«مدير الصحة العالمية»: الوضع الصحي في السودان «منهار تماماً»

تيدروس أدهانوم قال إن عدد قتلى الحرب تجاوز الـ20 ألفاً

من مستشفى الأطفال في بورتسودان (أ.ف.ب)
من مستشفى الأطفال في بورتسودان (أ.ف.ب)
TT

«مدير الصحة العالمية»: الوضع الصحي في السودان «منهار تماماً»

من مستشفى الأطفال في بورتسودان (أ.ف.ب)
من مستشفى الأطفال في بورتسودان (أ.ف.ب)

قال مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأحد، إن النظام الصحي المتداعي في السودان «وصل إلى مرحلة الانهيار»، موضحاً أن ما بين 70 إلى 80 في المائة من المؤسسات والمرافق الصحية توقفت عن العمل تماماً.

وأضاف في مؤتمر صحافي بمدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد، أن المعلومات المتوفرة عن قتلى الحرب في السودان، تفيد بأن الرقم تجاوز الـ20 ألفاً في النزاع المستمر بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع». وقال إن السودان يشهد وضعاً صحياً وإنسانياً «طارئاً جداً»، وإن التجاوب «ليس بحجم المشكلة الكبيرة».

مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس خلال مؤتمر صحافي (الشرق الأوسط)

وذكر أن 25 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة، منهم 14 مليوناً في حاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

وقدَّر تيدروس في المؤتمر الصحافي، تكلفة الاحتياجات الإنسانية بنحو ملياري و700 مليون دولار، «لكن للأسف المتوفر حالياً هو نصف المبلغ».

وقال مدير «المنظمة العالمية»: «المشكلة في السودان أنه لا يوجد الانتباه الكامل، وأن المجتمع الدولي تناسى حجم المشاكل التي تسببت في تداعي النظام الصحي».

وأوضح أن زيارته تهدف إلى لقاء الشركاء والبحث عن كيفية حشد مزيد من الموارد لمقابلة الحاجات الكبيرة جداً. وذكر أنه إضافة إلى القتلى، هناك 10 ملايين نازح، وأكثر من مليوني لاجئ في دول الجوار بما يُشكِّل أكبر مشكلة نزوح في العالم.

جانب من زيارة مدير منظمة الصحة العالمية لمستشفى الأطفال في بورتسودان (أ.ف.ب)

ووفقاً لتيدروس، فقد وثقت منظمة الصحة العالمية وقوع أكثر من 100 هجوم على الكوادر الصحية والعاملين في مجال العون الإنساني، مشيراً إلى أن «مِن أبرز التحديات التي تواجه عمليات العون الإنساني، هي عدم القدرة على تأمين الحدود والمعابر من أجل إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين». وأضاف أن «خطر المجاعة يهدد أكثر من 25 مليوناً و600 شخص، أي نحو نصف سكان السودان».

وحذّر مدير «المنظمة العالمية» من أن «الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والسيول التي اجتاحت البلاد في موسم الخريف الحالي، تضاف إلى انهيار البنية التحتية، وانتشار الأمراض الوبائية مثل الكوليرا والحصبة، إضافة إلى خطر تفشي مرض جدري القردة»، على حد قوله.

وذكر أنه تفقد قسم حوادث الأطفال بالمستشفى العام بمدينة بورتسودان، كما سجل زيارات لعدد من مراكز دور الإيواء، واستمع إلى معاناة النازحين هناك، والتقى رئيس «مجلس السيادة الانتقالي»، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان.

وقال إن البرهان أكد له «التزام السودان بتسهيل عمل المنظمة لدعم القطاع الصحي في البلاد».

أحد الأطفال المرضى في مستشفى بورتسودان (أ.ف.ب)

بدوره، وصف وزير الصحة في السودان، هيثم محمد، زيارة مدير منظمة الصحة العالمية بـ«المهمة»، وقال: «إنها تسلط الأضواء على الأوضاع الصحية والإنسانية للسودانيين، وما يتحاجونه من مساعدات عاجلة».

ووفقاً لإفادة سابقة لنقابة أطباء السودان فإن الوضع الصحي في السودان «منهار تماماً»، ومن المرجح أن يزداد خطورة مع دخول فصل الخريف وتفشي أمراض الملاريا وحمى الضنك والحصبة وغيرها.

وتفيد تقارير النقابة الدورية، بأن أكثر من 40 ألف شخص قتلوا في الحرب الدائرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) العام الماضي، متوقعة أن يكون العدد الفعلي للضحايا أكبر، خصوصاً أن «أعداداً كبيرة من الحالات لم تصل إلى المستشفيات».

وتكتنف عملية الحصر الدقيق لأعداد الضحايا في السودان صعوبات جمة، غير أن التقديرات الأممية والحقوقية المتحفظة تدور حول 12 ألف شخص قتلوا حتى أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.


