اقتصاد منطقة اليورو ينمو بأكثر من المتوقع في الربع الأول

وسط مخاوف من تداعيات الحرب التجارية

أعلام الاتحاد الأوروبي خارج المقر الرئيسي للمفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي خارج المقر الرئيسي للمفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
TT

اقتصاد منطقة اليورو ينمو بأكثر من المتوقع في الربع الأول

أعلام الاتحاد الأوروبي خارج المقر الرئيسي للمفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي خارج المقر الرئيسي للمفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)

سجل اقتصاد منطقة اليورو نمواً أسرع من المتوقع خلال الربع الأول من عام 2025، في أداء إيجابي متواضع سَبق تأثره بتداعيات الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وارتفاع قيمة اليورو، وتراجع ثقة قطاع الأعمال، وفق ما أظهرت بيانات صدرت يوم الأربعاء.

فقد شهد ثاني أكبر تكتل اقتصادي في العالم تباطؤاً في النمو على مدى السنوات القليلة الماضية، وسط إحجام الشركات عن الاستثمار، ومساعي الأسر لتعويض الخسائر الناتجة عن موجات التضخم المرتفعة. وقد وضع هذا التباطؤ أوروبا في موقف دفاعي حتى قبل تصاعد التوترات التجارية الأخيرة، وفق «رويترز».

ورغم أن عام 2025 كان يُنظر إليه بوصفه عاماً محورياً في مسار التعافي الاقتصادي، فإن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإطلاق ما وصفه بـ«يوم التحرير التجاري» قلب التوقعات رأساً على عقب. ويحذر صناع السياسات من أن الأضرار التي لحقت بالاقتصاد العالمي قد تكون طويلة الأمد، حتى في حال التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع.

ووفقاً لتقديرات مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات)، حققت دول منطقة اليورو العشرين نمواً بنسبة 0.4 في المائة بالربع الأول، متجاوزة التوقعات التي أشارت إلى 0.2 في المائة، وذلك بدعم من أداء قوي في إسبانيا.

إلا أن الزخم الفعلي كان أضعف مما تبدو عليه الأرقام، نظراً لتأثير التوسع بنسبة 3.2 في المائة بآيرلندا، الذي يعزى في معظمه إلى نشاط الشركات متعددة الجنسيات العاملة هناك لأسباب ضريبية.

أما الاقتصادات الكبرى في المنطقة، فقد سجلت أداءً أكثر تواضعاً: ألمانيا نمت بنسبة 0.2 في المائة، وفرنسا بنسبة 0.1 في المائة، بينما توسعت إيطاليا بنسبة 0.3 في المائة، ما يشير إلى أن النمو الحقيقي في الكتلة، باستثناء آيرلندا، لا يبتعد كثيراً عن النسبة المتوقعة البالغة 0.2 في المائة.

لكن الآفاق المستقبلية تبدو أكثر قتامة منذ نهاية الربع الأول. فقد أصدرت شركات أوروبية كبرى، مثل «فولكس فاغن» و«مرسيدس بنز»، تحذيرات بشأن تأثير الرسوم الجمركية على الأرباح والمبيعات، واحتمال تراجع الاستثمارات نتيجة لذلك.

كما أظهر مؤشر رئيسي لثقة الأعمال، نُشر يوم الثلاثاء، تراجعاً حاداً، بدد الآمال في انتعاش قريب، وأعاد المؤشر إلى مسار هبوطي بعد أن ظل مستقراً معظم عام 2024.

وقد نبّه البنك المركزي الأوروبي إلى أن الحرب التجارية، واضطرابات الأسواق المالية الناتجة عن السياسات الأميركية، بالإضافة إلى تراجع المعنويات، ستُضعف وتيرة النمو.

وكان من المتوقع أصلاً ألا يتجاوز معدل نمو الاتحاد الأوروبي 1 في المائة هذا العام حتى قبل فرض الرسوم، ما يجعل أي ضرر إضافي دافعاً نحو الركود.

مع ذلك، يرى كثير من الاقتصاديين وصناع القرار أن الاقتصاد الأميركي سيكون الأكثر تضرراً، ما قد يدفع إدارة ترمب إلى إعادة النظر في سياساتها.

ويُسارع البنك المركزي الأوروبي إلى خفض أسعار الفائدة لحماية التكتل، ومن المتوقع أن يقدم على خفض جديد في يونيو (حزيران). لكن قدرته على مواجهة الانكماش الشامل محدودة.

وتبقى زيادة الإنفاق الحكومي في ألمانيا، لتمويل الدفاع وتحديث البنية التحتية، من العوامل التي قد تخفف وطأة التباطؤ، غير أن الإجراءات التشريعية والتنفيذية قد تستغرق وقتاً، مما يُقلل من فرص وجود دعم مالي فعلي هذا العام.

ومن بين الآثار الجانبية الإيجابية للتوترات التجارية تراجع الضغوط التضخمية بشكل ملحوظ. إذ يُتوقع أن يُسهم انخفاض أسعار الطاقة، وارتفاع قيمة اليورو، وضعف النمو في كبح ارتفاع الأسعار، مما يمنح البنك المركزي الأوروبي مساحة أوسع للمناورة عبر مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة.

