كيف يؤثر الحضور المصري - الإثيوبي في «بريكس» على نزاع «سد النهضة»؟

عقب تداول فيديو يُظهر عدم مصافحة السيسي لآبي أحمد

صورة تذكارية لقادة «بريكس» يظهر فيها السيسي بجوار آبي أحمد (الرئاسة المصرية)
صورة تذكارية لقادة «بريكس» يظهر فيها السيسي بجوار آبي أحمد (الرئاسة المصرية)
TT

كيف يؤثر الحضور المصري - الإثيوبي في «بريكس» على نزاع «سد النهضة»؟

صورة تذكارية لقادة «بريكس» يظهر فيها السيسي بجوار آبي أحمد (الرئاسة المصرية)
صورة تذكارية لقادة «بريكس» يظهر فيها السيسي بجوار آبي أحمد (الرئاسة المصرية)

رغم أن «بريكس» هو تجمع لتكامل قدرات وإمكانات الدول المنخرطة فيه، فإن ذلك لم يمنع ظهور إشارات على عمق الخلاف المصري - الإثيوبي خلال القمة التي استضافتها مدينة قازان الروسية، على مدار اليومين الماضيين، بدت واضحة في مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر عدم مصافحة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال التقاط الصورة الجماعية للقادة المشاركين في القمة.

وتباينت آراء دبلوماسيين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» بشأن مدى تأثير الحضور المصري - الإثيوبي في «بريكس» على النزاع بين البلدين بشأن «سد النهضة»، بين فريق يرى إمكانية أن تلعب دول مثل روسيا والصين دور الوساطة لحلحلة النزاع، وآخر يؤكد أن «بريكس» تجمع اقتصادي «لم يصل بعد إلى مرحلة التنسيق السياسي بين أعضائه».

وبين مصر وإثيوبيا نزاع ممتد لأكثر من عقد من الزمان بشأن «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة أن يؤثر على حصتها من المياه.

وتعتمد مصر على نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

وتعتبر مصر الحفاظ على حصتها من مياه النيل «تحدياً أساسياً»، بحسب تصريحات لرئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أخيراً، قال فيها إن «بلاده سعت للخروج بأقل الأضرار من مشروع السد الإثيوبي خلال السنوات الماضية، بإجراءات منها مشروعات فنية لمعالجة المياه».

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للصورة الرئيسية لقادة التجمع، وعدّوا عدم مصافحة السيسي وآبي أحمد، مؤشراً على عمق الخلاف بين القاهرة وأديس أبابا، وذهب بعضهم إلى حد القول بحدوث «تجاهل» لرئيس الوزراء الإثيوبي.

وعبر حسابه على «إكس» طرح عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية في البرلمان)، محمود القط، تساؤلات عن «تغيّب آبي أحمد عن الصورة الرئيسية لاجتماع (بريكس بلس) الذي عُقد الخميس»، في مقارنة بين الصورة الأولى لاجتماع قادة «بريكس» التي ضمت السيسي وآبي أحمد، والصورة الثانية لحضور «بريكس بلس». وقال: «هل الأمر صدفة؟! في مراسم المؤتمرات لا مجال للصدفة».

في حين قال الباحث في الشؤون الأفريقية، حبيب عمر، عبر حسابه على «إكس»، إن «آبي أحمد تعرض لنوع من التنمّر والتمييز من قبل زعماء (بريكس)».

وتشكل تجمع «بريكس» في 2009 بأربع دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين، لكنه توسع منذ ذلك الحين وانضمت إليه جنوب أفريقيا ومصر وإيران والإمارات وإثيوبيا.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، رخا أحمد حسن، يرى أن «وجود دول في تجمع (بريكس) لا يعني بالضرورة تطوير العلاقات بين الأعضاء على المستوى الثنائي»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مرحلة التنسيق السياسي بين الأعضاء هي مرحلة متقدمة في العلاقات بين دول التجمع التي لم ترتقِ بعد لتكوين منظمة اقتصادية متكاملة على غرار الاتحاد الأوروبي»، وأضاف أن «المسألة تتطلب سنوات من العمل والتنسيق، ومشواراً طويلاً للوصول للمأمول».

يتفق معه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «تجمع (بريكس) هو تكتل اقتصادي في الأساس، يركز على الطابع متعدد الأطراف لعالم اليوم، بحثاً عن نظام مالي دولي أفضل بعيداً عن هيمنة القطب الواحد»، مشيراً إلى أن «مصر تسعى من خلال هذا التجمع إلى معالجة مشاغل تنموية وإصلاح السياسات المالية التي أرهقت دول الجنوب».

