«الرئاسي» و«الوحدة» يرفضان قرار «النواب الليبي» إنهاء ولايتهما

مشاورات أممية للتوافق وإنهاء «الجمود السياسي»

صورة أرشيفية لاجتماع الدبيبة مع رئيس مجلس النواب (الوحدة)
صورة أرشيفية لاجتماع الدبيبة مع رئيس مجلس النواب (الوحدة)
TT

«الرئاسي» و«الوحدة» يرفضان قرار «النواب الليبي» إنهاء ولايتهما

صورة أرشيفية لاجتماع الدبيبة مع رئيس مجلس النواب (الوحدة)
صورة أرشيفية لاجتماع الدبيبة مع رئيس مجلس النواب (الوحدة)

تمسك مجلس النواب الليبي بقراره بشأن إنهاء ولاية المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة» المؤقتة، اللذين جادلا في المقابل بعدم صحة القرار، وأكدا استمرارهما في عملهما. بينما كشفت بعثة «الأمم المتحدة» عن مشاورات تجريها حالياً مع القادة الليبيين والأطراف الإقليمية للتوصل إلى توافق لإنهاء ما وصفته الجمود السياسي القائم.

من إحدى جلسات مجلس النواب الليبي (المجلس)

وفي أول تعليق لها على قرار مجلس النواب، أكدت البعثة الأممية، في بيان لها، «حرصها على تيسير عملية سياسية تتحرى الشمول، وتفضي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية ذات مصداقية». وناشدت الأطراف الليبية كافة «تبني الحوار والتوصل إلى حلول وسط، على نحو يصبّ في مصلحة جميع الليبيين»، مشيرة إلى أنها تتابع بقلق ما وصفته بالإجراءات الأحادية الأخيرة من جانب أطراف ومؤسسات ليبية سياسية وفاعلة في شرق البلاد وغربها وجنوبها.

وأشارت إلى «ضرورة التوافق والحوار ووحدة الصف الليبي».

وبينما عدّ مجلس النواب على لسان المتحدث باسمه، عبد الله بليحق، أن بقاء المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة «يشكل عائقاً» أمام إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، عدّت حكومة «الوحدة»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، أن قرار إنهاء ولايتها كسلطة تنفيذية مجرد «بيانات ومواقف صادرة عن طرف سياسي يصارع من أجل تمديد سنوات تمتُّعه بالمزايا والمرتبات لأطول مدة ممكنة، لا عن سلطة تشريعية تمثل كل الأمة الليبية، وترسخ لمبدأ التداول السلمي على السلطة»، وقالت «إن هذه القرارات لن تغير من الواقع شيئاً».

وأعلنت حكومة «الوحدة» أنها تتعامل مع هذه البيانات المتكررة على أنها «رأي سياسي غير ملزم، وشكل من أشكال حرية التعبير لأحد الأطراف السياسية، التي تؤمن بها، وتكفلها لكل الأطراف والمواطنين». مبرزة أنها «تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي الليبي، المضمَّن في الإعلان الدستوري، وتلتزم بمخرجاته، التي نصت على أن تُنهي الحكومة مهامها بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتُنهي المرحلة الانتقالية الطويلة التي عاشتها وعانتها البلاد».

محمد تكالة (إ.ب.أ)

كما اتهمت «الوحدة» عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، بعقد جلسات «غير مكتملة النصاب، ولا تتسم بالنزاهة والشفافية، والتخلي عن الالتزامات تجاه الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري، وتعهداتهم للأطراف السياسية، عبر إعلانهم المتكرر الذي يفيد بسحب الثقة من الحكومة، وتنصيب حكومة موازية ليس لها ولا لحقائبها الشكلية أي أثر ملموس».

خالد المشري (الشرق الأوسط)

بدوره، قال عضو المجلس الرئاسي، موسى الكوني، إن «الجيش في المنطقة الشرقية لا يأتمر بأوامرنا، والغرب مجموعات تحكمها جهويات»، وخلص إلى «أننا حوّلنا ليبيا إلى أمراء طوائف، وكلما اقتربنا من الوصول إلى حالة من الاستقرار، نجد طرفاً معيناً يجرنا إلى الوراء». متهماً مجلس النواب بتعزيز مبدأ التشبث في السلطة، على عكس الأجسام التي سبقته التي سلمت السلطة وأجرت الانتخابات.

