أي مصير ينتظر «الدولة» الليبي في ظل تواصل الخلاف على رئاسته؟

وسط تحذير من تعميق الانقسام بين مؤيدي تكالة والمشري

ليبيون يتساءلون عن مصير المجلس الأعلى للدولة في ظل استمرار الخلاف على رئاسته (المجلس)
ليبيون يتساءلون عن مصير المجلس الأعلى للدولة في ظل استمرار الخلاف على رئاسته (المجلس)
TT

أي مصير ينتظر «الدولة» الليبي في ظل تواصل الخلاف على رئاسته؟

ليبيون يتساءلون عن مصير المجلس الأعلى للدولة في ظل استمرار الخلاف على رئاسته (المجلس)
ليبيون يتساءلون عن مصير المجلس الأعلى للدولة في ظل استمرار الخلاف على رئاسته (المجلس)

في مقطع مصور من داخل مقر المجلس الأعلى للدولة الليبي، أعلن خالد المشري مباشرة مهامه بوصفه رئيساً له، داعياً خصمه الرئيس السابق للمجلس محمد تكالة إلى اللجوء للقضاء لإبداء اعتراضه على نتيجة انتخابات رئاسة هذا المجلس، مؤكداً أنه «سيلتزم بأحكام القانون».

وتوالت ردود الفعل حول خطوة المشري وكلمته، حيث عدّها مؤيدون له «دفاعاً عن صحة موقفه وشرعية فوزه» برئاسة المجلس الأعلى للدولة في الانتخابات، التي جرت في السادس من الشهر الحالي، في حين رأى معارضون له أنه إجراء «استقوائي»، وسط تحذيرات من تعميق فجوة الخلاف والانقسام.

تكالة والمشري خلال الانتخابات السابقة على رئاسة المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وتوقع عضو «الأعلى للدولة»، أبو القاسم قزيط، «انتهاء الخلاف قريباً على رئاسة المجلس»، وقال إن بعض أعضاء المجلس «معترضون على النتيجة؛ وقد يقاطعون حضور الجلسات لفترة ما، لكن سيلتئم صفّه مجدداً»، مشيراً إلى أن النتيجة «كانت واضحة بشكل جلي، ولم يكن الأمر يحتاج حتى لرأي اللجنة القانونية به».

وكانت الانتخابات الدورية لرئاسة المجلس الأعلى للدولة قد شهدت حالة من الجدل، بسبب وجود ورقة انتخابية خلال جولة التصويت الثانية التي جرت بين المشري وتكالة، كتب عليها اسم الأخير من الخلف، مما عُدّ «مخالفة لقانون انتخاب رئيس المجلس».

محمد تكالة (إ.ب.أ)

وأعلنت اللجنة القانونية بالمجلس فوز المشري بـ69 صوتاً، مقابل 68 صوتاً لتكالة، الذي طالب ومؤيدوه بإحالة الأمر للقضاء، أو تحديد جولة إعادة جديدة.

واتهم قزيط كتلة من المعارضين للمشري بـ«العمل على إفشال وإنهاء وجود المجلس»، وقال بهذا الخصوص: «توجد مجموعة منهم لا تتردد في السعي لإنهاء دور المجلس إذا لم يستمر تكالة في رئاسته، نظراً لتقاربه مع حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة».

ومنذ مارس (آذار) 2022، تتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى هي «الوحدة» ومقرها طرابلس، والأخرى مكلفة من البرلمان، ويرأسها أسامة حماد وتوجد في بنغازي.

واستبعد قزيط ما ردده البعض حول احتمال أن يؤدي الخلاف حول نتائج انتخابات رئاسة مجلس الدولة إلى انقسامه، خاصة إذا ما تشبث المشري وتكالة بموقفهما، متوقعاً عودة المجلس لممارسة دوره السياسي قريباً، مع استمرار وجود تباين ومعارضة بين آراء أعضائه. وأبرز قزيط أنه في حال صدور حكم قضائي نهائي لصالح تكالة، أو بإعادة الانتخابات، فسوف يلتزم الجميع بذلك.

