تجدد الاشتباكات في طرابلس يُربك المشهد الليبي

حديث عن اتفاق بين «الوحدة» وشركة أميركية لتدريب مجموعات مسلحة

الدبيبة في لقاء سابق مع السفير الأميركي لدى ليبيا (رويترز)
الدبيبة في لقاء سابق مع السفير الأميركي لدى ليبيا (رويترز)
TT

تجدد الاشتباكات في طرابلس يُربك المشهد الليبي

الدبيبة في لقاء سابق مع السفير الأميركي لدى ليبيا (رويترز)
الدبيبة في لقاء سابق مع السفير الأميركي لدى ليبيا (رويترز)

أدى تجدد الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس، مساء الخميس، إلى إرباك المشهد الليبي الذي يعاني من أزمة في التوصل لتوافق سياسي حول إجراء الانتخابات العامة، ووضع دستور للبلاد، ومن ثم اختيار السلطة التنفيذية. وفي هذه الأثناء، كشف تقرير عن وجود اتفاق بين رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، وشركة أميركية لتدريب مجموعات مسلحة في طرابلس.

واندلعت اشتباكات طرابلس بين عناصر تتبع «جهاز دعم الاستقرار» وأخرى تتبع «جهاز الردع»، وفق وسائل إعلام محلية، حيث دارت المواجهات في طريق المطار وفي بعض ميادين طرابلس، ما دفع جهاز الإسعاف لتوجيه نداء للمواطنين، يدعوهم إلى «توخي الحذر والابتعاد عن مناطق التوتر، وعدم الخروج من منازلهم إلا للضرورة القصوى، حفاظاً على سلامتهم»، وفق ما ذكر الجهاز على صفحته بـ«فيسبوك».

ليبيون يصطفون أمام أحد البنوك لسحب أموالهم قبل عيد الفطر 9 أبريل (رويترز)

حالة الاحتقان

ورأت «تنسيقية الأحزاب والتكتلات السياسية» الليبية (تضم 7 أحزاب وحركتين سياسيتين) في بيان، يوم الجمعة، أن الاشتباكات نتيجة طبيعية لـ«حالة الاحتقان في العاصمة طرابلس وضواحيها بين الأطراف المسلحة، وهي متزامنة مع حالة انغلاق سياسي أنتج عدم استقرار أمني وتدهوراً في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية».

ووفق رئيس «تنسيقية الأحزاب» ناجي بركات، فإن «الاشتباكات التي وقعت في طرابلس، مساء الخميس، كانت متوقعة».

وقال لـ«الشرق الأوسط»، «توقعنا قبل العيد وقوع مثل هذه الاشتباكات، نتيجة التوتر الشديد في طرابلس والمنطقة الغربية، بسبب تصرفات جهات تنفيذية، وما آلت إليه الأوضاع». وأشار إلى تضرر الليبيين من هذه الأوضاع، مؤكداً «وصول نسبة الفقر إلى 60 في المائة ببعض المدن، مع عدم وجود سيولة في المصارف، وتدهور الوضع الأمني، حيث تتحكم الميليشيات في بعض منافذ الدولة».

صورة جوية لجانب من الساحل في طرابلس (مواقع التواصل)

تحكم الميليشيات

ولفت بركات إلى أن «تحكم الميليشيات لا يقتصر على المنطقة الغربية؛ لكن أيضاً يطول جانباً من المنطقة الشرقية، وهناك دعم للميليشيات من قبل بعض الدول لخدمة مصالحها». كما حذر بيان «تنسيقية الأحزاب» من استمرار الأوضاع في البلاد، وأشار إلى «توافد أرتال عسكرية مسلحة من خارج العاصمة طرابلس خلال الأسابيع الأخيرة».

وحمّل البيان الجهات المسؤولة التشريعية والتنفيذية «نتائج أي عمل يهدد أمن وسلامة الليبيين، ويعرض حياتهم وممتلكاتهم للخطر»، ودعا الأطراف المتصارعة إلى «تحكيم العقل، والتمسك بالحوار السلمي، للتغلب على حالة الاحتقان الراهنة، والخروج من حالة الانسداد السياسي».

