ليبيا: الأزمة تتصاعد حول منصب وزير النفط بحكومة «الوحدة»

عون يشتكي تجاهله ويدعو لتحديد مهامه أو إقالته

محمد عون وزير النفط بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة (الوزارة)
محمد عون وزير النفط بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة (الوزارة)
TT

ليبيا: الأزمة تتصاعد حول منصب وزير النفط بحكومة «الوحدة»

محمد عون وزير النفط بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة (الوزارة)
محمد عون وزير النفط بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة (الوزارة)

بدا أن ملف الصراع على وزارة النفط في حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لم يغلق، في ظل وجود وزيرين يحملان الصفة نفسها، أحدهما بات مقرباً منها، والآخر يبحث عن «مصيره المجهول».

وفي نهاية مارس (آذار) الماضي، كلف الدبيبة، وكيل وزارة النفط والغاز خليفة عبد الصادق، بتسيير مهام الوزارة، عقب إيقاف هيئة الرقابة الإدارية لوزير النفط آنذاك محمد عون.

الدبيبة وبجواره عون وبن قدارة وعادل جمعة وزير شؤون مجلس الوزراء في لقاء سابق (حكومة الوحدة)

وبعد نحو شهرين من الإيقاف، أعلنت وزارة النفط بطرابلس أن عون باشر مهام عمله مرة أخرى، بعد رفع الوقف الاحتياطي، وظهر في صورة بثتها الوزارة وهو يجلس على مكتبه، ويتابع مهام عمله، قائلة إن الوزير «باشر مهامه هذا الصباح»، ما ظنه البعض انتهاء مهمة عبد الصادق.

في تلك الأثناء، خاطبت حكومة «الوحدة» الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، بأن عبد الصادق، هو وزير النفط بها، بدلاً من عون، لكن الأخير ظل يمارس مهامه المعتادة من مقار الوزارة، ويلتقي الوفود ويعقد الاجتماعات، ليبدو الأمر بعد ذلك أنه «في وادٍ والحكومة في وادٍ آخر».

وعقب نحو شهر من ممارسة عمله خرج عون عن صمته، وقال في رسالة مساء الخميس، إنه «لا يرضى بأن يكون وزيراً من دون وزارة... لست ممن يسمح لغيره بتسيير واجباته ومهامه وهو باقٍ في منزله».

وتحدث عون عما سمّاه «غلق الأبواب وصد التواصل معه من قبل رئاسة الوزراء، مثل عدم الرد على مكالماته الهاتفية، ورفض المراسلات، وعدم حجز مواعيد له مع الدبيبة»، وقال: «هذا التعامل لا يليق إطلاقاً بالوزارات ولا الحكومات في العموم».

ورأى عون أن «الواجب يحتم على رئيس الحكومة أن يتخذ الآن موقفاً واضحاً؛ إما بتصحيح الوضع أو بإصدار قرار بإقالتي من منصب وزير النفط والغاز حسب القوانين والتشريعات السارية».

وتداولت وسائل إعلام محلية خطاباً ممهوراً من عادل جمعة، وزير الدولة لشؤون رئيس حكومة «الوحدة»، موجهاً للأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ما عدّه البعض تجاهلاً لقرار هيئة الرقابة الإدارية التي سبق أن أعلنت انتهاء التحقيق مع عون.

وصدر قرار بالوقف الاحتياطي لعون من هيئة الرقابة الإدارية للتحقيق، بينما قالت: «لدواعي ومقتضيات مصلحة التحقيق». وذكرت الوزارة في أعقاب ذلك أن الهيئة رفعت الوقف في 12 مايو (أيار) الماضي، بعد انتهاء التحقيق معه.

وبينما توقع مراقبون أن تمثل هذه الخطوة «صراعاً إضافياً» داخل قطاع النفط، رأوا أن «إبعاد عون هو إجراء من الدبيبة، يستهدف إنهاء الخلافات مع المؤسسة الوطنية للنفط برئاسة فرحات بن قدارة».

وشهدت الساحة الليبية خلال الأشهر الماضية، مشادات كلامية بين عون وبن قدارة، بشأن «تعاقدات نفطية»، وهو ما دفع أعضاء بالمجلس الأعلى للدولة إلى دعوة النائب العام والأجهزة الرقابية للتحقيق بشكل فوري فيما سموه «شبهات فساد» تتعلق بعقود نفطية أُبرمت خلال السنوات الماضية.

