مصر تعمق حضورها في القرن الأفريقي على خلفية التوترات مع إثيوبيا

رئيس المخابرات ووزير الخارجية زارا أسمرة

توافقت مصر وإريتريا على أهمية الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته على كامل أراضيه (الخارجية المصرية على «فيسبوك»)
توافقت مصر وإريتريا على أهمية الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته على كامل أراضيه (الخارجية المصرية على «فيسبوك»)
TT
20

مصر تعمق حضورها في القرن الأفريقي على خلفية التوترات مع إثيوبيا

توافقت مصر وإريتريا على أهمية الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته على كامل أراضيه (الخارجية المصرية على «فيسبوك»)
توافقت مصر وإريتريا على أهمية الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته على كامل أراضيه (الخارجية المصرية على «فيسبوك»)

في إطار جهود القاهرة لتعميق حضورها في منطقة القرن الأفريقي، ومجابهة أزماته على خلفية التوترات مع إثيوبيا، زار رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، ووزير الخارجية والهجرة المصري الدكتور بدر عبد العاطي، السبت، العاصمة الإريترية أسمرة، ما عده خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «تحرك متوقع يحمل أبعاداً سياسية وأمنية».

وعقد المسؤولان المصريان لقاءً مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، نقلا خلاله رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي «تناولت سبل دعم وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، بالإضافة إلى متابعة التطورات السياسية والأمنية في المنطقة»، وفق إفادة رسمية لوزارة الخارجية المصرية.

وتوافقت مصر وإريتريا على «أهمية تكثيف الجهود ومواصلة التشاور لتحقيق الاستقرار في السودان، ودعم مؤسسات الدولة الوطنية، فضلاً عن الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته على كامل أراضيه»، بحسب «الخارجية المصرية».

وخلال اللقاء عرض الرئيس الإريتري «رؤيته بشأن تطورات الأوضاع في البحر الأحمر، على ضوء أهمية توفير الظروف المواتية لاستعادة الحركة الطبيعية للملاحة البحرية والتجارة الدولية عبر مضيق باب المندب».

كما استعرض أفورقي «التطورات في القرن الأفريقي، والتحديات التي تشهدها المنطقة، وسبل تعزيز الأمن والاستقرار فيها».

رئيس المخابرات المصرية ووزير الخارجية يزوران إريتريا (الخارجية المصرية على «فيسبوك»)
رئيس المخابرات المصرية ووزير الخارجية يزوران إريتريا (الخارجية المصرية على «فيسبوك»)

تأتي الزيارة في وقت تتصاعد فيه التوترات بين مصر والصومال من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر، إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي في بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية. الأمر الذي رفضه الصومال، وسط دعم عربي ومصري، حيث وقعت القاهرة اتفاق دفاع مشترك مع مقديشو.

وتصاعدت التوترات بعد ذلك، وأعلن الصومال، نهاية أغسطس (آب) الماضي، «وصول معدات ووفود عسكرية مصرية للعاصمة مقديشو، في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام»، وهو ما عارضته أديس أبابا، متوعدة بأنها «لن تقف مكتوفة الأيدي».

من جانبه، أشار نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، السفير صلاح حليمة، إلى أن زيارة المسؤولَين المصريَين لإريتريا «تحمل بعداً أمنياً وسياسياً». وقال إن «الزيارة تستهدف تعزيز الوجود المصري في القرن الأفريقي، وتنسيق المواقف بين القاهرة وأسمرة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».

وأضاف حليمة أن «الزيارة تكتسب أهميتها في ضوء ملفات عدة، على رأسها توترات الملاحة في البحر الأحمر، وتداعياتها على قناة السويس، إضافة إلى الوضع في السودان، والتطورات في الأزمة بين الصومال وإثيوبيا».

البعد الأمني والسياسي الذي أشار إليه حليمة يتعلق أساساً «بتنسيق المواقف بين القاهرة وأسمرة، في مواجهة ما تشكله التحركات الإثيوبية الأخيرة من تهديد لأمن القرن الأفريقي»، لافتاً إلى «مذكرة التفاهم» بين أديس أبابا وإقليم «أرض الصومال»، التي «رُفِضت مصرياً وعربياً». وقال إن «إريتريا من الدول المتضررة من التحركات الإثيوبية، وكذلك باقي دول منطقة القرن الأفريقي».

اللواء عباس كامل والدكتور بدر عبد العاطي في أسمرة (الخارجية المصرية على «فيسبوك»)
اللواء عباس كامل والدكتور بدر عبد العاطي في أسمرة (الخارجية المصرية على «فيسبوك»)

واتفقت معه مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتورة أماني الطويل. وقالت إن «التحرك المصري نحو إريتريا متوقع في ظل السياسات الإثيوبية التي تُشكل اعتداء على سيادة الصومال، وتهديداً للأمن في القرن الأفريقي».

وأكدت أن «الزيارة مهمة لتعزيز الحضور المصري في القرن الأفريقي، وتنسيق المواقف، في مواجهة أديس أبابا التي تتخذ من آلية الصراع أساساً لتفاعلاتها في المنطقة». ونوهت بـ«أهمية منطقة باب المندب للأمن القومي المصري، وما تشكله من تأثير على الاقتصاد وحركة الملاحة في البحر الأحمر».

وتصاعدت التوترات بمنطقة البحر الأحمر، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة». ودفعت تلك الهجمات شركات شحن عالمية لتغيير مسارها متجنبة المرور في البحر الأحمر، ما كان له تداعيات على الاقتصاد وحركة التجارة العالمية، وتسبب في تراجع إيرادات قناة السويس المصرية.

