تراجع التضخم البريطاني يعزز توقعات خفض الفائدة

شخص يشتري من أحد أكشاك الفاكهة والخضراوات في سوق بوسط لندن (رويترز)
شخص يشتري من أحد أكشاك الفاكهة والخضراوات في سوق بوسط لندن (رويترز)
TT
20

تراجع التضخم البريطاني يعزز توقعات خفض الفائدة

شخص يشتري من أحد أكشاك الفاكهة والخضراوات في سوق بوسط لندن (رويترز)
شخص يشتري من أحد أكشاك الفاكهة والخضراوات في سوق بوسط لندن (رويترز)

تباطأ التضخم في المملكة المتحدة إلى أدنى مستوياته خلال 3 أشهر في مارس (آذار)، وفقاً لبيانات رسمية أظهرت أيضاً فتوراً في مؤشرات اقتصادية أخرى، يراقبها بنك إنجلترا من كثب.

وأفاد مكتب الإحصاء الوطني بأن معدل التضخم السنوي انخفض إلى 2.6 في المائة في مارس، مقارنة بـ2.8 في المائة في فبراير (شباط)، وهو أقل من توقعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته «رويترز» والتي بلغت 2.7 في المائة، وفق «رويترز».

وأشار المكتب إلى أن تراجع أسعار الوقود واستقرار أسعار المواد الغذائية ساهما في كبح التضخم، بينما ارتفعت أسعار الملابس بقوة بعد انخفاض غير متوقع في فبراير.

وتُظهر أحدث توقعات بنك إنجلترا أن التضخم مرشح للارتفاع إلى ذروته عند 3.7 في المائة في الربع الثالث من العام، أي ما يقرب من ضعف هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، مدفوعاً بشكل أساسي بارتفاع تكاليف الطاقة والتعريفات المنظمة لفواتير الخدمات المنزلية وأجور وسائل النقل.

ومنذ صدور هذه التوقعات، أدى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية شاملة إلى زيادة احتمالات تباطؤ الاقتصاد العالمي، ما قد يؤثر على المسار المستقبلي للتضخم.

وفي هذا السياق، قال مارتن سارتوريوس، كبير الاقتصاديين في اتحاد الصناعات البريطانية، إن الرسوم الجمركية الأميركية قد تؤدي إلى ضغوط متباينة على التضخم في المملكة المتحدة، مرجحاً أن يُقدم بنك إنجلترا على خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل.

وأضاف: «نتوقع أن يواصل البنك نهجه التدريجي والحذر في خفض تكاليف الاقتراض، في ظل بيئة اقتصادية تزداد غموضاً».

من جانبهم، شدَّد كل من نائبتي محافظ بنك إنجلترا، كلير لومبارديلي وسارة بريدن، وعضوة لجنة السياسة النقدية ميغان غرين، على أنه من المبكر تقييم تداعيات الإجراءات الأميركية على التضخم المحلي.

وسجَّل الجنيه الإسترليني تراجعاً بنحو 5 سنتات مقابل الدولار الأميركي، عقب صدور بيانات التضخم.

كما تباطأ تضخم قطاع الخدمات إلى 4.7 في المائة، مقارنة بـ5 في المائة في فبراير، في حين توقَّع استطلاع «رويترز» تسجيل نسبة 4.8 في المائة. كذلك، انخفض معدل التضخم الأساسي –الذي يستثني أسعار الطاقة والغذاء والتبغ– بشكل طفيف.

ورغم التراجع الحاد في معدلات التضخم منذ تجاوزها 11 في المائة في عام 2022، لا يزال ارتفاع الأسعار مصدراً رئيسياً للقلق لدى المستهلكين البريطانيين.

كما أدَّى ارتفاع توقعات التضخم في أوساط الجمهور والشركات إلى زيادة حذر صانعي السياسات في بنك إنجلترا الذين يراقبون من كثب مؤشرات إضافية لضغوط الأسعار، لتحديد توقيت ملائم لتخفيف السياسة النقدية.

