ما فرص عودة الوساطة الأميركية لحل نزاع «السد الإثيوبي»؟

بعد اتصال السيسي - ترمب

ترمب خلال استقباله وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا خلال ولايته الأولى في نوفمبر 2019 (البيت الأبيض)
ترمب خلال استقباله وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا خلال ولايته الأولى في نوفمبر 2019 (البيت الأبيض)
TT

ما فرص عودة الوساطة الأميركية لحل نزاع «السد الإثيوبي»؟

ترمب خلال استقباله وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا خلال ولايته الأولى في نوفمبر 2019 (البيت الأبيض)
ترمب خلال استقباله وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا خلال ولايته الأولى في نوفمبر 2019 (البيت الأبيض)

طرح اتصال بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الأميركي دونالد ترمب، تناولا فيه نزاع «سد النهضة» الإثيوبي، من بين قضايا عدة، تساؤلات حول فرص عودة واشنطن للوساطة مرة أخرى بين القاهرة وأديس أبابا، حول السد، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل.

ويواجه السد، الذي تقيمه إثيوبيا منذ عام 2011، باعتراضات من دولتي مصب نهر النيل (مصر والسودان)، اللتين تطالبان باتفاق قانوني ملزم ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد، لضمان عدم تضرر حصتيهما من المياه.

ووفق إفادة البيت الأبيض، فإن ترمب والسيسي، بحثا في اتصال، السبت، ملف «سد النهضة» الإثيوبي، من دون تفاصيل. فيما ذكرت الرئاسية المصرية أن السيسي ناقش مع نظيره الأميركي «تعزيز التعاون في مجال الأمن المائي»، من بين ملفات إقليمية ودولية ناقشها الاتصال.

ولم توضح إفادات المكالمة المصرية والأميركية موقف إدارة ترمب من تطورات قضية «السد الإثيوبي»، إلا أن دبلوماسيين ومراقبين، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، «لم يستبعدوا قيام واشنطن بدور الوساطة مرة أخرى، لحل النزاع»، لكنهم أشاروا إلى أنها «ستواجه بتحديات وعقبات تتعلق بتطورات قضايا أخرى إقليمية، منها قضية السلام بالشرق الأوسط، والحرب على غزة».

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

واستضافت واشنطن، خلال ولاية ترمب الأولى، جولة مفاوضات عام 2020، بمشاركة البنك الدولي، ورغم التقدم الذي شهدته المفاوضات بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، لكنها لم تصل لاتفاق نهائي، بسبب رفض الجانب الإثيوبي التوقيع على مشروع الاتفاق الذي جرى التوصل إليه وقتها، حيث اتهمت إثيوبيا أميركا بـ«الانحياز».

ولا يستبعد رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير محمد العرابي، عودة الوساطة الأميركية في قضية السد، لكنه يرى أن «موقف الإدارة الأميركية الحالية لم يتضح، بشأن تطورات الملف، خصوصاً مع الأوضاع الإقليمية الراهنة»، وقال إن «الوضع في غزة، وإجراءات وقف إطلاق النار، يعدان أولوية لدى إدارة ترمب».

ويعتقد العرابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، «اتصال ترمب والسيسي، كان تمهيداً جيداً لمشاورات وتفاهمات قادمة»، مشيراً إلى أن «تناول الاتصال لقضية السد، جاء في ظروف إقليمية ودولية مغايرة عن الوضع وقت إدارة الرئيس الأميركي الأولى»، معتبراً أنه «من الصعب الحديث عن موقف أميركي، تجاه السد الإثيوبي حالياً، في ظل ما يحدث في المنطقة، وتداعيات الحرب على قطاع غزة».

ويشير المحلل السياسي الأميركي، ماك شرقاوي، إلى احتمالية أن تستخدم إدارة ترمب ملف السد الإثيوبي بوصفه «ورقة ضغط على الحكومة المصرية، بشأن الوضع في غزة، والقبول بمقترح التهجير، ونقل سكان القطاع، الذي أعلنه ترمب أخيراً»، مشيراً إلى أن «تعاطي الرئيس الأميركي مع القضية الآن سيختلف عن إدارته السابقة».

وكان الرئيس الأميركي، أشار أخيراً، إلى أن «مصر والأردن، يجب أن يستقبلا الفلسطينيين من غزة»، وأعلنت القاهرة رفضها القاطع لهذا المقترح، وقال السيسي إن «تهجير الفلسطينيين ظلم لن تشارك فيه بلاده».

وقد لا تشكل قضية السد الإثيوبي أولوية لدى الإدارة الأميركية الحالية، وفق شرقاوي، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ترمب لن يكترث بتلك القضية إلا حال وقوع ضرر بالغ على مصر والسودان، كما يأتي اهتمامه بها بعد ملفات أخرى مثل غزة، والحرب الأوكرانية، والوضع في البحر الأحمر»، منوهاً بـ«إنهاء أديس أبابا إجراءات ملء السد، دون تأثير كبير على القاهرة والخرطوم» حتى الآن.

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، «قرب اكتمال بناء مشروع السد»، وقال في أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد ستصل إلى 70 مليار متر مكعب بحلول نهاية عام 2024 الماضي».

ورغم الاضطرابات الإقليمية، فإن العرابي يؤكد على أن «موقف القاهرة، بشأن قضية السد الإثيوبي، سيظل ثابتاً، من حيث ضرورة الوصول لاتفاق قانوني ملزم بشأن تشغيل السد».

