مصر تستعد لإعلان تشكيل الحكومة الجديدة خلال أيام

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماع سابق مع مدبولي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماع سابق مع مدبولي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تستعد لإعلان تشكيل الحكومة الجديدة خلال أيام

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماع سابق مع مدبولي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماع سابق مع مدبولي (الرئاسة المصرية)

حالة من الترقب يعيشها المصريون، في انتظار إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، التي كلف الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الوزراء الحالي الدكتور مصطفى مدبولي، بتشكيلها في 3 يونيو (حزيران) الحالي. وأكد مصدر حكومي مصري مطلع «الانتهاء من التشكيل الوزاري وحركة المحافظين في مصر ومراسم أداء اليمين الدستوري خلال أيام»، وفق ما نقلته قناة «إكسترا نيوز» الفضائية المصرية.

وقال المصدر: «ستجري الاستعانة بكفاءات وطنية وخبرات دولية للوصول إلى أفضل تشكيل حكومي يتناسب مع حجم التحديات الحالية»، مشيراً إلى أنه «يجري العمل على إعداد برنامج حكومي شامل للتعامل الفوري مع التحديات الحالية والاستمرار في الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد، وتحسين الخدمات للمواطن».

ووفق توجيهات الرئيس المصري من المنتظر أن «تعمل الحكومة الجديدة على تحقيق عدد من الأهداف على رأسها الحفاظ على محددات الأمن القومي المصري في ضوء التحديات الإقليمية والدولية»، مع «وضع ملف بناء الإنسان المصري على رأس قائمة الأولويات، خصوصاً في مجالات الصحة والتعليم ومواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية».

ومنذ الإعلان عن تكليف مدبولي بتشكيل حكومة جديدة انتشرت تكهنات بشأن الوزراء الباقين والراحلين، وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي قوائم عدة تتضمن أسماءً لـ«مرشحين وزاريين»، جرى نفي أحدها من جانب مصدر حكومي مطّلع.

اجتماع سابق للحكومة المصرية برئاسة مدبولي (مجلس الوزراء)

تغييرات واسعة

قال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة الجديدة ستشهد تغييرات واسعة، ومفاجآت في عدد من الحقائب الوزارية»، رافضاً الكشف عن تفاصيل، مع تأكيده «إتمام إعداد التشكيل الجديد للوزراء والمحافظين، والانتهاء من مقابلة المرشحين للحقائب المختلفة».

ومن المنتظر أن تعمل الحكومة الجديدة على «مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، وبذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، في إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادي للدولة في جميع القطاعات»، وفق بيان للرئاسة المصرية صدر عقب تكليف مدبولي.

وعانت مصر مؤخراً أزمة اقتصادية تفاقمت مع تداعيات جائحة «كورونا»، والحرب الروسية الأوكرانية، ثم الحرب في غزة، ما أدى إلى موجة غلاء تزامنت مع تراجع في قيمة العملة المحلية قبل أن تبدأ الأوضاع بالتحسن مع الإعلان عن صفقات وتمويلات خارجية مثل صفقة «رأس الحكمة»، وزيادة قرض صندوق النقد الدولي.

وأثار التأخر في إعلان التشكيل الحكومي تساؤلات وانتقادات في الشارع المصري. ورجح الخبير بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «يكون التأخر ناجماً عن رفض البعض تولي حقائب وزارية»، مبدياً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «عدم تفاؤله بأن ينطوي التشكيل الحقيقي على تغيير حقيقي في السياسات، وأنه لن يعدو كونه تغييراً في الوجوه».

وفي المقابل، أرجع عضو مجلس الشيوخ المصري الدكتور عبد المنعم سعيد، التأخر إلى «الرغبة في البحث عن شخصيات وكفاءات تلائم السنوات الست المقبلة».