تعطيل الحل السياسي

ومن جهته، عدّ رئيس «تنسيقية الأحزاب» الاشتباكات التي شهدتها طرابلس أخيراً، تصب في مصلحة حكومتي «الوحدة» المؤقتة و«الاستقرار» الموازية، وعزا ذلك إلى أن «أي اشتباكات بين الميليشيات تُعطل أي حل سياسي في البلاد، الأمر الذي يُمكن الحكومتين من البقاء في السلطة فترة أطول». ولفت إلى مشروع قدمته «التنسيقية» من قبل للحل السياسي عبر عدة مسارات سياسية وأمنية واقتصادية، تفضي إلى المصالحة الوطنية والدستور الدائم»، داعياً بعثة الأمم المتحدة إلى «العمل مع النخب الوطنية ليكون هناك حل ليبي سريع للخروج من الانسداد السياسي».

وتنتشر في العاصمة الليبية طرابلس الميليشيات التي تتبع جهات وتنظيمات عدة، تضم كل منها ما بين مئات وآلاف المسلحين، وأشهر تلك الميليشيات «الردع»، و«اللواء 444»، و«النواصي»، و«البقرة»، و«ثوار طرابلس»... وتتجدد الاشتباكات من وقت لآخر بين الميليشيات لحسم الصراع على مناطق السيطرة والنفوذ.

مصرف في مصراتة يجهز مبالغ نقدية استعداداً للعيد (رويترز)

الشركة الأميركية «أمنتيوم»

وكانت آخر اشتباكات بين الميليشيات في طرابلس قد وقعت في أغسطس (آب) 2023، بين «قوات الردع» و«اللواء 444» وكل منهما الأكثر نفوذاً وسيطرة في طرابلس، وأدت لسقوط 55 قتيلاً ونحو 150 جريحاً وفقاً لبيانات رسمية وقتها، بينما لم تفصح الجهات المعنية عن خسائر وأضرار الهجوم الاشتباكات التي وقعت، مساء الخميس.

إضافة إلى ذلك، ذكر تقرير نشره موقع «Africa intelligence» أخيراً أن حكومة «الوحدة» برئاسة الدبيبة عقدت اتفاقاً مع الشركة الأميركية «أمنتيوم» بوصفها مقاولاً عسكرياً لتدريب 3 مجموعات مسلحة في طرابلس، تتمثل في عناصر من «اللواء 444» بقيادة محمود حمزة، وكذلك «اللواء 111» بقيادة عبد السلام الزوبي، بالإضافة إلى «اللواء 166» بقيادة محمد الحصان، وفق ما ذكر التقرير، الذي أشار إلى أن هذه الخطوة قد «تمنح حكومة الدبيبة شريان حياة في ظل أصوات تدعوه للتنحي، وإفساح المجال لتشكيل حكومة جديدة».


مقالات ذات صلة

هل أحكم رئيس «الوحدة» الليبية قبضته على طرابلس؟

شمال افريقيا الدبيبة قبيل اجتماع أمني موسع في طرابلس الأربعاء (حكومة «الوحدة«)

هل أحكم رئيس «الوحدة» الليبية قبضته على طرابلس؟

تغاضى عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عن مطالبات بعزله، وتحدث عن «الانتقال من مرحلة التحدي إلى مرحلة التمكين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا  نائب وزير الخارجية التركي مستقبلاً تيتيه في أنقرة (البعثة الأممية على «إكس»)

مباحثات أممية - تركية حول الأوضاع الأمنية والسياسية في ليبيا

جاء اجتماع رئيسة البعثة الأممية لدى ليبيا، بالمسؤولَين التركيين، في إطار مشاوراتها مع الفاعلين الدوليين والمحليين، بقصد توفير الدعم لنتائج اللجنة الاستشارية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق للمشري وتكالة (أرشيفية)

ليبيا: تكالة يؤكد مجدداً «عدم شرعية» المشري لرئاسة «الأعلى للدولة»

أعاد محمد تكالة صراعه مع خالد المشري على رئاسة «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا إلى «نقطة الصفر» بنفيه ادعاءات المشري حول شرعية رئاسته للمجلس.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا مهاجران سريان يتلقيان الإسعافات بعد إنقاذهما من الغرق في عرض المتوسط (متداولة)

فقدان 60 مهاجراً على الأقل بعد غرق قاربين قبالة ليبيا

لقي ما لا يقل عن 60 مهاجراً، بينهم نساء وأطفال، حتفهم بعد غرق قاربين قبالة ساحل ليبيا، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع الدبيبة في مقرّ بلدية أبو سليم (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية لإنهاء نفوذ التشكيلات المسلحة بالعاصمة

أعلنت حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة بدء أعمال هدم سجن «المضغوطة» في بلدية أبو سليم بجنوب العاصمة طرابلس.