وتتمسك مصر والسودان بضرورة إبرام اتفاق قانوني بشأن السد الإثيوبي. والأحد، بحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع نظيره السوداني، علي يوسف الشريف، «ملف الأمن المائي للبلدين»، وأكد خلال محادثات في القاهرة «استمرار التعاون والتنسيق المستمر بين البلدين، للحفاظ على المصالح الوجودية المشتركة، وباعتبارهما دولتي مصب لنهر النيل»، حسب «الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يستقبل نظيره السوداني الأحد بالقاهرة (الخارجية المصرية)

ويرجح المحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي والعلاقات الدولية، إيهاب عباس، أن «تشهد العلاقات المصرية الأميركية، تفاهمات في قضايا عديدة، من بينها ملف السد الإثيوبي»، مشيراً إلى أن «ترمب، سبق وأن تفهم المخاوف المصرية من المشروع الإثيوبي»، وأكد «حقهم في الدفاع عن أمنهم المائي».

وبعد إخفاق جولة مفاوضات واشنطن عام 2020، قال ترمب إن «مصر قد تعمد إلى تفجير السد، لأنها لن تكون قادرة على العيش بهذه الطريقة».

ورغم أن عباس، يرى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «فرص الوساطة الأميركية في قضية السد قائمة»، لكنه يعتقد أنها «ستواجه تحديات، منها استخدام القضية بوصفها ورقة ضغط في ملفات إقليمية أخرى، مثل ملف السلام بالشرق الأوسط»، وقال إن «وضعية التفاوض حول السد، تختلف حالياً، خصوصاً بعد انتهاء إثيوبيا من عمليتي الملء والإنشاء».

وطالب عباس بضرورة سعي مصر «لإدخال المؤسسات الدولية والإقليمية، مثل الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والاتحاد الأفريقي، للإشراف على اتفاق قانوني ينظم إدارة وتشغيل السد، بصورة لا تجلب الضرر على دولتي المصب».


مقالات ذات صلة

هل سيطّلع ماسك حقاً على خطط بشأن حرب محتملة مع الصين؟ ترمب يجيب

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث إلى الملياردير إيلون ماسك في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

هل سيطّلع ماسك حقاً على خطط بشأن حرب محتملة مع الصين؟ ترمب يجيب

نفى الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تقريراً بأنه سوف يتم إطلاع الملياردير إيلون ماسك، اليوم، على الخطط التي أعدّها الجيش الأميركي لمواجهة أي حرب مع الصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مبنى المحكمة العليا الأميركية في العاصمة واشنطن (أ.ف.ب)

ترمب يطالب المحكمة العليا بتقييد إصدار الأوامر القضائية التي تعرقل قراراته

قال ترمب في حسابه على موقع (تروث سوشيال) إن «أوامر وقف التنفيذ القضائية غير القانونية الصادرة عن قضاة اليسار الراديكالي قد تؤدي إلى دمار بلدنا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير التعليم ليندا مكماهون في البيت الأبيض عقب توقيع أمر تنفيذي بإغلاق وزارة التعليم (رويترز)

ترمب يوقع أمراً تنفيذياً يقضي بإغلاق وزارة التعليم

وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، أمراً تنفيذياً يطلب من وزيرة التعليم «اتخاذ كل الإجراءات لتسهيل إغلاق» الوزارة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية مهاجرون فنزويليون وصلوا من المكسيك ينزلون من الطائرة في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا يوم الخميس 20 مارس 2025 بعد أن تخلوا عن آمالهم في الوصول إلى الولايات المتحدة بسبب حملة الرئيس ترمب على الهجرة (أ.ب)

فنزويلا تستعيد مئات المهاجرين آتين بالطائرة من المكسيك (صور)

وصل أكثر من 300 مهاجر فنزويلي إلى كاراكاس آتين من المكسيك الخميس في طائرة استأجرتها السلطات الفنزويلية.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس)
الولايات المتحدة​ عناصر من الشرطة الأميركية ينتشرون وسط احتجاجات في شيكاغو بولاية إلينوي (أ.ف.ب)

أميركا توقف طالباً هندياً وتعتزم ترحيله بتهمة «نشر دعاية حماس»

أوقفت السلطات الأميركية باحثاً هندياً يحمل تأشيرة دراسية في الولايات المتحدة، واتهمته بأنه مقرب من حركة «حماس» الفلسطينية وتعتزم ترحيله.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الاستخبارات الصومالية: مقتل 82 من «حركة الشباب» في غارات جوية

مقاتلون من حركة «الشباب» (أرشيفية)
مقاتلون من حركة «الشباب» (أرشيفية)
TT

الاستخبارات الصومالية: مقتل 82 من «حركة الشباب» في غارات جوية

مقاتلون من حركة «الشباب» (أرشيفية)
مقاتلون من حركة «الشباب» (أرشيفية)

أعلنت وكالة الاستخبارات والأمن الوطني الصومالية صباح اليوم الجمعة مقتل 82 عنصرا من «حركة الشباب» المتمردة منهم قياديون في غارات جوية نفذتها الوكالة بمحافظة شبيلي السفلى في جنوب البلاد.

وأضافت في بيان أن 19 آخرين أصيبوا في الغارات الجوية التي استهدفت منطقتي سبيد وعانولي في شبيلي السفلى، والتي استمرت منذ الليلة الماضية.

كانت وكالة الأنباء الصومالية قد ذكرت يوم الأحد أن الجيش نفذ بالتعاون مع القيادة الأميركية في أفريقيا «أفريكوم»، عملية جوية منسقة في منطقة شبيلي الوسطى بولاية هيرشبيلي. وقالت الوكالة إن الغارة استهدفت مسلحين يحاولون إعادة تنظيم صفوفهم «بعد تكبدهم خسائر فادحة في المواجهات الأخيرة مع الجيش الصومالي والمتحالفين معه في المنطقة».