وحكى عون في رسالته التي قال إنها «بيان للشعب الليبي» عمّا سمّاه ملابسات إبعاده كوزير للنفط والغاز، وقال إنه «لم يطلب يوماً أن يكون وزيراً، ولم يسعَ لهذا المنصب؛ لذا، لا يهمني ولا يضايقني ولا يؤذيني إطلاقاً تركه».

وصعّد عون باتجاه الوزير المكلف، وقال إنه «يمارس إجراءات عبثية تعيق سير العمل وتربك محاولات التطوير، من بينها إصدار أختام رسمية باسمه وصفات إدارية أخرى، وإلغاء ندب وإعارة بعض موظفي الوزارة، وتغيير مكاتب بعض المديرين العامين من ديوان الوزارة إلى مقر المؤسسة الوطنية للنفط».

ومن قبيل الدفاع عن نفسه، رأى عون أن أسباب استبعاده «قد يكون بسبب مواقفي الوطنية الجادة الصلبة تجاه ما لا يتوافق والمصلحة العليا لليبيا»، بالإضافة إلى «رفضي القاطع لكل ما لا يتماشى مع القوانين والنظم واللوائح بالدولة».

عون مستقبلاً في وزارة النفط أساتذة من جامعة الزيتونة لمؤازرته بعد عودته للعمل (وزارة النفط)

وتشهد الساحة الليبية تجاذبات ومشادات كلامية بين القائمين على قطاع النفط في ليبيا، خصوصاً عون، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط الحالي بن قدارة، ومن قبل رئيسها السابق مصطفى صنع الله.

وكان عون فور عودته للوزارة وجه بالتحقيق في مزاعم «فساد» تضمنته تصريحات منسوبة لمسؤولين بوزارة الخارجية البريطانية، وعرض النتائج على الرأي العام.

ولفتت الوزارة الليبية في 7 يونيو (حزيران) الحالي ما أشارت إليه وزيرة الدولة بوزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية، ماري تريفيليان، من أن قطاع النفط في ليبيا «يشهد فساداً ملحوظاً»، وأن المملكة المتحدة «تسعى مع شركائها الدوليين لمعالجة قضايا الشفافية المالية وتهريب النفط الليبي».

والحديث عن فساد في قطاع النفط الليبي ليس أمراً جديداً، فقد سبق أن دعا أعضاء بالمجلس الأعلى للدولة الليبي، النائب العام والأجهزة الرقابية، في مارس الماضي، إلى التحقيق بشكل فوري في «شبهات فساد» تتعلق بعقود نفطية أبرمت خلال السنوات الماضية، وطالبوا بالتحقيق فيما سموه «تضارب مصالح وشبهات فساد» تتعلق ببعض العقود النفطية المبرمة.


مقالات ذات صلة

قبيلة ليبية تطالب حفتر بالتحقيق في «تصفية»أحد أبنائها

شمال افريقيا اجتماع المنفي مع سفير بريطانيا (المجلس الرئاسي)

قبيلة ليبية تطالب حفتر بالتحقيق في «تصفية»أحد أبنائها

بحث رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، بطرابلس، مع سفير بريطانيا مارتن لونغدن، في تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية في ليبيا.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا «بانر» يضم عدداً من ضحايا «سجن أبو سليم» (رابطة أسر شهداء سجن أبو سليم)

«مذبحة سجن أبو سليم» لا تزال تطارد نظام القذافي

«لا يعقل بعد مرور 28 عاماً على المذبحة، و13 عاماً على سقوط نظام القذافي، الذي ارتُكبت الجريمة في عهده، أن يظلّ القانون عاجزاً عن قول كلمته العادلة».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من حضور الناظوري والحداد مؤتمر نظمته «أفريكوم» لوزراء الدفاع ورؤساء الأركان لجيوش دول قارة أفريقيا (رئاسة أركان حكومة «الوحدة»)

ليبيا: تساؤلات عن أسباب تراجع دور اللجنة العسكرية المشتركة

تباينت آراء سياسيين وأكاديميين ليبيين بشأن ما يرونه تراجعاً لدور اللجنة العسكرية المشتركة «5+5».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع ستيفاني خوري

