بعدما علّقت جنوب السودان وساطتها بشأن المفاوضات «الإنسانية» بين الجيش و«الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال»، أشعل الطرفان حرب بيانات وحملة اتهامات حمّل من خلالها كل منهما الآخر المسؤولية عن فشل المفاوضات، التي كان من المأمول أن تنتهي بوقف إطلاق نار إنساني وإيصال المساعدات الإنسانية لعدد من المناطق المتأثرة بالحرب.
وعقب عودته من جوبا أطلق وزير الدفاع ياسين إبراهيم اتهامات ضد «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال بقيادة عبد العزيز الحلو»، بأنها أصرت على مشاركة «قوات الدعم السريع» في المفاوضات الرامية لإيصال المساعدات الإنسانية في ولايات «جنوب كردفان، إقليم النيل الأزرق، عرب كردفان».
من جهتها، قالت «الحركة الشعبية» في بيان، الثلاثاء، إن «الطرفين اتفقا على عدم الذهاب إلى الإعلام للحيلولة دون تعقيد الأمور وتسميم الأجواء، بيد أن وفد (حكومة بورتسودان)، (يقصد الحكومة التابعة لمجلس السيادة)، عقد مؤتمراً صحافياً، أطلق فيه عدة أكاذيب وروايات لم تحدث في جولة التفاوض، ما استدعى توضيحها وتفنيدها».
واستخدم بيان الشعبية تعبير «حكومة بورتسودان» لوصف وفد التفاوض الذي سخرت من وفده العسكري المكون من وزير الدفاع وضباط مخابرات عامة، وألمحت إلى أنه يبدو من تكوينه «ليس مهموماً بالمساعدات الإنسانية»، وأضافت: «الجواب بكفيك عنوانه».
وقال بيان الشعبية إن الوفد الحكومي «طلب الاتفاق على جسر جوي لإيصال ما يعتقد أنها مساعدات لرئاسة فرقه العسكرية (14 كادوقلي، 22 بابنوسة، 10 أبوجبيهة) المحاصرة من قبل قوات الدعم السريع».
وتابع: «هذا ما سمته حكومة بورتسودان في مقترحها الممرات الجوية»، واتخاذ تدابير أمنية وتكوين لجان فنية عسكرية لإدارة القوات المشتركة التي ستقوم بحماية مطارات المدن المذكورة.
وأوضحت الشعبية أنها بالمقابل «اقترحت إيصال المساعدات الإنسانية دون اتفاق مبرم والاكتفاء بتأمين كل طرف لقوافل المساعدات فيما يليه، أو توقيع كل طرف اتفاقاً منفرداً مع وكالات الأمم المتحدة بإشراف ووساطة جنوب السودان، أو ضم الأطراف كافة لتوقيع إعلان وقف عدائيات لإيصال المساعدات الإنسانية لكل المحتاجين»، لكن الحركة قالت إن وفد الحكومة التابعة لمجلس السيادة رفض مقترحاتها.
وتساءلت الحركة: «لماذا يرفض وفد حكومة بورتسودان كل هذه المقترحات العملية، وماذا يريد؟... وسخرت مما سمته الاهتمام المفاجئ بمناطق بعينها». ملمحة إلى أن «غرض الجيش ليس المساعدات الإنسانية وحدها»، بقولها: «حكومات المركز كلها، استخدمت الغذاء سلاحاً في مواجهة المدنيين».
وأكدت الحركة تمسكها بـ«إيصال المساعدات الإنسانية» لكل مناطق السودان «دون تحيز جغرافي أو إثني، وفي توقيت واحد وبواسطة وكالات الأمم المتحدة وفقاً للقانون الدولي الإنساني». ودعت الأطراف المتحاربة لتوقيع «اتفاق وقف عدائيات فوراً»، من أجل تسهيل مهام وكالات الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية ولضمان حركة التنقل والحركة لكل السودانيين، وهو ما يستلزم مشاركة «قوات الدعم السريع» في الاتفاق لأنها تسيطر على مساحات واسعة من البلاد.
وفي مؤتمره الصحافي الذي عقده ببورتسودان، الاثنين، قال رئيس وفد التفاوض من جانب الحكومة، وزير الدفاع السوداني ياسين إبراهيم، إن الحركة الشعبية «أصرت على مشاركة قوات الدعم السريع» في مفاوضات إيصال المساعدات للمتأثرين بالحرب في ولايات «جنوب كردفان، إقليم النيل الأزرق، غرب كردفان».
واتهم إبراهيم «الحركة الشعبية» بما أطلق عليه «التماهي مع الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها الميليشيا الإرهابية (يقصد الدعم السريع)، في حق الشعب السوداني»، مبدياً أسف حكومته على «تعنت الحركة الشعبية ورفضها التوقيع على وثيقة المساعدات الإنسانية، وانهيار جولة التفاوض الناتج عن عدم التزام وفد الحركة بموجهات لجنة الوساطة»، وفق قوله.
وبينما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي أوراق الطرفين المتفاوضين، فإن وزير الدفاع نفى تقديم الحركة لأي «مسودة اتفاق»، وأنها اكتفت بـ«رد إنشائي» لم يتضمن القضايا الجوهرية، وتابع: «العمل الإنساني يجب أن يُعنى فقط بحياة الإنسان بعيداً عن أي أهداف أخرى سياسية أو أمنية».
وفي آخر تقاريره، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» إن أكثر من 8.8 مليون سوداني نزحوا من منازلهم، جراء الحرب، وإنهم بحاجة للحصول على الغذاء، والخدمات الصحية والمياه والصرف الصحي؛ خصوصاً في إقليمي دارفور وكردفان، ومن بينهم مليونان لجأوا إلى دول الجوار.