مصر تؤكد تعاملها مع ملف السد الإثيوبي بـ«ضبط النفس»

شددت على التزامها بمبادئ «مبادرة حوض النيل»

وزير الري المصري خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري لمبادرة حوض النيل في أديس أبابا (وزارة الري المصرية)
وزير الري المصري خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري لمبادرة حوض النيل في أديس أبابا (وزارة الري المصرية)
TT
20

مصر تؤكد تعاملها مع ملف السد الإثيوبي بـ«ضبط النفس»

وزير الري المصري خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري لمبادرة حوض النيل في أديس أبابا (وزارة الري المصرية)
وزير الري المصري خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري لمبادرة حوض النيل في أديس أبابا (وزارة الري المصرية)

أكدت الحكومة المصرية على تعاملها بـ«ضبط النفس» مع أزمة «سد النهضة الإثيوبي»، وقالت إنها «رفضت توسيع الخلاف القائم بشأن السد ليشمل كل دول حوض النيل»، كما جددت التزامها بـ«مبادئ مبادرة حوض النيل، وضرورة الحفاظ على مبدأ الإجماع، بين أعضائها».

ورفضت مصر، تنظيم الحكومة الإثيوبية زيارة وزراء مياه دول حوض النيل، إلى مشروع «السد الإثيوبي»، ضمن الاحتفال السنوي بـ«يوم النيل»، الذي ينظم سنوياً يوم 22 فبراير (شباط)، في ذكرى تأسيس مبادرة حوض النيل، وقال وزير الري المصري، هاني سويلم، إن «إدراج زيارة لمشروع السد (الخلافي)، ضمن برنامج الاحتفالية، سيؤدي إلى إقحام دول حوض النيل في النزاع القائم حوله».

ومشروع «سد النهضة»، تقيمه إثيوبيا على رافد نهر النيل الرئيسي (النيل الأزرق)، ومنذ بدء أديس أبابا في إقامة المشروع عام 2011، يواجَه السد باعتراضات من دولتي المصب مصر والسودان، للمطالبة باتفاق قانوني ينظم عمليات «تشغيل السد»، ولم ينجح مسار المفاوضات بين الدول الثلاث، الذي استمر 13 عاماً، في الوصول لاتفاق.

وشارك وزير الري المصري، في اجتماع استثنائي، للمجلس الوزاري لـ«مبادرة حوض النيل»، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، الجمعة، قبل المشاركة في فعاليات «يوم النيل»، السبت، وحسب إفادة لـ«الري المصرية»، شدد سويلم، في أكثر من موضع على «اعتراض بلاده، على إدراج زيارة لمشروع السد الإثيوبي الخلافي، ضمن برنامج الاحتفالية»، لافتاً إلى أن «المشروع جرى إنشاؤه وملؤه وتشغيله بشكل أحادي، في انتهاك للقانون الدولي».

مصر اعترضت على تنظيم زيارة «وزارية» خلال الاحتفال بيوم النيل إلى سد النهضة (وزارة الري المصرية)
مصر اعترضت على تنظيم زيارة «وزارية» خلال الاحتفال بيوم النيل إلى سد النهضة (وزارة الري المصرية)

ويضم حوض نهر النيل 11 دولة أفريقية؛ بينها 9 دول منابع، هي «بوروندي، والكونغو، وإثيوبيا، وكينيا، ورواندا، وتنزانيا، وأوغندا، وإريتريا، وجنوب السودان»، فضلاً عن دولتَي المصب «مصر والسودان»، وتواجه تلك الدول تجاذبات في السنوات الأخيرة، بسبب دعوة أديس أبابا لتعديل «الاتفاقيات التاريخية» الخاصة بمياه النيل.