وكان الرئيس المصري قد استقبل في أغسطس الماضي، وزير الخارجية الإريتري، عثمان صالح، لبحث «الأوضاع الإقليمية، لا سيما فيما يتعلق بالقضايا والتهديدات في القرن الأفريقي والبحر الأحمر». وأكد الجانبان «حرصهما على مواصلة التنسيق المشترك والتشاور على مختلف المستويات، وذلك على النحو الذي يدعم الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي» بحسب إفادة رسمية للرئاسة المصرية في حينه.

وصول رئيس المخابرات المصرية ووزير الخارجية إلى أسمرة (الخارجية المصرية على «فيسبوك»)
وصول رئيس المخابرات المصرية ووزير الخارجية إلى أسمرة (الخارجية المصرية على «فيسبوك»)

وزار الرئيس الإريتري مصر في فبراير (شباط) الماضي، حيث عقد جلسة مباحثات مع السيسي تناولت تعزيز التعاون بين البلدين، إضافة إلى «مستجدات الأوضاع الإقليمية، وعلى رأسها التطورات بالبحر الأحمر». حيث أكد الرئيسان «أهمية عدم التصعيد واحتواء الموقف لما تشهده المنطقة من تطورات خطيرة». وشهدت الفترة الماضية لقاءات عدة جمعت السيسي وأفورقي، أكدت في مجملها تعزيز التعاون الثنائي، والتنسيق لمعالجة قضايا القرن الأفريقي، كان من بينها لقاء على هامش القمة «العربية - الإسلامية» التي عقدت في الرياض، نوفمبر الماضي. كما شارك أفورقي في قمة دول جوار السودان التي استضافتها مصر في يوليو (تموز) الماضي.


مقالات ذات صلة

مصر تعزز دعمها للصومال بمعدات عسكرية لمكافحة «الإرهاب»

العالم العربي مساعدات عسكرية مصرية تصل إلى مطار الصومال (وكالة أنباء الصومال)

مصر تعزز دعمها للصومال بمعدات عسكرية لمكافحة «الإرهاب»

عززت مصر من دعمها للصومال عبر شحنة «معدات عسكرية» لمساعدة حكومة مقديشو في حربها ضد «الإرهاب»، في وقت تستعد فيه القاهرة للمرحلة الثانية من تدريب طلاب شرطة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس الصومالي خلال لقاء سابق مع قيادات نسائية بمناسبة «اليوم العالمي للمرأة» (وكالة الأنباء الصومالية)

اجتماع «الاستشاري الوطني» بالصومال... هل يُنهي الخلافات السياسية؟

اجتماع جديد مرتقب للمجلس الاستشاري الوطني في الصومال، دعا إليه الرئيس حسن شيخ محمود، بعد جهود لحوار وطني بالبلاد بهدف تعزيز الجبهة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري (وكالة الأنباء الصومالية)

زيارة بري إلى لاسعانود... مقديشو إلى «تباين أكبر» مع «أرض الصومال»

زيارة رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري إلى مدينة لاسعانود العاصمة الإدارية لإدارة «خاتمة» الانتقالية تفتح سيناريوهات كثيرة للعلاقة بين مقديشو وأرض الصومال

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من الاجتماع الوزاري لـ«عملية الخرطوم» بالقاهرة (الخارجية المصرية)

«وزاري عملية الخرطوم» بالقاهرة يشدد على مكافحة تهريب المهاجرين

شدد الاجتماع الوزاري الثاني لـ«عملية الخرطوم» المعنية بمكافحة «الهجرة غير المشروعة»، في القاهرة، على ضرورة مجابهة تهريب المهاجرين، والاتجار في البشر.

أحمد إمبابي (القاهرة )
أفريقيا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (رويترز)

الصومال يعرض على أميركا سيطرة حصرية على قواعد جوية وموانٍ

قال الرئيس الصومالي، في رسالة إلى نظيره الأميركي، إن الصومال مستعد لعرض السيطرة الحصرية للولايات المتحدة على قواعد جوية وموانٍ استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)

«مؤتمر لندن»: توافق على منع تقسيم السودان

المشاركون في مؤتمر لندن حول السودان أثناء اجتماعهم
المشاركون في مؤتمر لندن حول السودان أثناء اجتماعهم
TT
20

«مؤتمر لندن»: توافق على منع تقسيم السودان

المشاركون في مؤتمر لندن حول السودان أثناء اجتماعهم
المشاركون في مؤتمر لندن حول السودان أثناء اجتماعهم

تعهدت بريطانيا والاتحاد الأوروبي تقديم مئات ملايين الدولارات لتخفيف المعاناة في السودان، وذلك خلال مؤتمر عقد في لندن أمس، بمشاركة وزراء من 14 دولة، بالإضافة إلى ممثلين عن هيئات تابعة للأمم المتحدة.

ودعا المشاركون في المؤتمر الذي جاء بدعوة من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحادَين «الأفريقي» و«الأوروبي»، إلى وقف الأعمال العدائية فوراً وعدم تقسيم السودان، وطالبوا بحكومة مدنية. لكن وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، اعترف بأن تحقيق السلام سيستغرق وقتاً ويحتاج «دبلوماسية صبورة».

وأكدت السعودية أهمية وقف الدعم الخارجي لطرفَي الصراع في السودان؛ لتهيئة بيئة حقيقية لوقف النار وحلٍّ سياسي شامل. وقال نائب وزير الخارجية السعودي، وليد بن عبد الكريم الخريجي، إن ما يجري في السودان يُمثل تهديداً للاستقرار الإقليمي، وإن «المسؤولية الجماعية تحتّم علينا مضاعفة الجهود لدعم مسار الحوار».