بالتزامن مع مناقشة البرلمان المصري مشروع قانون «الإجراءات الجنائية»؛ رفع «الحوار الوطني» 24 توصية بشأن ملف «الحبس الاحتياطي» إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، لاتخاذ ما يلزم بشأنها وسط ترقب من الحقوقيين والسياسيين الذين يأملون وضع نهاية لهذا الملف الذي يوصف بـ«الشائك».
وشارك في إعداد هذه التوصيات برلمانيون وأعضاء من مجلس الأمناء، وعدد من الشخصيات السياسية، وحقوقيون وشخصيات عامة، وممثلون من لجنة العفو الرئاسي.
وحسب بيان مجلس أمناء «الحوار الوطني»، مساء الاثنين؛ بلغ إجمالي التوصيات التي تم رفعها للسيسي 24 توصية، تم التوافق بشكل كامل على 20 منها، وهناك 4 توصيات تضمنت أكثر من رأي لآلية تنفيذها.
وتتناول التوصيات عدداً من الموضوعات المتعلقة بـ«الحبس الاحتياطي»، منها «مدته، وبدائله، والموقف في حال تعدد الجرائم وتعاصرها، والتعويض عن الحبس الخاطئ، وكذلك التدابير المصاحبة لـ(الحبس الاحتياطي)».
في غضون ذلك، بدأت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب (البرلمان)، الثلاثاء، مناقشة مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» الذي جرت مناقشات عامة لمسودته الأولية داخل المجلس السبت الماضي، بمشاركة قطاعات واسعة من الخبراء والمعنيين بالقضية، ورؤساء الأحزاب والحقوقيين والشخصيات العامة.
وأثار التزامن بين توصيات «الحوار الوطني» بشأن «الحبس الاحتياطي» ومناقشة البرلمان مشروع قانون «الإجراءات الجنائية»، تساؤلات حول مدى التشابه والاختلاف بين مشروع القانون والتوصيات.
وأكد عضو اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، سليمان وهدان، أنه لا يوجد تعارض بين الاثنين، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التوصيات التي خرجت من (الحوار الوطني) تسير في الاتجاه نفسه لمشروع قانون (الإجراءات الجنائية) الذي يناقشه البرلمان، وإن الاثنين (التوصيات ومشروع القانون) ثمرة نقاشات وحوار مجتمعي».
وبشأن المسار البرلماني المرتقب، أوضح وهدان أن «اللجنة التشريعية والدستورية بدأت اليوم أولى جلساتها لمناقشة مشروع قانون (الإجراءات الجنائية) الذي يتضمن أكثر من 500 مادة، وستستمر المناقشات 4 أو 5 جلسات أخرى، وسيتم وضع الصياغة النهائية؛ سواء بالحذف أو الإضافة أو التعديل، انطلاقاً من النقاشات التي جرت بالبرلمان السبت الماضي، والملاحظات التي أبداها المشاركون».
وأكد عضو مجلس أمناء «الحوار الوطني» المحامي الحقوقي نجاد البرعي، أن «مشروع قانون (الإجراءات الجنائية) الذي يناقشه البرلمان لن يحل مشكلة (الحبس الاحتياطي)، ولا يتشابه مع توصيات (الحوار الوطني)».
وأضاف البرعي الذي شارك في نقاشات البرلمان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «مشروع قانون (الإجراءات الجنائية) الذي يناقشه البرلمان غير كافٍ لحل مشكلة (الحبس الاحتياطي). ومن بين الملاحظات التي تحدثتُ عنها خلال النقاش داخل المجلس، أنه لم يقدم أي جديد سوى تقليص مدة (الحبس الاحتياطي)، ومعظم المواد تم استنساخها من القانون الحالي»، حسب رأيه.
وتضمن مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» الذي يناقشه البرلمان، تخفيض مدد «الحبس الاحتياطي» بواقع 4 أشهر في قضايا الجنح بدلاً من 6 أشهر، و12 شهراً في قضايا الجنايات بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً في القضايا التي تصل عقوبتها للإعدام أو المؤبد بدلاً من 24 شهراً، على ألا تتخطى أطول مدة 24 شهراً.
وأصدر مجلس أمناء «الحوار الوطني» قراراً طوعياً يلزم أعضاء مجلس الأمناء بعدم الإفصاح عن مضمون توصياته الخاصة بقضية «الحبس الاحتياطي» إلى أن يطّلع عليها الرئيس السيسي، ويتخذ بشأنها ما يراه مناسباً؛ وفق البرعي الذي أكد أيضاً أنه «على الرغم من أن مشروع القانون الذي يناقشه البرلمان مختلف؛ فإنه لا يوجد تعارض، ولديّ أمل أن تتم إضافة تعديلات تتضمن توصيات (الحوار الوطني)».
وأشار البرعي أيضاً إلى أنه «لو تم الأخذ بـ70 في المائة فقط من توصيات (الحوار الوطني) فستُحلّ مشكلة (الحبس الاحتياطي) نهائياً، وسيكون حلاً مرضياً لكل أطراف القضية».
وتثير قضية «الحبس الاحتياطي» جدلاً واسعاً في المجتمع المصري، ويصفها حقوقيون بـ«الملف الشائك» نظراً لتشعبها. وقال وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، المستشار محمود فوزي، في مداخلة تلفزيونية، مساء الاثنين، إنه «توجد نقطة توازن دقيقة تجب مراعاتها في قضية (الحبس الاحتياطي)، وهي أنه مثلما يتم النداء بحقوق المتهمين وضرورة وضع حد أقصى للحبس، يجب أن نعي أن هناك مجتمعاً له حق في عدالة جنائية وأمن».