السيسي خلال استقبال مدبولي بداية الشهر الحالي وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة (الرئاسة المصرية)

الاختيارات المطروحة

وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك وجهة نظر متشائمة تُرجع التأخر إلى نوع من الارتباك الناجم عن خلافات في وجهات النظر بين الاختيارات المطروحة وأهداف الحكومة في المرحلة المقبلة، لكنه (سعيد) لا يتفق مع هذا الرأي»، وأوضح أن «التأخر مبشر، ويعطي انطباعاً أن الأمر ليس مجرد تغيير في الوجوه، بل هناك طموح كبير لإيجاد الكفاءات المطلوبة لتشغيل ما جرى إنشاؤه من أصول خلال السنوات العشر الماضية».

وأضاف: «العثور على هذه الكفاءات التي تمتلك مؤهلات سياسية وإدارية ليس بالأمر السهل، ويتطلب وقتاً، إضافة إلى أن البعض قد يرفض الانضمام للحكومة لأسباب عدة».

وأكد سعيد أنه «لو كان الأمر تغييراً في الوجوه والأسماء لجرى إعلان الحكومة في وقت سابق، دون انتظار كل هذه الفترة».

وكُلف مدبولي بتشكيل الحكومة للمرة الأولى في يونيو (حزيران) 2018، خلفاً لشريف إسماعيل، بينما أجرى 4 تعديلات وزارية على حكومته، كان آخرها في 2022، وشملت 13 حقيبة وزارية.

ووفق لائحة مجلس النواب (البرلمان)، فإنه يتعين على رئيس الوزراء المكلف تقديم «برنامج الحكومة» لمجلس النواب خلال 20 يوماً من تاريخ تشكيلها، أو في أول اجتماع لها، إذا كان غير قائم، على أن تعمل اللجان الخاصة المكلفة بدراسة بيان الحكومة خلال 10 أيام، من أجل حصول الحكومة على ثقة أغلبية أعضاء المجلس في غضون 30 يوماً على الأكثر من تاريخ تقديم برنامج الحكومة.

ويأتي نص اللائحة مكملاً للمادة 146 من الدستور التي تنص على «نيل الحكومة ثقة البرلمان خلال 30 يوماً على الأكثر».


مقالات ذات صلة

ترجيحات بإعلان الحكومة المصرية الجديدة في ذكرى 3 يوليو

المشرق العربي السيسي في كلمته بمناسبة ذكرى 30 يونيو (الرئاسة المصرية)

ترجيحات بإعلان الحكومة المصرية الجديدة في ذكرى 3 يوليو

رجّح إعلاميون وبرلمانيون أداء اليمين الدستورية لوزراء الحكومة المصرية الجدد أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، يوم الأربعاء، الموافق الثالث من يوليو (تموز).

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يطالبون بوقف «قطع الكهرباء» خلال إجازة عيد الأضحى (الشرق الأوسط)

مطالب في مصر بوقف «قطع الكهرباء» خلال إجازة عيد الأضحى

عززت إجازة عيد الأضحى التي تمتد لتسعة أيام في مصر وموجة الحر الشديدة مطالبة المصريين الحكومة بوقف خطة «قطع الكهرباء».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يجتمع مع مدبولي (الرئاسة المصرية)

تساؤلات بشأن توقيت إعلان تشكيل الحكومة المصرية الجديدة

حالة ترقب واسعة في مصر لموعد إعلان التعديل الوزاري الجديد، وسط تساؤلات عن توقيت حسمه، بعد أكثر من أسبوع على تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي، الدكتور مصطفى مدبولي

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يجتمع مع مدبولي (الرئاسة المصرية)

أسماء متداولة تلقي بظلالها على مشاورات تشكيل الحكومة المصرية الجديدة

دفعت حالة الترقب للتشكيل الوزاري الجديد في مصر مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي للتكهن بأسماء الوزراء الجدد في حكومة الدكتور مصطفى مدبولي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي السفارة السعودية في القاهرة (حسابها على «فيسبوك»)

السفارة السعودية في القاهرة تطالب رعاياها بتسجيل إقامتهم

طالبت السفارة السعودية في القاهرة رعاياها في مصر بالالتزام بالضوابط التنظيمية للإقامة وذلك عبر تسجيل كل من مضى على إقامته أكثر من 6 أشهر بياناته.