وشدد وزير الري المصري، على أن «بلاده تعاملت مع ملف سد النهضة بضبط النفس»، كما «أبقت النزاع حوله، في إطار ثلاثي (مصر والسودان وإثيوبيا)، دون توسيعه ليشمل باقي دول حوض النيل»، عادّاً أن انتهاز أديس أبابا فرصة استضافة الاجتماع الإقليمي بإدراج زيارة للسد «سيؤدي لإقحام دول الحوض في النزاع القائم، بما قد يؤثر سلباً على وحدة دول حوض النيل، ويهدد التعاون الإقليمي»، ودعا الحكومة الإثيوبية إلى «التمسك بروح الوحدة وتجنيب التجمع الإقليمي التوترات بإلغاء الزيارة».

وترى القاهرة، في إقامة «السد الإثيوبي» دون اتفاق، «مخالفة لمبادئ القانون الدولي، ولإعلان المبادئ الموقّع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015، ويتعارض مع بيان مجلس الأمن الصادر في سبتمبر (أيلول) 2021».

ولا تريد مصر، إقحام دول حوض النيل، في نزاع قضية «السد الإثيوبي»، إلى جانب تعزيز تعاونها مع تلك الدول، وفق مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السابق، السفير محمد حجازي، الذي أشار إلى أن «مشاركة القاهرة في الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمبادرة حوض النيل، تعبير صادق عن حرصها على تطوير التعاون والعلاقات مع دول الحوض».

ويتوقف حجازي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مع تأثير استمرار التوترات في حوض النيل، على استقرار المنطقة، موضحاً أن «الموقف المصري يؤكد أن غياب التوافق والإجماع بين تلك الدول، ينعكس سلباً على تعاونها الإقليمي، ويزيد من مخاطر النزاع على أمن المنطقة والإقليم»، وقال إن «نهر النيل، يشكل مصدراً أساسياً للحياة في مصر، ويعزز اقتصادها وأمنها الغذائي».

وتعتمد مصر على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب وزارة الري المصرية.

الاجتماع الوزاري لمبادرة حوض النيل في أديس أبابا (وزارة الري المصرية)
الاجتماع الوزاري لمبادرة حوض النيل في أديس أبابا (وزارة الري المصرية)

وخلال اجتماع أديس أبابا، شدد الوزير المصري على «التزام بلاده بمبادئ مبادرة حوض النيل»، وأكد أهمية «الحفاظ على مبدأ الإجماع، بوصفه ضرورة حتمية لضمان استمرار المبادرة، وتحقيق الاستفادة المتبادلة، بما يعزز الاستقرار الإقليمي، القائم على الحوار والاحترام المتبادل»، كما أشار إلى أن «الإدارة المستدامة لنهر النيل، مسؤولية حتمية، لاستقرار المنطقة، وأمنها على المدى الطويل»، حسب «الري المصرية».

وترتبط جميع دول حوض نهر النيل، في إطار مبادرة «حوض النيل» التي تأسست عام 1999، بهدف «المشاركة في تنمية المصادر المائية لتلك الدول، وضمان كفاءة إدارة المياه، والاستخدام الأمثل لها، وتحقيق التعاون، وتعزيز التكامل الاقتصادي»، وعلقت مصر والسودان عضويتيهما في المبادرة عام 2010، اعتراضاً على توقيع 6 من دول المنبع، على الاتفاقية الإطارية حول نهر النيل المعروفة بـ«عنتيبي».

ورهن سويلم، استئناف نشاط بلاده في الجوانب الفنية للمبادرة، بـ«التوصل إلى رؤية موحدة لدول الحوض»، حسب «الري المصرية»، وأشاد بـ«إطلاق 7 دول من حوض النيل، عملية تشاورية، خلال الاجتماع الوزاري الأخير لمبادرة حوض النيل، تستهدف المضي قدماً بشكل توافقي»، عادّاً تلك الخطوة «تطوراً إيجابياً، يعزز الحوار، وإيجاد أرضية مشتركة لاستعادة التوافق والتعاون الإقليمي».

