مصر تُحدث منشآت الحماية من السيول خشية «تطرف مناخي»

وزير الري أعلن توسيع القدرة الاستيعابية للمخرّات والبحيرات الصناعية

وزارة الري المصرية تكثف جهود مواجهة السيول والأمطار الغزيرة (مجلس الوزراء المصري)
وزارة الري المصرية تكثف جهود مواجهة السيول والأمطار الغزيرة (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُحدث منشآت الحماية من السيول خشية «تطرف مناخي»

وزارة الري المصرية تكثف جهود مواجهة السيول والأمطار الغزيرة (مجلس الوزراء المصري)
وزارة الري المصرية تكثف جهود مواجهة السيول والأمطار الغزيرة (مجلس الوزراء المصري)

تعمل السلطات المصرية على إحداث منشآت الحماية من السيول خشية «التطرف المناخي»، في حين أعلنت وزارة الري المصرية «توسيع القدرة الاستيعابية للمخرّات والبحيرات الصناعية».

وأكد وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، الخميس، استمرار المرور والمتابعة من جانب الوزارة للتأكد من «تطهير مخرّات السيول قبل بدء موسم الأمطار الغزيرة والسيول، ومدى جاهزية منشآت الحماية والبحيرات الصناعية أمام سدود الحماية لاستقبال مياه السيول».

وتشير الحكومة المصرية من وقت لآخر إلى متابعة مخرّات السيول والأودية الطبيعية لاستقبال «مياه السيول»، والدور المهم لأجهزة المحافظات التي توجد فيها هذه المخرّات والأودية الطبيعية لإزالة جميع أشكال التعديات الواقعة عليها.

وأوضح وزير الري المصري أن التغيرات المناخية وما ينتج عنها من تغيرات في كميات ومواقع الأمطار، دفعت وزارة الري إلى «تحديث تصميمات أعمال التخفيف والحماية من أخطار السيول، بما يتواكب مع التطرف المناخي، وهو الأمر الذى يتطلب مراجعة وتحديث القدرة الاستيعابية للمخرّات والبحيرات الصناعية في بعض المواقع».

جانب من مشروعات الحماية من أخطار السيول في مصر (مجلس الوزراء المصري)

ووفق إفادة لـ«مجلس الوزراء المصري»، الخميس، فإن وزارة الري تتخذ عدة إجراءات للتعامل مع موسم السيول والأمطار الغزيرة، تشتمل على إجراءات بعيدة المدى، تم خلالها تنفيذ أكثر من 1600 منشأة للحماية من أخطار السيول، تتنوع ما بين سدود وبحيرات صناعية وبحيرات جبلية وقنوات صناعية، وحواجز وجسور حماية، وخزانات أرضية وأحواض تهدئة ومعابر، وهي المنشآت التي وفرت الحماية للمواطنين والمدن والبنيات التحتية، بالإضافة لحصار مياه الأمطار التي يمكن استخدامها من التجمعات البدوية.

وتؤكد «الري المصرية» من وقت لآخر أهمية الحفاظ على شبكة تصريف مياه السيول من دون أي عوائق قد تنتج عنها تكدسات مائية وغرق الأراضي المحيطة بالمخرّات.

وأوضح بيان «مجلس الوزراء» أنه يتم تنفيذ إجراءات موسمية تتمثل في قيام أجهزة «الري المصرية» بالمرور الدوري على مخرّات السيول بإجمالي 117 مخرّ سيل، وبأطوال تصل إلى 350 كيلومتراً، مع التعامل الفوري مع أي تعديات على مجاري هذه المخرّات وإزالتها. كما تمتلك «الري» مركزاً للتنبؤ بالأمطار لرصد كميات ومواقع هطول الأمطار قبل حدوثها بثلاثة أيام، ليتسنى لجميع الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات الاستباقية اللازمة للتعامل مع الأمطار الغزيرة والسيول.


مقالات ذات صلة

مصر لـ«تعاون اقتصادي أعمق» مع قطر

شمال افريقيا فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري» بالقاهرة الأحد (وزارة الاستثمار المصرية)

مصر لـ«تعاون اقتصادي أعمق» مع قطر

سعياً لتعميق التعاون الاقتصادي بين القاهرة والدوحة، أعلنت الحكومة المصرية عن «تسهيلات استثمارية» جديدة خلال منتدى «الأعمال المصري - القطري» في القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم التي صاحبت تعيين الوزير محمد عبد اللطيف.