مقالات ذات صلة

قوافل طبية مصرية إلى السودان

شمال افريقيا وزير الصحة المصري يناقش إجراءات تسيير قوافل طبية للسودان (وزارة الصحة المصرية)

قوافل طبية مصرية إلى السودان

أعلنت الحكومة المصرية، الأحد، عزمها إرسال قوافل طبية إلى السودان؛ للتخفيف من حدة الوضع الإنساني والصحي، الذي يواجه السودانيين، خلال فترة الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)

«تنسيقية تقدم» تؤكد دعمها لتقرير لجنة تقصي الحقائق حول السودان

«التقرير أثبت الحجم الواسع للانتهاكات ضد المدنيين، ما يستدعي اتخاذ التدابير اللازمة لوقف هذه الجرائم والتصدي لها».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا رجال وجنود من الجيش السوداني يحملون أكياساً من الإمدادات الغذائية لمساعدة الأشخاص العالقين في شرق السودان (أ.ف.ب)

السودان يرفض توصيات بعثة حقوق الإنسان بنشر «قوة مستقلة» لحماية المدنيين

رفضت الحكومة السودانية توصيات بعثة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، واتهمتها بأنها «هيئة سياسية»، بعد أن دعت إلى نشر قوة «مستقلة ومحايدة» في السودان.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))
شمال افريقيا مدير منظمة الصحة العالمية يتفقد جناح الأطفال بمستشفى بورتسودان (الشرق الأوسط)

«الصحة العالمية»: الوضع الصحي في السودان منهار

قالت منظمة الصحة العالمية إن النظام الصحي في السودان «منهار ومعقد في عدد من المناطق، ومتماسك في مناطق أخرى بسبب الجهود التي يبذلها الأطباء في تقديم الخدمة».

وجدان طلحة (بورتسودان)
المشرق العربي الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي» (رويترز)

السودان: حميدتي يصدر أوامر لقواته بوقف الانتهاكات ضد المدنيين

أصدر قائد «قوات الدعم السريع»، محمد دقلو «حميدتي»، أوامر لقادته العسكريين، مشدداً فيها على الامتناع عن أي هجوم وانتهاكات يمكن أن تتسبب في ضرر على المدنيين.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

​ترقب ليبي لإنهاء أزمة «المركزي» وتشغيل النفط لمواجهة «تردٍّ معيشي»

عملاء ينتظرون دورهم في أحد البنوك بمدينة مصراتة غرب ليبيا (أ.ف.ب)
عملاء ينتظرون دورهم في أحد البنوك بمدينة مصراتة غرب ليبيا (أ.ف.ب)
TT

​ترقب ليبي لإنهاء أزمة «المركزي» وتشغيل النفط لمواجهة «تردٍّ معيشي»

عملاء ينتظرون دورهم في أحد البنوك بمدينة مصراتة غرب ليبيا (أ.ف.ب)
عملاء ينتظرون دورهم في أحد البنوك بمدينة مصراتة غرب ليبيا (أ.ف.ب)

وسط سيطرة «المجلس الرئاسي» الليبي، على إدارة المصرف المركزي بطرابلس العاصمة، والتغاضي عن رفض سلطات بنغازي للأمر، تترقب الأوساط الليبية اجتماعاً لممثلي «المجالس الثلاثة» (الرئاسي والنواب والأعلى للدولة) برعاية أممية، علّه ينهي الصراع على المصرف ويُعيد تشغيل النفط، وذلك للحد من الأزمات المعيشية.

لقاء سابق بين المنفي والكبير (المجلس الرئاسي الليبي)

وسبق للبعثة الأممية أن رعت اجتماعين لممثلي المجالس الثلاثة الأسبوع الماضي بقصد التوصل إلى حل يضع حداً للصراع على رئاسة المصرف.

وقالت البعثة إن ممثليْ مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» طلبا مهلة إضافية من خمسة أيام لاستكمال مشاوراتهما، والتوصل إلى توافق نهائي بشأن الترتيبات اللازمة لإدارة المصرف إلى حين تعيين محافظ جديد ومجلس إدارة. ويُنتظر الرد خلال الساعات المقبلة.

ورهنت سلطات شرق ليبيا، النفط (إنتاجاً وتصديراً) بالإبقاء على محافظ «المركزي» الصديق الكبير، في موقعه، لكن «المجلس الرئاسي» تجاهل ذلك، وعين بديلاً عنه عبد الفتاح عبد الغفار محافظاً مؤقتاً، ما أبقى الأزمة على حالها، وسط مخاوف ليبيين من تأثيرات استمرار توقف إنتاج وتصدير النفط بصفته المورد الرئيسي على حياتهم المعيشية.

