هل تحاول سلطات طرابلس الإطاحة بمحافظ «مصرف ليبيا» المركزي؟

المبعوث الأميركي حذر من محاولة استبدال قيادات الجهاز بالقوة

لقاء سابق جمع الكبير بالمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا (المصرف المركزي)
لقاء سابق جمع الكبير بالمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا (المصرف المركزي)
TT

هل تحاول سلطات طرابلس الإطاحة بمحافظ «مصرف ليبيا» المركزي؟

لقاء سابق جمع الكبير بالمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا (المصرف المركزي)
لقاء سابق جمع الكبير بالمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا (المصرف المركزي)

بينما اشتكي محافظ ليبيا المركزي، الصديق الكبير، للمبعوث الأميركي الخاص إلى البلاد، ريتشارد نورلاند، من تعرض مؤسسته لتهديدات مسلحة منتصف الأسبوع، أفادت تقارير غير رسمية بوجود سعي من المجلس الرئاسي بإقالة الأول من منصبه، دون تأكيد أو نفي رسمي.

الصديق الكبير برفقة المبعوث الأميركي الخاص إلى البلاد ريتشارد نورلاند (البعثة)

وتلقي الأوضاع الملتبسة والمتوترة في ليبيا بظلالها على جميع الأنحاء بالبلاد، وتطول غالبية المؤسسات، في تعميق للانقسام والتشظي، مما يعوق تحول البلاد إلى مرحلة الاستقرار المنتظرة.

وفي اللقاء الأخير الذي جمعهما، أمس (الاثنين)، ناقش الكبير مع المبعوث الأميركي التطورات الأخيرة بشأن المصرف المركزي، و«التهديدات المتزايدة التي تطول أمن الجهاز وسلامة موظفيه وأنظمته».

واتسعت دائرة التجاذبات منذ فبراير (شباط) الماضي بين الكبير ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، بشأن «الأزمة الاقتصادية» في ليبيا، قبل أن ينهي 8 سنوات من الود بالانضمام إلى جبهة مجلس النواب.

الكبير اتهم حكومة الدبيبة بـ«التوسع في الإنفاق العام» (الوحدة)

وسبق أن اتهم الكبير حكومة الدبيبة بـ«التوسع في الإنفاق العام، وخصوصاً الاستهلاكي، إلى جانب صرف المنح والإعانات»، مشيراً إلى أن الدبيبة قدّم للشعب «صورة وردية للاقتصاد الليبي، بما يعد تضليلاً للرأي العام».

ويربط سياسيون ليبيون بين مصير حكومة «الوحدة» والمجلس الرئاسي، لكونهما تسلما السلطة وفق «اتفاق سياسي واحد»، وفيما يشيرون إلى أن «وحدة المصير» باتت تدفع الأخير إلى تبني مواقف مدافعة عن «الوحدة»، نفى المجلس الرئاسي ذلك، وقال إنه يتحرك وفق السلطات الممنوحة له.

المحلل السياسي أحمد أبو عرقوب يرى أن المنفي دخل على خط الأزمة بكل ثقله لإقالة محافظ المصرف (رويترز)

ويرى المحلل السياسي، أحمد أبو عرقوب، أن المنفي «دخل على خط الأزمة بكل ثقله في محاولة لإقالة محافظ المصرف، الذي يسعى بدوره للإطاحة بحكومة الوحدة المنتهية الولاية»، وقال إن مصير المجلس الرئاسي «مرتبط بحكومة الوحدة».

وأوضح أبو عرقوب في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أنه «لا يمكن فصل ما يجري من أحداث عن نتائج انتخابات المجلس الأعلى للدولة، التي فاز فيها خالد المشري على محمد تكالة؛ كما لا يمكن إغفال دور الدبيبة في التخطيط للإطاحة بالمحافظ».

وفي خضم معركة «إقصاء الخصوم»، التي تشهدها ليبيا منذ عقد مضى، قال المبعوث الأميركي مساء الاثنين إنه التقى محافظ المصرف المركزي لمناقشة ما سماه «التحركات المقلقة للجماعات المسلحة حول مقر المصرف».

وأبرز نورلاند أن ظهور مجموعة جديدة من المواجهات بين الجماعات المسلحة في الأيام الأخيرة «يبرز المخاطر المستمرة الناتجة عن الجمود السياسي في ليبيا»، وعدّ «التهديدات لأمن موظفي المصرف المركزي وعملياته غير مقبولة».

كما شدد نورلاند على «وجوب حماية نزاهة مصرف ليبيا المركزي، مثله مثل المؤسسات السيادية الأخرى في ليبيا»، محذراً من أن «تؤدي محاولة استبدال قيادة المصرف بالقوة إلى فقدان ليبيا الوصول إلى الأسواق المالية الدولية».