رحاب عليوة (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من التدريب البحري المصري - الفرنسي «كليوباترا 2025» (المتحدث العسكري المصري)

مجابهة «تهديدات غير نمطية» ضمن مناورة بحرية مصرية - فرنسية

قال المتحدث العسكري المصري، الأحد، إن تدريب «كليوباترا 2025» يأتي في إطار دعم العلاقات المتميزة وتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة لمصر وفرنسا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا محادثات الرئيس آسيمي غويتا مع وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى مالي في يوليو الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تُشدد على دعمها الكامل لجهود مالي في مكافحة «الإرهاب»

شدّدت مصر على «دعمها الكامل لجهود حكومة مالي في مكافحة الإرهاب والتطرف، وبسط الأمن والاستقرار»، وأكدت «العمل مع مالي لتعزيز الاستقرار في منطقة الساحل».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الخليج قافلة شاحنات تحمل مساعدات سعودية تدخل سوريا من معبر نصيب مع الأردن 6 يناير (رويترز)

مشاريع «مركز الملك سلمان» في سوريا تتضاعف أكثر من 100 % خلال 2025

أظهرت تحديثات جديدة كشفت عنها المنصة الإلكترونية لـ«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» تسجيل أرقام جديدة حول مشاريع المركز المنجزة.

غازي الحارثي (الرياض)

مباحثات سودانية - جنوب سودانية حول الطاقة والبترول عقب الاتفاق الثلاثي

عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)
عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)
TT

مباحثات سودانية - جنوب سودانية حول الطاقة والبترول عقب الاتفاق الثلاثي

عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)
عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)

شهدت العاصمة السودانية المؤقتة، بورتسودان، مباحثات بين السودان وجنوب السودان، تناولت النفط والطاقة والتجارة، والعلاقات السياسية، وذلك بعد أيام من استيلاء «قوات الدعم السريع» على منطقة هجليج النفطية، والاتفاق الثلاثي على حماية المنشآت النفطية بواسطة جيش جنوب السودان. في حين تصاعدت حدة هجمات بالطائرات المسيّرة على مدينتَي كادوقلي والدلنج.

وتسلم رئيس «مجلس السيادة» القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، رسالة خطية من الرئيس سلفاكير ميارديت، حملها مستشاره للشؤون الأمنية، توت قلواك، المقرب من النظام السابق و«الإسلاميين»، والذي وصل إلى البلاد على رأس وفد رفيع المستوى. وجرى خلال اللقاء مشاورات تركزت على الجوانب الاقتصادية والنفطية.

وتأتي زيارة قلواك بعد عدة أيام من سيطرة «قوات الدعم السريع» على ولاية غرب كردفان بما فيها منطقة هجليج النفطية، التي يمر عبرها بترول جنوب السودان إلى ميناء بشاير على البحر الأحمر، وتضم محطات المعالجة والضخ، وغيرها من أعمال تصدير نفط الدولة الجنوبية.

سودانيون يشاركون باحتفال دعم للجيش ضد «قوات الدعم السريع» في مروى على بعد نحو 300 كيلومتر شمال الخرطوم السبت الماضي (إ.ب.أ)

وأعلنت دولة جنوب السودان عن اتفاق سياسي ثلاثي بين ميارديت والبرهان وقائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، وقضى بإيكال عملية تأمين المنشآت النفطية في هجليج لجيش جنوب السودان.

ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا)، الأحد، عن وكيل وزارة الخارجية معاوية عثمان خالد، أن البرهان وجّه أجهزة الدولة للانخراط مع نظرائهم من دولة جنوب السودان في بحث القضايا المشتركة، لا سيما قطاعات الطاقة والنفط والتجارة والعلاقات السياسية.

وقال وزير خارجية جنوب السودان، ماندي سيمايا، المرافق لقلواك، بحسب «سونا»، إن رسالة ميارديت للبرهان تناولت تبادل وجهات النظر في القضايا المشتركة، انطلاقاً من متانة العلاقات الثنائية، وإن الجانبين اتفقا على القضايا المشتركة.