وباعتقاد السفير محمد حجازي، فإن «مصر تدعم تفعيل نشاط مبادرة حوض النيل، بعدّه الآلية الشاملة، التي تجمع دول الحوض، والتي يمكن أن تحقق التوافق والإجماع، على عكس اتفاقية (عنتيبي)»، مشيراً إلى أن «إطلاق الاجتماع الوزاري للمبادرة إلى عملية تشاورية، قد يشكل خطوة أولى لاستعادة التوافق، واستئناف مصر والسودان نشاطهما مرة أخرى بها».

واتفاقية (عنتيبي)، ترفضها مصر والسودان، بعدّها «تسمح لدول منابع حوض النيل، بإنشاء مشروعات مائية من دون التوافق مع دولتَي المصب».


مقالات ذات صلة

هل تسبب «سد النهضة» الإثيوبي في غرق أراضٍ زراعية بمصر؟

العالم العربي سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

هل تسبب «سد النهضة» الإثيوبي في غرق أراضٍ زراعية بمصر؟

أثار تعرض أراضٍ زراعية بمصر للغرق إثر ارتفاع منسوب مياه النيل تساؤلات حول مدى تأثير «سد النهضة» الإثيوبي على السياسات المائية المصرية.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من إنشاءات «سد النهضة» (أ.ف.ب)

​«سد النهضة»: إثيوبيا تدعو إلى «حوار»... ومصر تشدد على «اتفاقٍ ملزم»

دعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مصر والسودان إلى الحوار بشأن قضية «سد النهضة» في وقت تصر القاهرة على ضرورة إبرام اتفاق قانوني ملزم

أحمد إمبابي (القاهرة)
أفريقيا آبي أحمد يتفقد سير العمل بمشروع سد النهضة (حساب رئيس وزراء إثيوبيا على «إكس»)

إثيوبيا تعلن أنها ستدشن سد النهضة خلال الأشهر الستة المقبلة

قال رئيس الوزراء الإثيوبي، الخميس، إن سد النهضة موضع الخلاف على النيل الأزرق سيدشن «خلال الأشهر الستة المقبلة».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
شمال افريقيا «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

ما سيناريوهات مصر للتعامل مع احتمال انهيار «سد النهضة»؟

أبدى وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، قلق بلاده من احتمال انهيار «سد النهضة» الإثيوبي، متحدثاً عن مؤشرات تثير القلق بشأن متانة السد.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع تشاوري لوزراء الخارجية والري في مصر والسودان بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر والسودان يحذران من استدراج دول حوض النيل إلى نزاع «سد النهضة»

أكدت مصر والسودان، إصرارهما على التوصل إلى «حلول سلمية وسياسية»، في النزاع القائم حول «سد النهضة» الإثيوبي، مع ضرورة إبقاء الخلاف بين الدول الثلاث.

أحمد إمبابي (القاهرة)

البرهان ينفي دور «إخوان بورتسودان» في التحريض على الحرب

البرهان متحدثاً في مؤتمر الخدمة المدنية ببورتسودان الثلاثاء (أ.ف.ب)
البرهان متحدثاً في مؤتمر الخدمة المدنية ببورتسودان الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT
20

البرهان ينفي دور «إخوان بورتسودان» في التحريض على الحرب

البرهان متحدثاً في مؤتمر الخدمة المدنية ببورتسودان الثلاثاء (أ.ف.ب)
البرهان متحدثاً في مؤتمر الخدمة المدنية ببورتسودان الثلاثاء (أ.ف.ب)

عقب عودته من زيارة لمصر ولقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي بساعاتٍ، نفى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان وجود «أي دور للإسلاميين وأنصار النظام السابق في بورتسودان في استمرار الحرب»، قائلاً إن البوصلة التي تدفعه لمواصلة القتال هي «الوطنية وهزيمة التمرد». وندد بما سماه «إشاعات» تصف الحرب بأنها «حرب عنصرية وضد مجموعات سكانية جهوية وقبلية»، مؤكداً أنها «حرب ضد ميليشيا (الدعم السريع)، وستستمر حتى القضاء عليها».

