«وساطة غزة» في عام... هدنة واحدة وجولات «متعثرة»

فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

«وساطة غزة» في عام... هدنة واحدة وجولات «متعثرة»

فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

تحركات واتصالات واجتماعات على مدار عام، منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ لإنهاء الحرب في غزة، لم تسفر إلا عن هدنة واحدة لمدة أسبوع، في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تلاها عديد من الجولات التفاوضية، تعثرت جميعها في وقف إطلاق النار.

دول الوساطة (قطر ومصر والولايات المتحدة) قادت جهوداً، واجهت خلالها «عقبات» لا تنتهي في ظل اتهامات متبادلة بين طرفي الحرب «حماس» وإسرائيل بعرقلة اتفاق هدنة غزة، قبل أن تدخل الوساطة مرحلة الجمود مع إعلان إسرائيلي - أميركي في أغسطس (آب) الماضي، العثور على 6 رهائن قتلى، بينهم شخص يحمل الجنسية الأميركية في قطاع غزة.

جولات التفاوض بشأن الهدنة في غزة كانت في 4 عواصم، هي القاهرة والدوحة وباريس وروما، بحسب رصد «الشرق الأوسط»، وأسفرت بعد أكثر من شهر على اندلاع الحرب عن إبرام هدنة وحيدة تضمنت الإفراج عن 109 رهائن لدى «حماس»، و240 معتقلاً فلسطينياً لدى إسرائيل، بالإضافة إلى السماح بدخول مزيد من المساعدات للقطاع.

4 مقترحات رئيسية

تلاها على مدار نحو 11 شهراً مساعٍ للوسطاء لإبرام هدنة ثانية، عبر تقديم 4 مقترحات رئيسية، غير أن شروطاً متعددة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أبرزها عدم الانسحاب من «محور فيلادلفيا»، والجانب الفلسطيني من معبر رفح المتاخمين مع حدود مصر، كان عقبة رئيسية أمام إبرام الاتفاق.

واستضافت باريس أول محادثات ما بعد الهدنة الأولى، في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، وشهدت تقديم مقترح لإبرام صفقة هدنة على 3 مراحل، دون الوصول إلى نتائج، وبعد أقل من شهر استضافت القاهرة في 13 فبراير (شباط) محادثات ناقشت مسودة مقترح ثانٍ لوقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع، دون تقدم.

وعادت المحادثات إلى باريس في 23 فبراير الماضي دون تحقيق انفراجة، قبل أن تستضيف الدوحة في 18 مارس (آذار) الماضي، مفاوضات جديدة، استكملت في القاهرة في 7 أبريل (نيسان) الماضي، وانتهت دون تقدم مع تمسك «حماس» بوقف إطلاق نار دائم ورفض نتنياهو.

شاب فلسطيني أصيب في غارة إسرائيلية قتلت أقاربه يحتضن ابنة أخته التي أصيبت معه في خان يونس (رويترز)

شهد شهر مايو (أيار) 2024 مرحلة جديدة من جهود الوسطاء، بحديث إعلامي عن مقترح مصري يقوم على 3 مراحل، كل واحدة منها تتراوح بين 40 و42 يوماً، تنتهي بوقف إطلاق نار نهائي وعودة النازحين الفلسطينيين إلى بيوتهم، قبلته «حماس» في 6 من الشهر ذاته، ورفضه نتنياهو الذي شنت قواته هجوماً على مدينة رفح في جنوب القطاع، رغم التحذيرات المصرية والأميركية والغربية.

مقترح بايدن

طرحت واشنطن، 31 مايو الماضي، في إعلان للرئيس جو بايدن، خريطة طريق لوقف تام لإطلاق النار، بناءً على مقترح إسرائيلي، تتضمن 3 مراحل، وتصل في النهاية إلى وقف الحرب وإعادة إعمار غزة، رحبت بها «حماس»، فيما تمسك نتنياهو مجدداً باستمرار الحرب، معللاً ذلك بأن «حماس» أضافت شروطاً جديدة، لم يحددها.

في 2 يوليو (تموز) الماضي، أعلنت «حماس» موافقتها على إطار اتفاق مقدم من الوسطاء يستند إلى خريطة طريق بايدن، وسط محادثات تنقلت بين الدوحة والقاهرة في 10 و11 يوليو، وروما في 27 من الشهر ذاته، دون التوصل إلى حل للعقبات الرئيسية.

وعقب محادثات في الدوحة، أعلن الوسطاء في 16 أغسطس الماضي، تقديم واشنطن مقترحاً جديداً بهدف سد الفجوات المتبقية، مع جولة في القاهرة، انطلقت أواخر الشهر ذاته، دون حلول، قبل أن يقود العثور على 6 رهائن قتلى بينهم أميركي، في أواخر الشهر لـ«جمود بالمفاوضات»، مع تصعيد إسرائيلي في جبهة لبنان، واهتمام أكبر من واشنطن بالانتخابات الرئاسية التي تنطلق الشهر المقبل.


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
TT

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه، الخميس، قادة القوات المسلحة المصرية في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة).

وتصدر وسم «#السيسي_القايد» الترند في مصر، مع مشاركة مقاطع فيديو من لقاء السيسي، والاحتفاء بكلماته.

اللقاء الذي حضره القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسية، تناول، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، تطوّرات الأوضاع على الساحتَين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط».

وخلال اللقاء طلب السيسي من المتحدث العسكري، العقيد غريب عبد الحافظ، أن يسدي له نصيحة، قائلاً: «تنصحني بإيه؟»، ليرد الأخير: «هون على نفسك يا فندم».