أحمد عدلي (القاهرة)

حرب السودان تعود إلى تدمير الجسور الاستراتيجية في العاصمة

صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
TT

حرب السودان تعود إلى تدمير الجسور الاستراتيجية في العاصمة

صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

تبادل الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» الاتهامات بتدمير جسر رئيسي يربط شمال مدينة أم درمان بشمال مدينة الخرطوم بحري، وهو أحد أهم جسور العاصمة المثلثة التي يقسّمها نهر النيل إلى ثلاث مدن، وهو أيضاً ثالث جسر يُدمَّر في أثناء القتال بين الطرفين المستمر منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023.

وقال الجيش، في بيان، إن «ميليشيا آل دقلو الإرهابية (في إشارة إلى قوات الدعم السريع)، أقدمت، مساء السبت، على تدمير جزء من جسر الحلفايا من الناحية الشرقية، ما ألحق به أضراراً في الهياكل الخرسانية». وأضاف البيان أن ما حدث يُعدّ «استمراراً في عمليات تدمير البنية التحتية وتدمير المنشآت الحيوية، لتغطية فشل (قوات الدعم السريع) في تحقيق أهدافها، ومنع الجيش من أداء واجبه في تطهير الوطن من دنسهم».

من جانبها، اتهمت «قوات الدعم السريع»، في بيان، مَن أطلقت عليها «ميليشيا (قائد الجيش) البرهان وكتائب الحركة الإسلامية المتسترة برداء القوات المسلحة، بتدمير جسر الحلفايا، استمراراً لنهج تدمير المنشآت العامة والخاصة للتغطية على الهزائم المتواصلة التي تلقاها الجيش».

وأضافت أن «الجيش وكتائب الحركة الإسلامية استعانوا بخبراء ومرتزقة أجانب لمساعدتهم على تدمير جسر الحلفايا، لإعاقة هجوم كانت (قوات الدعم السريع) تخطط للقيام به على منطقة وادي سيدنا العسكرية» التابعة للجيش. وعدّت اتهامات الجيش لـ«الدعم السريع» محاولة للتستر على جريمته وإلصاقها بها، واصفة ذلك بأنه «محاولة مكشوفة لصرف الأنظار عن هزائم الجيش المتواصلة».

ويلتقي نهرا النيل الأزرق والنيل الأبيض في وسط العاصمة الخرطوم ليكوّنا نهر النيل، إذ تنقسم العاصمة الخرطوم إلى 3 مدن، وهي: الخرطوم، وأم درمان، وبحري، ويربط العاصمة المثلثة عدد من الجسور، دُمّرت ثلاثة منها حتى الآن، هي: جسر الحلفايا، وجسر شمبات، وجسر خزان جبل الأولياء.

صورة متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي لجسر «شمبات» الذي يربط بين مدينتي أم درمان وبحري بعد تدميره

السيطرة على الجسور

وتسيطر «قوات الدعم السريع» بصورة كاملة على جسري «سوبا» و«المنشية»، اللذين يربطان شرق مدينة الخرطوم بشرق مدينة بحري. كما تسيطر على جسري «المك نمر» و«القوات المسلحة» اللذين يربطان شمال الخرطوم بجنوب بحري، وتسيطر أيضاً على جسر «توتي» الذي يربط وسط العاصمة بجزيرة توتي حيث ملتقى النيلين الأزرق والأبيض وبداية نهر النيل.

وتسيطر «الدعم السريع» أيضاً على جانب من جسر «خزان جبل أولياء» الذي يربط جنوب الخرطوم بجنوب مدينة أم درمان، والذي تعرّض هو الآخر للتدمير، قبل أن تعيد «قوات الدعم السريع» ترميمه باعتباره الجسر الوحيد الذي يربط قواتها بأم درمان وغرب البلاد بالمناطق الشرقية للنيل الأبيض.