من جانبه، رأي عبد الله اللافي، عضو المجلس الرئاسي، في بيان، مساء الثلاثاء، أن أي خطوات تخالف الاتفاق السياسي «هي والعدم سواء»، لافتاً إلى أن «(الرئاسي) جاء وفق اتفاق بين الأطراف المحلية والدولية، وقرار إنشائه تم بتأييد مجلس الأمن لمخرجات مؤتمر برلين». وطالب البعثة الأممية بضرورة بذل مزيد من الجهود لإقناع الأطراف بسرعة الالتقاء لمناقشة القضايا السياسية الملحة، التي باتت تهدد بانجرار الأوضاع نحو النزاعات المسلحة، والتي قد تعصف بقرار وقف إطلاق النار.

في المقابل، رحّب المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، بقرار مجلس النواب، بشأن صفة وصلاحيات القائد الأعلى، التي يملكها باعتباره صاحب الشرعية الدستورية، والجسم السياسي الوحيد المُنتخب من قبل الشعب. وشدّد على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي يتطلع إليها أبناء الشعب الليبي، وصولاً إلى مرحلة الاستقرار الدائم.

المشير خليفة حفتر رحّب بقرار مجلس النواب (رويترز)

من جانبها، استغلت حكومة «الاستقرار» برئاسة أسامة حماد هذه التطورات، لاعتبار قرار مجلس النواب بمثابة تجديد الثقة الممنوحة لها، ودعت السلطات القضائية والرقابية إلى تنفيذه، كما طالبت الدول والمنظمات الإقليمية والدولية بدعم مؤسسات الشرعية المنتخبة.

في المقابل، أعلن محمد تكالة، الرئيس السابق لمجلس الدولة، رفضه قرار مجلس النواب بشأن انتهاء مدة ولاية حكومة الدبيبة، وعدّ في رسالة وجّهها إلى رئيس مجلس النواب أن تعيينه لنفسه قائداً أعلى للجيش «انقلاب على الشرعية الدولية»، وقال إن ما تم من إجراءات وقرارات «مخالف للإعلان الدستوري وتعديلاته والاتفاق السياسي».

في سياق متصل، أعلنت مصادر محلية التوصل لاتفاق بين تكالة وخالد المشري، المتنازعين على رئاسة مجلس الدولة، نصّ على أن تتولى لجنة مؤقتة المنصب، إلى حين صدور حكم المحكمة العليا للفصل في نزاعهما القانوني حول الانتخابات الأخيرة على منصب الرئيس، مشيرة إلى أن الاتفاق يتضمن التهدئة، والتوقف عن إصدار البيانات، وانتظار حكم المحكمة أو جولة ثالثة، وإلغاء انتخاب باقي أعضاء مجلس الرئاسة.

في غضون ذلك، قالت ستيفاني خوري، القائمة بأعمال البعثة الأممية، إنها تحدثت على مدى اليومين الماضيين مع المشري وتكالة بشأن الخلاف بينهما، مشيرة إلى أنها أكدت «الحاجة إلى حلٍ للحفاظ على وحدة مجلس الدولة، ومنع أي انقسامات أخرى في المؤسسات في ليبيا».

وكان الصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي، أعلن في بيان مساء الثلاثاء أنه ناقش هاتفياً مع خوري ما وصفه بالتهديدات المتزايدة التي تطول أمن وسلامة المصرف وموظفيه وأنظمته، وضرورة الحفاظ على استقراره واستمرار قيامه بدوره الهام في المحافظة على الاستدامة المالية للدولة.


مقالات ذات صلة

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

شمال افريقيا الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

عضو مجلس النواب الليبي جبريل أوحيدة لـ«الشرق الأوسط» تعليقاً على تقرير ديوان المحاسبة: «ما نتوقعه من فساد وهدر للمال العام أكبر مما ورد بتقرير ديوان المحاسبة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)

رئيس «النواب» يُشدد من روما على «حاجة ليبيا لحكومة موحدة»

دافع عقيلة صالح عن مجلسه خلال زيارته إلى روما، وقال إن «الجمود في العملية السياسية ليس بسبب البرلمان؛ بل نتيجة القوة القاهرة التي ذكرتها مفوضية الانتخابات».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة بمقر وزارة الدفاع التركية (وزارة الدفاع التركية)