مشيراً إلى أن «النزاعات حول توزيع ثروات ليبيا يجب أن تُحل من خلال مفاوضات شفافة وشاملة نحو تحقيق ميزانية موحدة تعتمد على التوافق».

وبات الكبير، الذي سبق أن أقاله مجلس النواب بشرق ليبيا عام 2014، يتمتع بعلاقات دولية قوية ومتنوعة تقيه شر التغيرات السياسية التي تشهدها بلاده المبنية على الجهوية.

وفي نهاية اللقاء الذي جمع الكبير بنورلاند، أكّد الأخير «دعم بلاده الكامل» لمصرف ليبيا المركزي تجاه «تلك التهديدات»، والمحافظة على استقرار المصرف «من أجل القيام بالدور المنوط به على أكمل وجه».

وتتنازع حكومتان على السلطة في ليبيا: الأولى برئاسة الدبيبة المتمركزة بالعاصمة، والثانية حكومة «الاستقرار» المكلفة من مجلس النواب، وتدير المنطقة الشرقية، ويرأسها أسامة حمّاد.

وسبق أن ناقش المبعوث الأميركي مع محافظ المصرف المركزي «الحاجة الضرورية إلى اتفاق قائم على التوافق، بشأن موازنة موحدة بين شرق ليبيا وغربها». ويرى المبعوث الأميركي أن هذا التوافق على الموازنة ضروري «للحد من الإنفاق، وضمان الشفافية والمساءلة، والسماح بسياسة نقدية ومالية متماسكة.

وكان مجلس النواب قد وافق الشهر الماضي على أكبر موازنة في تاريخ ليبيا، مفجراً خلافاً جديداً في أفرقاء الأزمة السياسية.

وتقدر الموازنة المثيرة للجدل بنحو 179 مليار دينار، (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية)، بعدما أضاف إليها المجلس مخصصات تقارب 89 مليار دينار، تخصص للفترة المتبقية من العام الحالي.


مقالات ذات صلة

دعوات حقوقية لكشف مصير دبلوماسي ليبي اختفى في بنغازي

شمال افريقيا الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق (حسابات مقربة من الدبلوماسي)

دعوات حقوقية لكشف مصير دبلوماسي ليبي اختفى في بنغازي

دخلت السفارة الليبية في العاصمة الأردنية عمّان على خط أزمة الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق، الذي اختفى في بنغازي، قبل أسبوع، وسط دعوات بكشف مصيره.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة ديكارلو متحدثة وتجاورها خوري في لقاء بممثلين من المجتمع المدني الليبي (البعثة الأممية)

خيبة أمل لفشل مفاوضات حل أزمة «المركزي» في ليبيا

انتهت مشاورات أجرتها أطراف أزمة «المركزي» الليبي دون حل نهائي، لكنها أثمرت الاتفاق على مواصلة «توسيع المشاورات»، إثر ذلك عبرت البعثة الأممية عن «أسفها».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)

«داخلية» الدبيبة تواصل إبعاد الميليشيات عن المقار الحكومية

وفق اتفاق بين حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة وكبار التشكيلات المسلحة بطرابلس، تواصل السلطات الأمنية الرسمية تسلم المقار الحكومية وإبعاد الميليشيات عنها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا روزماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارتها إلى ليبيا (البعثة الأممية)

الأمم المتحدة تحض الليبيين على إجراء انتخابات لإنهاء «الانسداد السياسي»

عدّت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة إجراء انتخابات في ليبيا «تتحرى المصداقية والشمول» «السبيل الأوحد» الكفيل بإنهاء الانسداد السياسي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع عقيلة صالح مع ديكارلو (مجلس النواب)

​البعثة الأممية تستأنف وساطتها لحل أزمة «المركزي» الليبي

اجتمع ممثلو مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» والمجلس الرئاسي في ليبيا مساء الأربعاء بالعاصمة طرابلس برعاية بعثة الأمم المتحدة.

خالد محمود (القاهرة )

وقائع انهيار بنايات في القاهرة تُثير تساؤلات

عناصر من «الحماية المدنية» في موقع انهيار أحد العقارات بمصر (أرشيفية - أب)
عناصر من «الحماية المدنية» في موقع انهيار أحد العقارات بمصر (أرشيفية - أب)
TT

وقائع انهيار بنايات في القاهرة تُثير تساؤلات

عناصر من «الحماية المدنية» في موقع انهيار أحد العقارات بمصر (أرشيفية - أب)
عناصر من «الحماية المدنية» في موقع انهيار أحد العقارات بمصر (أرشيفية - أب)

جددت وقائع انهيار بنايات في القاهرة تساؤلات بشأن أسباب تكرار هذه الحوادث خلال فترة زمنية قصيرة، خصوصاً عقب حادثي انهيار بنايتين خلال أسبوع، ما أسفر عن وقوع قتلى ومصابين.