ويتقاسم الجيش و«الدعم السريع» السيطرة على جسر «الفتيحاب» الرابط بين أم درمان والخرطوم، إذ يسيطر الجيش عليه من جهة أم درمان، وتسيطر «الدعم السريع» على الجانب الآخر. وينطبق السيناريو نفسه على جسر «النيل الأبيض» الذي يربط المدينتين، في حين خرج جسر «شمبات» الرابط بين بحري وأم درمان من الخدمة بعد تدميره في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتتضارب المعلومات بشأن السيطرة على جسري «كوبر» و«النيل الأزرق». ويتعرّض الآن جسر «الحلفايا»، الذي كان الطرفان يتقاسمان السيطرة عليه شرقاً وغرباً، إلى تدمير واتهامات متبادلة حول الجهة التي تسبّبت في ذلك.

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بين قواته في سنار قبل هجوم «الدعم السريع» عليها (موقع مجلس السيادة في «فيسبوك»)

معركة سنار

ميدانياً، أعلنت «قوات الدعم السريع»، الاثنين، استيلاءها على لواءين عسكريين جديدين قرب مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في وسط السودان، التي سيطرت عليها أول من أمس، في حين تحدثت تقارير عن تمدد القوات شرقاً.

وقالت «قوات الدعم السريع»، في بيان، بثته على صفحتها الرسمية على منصة «إكس»، إنها «حررت اللواء 67 مشاة واللواء 165 مدفعية، التابعين للفرقة 17 في مدينة سنجة»، وبسطت سيطرتها التامة على المنطقة، وتوعدت بالزحف نحو أهداف جديدة، في حين تشهد المدن والقرى في المنطقة نزوح آلاف السكان هرباً من الحرب، إذ نزحوا شرقاً نحو ولاية القضارف على الحدود مع إثيوبيا.

وأشار شهود عيان إلى أن «قوات الدعم السريع» سيطرت كذلك على مدخل جسر النيل الأزرق الرابط بين مدينة سنجة ومناطق شرق ولاية سنار، وسط أنباء عن تمددها شرقاً نحو محلية الدندر في الحدود مع ولاية القضارف. وبثت منصات تابعة لـ«الدعم السريع» عدداً من مقاطع الفيديو أظهرت الوجود الكثيف لقواتها في أنحاء واسعة من مدينة سنجة.

واستولت «قوات الدعم السريع»، السبت، على سنجة، بعد تحريك قواتها من مناطق «جبل موية» عبر الطرق الترابية، وسيطرت على مقر رئاسة الفرقة 17 التابعة للجيش في المدينة، مشيرة إلى أن ذلك يفتح الباب أمامها لـ«تحرير ما تبقى من الوطن من براثن الحركة الإسلامية الإرهابية وكتائبها وقياداتها في القوات المسلحة، الذين أشعلوا هذه الحرب، وتسببوا في كل المآسي التي يعانيها شعبنا».

نازحون هاربون من ولاية سنار (أ.ف.ب)

نزوح الآلاف

وأُصيب المدنيون في ولايتي سنار والنيل الأزرق المجاورة لها بحالة من الرعب أدت إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان. ولا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد النازحين، لكن شهوداً قدروا أن يصل عدد النازحين من مدينة سنجة وحدها إلى ما يقارب 50 ألفاً، بالإضافة إلى الذين نزحوا من القرى المحيطة بها.

وشهدت مدينة سنار، العاصمة التاريخية للولاية، حالات نزوح ضخمة، تحسباً لاستيلاء «قوات الدعم السريع» عليها، على الرغم من العدد الكبير من قوات الجيش التي جرى تجميعها في المدينة للدفاع عنها. ونقل البعض على منصات التواصل الاجتماعي أن مدينة سنار أصبحت شبه خالية من المدنيين، بسبب الخوف من وصول الحرب إلى مدينتهم، خصوصاً بعد استيلاء «قوات الدعم السريع» على مدينة سنجة، عاصمة الولاية. وجرى تداول مقاطع مصورة لأعداد غفيرة من الفارين.