عمال صيانة يعملون بمنشأة هجليج النفطية في 2 مايو 2012 (أ.ف.ب)

وكان وزير إعلام جنوب السودان، أتينغ ويك أتينغ، قد ذكر في تصريحات إعلامية، الأحد، أن الاتفاق بين القادة الثلاثة نصّ على أن تبقى منطقة هجليج محايدة بين طرفَي الحرب، وأن يتوقف القتال في آبار النفط، وأن تكون قوات جنوب السودان هي المسؤولة عن تأمين حقول البترول ومنشآته، وانسحاب الجيش السوداني و«الدعم السريع» من المنطقة، من دون تحديد زمن لانسحاب القوات الجنوبية من الأراضي السودانية.

وحتى اللحظة، لم يصدر تعليق من الجيش السوداني أو «الدعم السريع» على التصريحات الجنوبية، كما لم يصدر نفي من أي من الطرفين المتقاتلين في المنطقة.

وجاءت هذه المتغيرات الدراماتيكية عقب استيلاء «الدعم السريع» في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي على منطقة هجليج النفطية.

كادوقلي والدلنج

من جهة أخرى، تصاعدت حدة التوتر في ولاية جنوب كردفان مع «الدعم السريع» التي تحكم الحصار على المدن الرئيسية في الولاية، بما فيها العاصمة كادوقلي والدلنج، وتسيطر على الأجزاء الشمالية منها، بالشراكة مع حليفتها «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز الحلو.

مروحية للأمم المتحدة نقلت جثامين الجنود القتلى إلى أبيي (أرشيفية - متداولة)

وقالت شبكة أطباء السودان (موالية للجيش) إن 9 أشخاص قُتلوا وأصيب 17 شخصاً بقصف مكثف شنته مسيّرات يرجح أنها تابعة لـ«الدعم السريع» على مدينة الدلنج التي تعد ثاني أكبر مدن جنوب كردفان، استهدف المستشفى العسكري في البلدة، وقيادة «اللواء 54 مشاة» التابع للجيش، ومواقع أخرى بالقرب من سوق المدينة.

بيد أن مصادر موالية لـ«الدعم السريع» في الدلنج قالت لـ«الشرق الأوسط» إن المسيّرات استهدفت محيط المستشفى العسكري، حيث تستخدم مبانٍ مجاورة لتخزين الذخائر والأسلحة من قبل الجيش.

كما ذكرت أن قوات «الحركة الشعبية» بمساندة «الدعم السريع» شنت هجوماً مكثفاً بالطائرات المسيّرة على مدينة كادوقلي عاصمة الولاية، الأحد، استهدف سوق المدينة، من دون أن تتحدث عن خسائر.

وقال شهود إن «الدعم السريع» و«الحركة الشعبية» تحشدان قوات كبيرة حول المدينتين، استعداداً للهجوم عليهما، بعد أن كانتا قد طالبتا في وقت سابق بانسحاب الجيش منهما لتجنيب المدنيين والمنشآت المدنية والعسكرية ويلات القتال.

ووفقاً للشهود، فإن «الدعم السريع» و«الحركة الشعبية» قصفتا بكثافة كادوقلي والدلنج، واستهدفتا الأحياء الشرقية لكادوقلي، وإن 5 قذائف صاروخية استهدفت أجزاء من المدينة، من دون خسائر في المواطنين، وسط انقطاع للاتصالات وخدمة الإنترنت.

والسبت، نسبت تقارير صحافية إلى بعثة حفظ السلام بمنطقة أبيي «يونيسفا»، أن 6 من جنود الأمم المتحدة من بنغلاديش قُتلوا، في حين أصيب آخرون، جراء قصف بالمسيّرات على معسكر البعثة في مدينة كادوقلي، من دون أن تحدد الجهة المسؤولة عن القصف الذي نفذته 3 طائرات مسيّرة ضربت محطة الوقود في المعسكر الأممي.

وكانت «الحركة الشعبية» ناشدت الأسبوع الماضي قيادة «الفرقة 14 مشاة» بكادوقلي، والميليشيات العسكرية الموالية لها، الانسحاب من مدينتَي كادوقلي والدلنج والتسليم من دون خسائر.