لكن هذا الانخفاض قد يُهدد بدفع التضخم دون هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، خصوصاً إذا بدأت الصين، التي تواجه قيوداً متزايدة في السوق الأميركية، بإغراق الأسواق العالمية بفائض إنتاجها.


مقالات ذات صلة

محافظ «بنك فرنسا» يؤكد توافق عجز الموازنة مع الهدف عند 5.4 % في 2025

الاقتصاد فرنسوا فيليروي دي غالهاو في مؤتمر صحافي حول الاقتصاد الفرنسي وتحديات الرسوم أبريل 2025 (رويترز)

محافظ «بنك فرنسا» يؤكد توافق عجز الموازنة مع الهدف عند 5.4 % في 2025

قال محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالهاو، يوم الخميس، إن عجز الموازنة الفرنسية سيصل إلى 5.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد زوار في سوق الفن قرب مبنى تسويغهاوس وقبة كاتدرائية برلين (رويترز)

الاقتصاد الألماني يعود للنمو في 2025 بعد عامين من الانكماش

من المتوقع أن يسجِّل الاقتصاد الألماني نمواً هذا العام بعد انكماشه خلال العامين الماضيين، وفقاً لما أفاد به معهد «إيفو» للاقتصاد العالمي (IfW) يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد وكالة «فيتش» الدولية للتصنيف الائتماني ترى أن مخاطر إعادة التمويل لا تزال قائمة بالنسبة إلى البنوك التركية (موقع الوكالة)

«فيتش»: البنوك التركية تواجه مخاطر جرّاء ارتفاع الفائدة

حذرت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني بأن البنوك التركية تواجه ارتفاعاً في تكلفة المخاطر، متوقعة انخفاض سعر الفائدة إلى 33 في المائة بنهاية العام الحالي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد تمر المركبات أمام مبنى البنك الدولي في واشنطن (رويترز)

البنك الدولي: الاقتصاد العالمي يتجه نحو أضعف أداء له منذ عام 2008

خفّض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 2.3 في المائة في عام 2025، أي أقل بنحو نصف نقطة مئوية مقارنة بالتقديرات السابقة في مطلع العام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر جزئي لحركة المرور أمام مبنى هيئة ميناء كراتشي (أرشيفية - رويترز)

قبل إعلان الموازنة... باكستان تتوقع 2.7 % نمواً في السنة المالية الجارية

أظهر المسح الاقتصادي السنوي الصادر عن الحكومة الباكستانية، يوم الاثنين، أن الاقتصاد الوطني يُتوقع أن ينمو بنسبة 2.7 في المائة خلال السنة المالية.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد )

ضربات إسرائيل تهبط بعوائد السندات الألمانية لأدنى مستوى في 3 أشهر

العلم الألماني خارج مبنى البوندستاغ (رويترز)
العلم الألماني خارج مبنى البوندستاغ (رويترز)
TT

ضربات إسرائيل تهبط بعوائد السندات الألمانية لأدنى مستوى في 3 أشهر

العلم الألماني خارج مبنى البوندستاغ (رويترز)
العلم الألماني خارج مبنى البوندستاغ (رويترز)

تراجعت عوائد السندات الحكومية الألمانية إلى أدنى مستوياتها في أكثر من 3 أشهر، يوم الجمعة، في ظل ازدياد إقبال المستثمرين على أصول الملاذات الآمنة عقب شنِّ إسرائيل ضربات عسكرية واسعة على إيران.

وانخفضت عوائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات بمقدار 4 نقاط أساس لتُسجِّل 2.44 في المائة، بعد أن لامست أدنى مستوياتها خلال الجلسة عند 2.422 في المائة، وهو أدنى مستوى لها منذ 3 مارس (آذار). كما تراجعت عوائد السندات لأجل عامين بمقدار 1.5 نقطة أساس لتصل إلى 1.80 في المائة، وفق «رويترز».

وكانت السندات الألمانية لأجل 30 عاماً الأكثر أداءً، حيث تراجعت عوائدها بمقدار 4.5 نقطة أساس إلى 2.91 في المائة، مما أسهم في استقرار منحنى العائد.

كما اتجهت عوائد السندات الحكومية الألمانية إلى تسجيل أكبر انخفاض أسبوعي لها منذ أواخر مارس، بهبوط إجمالي قدره 13 نقطة أساس.

وشهدت أسعار السندات في منطقة اليورو ارتفاعاً؛ مما دفع العوائد إلى مزيد من التراجع، في انسجام مع مكاسب الذهب والدولار الأميركي. وانخفضت عوائد السندات الفرنسية لأجل 10 سنوات بمقدار 2.4 نقطة أساس لتبلغ 3.162 في المائة، في حين سجِّلت عوائد السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات أداءً أقل نسبياً، حيث تراجعت بمقدار 1.5 نقطة أساس إلى 3.40 في المائة، لكنها لامست أدنى مستوياتها منذ ديسمبر (كانون الأول) عند 3.398 في المائة.

وفيما يخص الإصدارات، فمن المقرر أن تطرح السويد سندات جديدة في مزاد.