خالد المشري (الشرق الأوسط)

ورغم تعود الليبيين على تشبث أي مسؤول بموقعه، يرى مراقبون أن هناك معطيات عمّقت الخلاف حول رئاسة المجلس، من بينها اتهام تكالة بالحرص على بقاء حكومة الدبيبة، واتهام آخرين للمشري بالتقارب مع البرلمان، ودعم توجهاته بتشكيل «حكومة جديدة».

ومما زاد من تعقيد الأزمة اتهام تكالة لغريمه المشري باقتحام مقر المجلس فجر الاثنين الماضي، وعدّ ذلك «محاولة لفرض أمر واقع بمنطق البلطجة»، على حد قوله، كما انضمت عضو المجلس، أمينة المحجوب، للمنددين بالإجراء المنسوب للمشري.

وأوضحت المحجوب لـ«الشرق الأوسط» أنها صوّتت رفقة آخرين لصالح تكالة باللجوء إلى القضاء للفصل في هذا النزاع. ورأت أن سيطرة المشري على المقر، ورفضه انتظار القضاء للفصل في الأمر، واقتراح البعض إعادة الانتخابات، «دليل على عدم ثقته بالفوز».

واستبعدت المحجوب تمكن المشري من عقد أي جلسات للمجلس لاستكمال انتخاب مكتب الرئاسة، وقالت بهذا الخصوص إنه «لا بد من توفر نصاب كامل، أي نحو 72 عضواً، في حين أن عدد مَن صوّت له 69 عضواً فقط».

بدروه، ورغم توقعه استمرار الخلاف على رئاسة «الأعلى للدولة» لبعض الوقت، يشير المتحدث السابق باسم المجلس الرئاسي الليبي، محمد السلاك، إلى وجود نقاط ترجح «إمكانية أن يحسم المشري النزاع لصالحه».

وقال السلاك لـ«الشرق الأوسط» إن المشري «تمكن من دخول المقر، وسيطر على حسابات المجلس على منصات التواصل الاجتماعي؛ وقد يؤدي هذا التصرف لاستقطاب أعضاء حتى من معارضيه، خاصة أن غالبيتهم يدركون أن انقسام (الأعلى للدولة) لمجلسين يعني انتهاء دوره».

وتوقع السلاك أن يدفع قرار البرلمان بإنهاء ولاية المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة أعضاء المجلس الأعلى للدولة لـ«التمسك بوحدة مجلسهم، وإبعاده عن أي تجاذبات تقود لانقسامه»، مشيراً إلى أن المؤيدين لتكالة «يخشون انفراد البرلمان بإصدار القرارات السياسية المهمة، من دون معارض إذا ما انهار مجلسهم، ولذا سيقبلون بالعودة لصفوفه ولو تحت رئاسة المشري؛ مع استمرار معارضتهم لأي قرار يرون أنه يمس صلاحيات مجلسهم».

ويشترط الاتفاق السياسي، الموقع في مدينة الصخيرات المغربية نهاية عام 2015، ضرورة توافق مجلسي النواب والدولة على القوانين المتعلقة بالدستور، وإجراء الانتخابات العامة، وأي تشريعات ذات صلة بهما.


مقالات ذات صلة

«النواب» الليبي يعلن «منفرداً» إنهاء ولاية «الرئاسي» و«الوحدة»

شمال افريقيا صورة من جلسة مجلس النواب في بنغازي (المجلس)

«النواب» الليبي يعلن «منفرداً» إنهاء ولاية «الرئاسي» و«الوحدة»

أعلن مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح أنه طوى رسمياً وفي خطوة منفردة صفحة المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة» المؤقتة ومن شأن ذلك إثارة مزيد من التوتر

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق جمع الكبير بالمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا (المصرف المركزي)