الجزائر تعيد ملف الاستعمار الفرنسي إلى الواجهة عبر قانون جديد

الرئيسان الفرنسي والجزائري على هامش قمة مجموعة السبع في إيطاليا يوم 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الفرنسي والجزائري على هامش قمة مجموعة السبع في إيطاليا يوم 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر تعيد ملف الاستعمار الفرنسي إلى الواجهة عبر قانون جديد

الرئيسان الفرنسي والجزائري على هامش قمة مجموعة السبع في إيطاليا يوم 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الفرنسي والجزائري على هامش قمة مجموعة السبع في إيطاليا يوم 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

أقرَّ مكتب البرلمان الجزائري مقترحاً تقدَّم به فريق من النواب في شهر مارس (آذار) 2025، يتعلق بتجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر (1830– 1962) بموجب قانون. وكانت الفكرة نفسها قد طُرحت خلال فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، غير أنَّه تم التخلي عنها آنذاك تفادياً لتأزيم العلاقات مع فرنسا.

واجتمع رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية السفلى)، إبراهيم بوغالي، مساء أمس (الأحد)، مع أعضاء «لجنة صياغة مقترح قانون تجريم الاستعمار»، وذلك في إطار متابعة التحضيرات الجارية لعرض هذا المقترح «ذي الأهمية الوطنية البالغة، للمناقشة»، وفق بيان أصدره «المجلس»، معلناً إحالة المقترح إلى النقاش العام يوم 21 من الشهر الجاري.

ينطلق نص المقترح الذي اطَّلعت عليه «الشرق الأوسط»، من الخلفية التاريخية التي تؤكد أن الجزائر كانت قبل سنة 1830 دولة ذات سيادة كاملة ومعترفاً بها دولياً، تمارس صلاحياتها السياسية والإدارية والاقتصادية والعسكرية، وتقيم علاقاتها الخارجية وتعقد المعاهدات. وقد شكَّل العدوان الفرنسي في 14 يونيو (حزيران) 1830 انتهاكاً صارخاً لهذه السيادة، حسب الوثيقة؛ حيث «أسس لاحتلال استعماري دام 132 سنة، خلَّف جرائم جسيمة وآثاراً عميقة لا تزال ممتدة إلى اليوم».

رئيس «المجلس الشعبي الوطني» مع أعضاء «لجنة صياغة مقترح قانون تجريم الاستعمار» (البرلمان)

ويرتكز المقترح على مبادئ القانون الدولي، وحق الشعوب في العدالة التاريخية، وعدم الإفلات من العقاب. ويهدف إلى «حماية الذاكرة الوطنية، ومواجهة محاولات تزييف التاريخ». كما يسعى إلى تجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر خلال الفترة الممتدة من 1830 إلى 1962، واعتباره «جريمة دولة منتهكة للقيم والمبادئ الإنسانية والسياسية والاقتصادية والثقافية، مع الالتزام بكشف الحقيقة التاريخية ونشرها رسمياً».

تجريم تمجيد الاستعمار

ويتضمن النص توصيفاً واسعاً لجرائم الاستعمار، من بينها «القتل العمد والمجازر والإعدامات خارج إطار القانون، واستخدام القوة المفرطة والأسلحة المحرمة دولياً، والتجارب والتفجيرات النووية، والنهب المنهجي للثروات، والسطو على خزينة الدولة»، إلى جانب «التعذيب الجسدي والنفسي، والتمييز العنصري، والاغتصاب، والإخفاء القسري، والتهجير القسري، والنفي، وإنشاء المحتشدات، واستخدام المدنيين دروعاً بشرية، وطمس الهوية الوطنية، وتدنيس دور العبادة، ومحاولات التنصير القسري»، فضلاً عن «الاعتداء على حرمة الموتى واحتجاز رفاتهم». وتُعد هذه الجرائم غير قابلة للتقادم، وفق النص، كما يُصنَّف التعاون مع سلطات الاحتلال، بما في ذلك أفعال «الحركيين» (المتعاونين مع الاستعمار) ومن في حكمهم، على أنه «خيانة عظمى».

صورة لأحد التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

ويحمِّل المقترح الدولة الفرنسية المسؤولية القانونية الكاملة عن ماضيها الاستعماري، وما خلَّفه من مآسٍ، ويلزم الدولة الجزائرية بالسعي إلى انتزاع اعتراف واعتذار رسميين من فرنسا، والمطالبة بتعويض شامل ومنصف عن الأضرار المادية والمعنوية. كما يشمل المطالبة بتنظيف مواقع التفجيرات النووية التي أجرتها فرنسا في صحراء الجزائر في الستينات، وتسليم خرائطها وخرائط الألغام والتجارب الكيماوية، وتعويض ضحاياها وذويهم، واسترجاع الأموال المنهوبة، والأرشيف الوطني، وكل الممتلكات والقيم المادية والمعنوية التي نُقلت إلى خارج الجزائر، إضافة إلى استعادة رفات رموز المقاومة الشعبية ضد الاستعمار، والحركة الوطنية، والثورة التحريرية.