خالد محمود (القاهرة)

السودان... الحرب المتجددة عبر 70 عاماً

قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) و«الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) خلال تعاونهما في الإطاحة بنظام عمر البشير عام 2019 (أ.ف.ب)
قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) و«الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) خلال تعاونهما في الإطاحة بنظام عمر البشير عام 2019 (أ.ف.ب)
TT

السودان... الحرب المتجددة عبر 70 عاماً

قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) و«الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) خلال تعاونهما في الإطاحة بنظام عمر البشير عام 2019 (أ.ف.ب)
قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) و«الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) خلال تعاونهما في الإطاحة بنظام عمر البشير عام 2019 (أ.ف.ب)

بينما تُنقل أنباء الصراعات في العالم لحظة فلحظة، تمضي الكارثة السودانية إلى الظل. عشرات الآلاف من القتلى، ملايين النازحين، ومدن وولايات مدمّرة بالكامل. فهل أنهكت الحروب المتكررة في السودان الاهتمام العالمي؟ تاريخ طويل من الحروب، فما يحدث اليوم في السودان ليس استثناءً، بل فصل جديد في سلسلة حروب أهلية عمرها نحو 70 عاماً، بذل فيها العالم جهوداً مضنية لإيقاف النزاعات، لكن ما إن تخمد حرب حتى تندلع أخرى أشدّ فتكاً من سابقتها.

تعود أولى تلك الحروب إلى عام 1955، أي قبل عام من استقلال البلاد عن الاستعمار البريطاني، حين اندلع أول تمرد مسلح في جنوب البلاد بقيادة الضابط جوزيف لاقو، تحت اسم «حركة أنانيا» (الثعبان السام). واستمرت الحرب حتى فبراير (شباط) 1972، حين وُقّعت «اتفاقية أديس أبابا» بوساطة من مجلس الكنائس العالمي وإمبراطور إثيوبيا الراحل هيلا سلاسي.

لكن السلام لم يدم طويلاً. ففي عام 1983، اشتعل النزاع مجدداً إثر إعلان الرئيس الأسبق جعفر النميري تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية المعروفة بـ«قوانين سبتمبر». فقادت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة جون قرنق حرباً جديدة في الجنوب، استمرت حتى بعد سقوط حكم النميري.

وفي عهد الرئيس السابق عمر البشير، الذي تسلّم السلطة عبر انقلاب عسكري عام 1989، تحولت الحرب إلى «جهادية» جنّد لها النظام الإسلامي الشعب، لكنه لم يحقق نصراً يُذكر، واضطر إلى توقيع «اتفاقية السلام الشامل» مع الحركة الشعبية عام 2005، المعروفة بـ«اتفاقية نيفاشا» نسبةً إلى المدينة الكينية التي استضافت المفاوضات. وبموجبها، حصل جنوب السودان على حقّ تقرير المصير.

ولادة دولة الجنوب

رئيس جنوب السودان سلفا كير (رويترز)

في عام 2011، صوّت أكثر من 95 في المائة من الجنوبيين لصالح الانفصال عن السودان، لتولد «جمهورية جنوب السودان». لكن ثمن الانفصال كان باهظاً أكثر من مليوني قتيل خلال عقود من القتال، بدأت بمطالب فيدرالية، وانتهت بحرب شاملة. وهكذا، انقسم السودان إلى بلدين.

وقبل اتفاقية نيفاشا بعامين، اندلعت حرب جديدة في إقليم دارفور غرب البلاد عام 2003، بقيادة حركات مطلبية جهوية تمردت على الجيش. وخاض الطرفان نزاعاً شرساً، ما اضطر الأمم المتحدة للتدخل، فأرسلت واحدة من أكبر بعثات حفظ السلام في العالم «يوناميد».