يأتي نفي البرهان لوجود تأثيرات للإسلاميين السودانيين (الكيزان) على حكومته، في أعقاب حظر الأردن جماعة «الإخوان المسلمين» وتصنيفها «تنظيماً إرهابياً»، وفي الوقت ذاته بعد زيارته لمصر المعروف موقفها من جماعة «الإخوان المسلمين».

دور الجيش

وذكرت أماني الطويل، الصحافية المصرية المقربة من دوائر النفوذ في القاهرة، أن «مصر تراهن على دور الجيش (السوداني) في تحجيم (الإخوان المسلمين) في السودان، مستفيداً من انقسامهم وضعفهم السياسي الناتج عن ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2028، ورفض الشعب السوداني حكمهم الذي انتهى بالفشل»، في إشارة إلى حكم الرئيس السابق عمر البشير.

وأشار البرهان في خطاب أمام مؤتمر عن الخدمة المدنية في بورتسودان، الثلاثاء، إلى ما سماها «دعاية خبيثة» روج لها سياسيون، بأن «الكيزان» (يقصد الإسلاميين وأنصار النظام السابق) في بورتسودان يديرون الحرب، ويملون على حكومته الأوامر. وقال: «هناك أكاذيب بأن الإسلاميين في بورتسودان يديرون الحرب... ليس هناك من يقوم بتوجيهنا في هذه الحرب، وبوصلتنا التي توجهنا هي بوصلة الوطن وهزيمة التمرد ومعاونيه، ولا يوجد من يملي علينا رأياً».

أكاذيب كثيرة

ونفى البرهان وصف الحرب بأنها ضد مجموعات قبلية وجهوية، بقوله: «المشهد فيه الكثير من الأكاذيب، إثر هزيمة (الدعم السريع) روّجوا أن الحرب ضد أقليات وشعوب أو قبائل محددة... الحرب ضد ميليشيا (الدعم السريع) ومعاونيها، وليست ضد قبيلة أو جنس أو شخص».

ودعا البرهان إلى «توقيف كل من يروج لمثل هذه الأكاذيب عند حده». وأضاف: «نحن نسمع أن الميليشيا (الدعم السريع) تروج أننا نقتل بدون فرز، هذا كلام القصد منه تحشيد الناس وجرهم للحرب. نحن مستمرون في الحرب ونرسل للمواطنين: لا تسمعوا هذه الأكاذيب، فالحرب ليست ضد القبائل. نوجه حديثنا إلى أهلنا في دارفور وكردفان».

وألمح البرهان للعفو عمن يضع السلاح، بقوله: «الحرب ضد من يحمل السلاج ضد الدولة، وسنعفو عمن يضع السلاح ويبتعد عن المقتلة والمحرقة، ويتبرأ عن ذنوبه في ما تعرض له السودانيون»، مشيراً إلى أن هناك «من كانوا مع الميليشيا وعادوا للقتال مع الجيش، وحراستي الشخصية فيها سودانيون من كل القبائل».

البرهان في مؤتمر الخدمة المدنية ببورتسودان الثلاثاء (أ.ف.ب)
البرهان في مؤتمر الخدمة المدنية ببورتسودان الثلاثاء (أ.ف.ب)

وقلل البرهان من إحراق إطارات السيارات (اللساتك باللهجة المحلية)، التي استخدمها المتظاهرون في شل حركة أجهزة الأمن أثناء احتجاجات النظام السابق وانقلاب أكتوبر 2021، من بينها شعار «المجد للساتك»، معلياً من شأن استخدام البندقية، بقوله: «المجد للبندقية وليس لللساتك».

وطالب البرهان بمراجعة قوانين الخدمة المدنية، داعياً إلى «بتر» الموظفين الذين دخلوها بدون مؤهلات وعن طريق المحسوبية. وأشار إلى أن بعض الوزراء - لم يسمهم - عيّنوا أقاربهم في الخدمة المدنية عقب توليهم المنصب، معتبراً ذلك «معطلاً للإنتاج».