«هدنة غزة»: دعوات إلى ضغوط دولية ومرونة لتفادي العقبات

شاب فلسطيني يسحب بعض المخلفات التي تم إنقاذها في دير البلح بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
شاب فلسطيني يسحب بعض المخلفات التي تم إنقاذها في دير البلح بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: دعوات إلى ضغوط دولية ومرونة لتفادي العقبات

شاب فلسطيني يسحب بعض المخلفات التي تم إنقاذها في دير البلح بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
شاب فلسطيني يسحب بعض المخلفات التي تم إنقاذها في دير البلح بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

بين القاهرة والدوحة، تستمر محاولات الوسطاء لإنجاح مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، مع دعوات لـ«ضغوط دولية» ومطالب بـ«إبداء مرونة» مع الجهود المبذولة، وسط حديث أميركي عن «تحقيق تقدم» بالمحادثات، وتأكيدات مصرية على أهمية خفض التصعيد وإنهاء الحرب بالقطاع المتواصلة منذ 11 شهراً.

وتسود مخاوف من مساعٍ لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لـ«توسيع التصعيد وإطالة أمد الأزمة» عبر العملية العسكرية التي بدأها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، مع تلاشي خطر ضربة إيرانية و«زيادة العقبات» التي تحيط بصفقة الهدنة، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط». وأكدوا أن «الضغوط الدولية والتنازلات هما سبيلا التوصل للاتفاق».

ومع تواصل المفاوضات، أعلن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان، الخميس، في تصريحات صحافية من بكين، أن «المحادثات بشأن غزة حققت تقدماً، لكن الأمر لا يزال غير محسوم».

ومن دون أن يتطرق لمستجدات المفاوضات الجارية، ذهب عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، عزت الرشق، في تصريحات، الخميس، إلى المطالبة بهدنة أممية إنسانية لمدة أسبوع، مطالباً «الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالضغط بكل الوسائل على نتنياهو بقبول هدنة إنسانية شاملة في قطاع غزة لمدة 7 أيام، للتمكن من تنفيذ التطعيم لكل أطفال القطاع».

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)

ولا يزال نتنياهو يتمسك بالبقاء في محور «فيلادلفيا» الحدودي مع مصر، كما كشف تقرير بثته «القناة 12» الإسرائيلية، الخميس، نقلاً عن صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، بل «طلب عقد اجتماع للحكومة في المحور»، وسط حديث وسائل إعلام غربية عن تراجع خطر التصعيد الإقليمي بعد ضربة وُصفت إعلامياً بالمنضبطة من «حزب الله» اللبناني قبل أيام تجاه إسرائيل، وخفوت الرد الإيراني المحتمل رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، في طهران نهاية يوليو (تموز) الماضي.

وإزاء ذلك، تحرك الوسطاء نحو زيادة الضغوط، في محاولة جديدة لإجبار طرفَي حرب غزة على اتفاق. وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من المستشار الألماني، أولاف شولتس، مساء الأربعاء، «أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بدور حاسم وفاعل نحو ضمان توافر الإرادة السياسية التي تحقق التوصل إلى الاتفاق المنشود لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين، والتجاوب بإيجابية مع جهود الوسطاء»، وفق إفادة «الرئاسة المصرية».

وجدد الرئيس المصري، الخميس، ذلك المطلب خلال لقائه وفداً من لجان الكونغرس الأميركي، برئاسة السيناتور جوني إرنست. وذكرت «الرئاسة المصرية» أن «زيارة الوفد الحالية للمنطقة تأتي في إطار دعم مسار التوصل لاتفاق لتبادل الرهائن والمحتجزين ووقف إطلاق النار وخفض التصعيد بالمنطقة». وشدد السيسي على اعتزام مصر مواصلة جهودها بالتنسيق مع الشركاء، بهدف وضع حد لهذه الحرب التي تسببت في كارثة إنسانية بقطاع غزة، محذراً في هذا الصدد من الخطورة البالغة للتصعيد الإسرائيلي الحالي في الضفة الغربية، الذي يزيد بشدة من مخاطر تعقيد الموقف الإقليمي.

وهناك نقاط خلافية بارزة بين إسرائيل و«حماس»، هي «الوجود الإسرائيلي في محور (فيلادلفيا)، وممر (نتساريم)، والتحفظات بشأن عدد المعتقلين الذين تطالب (حماس) بالإفراج عنهم، ومطلب فحص الفلسطينيين النازحين أثناء عودتهم إلى شمال القطاع»، وفق مراقبين.

ويرى الأكاديمي المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن ضغوط الوسطاء مهمة في الوقت الحالي؛ كونها تهدف لخلق حالة توازن، بعدما استشعر نتنياهو أن شبح الحرب الإقليمية ابتعد؛ إذ بدا أكثر أريحية، ويتمادى في الرفض، وفرض شروطاً، وتمسك بأخرى مثل البقاء في محور «فيلادلفيا»، وهنا تأتي أهمية تنوع الضغط.