كما يتناول النص تجريم كل أشكال تمجيد أو ترويج الاستعمار الفرنسي أو تبريره، وفرض عقوبات سالبة للحرية وغرامات مالية على «كل من ينكر طبيعته الإجرامية، أو يشيد بالمتعاونين معه، أو يمس برموز المقاومة والثورة، أو يستخدم ألقاباً استعمارية مهينة»، مع تشديد العقوبات في حال العود، أو إذا ارتُكبت الأفعال من طرف موظفين عموميين، أو داخل المؤسسات التعليمية أو الإعلامية.

ويؤكد النص تعهد الدولة بمشاركة المجتمع المدني، في مسعى إلى «حفظ الذاكرة الوطنية وتثمينها، ونقلها إلى الأجيال المقبلة».

«لا تستهدف الشعب الفرنسي»

وكان عضو «لجنة صياغة مقترح قانون تجريم الاستعمار»، كمال بن خلوف، عن حزب «حركة البناء الوطني» المساند لسياسات الرئيس، قد أكد للإذاعة الحكومية، أن «هذه الخطوة لا تستهدف الشعب الفرنسي، وإنما تهدف إلى إدانة النظام الاستعماري الذي ارتكب أبشع الجرائم بحق الجزائريين». وأضاف أن «المصالحة الحقيقية مع فرنسا لا يمكن أن تتحقق دون اعتراف واضح وصريح بما جرى خلال الحقبة الاستعمارية»، عادّاً أن القانون الجاري إعداده «يشكِّل خطوة أساسية لاستكمال مسار تصفية الاستعمار».

وأوضح البرلماني نفسه أن بلاده «لم تتوقف عن المطالبة باسترجاع حقوقها التاريخية (من فرنسا)، سواء عبر الخطاب الرسمي، أو من خلال المساعي الدبلوماسية، وعلى هذا الأساس سيكون هذا القانون رسالة واضحة إلى فرنسا والعالم بأن الجزائر لن تتنازل عن حقها في الحقيقة والاعتراف بالجريمة الاستعمارية، والاعتذار عنها، والتعويض عن أضرارها».

الصحافي الفرنسي المسجون في الجزائر (حسابه على السوشيال ميديا)

وتم إطلاق «مبادرة تجريم الاستعمار بقانون» في فترة بلغ فيها التوتر مع فرنسا ذروته، بعد اندلاعه في يوليو (تموز) 2024 على أثر اعتراف «الإليزيه» بسيادة المغرب على الصحراء. غير أن العلاقات الثنائية شهدت هدوءاً في الأسابيع الأخيرة، على خلفية إعلان زيارة مرتقبة لوزير الداخلية الفرنسي إلى الجزائر، لبحث ملفات خلافية عدة.

الصحافي الفرنسي المسجون

ومن القضايا التي شكلت إحدى حلقات التوتر، إدانة صحافي فرنسي يُدعى كريستوف غليز بالسجن 7 سنوات مع التنفيذ، في 3 من الشهر الجاري، من طرف محكمة تيزي وزو، شرق العاصمة، بتهمة الإرهاب.

وقد وجهت والدته سيلفي غودار التماساً بالعفو إلى الرئيس عبد المجيد تبون، مطالبة بعودة ابنها إلى الحرية والعائلة. وأعلنت غودار أن الحكم الصادر بحق ابنها «صدمة كبيرة لعائلتها»، مؤكدة أن كتاباته «لم تتضمن على أي شيء معادٍ للجزائر ولا لشعبها».

ويبلغ غليز 36 عاماً، وقد استأنف الحكم أمام المحكمة العليا للمطالبة بإعادة محاكمته، بعد توقيفه في مايو (أيار) 2024، خلال تغطيته مباريات نادي شبيبة القبائل بتيزي وزو، واتهامه بـ«الإشادة بالإرهاب» والتواصل مع أفراد حركة انفصالية مصنفة إرهابية.

ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحكم بأنه «مبالغ فيه» و«ظالم»، مؤكداً عزمه التوصل إلى نتيجة إيجابية بهدف إطلاق سراحه.


ارتفاع حصيلة الفيضانات في آسفي المغربية إلى 37 قتيلاً

TT

ارتفاع حصيلة الفيضانات في آسفي المغربية إلى 37 قتيلاً

رجال الإنقاذ والسكان المحليون في أحد شوارع مدينة آسفي الغارقة بالمغرب (أ.ف.ب)
رجال الإنقاذ والسكان المحليون في أحد شوارع مدينة آسفي الغارقة بالمغرب (أ.ف.ب)

توفي 37 شخصاً، الأحد، في مدينة آسفي على ساحل المغرب الأطلسي جراء فيضانات مفاجئة أعقبت هطول أمطار غزيرة أغرقت المنازل والمتاجر، وفق ما أعلنت السلطات المحلية، الاثنين، في حصيلة جديدة.

وذكرت السلطات في بيان أن 14 شخصاً يخضعون «للعلاجات الطبية بمستشفى محمد الخامس بآسفي، من ضمنهم شخصان بقسم العناية المركزة»، لافتة إلى استمرار «عمليات التمشيط الميداني والبحث والإسعاف وتقديم الدعم والمساعدة» للمتضررين.

هذه الحصيلة الأعلى للضحايا جراء أوضاع مناخية من هذا النوع في المغرب منذ أكثر من عقد.

رجال الطوارئ يسيرون في أحد شوارع مدينة آسفي بعد فيضان مفاجئ (أ.ف.ب)

يوم حزين

وأفادت السلطات بأن ما لا يقل عن 70 منزلاً ومتجراً في المدينة القديمة بآسفي غمرتها المياه، مع جرف عشر سيارات وتضرر جزء من الطريق؛ ما أدى إلى اختناقات مرورية في شوارع عدة بالمدينة.

وقال حمزة الشدواني، أحد سكان آسفي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنه يوم حزين».

متاجر وشوارع متضررة في مدينة آسفي المغربية (أ.ف.ب)

«وضع استثنائي»

بحلول المساء، انحسر منسوب المياه تاركاً وراءه مشهداً من الوحل والسيارات المقلوبة. شاهد المارة تدخل قوات الإغاثة ووحدات الوقاية المدنية التي عملت آلياتها على إزالة الأنقاض في النقاط التي لا تزال مغمورة بالمياه، وفق صور التقطها مصورو «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتتواصل الجهود للبحث عن ضحايا محتملين، وتسعى السلطات إلى «تأمين المناطق المتضررة» و«تقديم الدعم والمساعدة اللازمين للسكان المتضررين من هذا الوضع الاستثنائي»، على ما أفاد مسؤولون في مدينة آسفي.

سيارة محطمة في شوارع مدينة آسفي المغربية (أ.ف.ب)

وأعلنت المديرية العامة للأرصاد الجوية، السبت، عن تساقط للثلوج على ارتفاع 1700 متر وما فوق، بالإضافة إلى أمطار غزيرة مصحوبة أحياناً بعواصف رعدية، في أقاليم عدة بالمملكة خلال عطلة نهاية الأسبوع. وتوقعت المديرية مساء الأحد هطول أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية محلية الثلاثاء في جميع أنحاء البلاد.

ولا تُعدّ الأحوال الجوية القاسية والفيضانات أمراً غير مألوف في المغرب الذي يعاني مع ذلك جفافاً حاداً للعام السابع على التوالي.

غمرت المياه 70 منزلاً ومؤسسة تجارية بالمدينة القديمة في آسفي. وجرفت المياه 10 مركبات وتضرر جزء من الطريق ما تسبب في اضطراب حركة المرور (أ.ب.ف)

وفي سبتمبر (أيلول) 2014، تسببت الأحوال الجوية القاسية في فيضانات في جنوب البلاد وجنوب شرقها؛ ما أسفر عن وفاة 18 شخصاً.

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، لقي أكثر من 30 شخصاً حتفهم في جنوب البلاد إثر أمطار غزيرة تسببت في فيضان الكثير من الأنهار عند سفوح جبال الأطلس.

وفي عام 1995، لقي مئات الأشخاص حتفهم في فيضانات مدمرة ضربت وادي أوريكا، على بُعد 30 كيلومتراً جنوب مراكش في وسط المغرب.