ستيفاني خوري... «خبيرة حل أزمات» تسعى إلى إنهاء «الانسداد السياسي» في ليبيا

دفع اختيار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الدبلوماسية الأميركية ستيفاني خوري، نائباً للمبعوث الأممي إلى ليبيا، إلى الكلام عن مساعٍ للاستعانة بـ«خبيرة الأزمات» لإنهاء حالة «الانسداد السياسي» في ليبيا، التي لم تفلح معها جهود المبعوثين الأمميين السابقين على مدار أكثر من 13 سنة. ثم إن اختيار خوري، خلال مارس (آذار) الماضي «قائماً بأعمال المبعوث الأممي» هناك، أعاد إلى الأذهان الدور الذي لعبته مواطنتها ستيفاني وليامز قبل 4 سنوات عند اختيارها نائباً للمبعوث الأممي، ثم مبعوثة أممية في مارس 2020. وكانت وليامز قد أشرفت حينذاك على اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، وتشكيل حكومة «وحدة وطنية»، والاتفاق على إجراء انتخابات كانت مقرّرة في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021، قبل تعثر تلك الخطوة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
حصاد الأسبوع مارتن كوبلر (الشرق الأوسط)

من هم مبعوثو الأمم المتحدة السابقون إلى ليبيا؟

> يجدر التذكير بأنه تعاقب على بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل)، عشرة مبعوثين أمميين منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011. وسعى كل هؤلاء لإيجاد.


قبيلة ليبية تطالب حفتر بالتحقيق في «تصفية»أحد أبنائها

اجتماع المنفي مع سفير بريطانيا (المجلس الرئاسي)
اجتماع المنفي مع سفير بريطانيا (المجلس الرئاسي)
TT

قبيلة ليبية تطالب حفتر بالتحقيق في «تصفية»أحد أبنائها

اجتماع المنفي مع سفير بريطانيا (المجلس الرئاسي)
اجتماع المنفي مع سفير بريطانيا (المجلس الرئاسي)

بحث رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، بطرابلس، مع سفير بريطانيا مارتن لونغدن، في تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية في ليبيا، بالإضافة إلى سبل إيجاد آلية لتوزيع الميزانية بالبلاد، بينما طالبت «قبيلة المسامير» بشرق ليبيا، وسط حالة غضب، المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، بفتح تحقيق حول «تصفية» أحد أبنائها بعد خطفه منذ مطلع شهر يونيو (حزيران) المنصرم.

وقال «المجلس الرئاسي» إنه تم خلال اللقاء بين المنفي ولونغدون التأكيد «على تضافر الجهود كافة لإيجاد آلية لتوزيع الميزانية والموارد بشكل شفاف وعادل، تضمن التوزيع العادل للموارد مع الإفصاح والشفافية والترشيد في الإنفاق».

وفيما لا تزال «قبيلة الدرسة» ببنغازي تبحث عن مصير النائب إبراهيم الدرسي، المخطوف في 18 مايو (أيار) الماضي، طالبت «قبيلة المسامير»، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، المتمركز في شرق البلاد، بفتح تحقيق حول عملية «تصفية» أشرف المسماري، الذي قالت إنه تم خطفه بعد احتجاجات، وإلقاء جثمانه أمام أحد مستشفيات بنغازي.

وأدانت القبيلة في بيان تلاه أحد أبنائها واقعة «خطف وقتل» المسماري، مشيرة إلى أنه «تم اقتياده لجهة مجهولة، بعد إطلاق سراح شخص آخر كان بصحبته يدعى عز الدين بيومي، إثر اعتراض سيارتهما في مدينة البيضاء». ونقلت عن عناصر أمنية مكلفة بحراسة المستشفى أنه تم إلقاء جثته من قبل مجهولين، لافتة إلى تحلل جثمانه «ما يعني أنه قتل يوم اختطافه».

في غضون ذلك، التزمت حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة الصمت حيال معلومات عن اعتزامها رسمياً، إعادة فتح «معبر رأس أجدير» الحدودي البري المشترك، مع تونس، الاثنين، في محاولة جديدة، تعد الرابعة من نوعها على التوالي، منذ إغلاقه في شهر مارس (آذار) الماضي.