وتتجه المفاوضات، بحسب تقدير أنور، لتحديد مواعيد محددة لإنهاء المفاوضات، والبدء بأكثر البنود سهولةً، وصولاً للعقبات الرئيسية وتقسيم المفاوضات بين القاهرة والدوحة، بهدف إبرام صفقة لا تزال نسبة نجاحها لا تتجاوز 40 في المائة بسبب «تعنت نتنياهو».

أيضاً لا تزال الفرصة الأخيرة للوصول لهدنة «قائمة»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، الذي أشار إلى أهمية استمرار الضغوط لإبداء مرونة وتقديم تنازلات، مؤكداً أن الأمور هدأت نسبياً بالمنطقة بعد تلاشي خطر «حزب الله» اللبناني، ويمكن أن نقول إن المرحلة المقبلة بانتظار «رؤية قد تكون أميركية لحل نقاط الخلاف بين الطرفين وتفادي العقبات».

طفل جريح يتلقى العلاج في «مستشفى ناصر» بعد قصف إسرائيلي على خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

بالتوازي مع المطالبة بضغوط ومرونة للذهاب لاتفاق هدنة، هناك حديث عن عقوبات، أحدثها جاء مع إعلان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الخميس، بدء عملية لسؤال الدول الأعضاء عما إذا كانت تريد فرض عقوبات على «بعض الوزراء الإسرائيليين»، متهماً إياهم بأنهم «يبعثون برسائل كراهية غير مقبولة ضد الفلسطينيين، ويطرحون أفكاراً تتعارض بوضوح مع القانون الدولي».

ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية آيرلندا، مايكل مارتن، قوله: «سندعم التوصية بفرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي على المنظمات الاستيطانية التي تسهل توسيع المستوطنات، وكذلك على وزراء إسرائيليين».

وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول أوروبي، رفيع المستوى، بشكل علني عن خطوات لفرض عقوبات على مسؤولين إسرائيليين، منذ اندلاع الحرب بغزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ إذ استهدفت جولتان سابقتان من العقوبات الأوروبية، إسرائيليين ومنظمات غير حكومية تُتهم بـ«ممارسة العنف» في الضفة الغربية المحتلة. كما فرضت الولايات المتحدة، الأربعاء، عقوبات على منظمة إسرائيلية غير ربحية ومسؤول عن الأمن في مستوطنة بالضفة الغربية، في أحدث جهد من واشنطن لمعاقبة المستوطنين الذين تتهمهم بالتطرف وممارسة العنف ضد الفلسطينيين.

ويعتقد أحمد فؤاد أنور أنه «لو توفرت الضغوط الدولية، مع استمرار إجراءات العقوبات على إسرائيل، ستزيد فرص التوصل لصفقة قريباً».

وبخلاف تأثيرات العقوبات، يرى عبد المهدي مطاوع، أن نتنياهو في وضع أفضل حالياً، وقد حقق غالبية مبتغاه في غزة، والأمور قد تذهب إلى «اتفاق شريطة حدوث تفاهمات بشأن محور (فيلادلفيا)».


مقالات ذات صلة

واشنطن تريد معرفة «الأهداف» الإسرائيلية من اقتحامات الضفة الغربية

المشرق العربي مركبة مدرعة إسرائيلية خلال عملية عسكرية في مخيم نور شمس للاجئين بطولكرم الخميس 29 أغسطس 2024 (أ.ب)

واشنطن تريد معرفة «الأهداف» الإسرائيلية من اقتحامات الضفة الغربية

أكد مسؤول كبير بالبيت الأبيض، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن إدارة الرئيس جو بايدن على تواصل مع المسؤولين الإسرائيليين لمعرفة «أهداف إسرائيل من هجمات الضفة».

هبة القدسي (واشنطن) «الشرق الأوسط» (رام الله)
الخليج جاسم البديوي يستقبل شارل ميشيل في الرياض (مجلس التعاون الخليجي)

البديوي وميشيل يناقشان أزمة غزة

استعرض جاسم البديوي أمين عام مجلس التعاون الخليجي، وشارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبي، القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الأزمة في الأراضي الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا الرئيس المصري يستقبل وفداً من الكونغرس الأميركي بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

القاهرة لتنشيط التنسيق مع الغرب بهدف احتواء التصعيد الإقليمي

شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على «ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي لوقف التصعيد بالأراضي الفلسطينية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية أقارب الرهائن المحتجزين في قطاع غزة يشاركون في احتجاج يطالب بالإفراج عنهم في جنوب إسرائيل (أ.ب)

تقرير: أقارب الرهائن يقتحمون الحاجز الحدودي مع غزة

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن أقارب الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة «حماس» اقتحموا الحاجز الحدودي مع قطاع غزة خلال احتجاجات.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينية تسير في أحد الشوارع المتضررة خلال مداهمة مخيم نور شمس قرب مدينة طولكرم (أ.ف.ب)