ولا يعتقد الحفني أن «(بريكس) يمكن أن يلعب دوراً لحل نزاع سد النهضة». وقال: «على مدار أكثر من عقد من الزمان لم تفلح جهود كافة الأطراف الدولية والمحلية، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي، في الدفع نحو اتفاق في ظل تعنت إثيوبي مستمر». وأشار إلى أن «الخلاف بين القاهرة وأديس أبابا موجود وتصاعد أخيراً بسبب دعم مصر للصومال في أزمته مع إثيوبيا».

ووقعت إثيوبيا في يناير (كانون الثاني) الماضي «مذكرة تفاهم» مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي تعترف بموجبها أديس أبابا باستقلال الإقليم، مقابل حصولها على ميناء وقاعدة عسكرية على البحر الأحمر. وهي الاتفاقية التي رفضها الصومال ودول عربية عدة.

وأعلنت مصر دعمها للصومال، وأرسلت مساعدات عسكرية لمقديشو، كما تعتزم المشاركة في قوات حفظ السلام في البلد الواقع في القرن الأفريقي، الأمر الذي عدّته إثيوبيا «تدخلاً خارجياً في القرن الأفريقي». لكن على الجانب الآخر، فإن مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، يرى أن «دولاً مثل روسيا والصين والإمارات يمكنها أن تلعب دوراً ملموساً في تجاوز الخلافات بين مصر وإثيوبيا، كأعضاء في (بريكس)». لكن هريدي اشترط لنجاح مثل هذه الوساطات، توقف التصريحات والحملات الإعلامية من الجانبين، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مثل هذه التصريحات والحملات تشكل ضغطاً على صانع القرار في البلدين، ولا تتيح مناخاً مناسباً للمفاوضات أو الوساطات، بل على العكس تعطي فرصة لترسيخ الوقيعة وتعميق الخلاف بين الجانبين».

وفي أغسطس (آب) الماضي، أدانت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب قدّمته لمجلس الأمن، تصريحات لرئيس الوزراء الإثيوبي أعلن فيها «اكتمال بناء السد بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وقالت «الخارجية» المصرية في الخطاب إن «السد الإثيوبي يمثل خطراً وجودياً» عليها.


مقالات ذات صلة

مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

العالم العربي سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

جدّدت مصر الحديث عن صعوبات مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن قضية «سد النهضة»، مؤكدة أنها «خاضت تجربة مريرة لمدة 13 عاماً».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا سويلم خلال فعاليات «اليوم المصري - الألماني للتعاون التنموي» (وزارة الموارد المائية)

مصر تستعرض خطتها لتعويض «عجز مائي» يقدَّر بـ54 مليار متر مكعب

قال وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم، الاثنين، إن بلاده تطبق خطة شاملة لتعظيم الاستفادة من مواردها المائية المحدودة.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الري المصري خلال لقائه مع أمين عام المجلس الأعلى للبيئة بالسودان (الري المصرية)

«سد النهضة»: مصر والسودان تجددان رفضهما المساس بحقوقهما المائية

جددت مصر والسودان رفضهما «أي مساس بحقوقهما المائية من نهر النيل»، وأكد البلدان على «مخاطر إنشاء (سد النهضة) الإثيوبي، دون أي تشاور مع دولتي المصب».

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

حملت مصر مجدداً ما تصفه بـ«التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويواجه باعتراضات دولتي المصب.

عصام فضل (القاهرة)
العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)

الجيش السوداني يستعيد مقر قيادته


الدخان يتصاعد خلال اشتباكات سابقة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
الدخان يتصاعد خلال اشتباكات سابقة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
TT

الجيش السوداني يستعيد مقر قيادته


الدخان يتصاعد خلال اشتباكات سابقة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
الدخان يتصاعد خلال اشتباكات سابقة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

في تطور عسكري لافت، أعلن الجيش السوداني، أمس، فك الحصار الذي تفرضه «قوات الدعم السريع» على مقر قيادته العامة في وسط الخرطوم، وإكمال المرحلة الثانية من عملياته، بالتقاء قوات محور مدينة بحري مع القوات المرابطة في القيادة العامة، وذلك بعد فك الحصار أيضاً عن مقر «سلاح الإشارة» في بحري. ويعني التحام قوات الجيش ربط حلقاته في مدن العاصمة الثلاث، الخرطوم وأم درمان والبحري. من جانبها، نفت «قوات الدعم السريع» هذه الأنباء وعدّتها تضليلاً إعلامياً تقوم به جهات مؤيدة للجيش.

ويفصل بين مقر «سلاح الإشارة»، ومقر القيادة العامة للجيش في وسط الخرطوم، نهر النيل الأزرق، ويربطهما جسر «النيل الأزرق» الذي تسيطر عليه «قوات الدعم السريع» من جهته الشرقية.