وفي الأيام الأولى للأزمة توقف أكثر من نصف إنتاج ليبيا من النفط، أو نحو 700 ألف برميل يومياً، وتجاوز راهناً هذا الرقم بكثير، لكن «المؤسسة الوطنية للنفط» لم تصدر بياناً حتى الآن، وكانت ليبيا تنتج نحو 1.18 مليون برميل يومياً في يوليو (تموز) الماضي.

ويرى اقتصاديون أنه في «حال عدم توصل الأطراف المتنازعة على إدارة المصرف المركزي إلى اتفاق يسمح بإعادة تشغيل النفط بكامل طاقته مرة ثانية وسريعاً، فإن ذلك سينعكس بالسلب على الأوضاع المعيشية للمواطنين ويزيدها تردياً»، مشيرين إلى أن «طبقات ليبية كثيرة تضررت خلال الأشهر الماضية، وتراجعت دخولها بسبب الزيادة في الأسعار أمام ضعف رواتبها».

وتأتي أزمة «المركزي» وإغلاق حقول وموانئ النفط، لتُضاف إلى مشكلات قائمة بالفعل؛ إذ تعاني ليبيا من نقص في السيولة منذ سنوات، مع صعوبة الحصول على الأوراق النقدية من الدينار والدولار، حتى بالنسبة لمن يملكون كثيراً من الأموال في حساباتهم البنكية.

وأُدخل النفط مجدداً على مسار الأزمة السياسية، عندما أعلنت الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، في 26 من أغسطس (آب) الماضي، حالة «القوة القاهرة» على جميع الحقول والموانئ، وإيقاف إنتاج وتصدير النفط، رداً على تغيير الكبير من قبل سلطات طرابلس.

ويرى تاجر الزيوت الليبي بطرابلس عبد الرؤوف الزادي، أنهم «ضاقوا ذرعاً من كثرة الأزمات، واستخدام النفط وسيلة للضغط بين المتنفذين في البلاد»، وقال: «إدارة المركزي الجديدة تقول للناس اطمئنوا، لكننا نعاني طوال الوقت وخصوصاً في الأعياد من نقص السيولة وارتفاع أسعار السلع والغذاء».

الإدارة الجديدة للمصرف المركزي برئاسة المحافظ المؤقت عبد الفتاح عبد الغفار (المصرف المركزي)

وتشير تقارير دولية، إلى أن استعادة ليبيا كامل إنتاجها النفطي المعطل، قد يستغرق وقتاً بالنظر إلى أن توقفه يصيب منظومة ضخه بالعطب ويلحق بها أضراراً تتطلب صيانة بحسب «المؤسسة الوطنية للنفط».

والبعثة الأممية التي تنتظر رداً من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، سبق لها تحذير الأطراف الليبية كافة من «التأثيرات السلبية» لاستمرار أزمة «مصرف ليبيا المركزي» على الحياة اليومية للمواطنين، وعلى ثقة المؤسسات المالية الدولية بالنظام المصرفي الليبي.

ودعت البعثة الأطراف كافة «إلى الوفاء بالتزاماتها، والامتناع عن أي قرارات وإجراءات أحادية الجانب، والحرص على تكثيف الجهود للتوصل إلى اتفاق دون تأخير».

وفي مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي، أعلنت السلطات المحلية وبعض الاختصاصيين بقطاع النفط، عن تشغيل ثلاثة حقول نفطية، ما عدّه كثير من الليبيين انفراجة على مسار الأزمة، لكن بعد ثلاثة أيام أعلنت «المؤسسة الوطنية للنفط» حالة «القوة القاهرة» بحقل الفيل، وسط ضبابية المشهد السياسي العام.

ولم يعرف جُل الليبيين الأسباب التي أدت إلى تشغيل الحقول الثلاثة، ولا مصير باقي الحقول، لكن مصادر محلية بررت عملية التشغيل حينها «بضمان استمرار تشغيل محطات الكهرباء وتوفير الوقود»، وتوقعت «إعادة تشغيل الحقول والموانئ النفطية المغلقة كافة تباعاً».

بموازاة ذلك، تطمئن الإدارة الجديدة المؤقتة للمصرف المركزي، بأن الأمور «تسير نحو الأفضل»، مفندة أخباراً تم تداولها خلال الأيام الماضية عبر بعض منصات التواصل الاجتماعي، حول توقف مصارف أجنبية التعامل مع المصرف.

وأكد «المصرف المركزي» بطرابلس: «استمرار التواصل الوثيق مع جميع المصارف المراسلة المعتمدة لديه في الخارج، وأن الإجراءات المتبادلة تسير بشكل طبيعي، ووفق العمل المتفق عليه»، مشدداً على أنه «سيُكثف جهوده خلال الأسبوع المقبل، لاستعادة الدينار الليبي قيمته بعد إضعافه من قبل الإدارة السابقة بإجراءات مخالفة للقانون». (الدولار يساوي 7.21 دينار في السوق الموازية، بينما يبلغ سعره في السوق الرسمية 4.76).