تقديرات متباينة لتكلفة معيشة الأسرة المصرية تثير جدلاً وانتقادات

«غرفة القاهرة التجارية» حددت 10 آلاف جنيه ميزانية شهرية

أحد المراكز التجارية في مصر (الشرق الأوسط)
أحد المراكز التجارية في مصر (الشرق الأوسط)
TT

تقديرات متباينة لتكلفة معيشة الأسرة المصرية تثير جدلاً وانتقادات

أحد المراكز التجارية في مصر (الشرق الأوسط)
أحد المراكز التجارية في مصر (الشرق الأوسط)

«مبلغ الـ3 آلاف جنيه (60 دولاراً) لا يكفي نفقاتي وابنتي لنصف الشهر»، قالتها الموظفة الحكومية المصرية هدى الحنفي، في نقاش جمعها مع زملائها داخل إحدى المصالح الحكومية في محافظة المنوفية (دلتا النيل) حول حجم إنفاقهم الشهري، ليرد عليها زميلها الأربعيني كامل العناني، أن فاتورة «الدروس الخصوصية» لأولاده تقتطع بمفردها الـ3 آلاف جنيه شهرياً، بعيداً عن أي مصروفات أخرى.

وتحول الحوار بشأن كيفية إدارة الميزانية المنزلية للأسرة المصرية شهرياً إلى محور نقاش عام في الشارع وعبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، عقب حديث أستاذة جامعية مصرية خلال الأيام الماضية عن إمكانية تدبير معيشة الأسرة بمبلغ 3 آلاف جنيه شهرياً فقط، وسط تقديرات متباينة لتكلفة احتياجات الأسرة شهرياً.

وكانت أستاذة الاقتصاد المنزلي في جامعة حلوان المصرية، روضة حمزة، قالت في تصريحات تلفزيونية أخيرة: إن «3 آلاف جنيه تكفي لتلبية احتياجات الأسرة الغذائية، بشرط أن يتم التخطيط جيداً وعدم الانسياق وراء الاستهلاك المفرط».

وعن كيفية توزيع المبلغ على احتياجات أسرة مكونة من 4 أشخاص، أوضحت الدكتورة: «لنأخذ مثالاً عملياً على كيفية توزيع هذه الميزانية، من الأساسيات التي يجب أن تكون في الميزانية: 435 جنيهاً للخزين، 100 - 150 جنيهاً للمنظفات، 700 جنيه للمشتريات من السوبر ماركت، 1100 جنيه للحوم والدواجن والأسماك، و650 جنيهاً للخضار والفواكه»، ناصحة بتقطيع كيلو اللحم إلى 12 قطعة يتم تناولها على 3 مرات.

وهو «التقسيم» الذي شهد جدلاً واسعاً حوله في نقاشات المصريين، إلى جانب تقديرات أخرى متباينة لتكلفة المعيشة للأسرة والحد الأدنى اللازم لها، حيث تباينت الآراء بين تقديرات رسمية وأخرى شعبية، ما أثار تساؤلات حول مدى دقة هذه التقديرات وتأثيرها المباشر على حياة المواطنين.

وقدر رئيس لجنة التجارة بشعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، في تصريحات متلفزة (الأحد)، «احتياجات أسرة مكونة من 4 أفراد شهرياً بمبلغ من 6 لـ10 آلاف جنيه، كحد أدنى لسلع أساسية، من أرز وسكر وزيت ولحوم ودواجن وأسماك وخضراوات».

بينما أكد حاتم النجيب، نائب رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة باتحاد الغرف التجارية، في تصريحات مماثلة، أن تكلفة متوسط معيشة الأسرة شهرياً للخضراوات والفاكهة فقط تصل لـ4 آلاف جنيه، لأسرة مكونة من 4 أفراد لو كان متوسط الأسعار للمنتجات 25 جنيهاً. (الدولار يساوي 49.70 جنيه مصري بالبنوك).

وتواصل ارتفاع أسعار السلع في مصر خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وارتفع معدل التضخم السنوي في مدن مصر هامشياً إلى 26.5 في المائة في أكتوبر، من 26.4 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بحسب بيانات رسمية.

وينتقد الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، رئيس مركز «المصريين للدراسات الاقتصادية والاجتماعية»، حديث الـ«3 آلاف جنيه»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن هذا المبلغ ليس له علاقة بالواقع، ويمكنه أن يكفي شخصاً واحداً وليس أسرة مكونة من 4 أفراد، في ظل حالة غلاء السلع.

ورفعت الحكومة المصرية أسعار الوقود الشهر الماضي، (للمرة الثالثة هذا العام)، بنسبة زيادة تصل إلى 17 في المائة، ما انعكس على أسعار السلع والخدمات.

ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أنه الآن يمكن التكيف مع الأوضاع المعيشية من خلال الحد الأدنى للأجور، الذي حددته الحكومة بقيمة 6 آلاف جنيه، ولكن لفترة محددة، مُقدراً الحد الأدنى لأسرة متوسطة اجتماعياً مكونة من 4 أفراد بمبلغ 10 آلاف جنيه شهرياً.

التقديرات المتباينة لتكلفة معيشة تفاعلت معها «السوشيال ميديا» المصرية، ومن قبلها كان التفاعل مع حديث الأستاذة الجامعية.

من جانبه، يلوم أستاذ علم الاجتماع الاقتصادي في مصر، جمال حماد، على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كونها وقعت في فخ حديث الـ«3 آلاف جنيه»، بتحويله إلى مادة خصبة للمناقشة في ظل عدم منطقيته، مشيراً إلى أنه فقط كان حديثاً بهدف «التريند»، مضيفاً: «الأسرة المصرية المتوسطة المكونة من 4 أفراد تحتاج في الوقت الحالي 30 ألف جنيه شهرياً، وليس 3 آلاف جنيه، حتى تعيش حياة كريمة».

ويشير أستاذ علم الاجتماع الاقتصادي إلى أن تداول النقاش حول ذلك الأمر أثار لغطاً مجتمعياً وبلبلة، كما خلق حالة من التوترات لدى البعض، لكونه يزيف الوعي، متابعاً: «لو أخذنا سائق مركبة (التوك توك) البسيط كمثال على قيمة الإنفاق على ميزانيته الأسرية شهرياً، لعرفنا حقيقة ما يروجه هؤلاء من شائعات غير منطقية».


مقالات ذات صلة

وفد «حماس» بحث الوضع في غزة مع مسؤولين مصريين وقياديين من «فتح»

المشرق العربي الدمار في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وفد «حماس» بحث الوضع في غزة مع مسؤولين مصريين وقياديين من «فتح»

أفاد قياديان في حركة «حماس» بأن وفداً قيادياً من الحركة التقى مسؤولين في المخابرات العامة المصرية، مساء الأحد، في القاهرة، وناقش معه سبل وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي قوات بحرية مصرية تحبط محاولة هجرة غير شرعية لمركب بالبحر المتوسط (المتحدث العسكري)

الجيش المصري يحبط محاولة هجرة غير شرعية عبر البحر المتوسط

أعلن الجيش المصري، الاثنين، تمكنه من إحباط محاولة هجرة غير شرعية لمركب على متنه 63 فرداً، بينهم 3 سودانيين، بالبحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» المصري يحاول معالجة ثغرات في القانون الحالي (شاترستوك)

البرلمان المصري يبحث تغليظ عقوبات «جرائم النصب الإلكتروني»

يبدأ مجلس النواب المصري مناقشات موسعة، الاثنين، من أجل تغليظ عقوبات «جرائم النصب الإلكتروني».

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من الفعاليات التي شهدتها «أيام مصر» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

حديقة السويدي تختتم فعاليات «أيام مصر» ضمن «انسجام عالمي»

اختتمت «حديقة السويدي» فعالياتها ضمن مبادرة «تعزيز التواصل مع المقيمين» التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية تحت شعار «انسجام عالمي» بفعاليات «أيام مصر»

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مؤتمر القاهرة لـ«إغاثة غزة»... مساعٍ لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر القاهرة لـ«إغاثة غزة»... مساعٍ لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)

شهدت العاصمة المصرية، الاثنين، مؤتمر «القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، بتنظيم مصري - أممي وحضور فلسطيني، ومشاركة 103 وفود للدول والمنظمات والهيئات الدولية والمؤسسات المالية.

ويهدف المؤتمر، وفق بيان صحافي لوزارة الخارجية المصرية، إلى «تأمين التزامات واضحة بتقديم المساعدات لغزة، وتعزيز الدعم الدولي لضمان استدامة الاستجابة للأزمة الإنسانية في غزة، وحشد الجهود لتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل غزة، والتخطيط للتعافي المبكر داخل القطاع».

وهو ما يراه المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي بحركة «فتح»، الدكتور أيمن الرقب، في حديث مع «الشرق الأوسط»، بأنه يحمل أهمية كبيرة لدعم مسار المساعدات الإغاثية بهذا التوقيت، مؤكداً أن المؤتمر نقل رسالة قوية بأنه لا بديل عن «الأونروا» التي كان مفاوضها فيليب لازاريني أحد المتحدثين.

وباعتقاد الرقب، فإن المؤتمر شهد زخماً كبيراً، خاصة في ظل تنامي الاهتمام بقضية المساعدات، متوقعاً أن تكون التعهدات المالية على مستوى الكارثة الإنسانية التي أشارت لها مصر وكلمات الحضور بوضوح خلال المؤتمر.