وانهار عقار في ضاحية شبرا، وسط القاهرة، صباح الجمعة، مما تسبب في وفاة شقيقتين وطفلة، بعد أيام من وفاة شخص وإصابة 3 آخرين في واقعة انهيار عقار بمنطقة حلمية الزيتون (شرق القاهرة). وسبق ذلك انهيار عقار ثالث في منطقة «أرض الغولف» (شرق القاهرة) مطلع الشهر الحالي ما تسبب في مقتل اثنين وإصابة 5.

«تكرار حوادث انهيار البنايات لعدم اتباع الإجراءات اللازمة للحفاظ على المباني»، يأتي حسب رئيس «الجمعية المصرية للتخطيط العمراني»، الدكتور محمود غيث، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض المباني القديمة بحاجة للتأكد من سلامتها الإنشائية قبل الشروع في تنفيذ أي إصلاحات بها أو تغيير الأساسات»، مشيراً إلى أن «الجزء الأكبر من أسباب الانهيار يرجع إلى عدم اتباع الإجراءات العلمية عند التعامل مع إزالة المباني المجاورة، أو حتى إصلاح الأعمدة الموجودة في العقارات». وأضاف غيث أن الشروع في تعديل أو هدم أي بناية يتطلب إجراءات هندسية، وحساب نسبة المياه الجوفية في الأرض، وملوحة التربة، وغيرها من الإجراءات التي «لا يتم عادة التدقيق بشأنها والتعامل معها بشكل علمي»، مشيراً إلى «وجود مشكلة أخرى مرتبطة بطريقة التعامل مع المباني الآيلة للسقوط وعدم إخلائها من السكان».

وقدمت عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة إيرين سعد، سؤالاً برلمانياً، الشهر الماضي، حول تكرار وقائع انهيار العقارات. وطالبت بتوضيح نتائج الدراسات وحصر العقارات المهددة على مستوى ربوع البلاد من أجل «البحث عن حلول بديلة تساهم في معالجة أزمة العقارات الآيلة للسقوط». واستندت سعد إلى بيانات التعداد الرسمي للمنشآت الصادر عام 2017 عن «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء»، الذي رصد «وجود أكثر من 97 ألف عقار بالمحافظات المصرية لم تتخذ قرارات بشأنها».

في حين قال مدير «إدارة الحماية المدنية» الأسبق بالجيزة، اللواء حاتم توفيق، لـ«الشرق الأوسط»، إن غالبية العقارات التي تنهار بشكل مفاجئ يكون السبب «تصدعات ظهرت مسبقاً أو أعمال إنشائية جرت في العقار أو العقارات الملاصقة له مما أثر على العقار». وأضاف أن «هناك عقارات قديمة يرفض سكانها تركها خوفاً من فقدان منازلهم».

وخلال دور الانعقاد البرلماني الماضي، قدم عضو مجلس النواب المصري، النائب محمود عصام، مشروعاً بقانون يهدف إلى إنشاء صندوق يتولى «الإشراف على أعمال الصيانة والترميم للمنشآت، ويتولى الإقراض لتلك الأعمال، وتوفير مساكن بديلة للمساكن الآيلة للسقوط»، وهو المشروع الذي أحيل للجان النوعية من أجل دراسته.

وأشار مدير «إدارة الحماية المدنية» الأسبق بالجيزة إلى «ضرورة تسريع وتيرة التعامل مع المخالفات التي تحدث في بعض العقارات، التي لا تكون رادعة في كثير من الأوقات، خصوصاً عندما يتعلق بالأمر بالإنشاءات الداخلية»، لافتاً إلى أن تعدد الجهات التي يجب اللجوء إليها من أجل الاعمال الإنشائية «أمر يزيد من صعوبة الموضوع».

وهنا أكد رئيس «الجمعية المصرية للتخطيط العمراني» ضرورة تطبيق «معايير صارمة في التعامل مع العقارات، سواء عند البناء أو الهدم، أو إدخال أي تعديلات هندسية، الأمر الذي يتطلب تفعيل اللجان الموجودة في الأحياء المختلفة وعدم الاكتفاء بكتابة تقارير من دون متابعة على أرض الواقع»، لافتاً إلى أن «غالبية الأبنية المنهارة في الفترة الأخيرة تعود لأواخر السبعينات وبداية الثمانينات، ولم تخضع لأي إجراء يضمن التأكد من سلامتها قبل الشروع في إنشاءات بجوارها أو بداخلها».