عناصر أمنية تابعة لحكومة «الوحدة» فى معبر «رأس جدير» (وزارة الداخلية)

وفي غياب أي بيان رسمي، ووسط حالة من الغموض، ومخاوف من تجدد الاشتباكات بين القوات المسيطرة على المعبر والقوات الموالية لحكومة «الوحدة» التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، لم تعلن الحكومة أو وزارة داخليتها عن الموعد الجديد لإعادة فتح المعبر رسمياً، لكن عبد المنعم العربي الناطق باسم وزارة الداخلية، أبلغ وسائل إعلام محلية، مساء السبت، أنه ستتم إعادة افتتاح المعبر رسمياً، الاثنين، من دون أن يكشف المزيد من التفاصيل.

وتوقع أحمد حمزة، رئيس المؤسسة الليبية لحقوق الإنسان، افتتاح المعبر الاثنين، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن هناك حالة تأهب واستنفاراً من الجانبين الليبي والتونسي لرفع مستوى التأمين والحماية للحدود، بعد حادثة مقتل عنصر من الجيش التونسي بمنطقة رمادة جنوب شرقي البلاد بالقرب من الحدود، خلال هجوم مسلح استهدف دورية عسكرية، بالمنطقة العازلة التي عادة ما تنشط فيها عمليات تهريب السلع».

وكانت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»، قد أعلنت في 19 مارس الماضي، بعد هجوم مسلح ممن وصفتها بـ«جماعات خارجة عن القانون»، إغلاق المعبر الذي يعتبر الشريان البري الرئيسي الرابط بين ليبيا وتونس، ويقع في أقصى الغرب الليبي بالقرب من مدينة زوارة، على بعد نحو 170 كيلومتراً من العاصمة طرابلس.

وفي سياق متصل، أعلنت حكومة «الوحدة» قيام وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج بزيارة إلى بلدية نالوت، ومعبر وازن - ذهيبة الحدودي، الآخر مع تونس، بهدف متابعة حركة التجارة وآلية انسياب السلع عبر المعبر، مشيرة إلى أنه ناقش مع عميد وأعيان ومشايخ وخبراء البلدية المشاريع المتوقفة بالبلدية وبحث الحلول العاجلة لاستئنافها، ضمن خطة الوزارة لتحريك عجلة التنمية.

اجتماع حماد مع مسؤولي الكهرباء فى بنغازي (حكومة «الاستقرار»)

في غضون ذلك، قال أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار» إنه بحث مع وزير الكهرباء عوض البدري، وعدد من مسؤولي شركة الكهرباء بالمنطقة الشرقية في مدينة بنغازي، أسباب انقطاع الكهرباء عن جزء كبير من أحياء بنغازي.

وأمر حماد بتكليف شركة أجنبية متخصصة للإصلاح، كما أكد هاتفياً مع رئيس شركة الكهرباء، محمد المشاي، على توريد الوصلات اللازمة وإرسال فرقة اختبار وسيارة كوابل إلى بنغازي بشكل عاجل في إطار الجهود المستمرة لتحسين البنية التحتية للكهرباء، وضمان استمرارية الخدمة لسكان مدينة بنغازي والمناطق المحيطة بها.

من جهته، قال مجلس النواب إن رئيس «لجنة متابعة الأجهزة الرقابية» زايد هدية بحث مع رئيس «هيئة الرقابة الإدارية» بالمنطقة الغربية، عبد الله قادربوه ومسؤوليها في بنغازي، سير عمل هيئة الرقابة الإدارية في متابعة الجهات التنفيذية، وأعمال إدارة العقود ومتابعة المشاريع الجارية.

بدورها، أعلنت المفوضية العُليا للانتخابات ارتفاع إجمالي الناخبين المسجلين في الانتخابات البلدية لــ60 بلدية إلى أكثر من 120 ألف ناخب، نحو 92 ألفاً منهم من الرجال، بينما بلغ عدد النساء نحو 29 ألف ناخبة.

وكانت المفوضية قد أكدت خلال جلسة حوارية مع مؤسسات المجتمع المدني استمرار الحملات التوعوية بمكاتبها في تسجيل الناخبين حتى الأسبوع المقبل.