وقبيل صدور البيانات يوم الأربعاء، كانت الأسواق المالية قد سعَّرت بالفعل احتمال خفض سعر الفائدة الأساسي من 4.5 في المائة إلى 4.25 في المائة، في قرار البنك المرتقب يوم 8 مايو (أيار).


مقالات ذات صلة

إنتاج المصانع في منطقة اليورو يسجل أسرع نمو منذ أكثر من 3 سنوات

الاقتصاد عامل في مصنع «فيلدبندر» الألماني ينقل لفائف الألمنيوم (أرشيفية - رويترز)

إنتاج المصانع في منطقة اليورو يسجل أسرع نمو منذ أكثر من 3 سنوات

نما إنتاج قطاع التصنيع في منطقة اليورو بأسرع وتيرة له منذ أكثر من ثلاث سنوات في أبريل (نيسان)، رغم بقاء النشاط الصناعي العام ضمن منطقة الانكماش.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد بورصة إسطنبول (أ.ب)

توقيف 12 شخصاً بتهمة التلاعب في بورصة إسطنبول

قررت النيابة العامة في إسطنبول توقيف 12 شخصاً من أصل 15 متهماً بالتورط في التلاعب في بورصة إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث في غرفة روزفلت بالبيت الأبيض (أ.ف.ب)

ترمب: انكماش الاقتصاد الأميركي لا علاقة له بالرسوم الجمركية

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الأربعاء إن انكماش الاقتصاد الأميركي لا علاقة له بحروب الرسوم الجمركية، وتوقع ازدهار الاقتصاد مع بدء تطبيق الرسوم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شريحة إلكترونية في معهد أبحاث أشباه الموصلات في تايوان (رويترز)

تايوان ترفع توقعات النمو لعام 2025 بشكل مفاجئ

رفعت تايوان، بشكل مفاجئ، توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2025، بعد أداء قوي في الربع الأول.

«الشرق الأوسط» (تايبيه )
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي خارج المقر الرئيسي للمفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)

اقتصاد منطقة اليورو ينمو بأكثر من المتوقع في الربع الأول

سجل اقتصاد منطقة اليورو نمواً أسرع من المتوقع خلال الربع الأول من عام 2025، في أداء إيجابي متواضع سَبق تأثره بتداعيات الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)

وزير خارجية البيرو يكشف عن مفاوضات مع السعودية لتوقيع اتفاقيات قبل نهاية العام

إلمر شيالر سالسيدو وزير خارجية البيرو (الشرق الأوسط)
إلمر شيالر سالسيدو وزير خارجية البيرو (الشرق الأوسط)
TT
20

وزير خارجية البيرو يكشف عن مفاوضات مع السعودية لتوقيع اتفاقيات قبل نهاية العام

إلمر شيالر سالسيدو وزير خارجية البيرو (الشرق الأوسط)
إلمر شيالر سالسيدو وزير خارجية البيرو (الشرق الأوسط)

كشف وزير خارجية البيرو، إلمر شيالر سالسيدو، الذي يزور الرياض حالياً، عن وجود مفاوضات جارية مع الجانب السعودي تهدف إلى توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية. وتوقّع سالسيدو إبرام هذه الاتفاقيات قبل نهاية العام الحالي، وتشمل هذه الاتفاقيات اتفاقية تعاون عام واتفاقية خدمات جوية.

وقال سالسيدو لـ«الشرق الأوسط»: «أقوم بجولة في دول منطقة الخليج، تأتي في إطار التمهيد لتوقيع اتفاقية متعددة الأطراف مع مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم السعودية وعدداً من الدول المهمة في المنطقة».

وأضاف: «تأتي الاتفاقية مع دول الخليج في إطار التشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وهي اتفاقية واسعة النطاق ومتنوعة، تغطي مجالات السياسة، والاقتصاد، والتجارة، والثقافة، والتعليم، والصحة، والأمن، والتكنولوجيا، وغيرها من القطاعات الحيوية».