وتعليقاً على رد المتحدث العسكري، قال السيسي، الذي بدا عليه التأثر حابساً دموعه: «هما يومان في الدنيا، وبعد ذلك سنموت... يا رب يقبلني».

وأضاف الرئيس المصري مخاطباً المتحدث العسكري أنه «عندما تفهم الحكاية التي نتواجد بسببها في الأرض... لن تهون عليك أبداً»، وتابع: «عندما جاءت السيدة فاطمة أثناء وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، قالت له: (واكرباه). فرد عليها الرسول وهو ينتقل إلى الرفيق الأعلى: (لا كرب بعد اليوم على أبيكِ)».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال إن سياسة بلاده الخارجية تتمتع بالاعتدال (الرئاسة المصرية)

وحرص رواد مواقع «التواصل» على مشاركة مقطع الفيديو، الذي يظهر فيه تأثر الرئيس المصري وهو يرد على المتحدث العسكري، من بينهم الإعلامي المصري أحمد موسى.

بينما دعا مغردون أن يعين الله الرئيس المصري ويؤيده بنصره.

وكتب آخرون، متمنين أن يحمي الله السيسي من «كيد الحاقدين».

كما عد حساب آخر بكاء الرئيس «دليلاً على ثقل الحمل الذي يتحمله».

في المقابل، ظهرت تعليقات و«هاشتاغات» ناقدة ومشككة في المشهد الذي تم بثه عبر القنوات التلفزيونية الرسمية.

وهو ما عده الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، «محاولة للتقليل من مكانة البلاد عبر الادعاء بأن حديث السيسي وتأثره هدفهما استعطاف المصريين»، مشيراً إلى أن «وراء هذه الادعاءات جماعات تسعى باستمرار للتشكيك في كل شيء، وفي كل تصريح، بهدف إثارة البلبلة وتحريض الرأي العام».

وأكد فرج لـ«الشرق الأوسط» أن «كلمات الرئيس خلال لقائه قادة القوات المسلحة حظيت بتفاعل واسع في الداخل والخارج»، مشيراً إلى أن «تأثر السيسي خلال اللقاء يعكس حجم التحديات التي تواجهها البلاد». وقال إن «السيسي سبق وقال له إنه كمن يمسك جمراً في يده، نظراً لحجم المخاطر التي تحيط بالبلاد، لا سيما خلال الفترة الأخيرة منذ اندلاع حرب غزة».

وأضاف فرج: «نعيش فترة عصيبة تحتاج حنكة وحكمة في اتخاذ القرارات». وأوضح أن «السيسي تحدث خلال اللقاء عن التهديد الذي يواجه مصر عبر جبهاتها الاستراتيجية الثلاث؛ سيناء شرقاً، وليبيا غرباً، والسودان واليمن جنوباً»، وأكد الرئيس المصري «ضرورة التأني في اتخاذ القرارات حتى لا تفقد البلاد ما بنته من تسليح وتدريب خلال السنوات الماضية».

الرئيس المصري خلال لقاء قادة القوات المسلحة المصرية (الرئاسة المصرية)

ولم يقتصر التفاعل على لحظات التأثر، بل امتد لتصريحات السيسي خلال اللقاء. وقال الإعلامي وعضو ومجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عبر حسابه على «إكس»، إن «حديث الرئيس السيسي مع قادة القوات المسلحة يعكس حرصه على التشاور معهم بشأن التحديات التي تواجه مصر في الوقت الراهن على كافة الاتجاهات الاستراتيجية».

ولفت بكري إلى أن الرئيس المصري أرسل خلال اللقاء رسائل عدة؛ من أبرزها «التأكيد على أن إدارة مصر المتزنة ساهمت في الاستقرار، وأن مصر ليست في معزل عما يدور حولها من أزمات وتحديات، مع التشديد على ضرورة الحفاظ على التدريب والجاهزية للقوات المسلحة للحفاظ على أمن مصر القومي».

من جانبه، أشار الخبير العسكري المصري إلى أن «لقاء السيسي مع الجيش هذه المرة مختلف، حيث حضره قادة الفرق واللواءات، على غير المعتاد في مثل هذه الاجتماعات التي يحضرها (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) وقادة الجيوش، ما يعني أن الرئيس أراد أن تصل رسالته لكل جندي».

وحمل لقاء السيسي مع قادة القوات المسلحة «رسائل عدة للداخل والخارج، ملخصها أن الجيش جاهز ومتيقظ»، حسب سمير فرج.

تناول اللقاء، «جهود القوات المسلحة في تأمين جميع الاتجاهات الاستراتيجية للدولة ومدى جاهزيتها لتنفيذ المهام التي تُوكل إليها»، حيث أكد الرئيس المصري أن «القوات المسلحة هي أهم ركيزة للاستقرار في مصر والمنطقة في ظل الأزمات والصراعات التي تحيط بالبلاد على كافة حدودها»، معرباً عن «اطمئنانه تجاه الدور الحيوي الذي يلعبه الجيش في الحفاظ على استقرار البلاد».

وقال السيسي إن «المنطقة تمر بظروف صعبة، ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة والتطورات الجارية في الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة، في كافة حدود الدولة الغربية والجنوبية والشرقية والشمال الشرقي».

وأضاف أن «سياسة مصر الخارجية تتمتع بالاعتدال»، مشيراً إلى أن «مهمة القوات المسلحة لا تقتصر على التدريب العسكري فحسب، بل تتفاعل أيضاً مع الوضع السياسي والأمني في الداخل والخارج»، وشدد على «أهمية اتخاذ القرارات السليمة مهما كانت جاهزية القوات للحفاظ على كل المكتسبات التي تحققت خلال 10 سنوات مضت».