إسرائيل تواصل عملياتها في طولكرم... وسقوط 16 قتيلاً و30 جريحاً

اقتحم الجيش الإسرائيلي، فجر اليوم (الخميس)، مخيم طولكرم في الضفة الغربية تزامناً مع العملية العسكرية المتواصلة على مخيم نور شمس والمدينة.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)

الأزمة الليبية توقف إنتاج نحو 700 ألف برميل من النفط يومياً

انخفاض الإنتاج في حقول النفط التي تسيطر عليها شركة الواحة للنفط إلى 150 ألف برميل يومياً (رويترز)
انخفاض الإنتاج في حقول النفط التي تسيطر عليها شركة الواحة للنفط إلى 150 ألف برميل يومياً (رويترز)
TT

الأزمة الليبية توقف إنتاج نحو 700 ألف برميل من النفط يومياً

انخفاض الإنتاج في حقول النفط التي تسيطر عليها شركة الواحة للنفط إلى 150 ألف برميل يومياً (رويترز)
انخفاض الإنتاج في حقول النفط التي تسيطر عليها شركة الواحة للنفط إلى 150 ألف برميل يومياً (رويترز)

توقف أكثر من نصف إنتاج ليبيا من النفط، أو نحو 700 ألف برميل يومياً، الخميس، وسط مخاوف بحدوث مواجهات بين الفصائل السياسية المتنافسة للسيطرة على مصرف ليبيا المركزي، وعائدات النفط بإنهاء أربع سنوات من السلام النسبي.

المصرف المركزي في طرابلس (أ.ف.ب)

وتهدد أزمة السيطرة على مصرف ليبيا المركزي بنوبة جديدة من عدم الاستقرار في بلد يعد من أهم وأكبر منتج للنفط، لكنه منقسم بين فصائل شرقية وغربية تستمد الدعم من تركيا وروسيا. وقال مهندسون لوكالة «رويترز»، الخميس، إن الإنتاج في حقول النفط التي تسيطر عليها شركة الواحة للنفط، التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط، انخفض إلى 150 ألف برميل يومياً من 280 ألف برميل يومياً، وأضافوا أن من المتوقع أن ينخفض الإنتاج ​​أكثر. وأضاف المصدر نفسه أن الإنتاج توقف أو انخفض أيضاً في حقول الشرارة والسرير وأبو الطفل وآمال ونافورة.

المحافظ المكلف برئاسة المركزي عبد الفتاح عبد الغفار (أ.ف.ب)

ووفقاً لحسابات «رويترز»، فقد أدت تلك التوقفات أو الانخفاضات لوقف إنتاج نحو 700 ألف برميل يومياً من النفط. علما بأن ليبيا ضخت نحو 1.18 مليون برميل يومياً في يوليو (تموز) الماضي. وتعهدت الفصائل الشرقية بإبقاء إنتاج ليبيا من النفط متوقفاً حتى يعيد المجلس الرئاسي المعترف به دولياً، وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في طرابلس في غرب البلاد، محافظ مصرف ليبيا المركزي، المخضرم الصديق الكبير، إلى منصبه.

رئيس «الوحدة» الليبية حذّر من عواقب إقفال حقول النفط (رويترز)

وأمام هذا التصعيد، حذّر رئيس حكومة «الوحدة»، عبد الحميد الدبيبة، خلال لقائه، ظهر الأربعاء، مع القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني خوري، من إقفال حقول النفط، بوصفها أهم مورد لدخل الليبيين، مشدّداً على ضرورة محاسبة المسؤولين عن ذلك.

وناقش الدبيبة خلال لقائه مع خوري التطورات السياسية في ليبيا، وإحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي التي قدمتها الثلاثاء الماضي، وأكّد أهمية التعاون مع الأمم المتحدة؛ لتحقيق التوافق، وتجاوز الأزمات الحالية، وفي مقدمتها أزمة إقفال حقول النفط، مشدداً على الحاجة إلى دعم المجتمع الدولي في هذا السياق. كما شدّد الدبيبة على «خطورة إقفال الحقول النفطية، وعدم السماح بذلك تحت حجج واهية، وضرورة محاسبة من يقوم بهذه الأفعال المشينة، وعَدّ الأمر جريمة يعاقب عليها القانون».

وجاءت هذه التصريحات بعدما أعلن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، والحكومة المكلّفة من المجلس، برئاسة أسامة حماد، عن إغلاق الحقول النفطية احتجاجاً على تغيير إدارة مصرف ليبيا المركزي، من قِبل المجلس الرئاسي، كما أكّد مهندسان لوكالة «رويترز» أن إغلاق الحقول النفطية ازداد في ليبيا، الأربعاء، مع خفض الإنتاج من حقل السرير النفطي لما يقارب الإغلاق الكامل، مشيرَين إلى أن هذا الحقل كان ينتج وحده نحو 209 آلاف برميل يومياً قبل خفض الإنتاج.