إلمر شيالر سالسيدو خلال لقائه مع اتحاد الغرف السعودية (الشرق الأوسط)
إلمر شيالر سالسيدو خلال لقائه مع اتحاد الغرف السعودية (الشرق الأوسط)

التعاون السعودي البيروفي

وقال سالسيدو: «تربط البيرو والسعودية علاقات ممتازة على المستويات السياسية والدبلوماسية والثقافية والسياحية، ولدينا الكثير من القواسم المشتركة. ومع ذلك، فإن علاقاتنا التجارية والاقتصادية لا تزال تزخر بإمكانات هائلة لا يزال يتعين علينا استغلالها».

وأضاف: «هدفي يتمثل في تعزيز علاقاتنا بشكل أكبر، وبدء بناء جسور للتعاون الاستثماري والاقتصادي والتجاري بين حكومتينا والقطاعين الخاصين في البلدين، مع الأخذ في الاعتبار أن عام 2026 سيصادف الذكرى الأربعين لانطلاق العلاقات الدبلوماسية بين البيرو والمملكة، التي بدأت عام 1986».

وتابع: «نتمتع حالياً بتعاون وثيق مع السعودية في مجالات التنسيق السياسي والدبلوماسي بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب فرص الأعمال الثنائية، والسياحة، والثقافة. ونتطلع إلى تعزيز هذه العلاقات لتشمل مجالات أوسع مثل الطاقة، والاستثمار، والتجارة، والتكنولوجيا. كما نعتزم بناء روابط التعاون والاستثمار في مجالات التعدين، والنفط، والغاز، والطاقة المتجددة، والاتصالات، وتحلية المياه، والحكومة الإلكترونية»، مشدداً على استعادة تجربة بلاده في التعامل مع الاستثمارات الأجنبية على قدم المساواة مع المستثمرين الوطنيين.

وأوضح: «على مستوى القطاع الخاص، من الضروري إقامة روابط مباشرة بين الشركات البيروفية ونظيرتها السعودية، خصوصاً أن معظم المنتجات البيروفية المتوفرة حالياً في السوق السعودية تُستورد عبر دول وسيطة. إن بناء هذه الروابط المباشرة من شأنه أن يقلّل التكاليف ويعود بالفائدة على المنتجين والمشترين والمستهلكين على حد سواء».

وأضاف: «نشجع المستثمرين من الجانبين على دراسة السوق واستكشاف فرص إطلاق مشاريعهم في بلدينا. وفي هذا السياق، أود أن أهنئ الحكومة السعودية على إصدار قانون الاستثمار الجديد، الذي يتيح للمستثمرين الأجانب التملك الكامل لمشاريعهم».

استثمارات «أرامكو» في البيرو

أشاد وزير الخارجية بالتطورات الإيجابية التي طرأت على اقتصاد بلاده عقب انطلاق استثمارات شركة «أرامكو» السعودية في بيرو، مشيراً إلى الدور المتنامي لميناء شانكاي الجديد في تعزيز التجارة الدولية، لا سيما في ربط أميركا الجنوبية بآسيا. ولفت إلى أن «أرامكو» وسّعت نطاق استثماراتها غير المباشرة في قطاع الطاقة في بلاده من خلال استثماراتها الاستراتيجية.

وفي مارس (آذار) 2025، استحوذت «أرامكو» على شركة «بريماكس» (وهي شركة توزيع وقود رئيسية تعمل في بيرو وكولومبيا والإكوادور) مقابل نحو 3.5 مليار دولار. وصرح سالسيدو قائلاً: «يعزز هذا الاستحواذ حضور (أرامكو) في أميركا الجنوبية ويعزز شبكة توزيع الوقود التابعة لها».

وأضاف: «من خلال صفقة مع شركة (ميد أوشن إنرجي)، عززت (أرامكو) أيضاً حصتها غير المباشرة في مشروع بيرو للغاز الطبيعي المسال، وهو مصنع تسييل يقع جنوب العاصمة ليما. وباتت (أرامكو) تمتلك الآن بشكل غير مباشر حصة قدرها 17.2 في المائة بالمشروع، مما يعزز حضورها ومشاركتها في سوق الغاز الطبيعي المسال في أميركا الجنوبية».

