرية طيبة «كمبو 5» وبينهم أطفال وكبار في السن، بالقرب من بلدة أم القرى شرق الجزيرة، بدوافع عرقية، على أيدي مقاتلين لإحدى الفصائل التي تحارب إلى جانب الجيش، توالت عمليات القتل الجماعي في مناطق أخرى بالولاية.

أجبرت الاشتباكات آلاف السوادنيين على الفرار من ود مدني (أ.ف.ب)

وأظهر تسجيل مصور، عناصر من «كتيبة البراء بن مالك»، أبرز الجماعات الجهادية المتطرفة، وهي تلقي بأحد الشباب من أعلى «جسر حنتوب» إلى نهر النيل الأزرق، وهم يطلقون عليه وابلاً من الرصاص، ويرددون شعارات.

بدورها، اتهمت «قوات الدعم السريع» قوات «الحركة الإسلامية الإرهابية» بارتكاب جرائم تطهير عرقي والقتل على أساس الهوية واللون في ود مدني والكنابي، أسفرت عن تصفية وإعدام المئات، بجانب عمليات الاحتجاز القسري والتعذيب والاعتداء على النساء وإذلال كبار السن.

وقالت في بيان على منصة «تلغرام» إن «توثيق جنود القوات المسلحة السودانية والميليشيات التابعة لها، من كتائب الحركة الإسلامية والفصائل الأخرى، للجرائم بحق المدنيين التي شملت إطلاق النار والذبح، يشكل أدلة مكتملة الأركان لإدانة سلوك هذه الجماعات المتطرفة».

واتهم البيان، الجيش وميلشياته بارتكاب «جرائم إبادة جماعية»، واتباع استراتيجية «تهدف لتفريغ بعض المناطق من سكانها، عبر التهجير القسري، الذي يتخذ أبعاداً إثنية وفق خطة ممنهجة تمثلها جرائم التطهير العرقي الجارية حالياً، باستخدام وسائل الضغط والترهيب والاضطهاد».

نساء وأطفال في مخيم للنازحين أقيم في مدينة ود مدني بالسودان (أ.ف.ب)

ووثقت هيئة «محامو الطوارئ» (منظمة حقوقية) أكثر من 7 تسجيلات مصورة، قالت إنها «لانتهاكات وتصفيات عرقية في ولاية الجزيرة»، وأفادت عضو المكتب التنفيذي بالمنظمة، رحاب مبارك، في بيان، بأن «هذه الفيديوهات التي تم رصدها، توثق للمجازر العرقية، وكل انتهاك يحدث في الولاية الوسطية».

وبدورها، قالت هيئة «محامو دارفور» (حقوقية تطوعية) إنها تتحقق من عشرات مقاطع الفيديو لعمليات قتل وذبح وحرق وإحراق، تلقتها من جهات عديدة، بجانب قائمة بأسماء 128 شخصاً، قتلوا عقب استرداد الجيش لمدينة ود مدني.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» على مدينة ود مدني في ديسمبر (كانون الأول) 2023، بعد انسحاب قوات الفرقة الأولى مشاة التابعة للجيش منها، وظلت تحت سيطرتها طوال عام واجهت خلاله أيضاً اتهامات بارتكاب انتهاكات كبيرة ضد المدنيين... ثم استعاد الجيش المدينة 11 يناير (كانون الثاني) الحالي، دون خوض معارك كبيرة.