هل تحاول سلطات طرابلس الإطاحة بمحافظ «مصرف ليبيا» المركزي؟

بينما اشتكي محافظ ليبيا المركزي الصديق الكبير من تعرض مؤسسته لتهديدات مسلحة، أفادت تقارير غير رسمية، بوجود سعي لإقالة الأول من منصبه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من مياه الأمطار التي غمرت الكفرة في جنوب شرقي ليبيا (قناة «الحدث» المحلية)

استنفار في ليبيا لاحتواء آثار سيول الكفرة

ضربت أمطار غزيرة تحولت إلى سيول جارفة الكفرة في شرق ليبيا، واجتاحت مستشفى «الشهيد عطية الكاسح» بالمدينة، كما تضررت بعض المنازل، وانقطعت الكهرباء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري جانب من المشروع التعبوي (درع الكرامة) 2024 الذي سبق ونظمه الجيش «الوطني الليبي» في بنغازي (القيادة العامة)

تحليل إخباري ​ليبيا: هل تُغير «حرب النفوذ» الخريطة العسكرية والسياسية؟

مسؤول سابق: التغيرات السريعة في المواقف توحي بأن هناك اتفاقاً ما لتغيير كامل الخريطة العسكرية والسياسية الليبية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صالح مستقبلاً في لقاء سابق أسامة حماد (مكتب صالح)

ليبيا: صالح ينتقد «التصرفات غير المسؤولة» لحكومة «الوحدة» ضد مصر

استنكر عقيلة صالح، رئيس البرلمان الليبي، ما وصفه بـ«التصرفات غير المسؤولة» من حكومة الدبيبة إزاء مصر.

خالد محمود (القاهرة)

القاهرة تعزّز دعمها لمقديشو ببروتوكول عسكري «محوري»

السيسي يستقبل شيخ محمود في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل شيخ محمود في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

القاهرة تعزّز دعمها لمقديشو ببروتوكول عسكري «محوري»

السيسي يستقبل شيخ محمود في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل شيخ محمود في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وقّعت مصر والصومال، الأربعاء، بروتوكول تعاون عسكري، وصفه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بـ«المحوري»، بينما عَدَّه خبراء «تعزيزاً للحضور المصري في منطقة القرن الأفريقي»، التي تشهد توترات متنامية، على خلفية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا، بشأن مساعي الأخيرة إقامة ميناء بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وهو ما رفضته حكومة مقديشو.

وجدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، الذي يزور القاهرة لعدة أيام، موقف بلاده «الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، ورفض التدخل في شؤونه».

وتُعدّ هذه هي الزيارة الثانية للرئيس الصومالي إلى القاهرة هذا العام؛ حيث كانت الأولى نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، في أعقاب توقيع الحكومة الإثيوبية مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفَذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدة عسكرية، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة، وهي المذكرة التي قُوبِلت برفض دولي واسع.

وإقليم «أرض الصومال» هو محمية بريطانية سابقة، أعلن استقلاله عام 1991، لكن لم يعترف به المجتمع الدولي.

ووفق بيان للرئاسة المصرية، الأربعاء، فإن السيسي وشيخ محمود عقدا جلسة مباحثات تم خلالها «تأكيد قوة ومتانة العلاقات بين مصر والصومال، والحرص المشترك على تدعيمها على مختلف الأصعدة»، أعقبها مراسم توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين البلدين.

السيسي ونظيره الصومالي يشهدان مراسم التوقيع على بروتوكول التعاون العسكري (الرئاسة المصرية)

وجدّد السيسي خلال اللقاء موقف مصر «الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأي تدخل في شؤونه الداخلية»، كما رحّب بالخطوات المتبادلة بين الدولتين لتعميق التعاون الثنائي، ومن بينها إطلاق خط طيران مباشر بين القاهرة ومقديشو، وافتتاح مقر جديد للسفارة المصرية في مقديشو، فضلاً عن توقيع بروتوكول التعاون العسكري بين الدولتين.

ونقل البيان المصري عن الرئيس الصومالي «تقديره لدعم مصر المتواصل لبلاده على مدار العقود الماضية»، مشدّداً على «حرص الصومال على المزيد من تعزيز الروابط الاقتصادية والأمنية والسياسية مع مصر خلال الفترة المقبلة»، وثمّن دور الهيئات المصرية المختلفة في بناء قدرات الكوادر الصومالية في مختلف المجالات.