وعن ميناء شانكاي، قال سالسيدو: «تم بناء ميناء (تشانكاي) وفقاً لأحدث المعايير العالمية، وتبلغ طاقته الاستيعابية 6 ملايين طن من البضائع العامة و160 ألف مركبة سنوياً. وقد صُمم لمناولة سفن الحاويات عالية السعة، ويضم مستودعات تعمل بشكل آلي. وبلغت استثمارات المرحلة الأولى منه نحو 1.3 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل الاستثمارات الإجمالية للمراحل الثلاث إلى نحو 3.6 مليار دولار».

ويُتوقع أن يُحدث موقع ميناء تشانكاي الاستراتيجي في قلب الساحل البيروفي نقلة نوعية في قطاع الشحن والخدمات اللوجيستية، من وإلى آسيا، إلى جانب ميناء كاياو ومطار ليما الدولي، اللذين يشكلان معاً منطقتين اقتصاديتين خاصتين في المستقبل.

أشار وزير خارجية بيرو إلى أن ميناء تشانكاي سيسهم في تقليص وقت وتكاليف الشحن إلى شواطئ المحيط الهادئ الآسيوية، مما سيعزز بشكل كبير عمليات الملاحة الساحلية بين الأميركتين.

إلمر شيالر سالسيدو يتحدث خلال لقائه مع اتحاد الغرف السعودية (الشرق الأوسط)
إلمر شيالر سالسيدو يتحدث خلال لقائه مع اتحاد الغرف السعودية (الشرق الأوسط)

ما الذي يمكن أن تقدمه البيرو للمملكة؟

في إجابته على السؤال، قال سالسيدو: «لدى بيرو الكثير لتقدمه للمملكة في إطار تحقيق (رؤيتها 2030)، حيث يُعد التعدين من أبرز نقاط القوة في بيرو وهو أحد المجالات الرئيسية التي تستثمر فيها السعودية بكثافة».

وأضاف: «تمتلك بيرو احتياطيات هائلة من المعادن الحيوية مثل النحاس، والذهب، والفضة، والزنك، والقصدير، والرصاص، والليثيوم، بالإضافة إلى العديد من المعادن الأخرى والعناصر الأرضية النادرة».

ووفقاً لسالسيدو، فإن المملكة تتفوق في النفط والغاز، بينما توفر بيرو فرصاً استثمارية ضخمة في هذين المجالين، حيث يمكن أن تكون الخبرة السعودية مفيدة ومربحة للغاية لكلا الجانبين، ولمنطقة أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بأكملها.

وتابع: «تتمتع بيرو أيضاً بثروة زراعية متنوعة، مما يسهم في تحقيق هدف السعودية في الأمن الغذائي. تشمل هذه المنتجات البذور والأغذية الفائقة مثل الكينوا والشيا، بالإضافة إلى الفاصوليا مثل البن والكاكاو والفول والحمص. كما أن المأكولات البحرية وتربية الأحياء المائية من المجالات التي تتمتع بيرو بخبرة واسعة فيها، وهي على استعداد لمشاركة هذه المعرفة».

وشدد على أن السعودية، مع «رؤيتها 2030»، منفتحة على السياحة، ولذلك ينبغي عليها استكشاف مواقعها الأثرية الغنية والقيّمة، والعمل على الكشف عنها، وصيانتها، وحمايتها. وأكد استعداد بلاده لتقديم خبرتها الواسعة في هذا المجال، قائلاً: «نحن على استعداد للتعاون وتبادل الخبرات والمعارف ذات الصلة».

من ناحية أخرى، وفقاً لسالسيدو، ترغب بيرو في الحصول على دعم من المملكة في تصدير المنتجات البتروكيماوية والأسمدة، بالإضافة إلى تبادل المعرفة في مجالات النفط والغاز والطاقة والحكومة الإلكترونية.