تركيا: هدفنا النهائي ليبيا موحدة

أكدت تركيا أنها ستواصل تقديم جميع أنواع الدعم والإسهام في تطوير الأنشطة المشتركة مع ليبيا، وأن هدفها النهائي «ليبيا موحدة» تعمل جميع مؤسساتها معاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا مسؤولون ليبيون خلال عملية إنقاذ عدد من المهاجرين بعد تعطل مركبهم أثناء محاولتهم الهجرة السرية نحو أوروبا (الشرق الأوسط)

شبح «توطين المهاجرين» في ليبيا يستحضر نظام «الكفيل الخاص»

إلى جانب المخاطر الدستورية المحتملة، يخشى مراقبون من تهديدات «التوطين» للأمن القومي في ليبيا؛ إذ قد ينذر «باختراقات أمنية خطيرة وارتفاع معدلات الجريمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع الوفد الأممي مع القيادات المحلية في سبها جنوب ليبيا (البعثة الأممية)

خوري: حان الوقت ليمسك الليبيون بزمام أمورهم

ناقش وفد أممي بقيادة خوري، خلال زيارته مدينة سبها بجنوب ليبيا مع كبار المسؤولين العسكريين، تحسن الوضع الأمني في الجنوب وتحديات أمن الحدود.

جمال جوهر (القاهرة)

مصر تتابع التحقيقات في مقتل أحد مواطنيها بإيطاليا

مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

مصر تتابع التحقيقات في مقتل أحد مواطنيها بإيطاليا

مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)

تتابع مصر التحقيقات التي تجريها السلطات الإيطالية في ميلانو حول ملابسات واقعة مقتل شاب مصري (19 عاماً). ووفق إفادة لوزارة الخارجية والهجرة المصرية، الجمعة، وجه وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي القنصلية المصرية في ميلانو بمتابعة إجراءات وسير التحقيقات مع السلطات الإيطالية، والوقوف على تقرير جهات الاختصاص لمعرفة ملابسات واقعة الوفاة، فور الانتهاء من التحقيقات.

وبحسب صحيفة «كوري ديلا سيرا» الإيطالية، فإن الحادث وقع بمنطقة «كورفيتو»، والشاب المصري سقط خلال وجوده على دراجة نارية «سكوتر» يقودها شاب تونسي، في أثناء محاولتهما الفرار من ملاحقة الشرطة «بسبب سير الشابين عكس الاتجاه بالطريق». وأوضحت الصحيفة أن المدعي العام فتح تحقيقاً في الحادث، بينما جرى توقيف الشاب التونسي قائد الدراجة النارية للتحقيق معه.

وتصدرت إيطاليا المرتبة الأولى من حيث استقبال المهاجرين المصريين في 2023 بحسب بيانات «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء»، فيما تقدر أعداد الجالية المصرية في إيطاليا بأكثر من 650 ألف مصري، بوصفها أكبر جالية مصرية في أوروبا التي يوجد فيها 1.5 مليون مصري على الأقل، وفق تقديرات شبه رسمية.

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأوروبية، السفير جمال بيومي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مثل هذه الحوادث يصاحبها تحرك عاجل من القنصلية المصرية لمتابعة سير التحقيقات ونتائجها. وأضاف أن التعامل في التحقيقات يجري وفق قوانين الدولة التي وقع فيها الحادث، ويكون هناك تواصل بين مسؤول القنصلية وعائلة الضحية باستمرار مع تمكينهم من الاطلاع على ما يسمح به من معلومات حول القضية، مشيراً إلى "ضرورة عدم استباق نتائج التحقيقات حول ملابسات الواقعة.

وبحسب وسائل إعلام إيطالية فإن والد الشاب المصري يقيم في إيطاليا منذ 11 عاماً، ويتعاون مع السلطات الإيطالية في التحقيقات، وسبق أن طالب بـ«الكشف عن ملابسات وفاة نجله بناء على التحقيقات التي تجرى مع الشاب التونسي الموقوف، وأحد قوات الشرطة».

وتداول مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الماضية، مقاطع فيديو، قالوا: «إنها لأعمال شغب في ميلانو ضد الشرطة على خلفية مقتل الشاب المصري»، فيما نفى والد الشاب المصري «علاقة الأسرة بهذه الأعمال»، وفق تقارير إعلامية.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق قال: «إن مثل هذه الحوادث لا تؤثر عادة على العلاقات الدبلوماسية، خصوصاً حال التأكد من عدم وجود تعمد في الواقعة»، لافتاً إلى أنه حال «ارتكاب الضحية خطأ»، فإن القنصلية المصرية «لا يمكنها سوى محاولة العمل على إنهاء الإجراءات بأسرع وقت».