كما توافق الرئيسان، حسب البيان، على «تكثيف التشاور والتنسيق خلال الفترة المُقبلة، لمواصلة العمل على إرساء الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي».

وقال الرئيس الصومالي إنه أجرى محادثات مثمرة مع الرئيس السيسي في القاهرة، أدّت إلى «توقيع اتفاقية دفاعية محورية بين الصومال ومصر؛ لتعزيز التعاون الأمني بين البلدين»، وأعرب شيخ محمود، في تدوينة له عبر موقع «إكس»، عن «امتنانه لدعم مصر الثابت لسيادة الصومال وسلامة أراضيه».

وعارضت مصر بقوة توقيع «الاتفاق الإثيوبي» مع «أرض الصومال»، وسبق أن أكّد السيسي أن «بلاده لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو المساس بأمنه».

وفي 21 يوليو (تموز) الماضي صدّقت الحكومة الصومالية على اتفاقية دفاعية تم توقيعها بين البلدين في يناير الماضي، خلال زيارة الرئيس الصومالي لمصر.

ويأتي الإعلان عن توقيع بروتوكول عسكري مصري - صومالي، في وقت تحدّث فيه مصدر دبلوماسي أفريقي لـ«الشرق الأوسط» عن «عرض مصري بإرسال قوات حفظ سلام جديدة؛ لدعم أمن واستقرار الصومال، اعتباراً من العام المقبل، مع نهاية عمل بعثة الاتحاد الأفريقي».

ويرى سفير الصومال بمصر والمندوب الدائم لدى الجامعة العربية، علي عبدي، أن زيارة الرئيس شيخ محمود، «تأتي في توقيت شديد الحساسية، في ظل تحديات إقليمية ودولية غير مسبوقة تتطلّب تعزيز التعاون، والتنسيق مع مصر»، مشيراً في بيان له إلى أن «القاهرة تلعب دوراً محورياً لدعم بلاده في مواجهة التحديات الراهنة».

ويوضح الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن التعاون العسكري مع الصومال «لا يشمل إقامة قواعد عسكرية مصرية هناك»، مشيراً إلى أن «اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري تُعنَى بالتدريب وتبادل المعلومات، والمشاركة في بناء جيش صومالي قوي، لمواجهة خطر التنظيمات الإرهابية والتحديات الأمنية».

وقال فرج لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر تنظر للصومال بوصفها شريكاً استراتيجياً مهماً في تأمين منطقة القرن الأفريقي، ومضيق باب المندب المؤدّي لحركة الملاحة البحرية لقناة السويس»، مؤكداً أن «مصر تدعم توحيد الأراضي الصومالية، واستعادة حكومة مقديشو أرض الصومال».

وتُولِي القاهرة أهميةً كبيرة لتعزيز علاقاتها مع دول القرن الأفريقي، وأكّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال تدشينه خط الطيران المباشر بين القاهرة والصومال وجيبوتي، في يوليو (تموز) الماضي، «اهتمام مصر بتعزيز مستوى العلاقات مع دول القرن الأفريقي، وعلى رأسها الصومال، ورغبتها بالإسهام في دعم الاستقرار بدول المنطقة، لا سيما مع ما تمرّ به من تحديات جسيمة».

وقال نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تدعم الصومال، لمواجهة أي تدخل أجنبي في شؤونه، خصوصاً بعد انتهاك الحكومة الإثيوبية لسيادة الصومال، بإبرام اتفاق مع إقليم أرض الصومال الانفصالي».

والثلاثاء، استضافت العاصمة التركية أنقرة جولة ثانية من مشاورات الوساطة بين الصومال وإثيوبيا؛ لإنهاء الخلاف بين البلدين بشأن أزمة «الميناء البحري»، إلا أن المحادثات انتهت دون التوصل لاتفاق.