وكان وضع غزة حاضراً بقوة في المؤتمر؛ حيث تحدث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن «استمرار المأساة، غير الإنسانية، وغير المسبوقة، التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة نتيجة للعدوان الغاشم الإسرائيلي المستمر».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال افتتاح مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة (الخارجية المصرية)

و«فاق العدوان على قطاع غزة كل الحدود»، بحسب عبد العاطي، «إذ تواصل إسرائيل ارتكاب الفظائع على مرأى ومسمع من العالم منذ أكثر من عام دون رادع، وفي مشاهد مُرَوعة تعجزُ الكلماتُ عن وصفها، كما تستخدم إسرائيل التجويع والحصار سلاحاً، والتهجير عقاباً جماعياً للفلسطينيين، بالمخالفة الفادحة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي».

وفي هذا الصدد، قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في كلمته، إن «الناس في قطاع غزة جوعى ولا بد من التحرك الآن».

وأضاف الصفدي: «تجب ممارسة كل أشكال الضغط الممكنة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة».

وقالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد إن الكارثة في غزة تمثل تهديداً للإنسانية ويجب إنهاؤها بشكل فوري.

وأكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني ضرورة توفير استجابة طارئة في غزة وإنهاء الوضع الكارثي في القطاع.

دور «الأونروا»

وشهد المؤتمر تأكيداً على دور «الأونروا»، التي حظرت إسرائيل أعمالها في فلسطين الشهر الماضي، وسط مطالبات بوقف ذلك الحظر.

وأعرب الوزير المصري، في كلمته، عن إدانة مصر بشكل كامل إقرار التشريع غير القانوني من إسرائيل لحظر عمل وكالة «الأونروا»، مؤكداً أنه يمثل سابقة خطيرة بحظر دولة عضو بالأمم المتحدة عمل إحدى وكالاتها، ويعكس استخفافاً مرفوضاً بالمجتمع الدولي ومؤسساته.

وشدد على أن «(الأونروا) لا بديل لها ولا يمكن الاستغناء عنها داخل القطاع. ولا يمكن أن يحل محلها أو يقوم بدورها أي طرف آخر أياً كان».

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إن دور «الأونروا» غير قابل للاستبدال أو التقويض، وإن لها دوراً محورياً في مرحلة ما بعد الحرب، داعياً إلى رفض كل القوانين الإسرائيلية التي تستهدفها، شاكراً كل الدول الشقيقة والصديقة التي تدعم «الأونروا»، وتساعد على تقديم وتسهيل دخول المساعدات.

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى الاثنين خلال مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (وفا)

مطالب محددة

وشهد المؤتمر مطالب عدة بشأن الإغاثة وسبل وقف الحرب، ودعا الوزير المصري في كلمته جميع الوفود المشاركة إلى «الإعلان عن تقديم الدعم اللازم لأهل غزة والإعلان عن تعهدات مالية ملائمة وقابلة للتنفيذ الفوري، لإنقاذهم من الكارثة الإنسانية وبما يمهد الطريق أمام التعافي المبكر ثم إعادة الأعمار، حتى لا نخذلهم إنسانياً كما خذلناهم سياسياً».

كما طالب رئيس الوزراء الفلسطيني، في كلمته، بسرعة العمل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، خاصة قرار مجلس الأمن 2735 من أجل وقف العدوان وتأمين دخول المساعدات ووصولها بشكل فوري وعاجل، وبما يمهد لعودة الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم، والبدء بالعمل من أجل إعادة الحياة إلى طبيعتها، وصولاً إلى إعادة الإعمار والتنمية، وإعادة قطاع غزة إلى فضائه الطبيعي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من دولة فلسطين، بدعم المجتمع الدولي.

وكشف المسؤول الفلسطيني، في كلمته، عن خطط مستقبلية بشأن الوضع في فلسطين، موضحاً أن الحكومة تضع حالياً خططاً للتعافي المبكر وإعادة الإعمار، تمهيداً لإطلاق عملية التنمية الشاملة، لافتاً إلى أنها وضعت خطة لإعادة توحيد وتطوير المؤسسات الوطنية في قطاع غزة والضفة الغربية، بما يمكّن من توسيع وتطوير الخدمات المدنية القائمة، لتلبية احتياجات المواطنين بعد الحرب.

كما وضعت الحكومة الفلسطينية خطة لإطلاق أعمال التعافي في قطاع غزة واستعادة الخدمات الأساسية الحيوية، وتمهيد الطريق لإنعاش الاقتصاد، بالشراكة مع أطراف دولية عدة، وشكلت فريقاً حكومياً لإعداد الخطط التفصيلية لإعادة إعمار غزة وبناء اقتصادها، بالشراكة مع المؤسسات الوطنية، والبنك الدولي، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وفق مصطفى.