ورغم توقيع عدة اتفاقيات سلام، آخرها اتفاق «جوبا» في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، بعد سقوط نظام الإسلاميين الذي قاده البشير، لم تنتهِ الحرب. وأسفر النزاع في دارفور عن مقتل أكثر من 300 ألف شخص، وأحيل الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرات توقيف بحقّ الرئيس حينها عمر البشير وعدد من وزرائه بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

واليوم، تعود أسماء مثل البشير وأحمد هارون وعبد الرحيم محمد حسين إلى الواجهة، بدعمهم أطرافاً في الحرب الحالية، في مسعى لاستعادة السلطة المفقودة.

المنطقتان... نار لم تنطفئ

نازحون سودانيون في مخيم تديره «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» ببلدة حدودية مع إثيوبيا خلال نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

بالتوازي مع حرب الجنوب، اندلع نزاع آخر عام 2011 في منطقتي «جبال النوبة» (جنوب إقليم كردفان) و«النيل الأزرق»، بقيادة عبد العزيز الحلو زعيم «الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال». ويتكوّن التنظيم من مقاتلين شماليين كانوا قد انحازوا للجنوب أثناء الحرب الأهلية مع حركة جون قرانق. واندلع النزاع بعد انتخابات شكلية وُصمت بالتزوير، ورفض الحكومة تنفيذ بنود نيفاشا المتعلقة بـ«المشورة الشعبية». ومنذ ذلك الحين، لم تُطوَ صفحة الحرب في المنطقتين.

في 15 أبريل (نيسان) 2023، اندلعت الحرب الحالية بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، هذه المرة في قلب العاصمة الخرطوم. ورغم دخولها عامها الثالث، لا نهاية تلوح في الأفق. ووفق تقارير دولية، أسفرت المعارك عن مقتل أكثر من 150 ألف شخص، ونزوح نحو 13 مليوناً، بينما لجأ أكثر من 3 ملايين إلى دول الجوار. وقد دُمّرت العاصمة جزئياً، إلى جانب ولايات بأكملها، ما اضطر الحكومة وقيادة الجيش للانتقال إلى مدينة بورتسودان على البحر الأحمر.

وخلافاً للحروب السابقة، تبدو الحرب السودانية الحالية «بلا جمهور»، إذ لا يوجد ضغط دولي حقيقي على طرفي النزاع لإنهاء الحرب، كما لا توجد تغطية إعلامية كافية، رغم وصف الأمم المتحدة لحرب السودان بأنها «أكبر مأساة إنسانية في العالم المعاصر».

اهتمام دولي ضعيف

لعمامرة خلال مؤتمر لندن بشأن السودان الذي عقد في أبريل 2025 (الأمم المتحدة)

وقال وزير الصناعة والتجارة السابق، مدني عباس، لـ«الشرق الأوسط»: إن «الاهتمام الدولي أقل من حجم المأساة. صحيح أن بعض الجهات، مثل الاتحاد الأفريقي، وهيئة (إيغاد) وغيرهما، أبدت اهتماماً، لكنه انصبّ على الجوانب الإنسانية فقط، من دون التوجه الجادّ نحو وقف الاقتتال».

وأضاف عباس: «في فلسطين، رغم الخلافات، هناك إجماع على توصيف القضية، أما في السودان، فالحرب خلقت انقساماً سياسياً واجتماعياً متزايداً، أرسل رسالة سلبية إلى العالم». وأشار عباس إلى أن ضعف المعرفة العالمية بالسودان، والانقلابات المتكررة فيه، ساهما في تآكل التعاطف الدولي. وتابع: «حتى القوى المدنية لم تتمكن من تقديم خطاب فعّال يستوعب تعقيد الحرب، واكتفت بخطاب تقليدي لم يعد مؤثراً».

وبحسب نقيب الصحافيين السودانيين عبد المنعم أبو إدريس، فإن نزاعات أكثر أهمية بالنسبة للعالم مثل حرب أوكرانيا، وحرب غزة، والمواجهة بين إيران وإسرائيل، طغت على مأساة السودان. وأضاف أن «هناك شعوراً بأن السودانيين أنفسهم لا يملكون الإرادة الكافية لإنهاء النزاع بينهما».

ويميل الرأي العام العالمي غالباً للتعاطف مع طرف واضح، يُنظر إليه كـ«ضحية»، لكن في السودان، تداخلت الأدوار بين الجناة والضحايا، وشُوّهت صورة المدنيين، بسبب الاستقطاب والتخوين اللذين مارسهما طرفا النزاع؛ الجيش و«الدعم السريع».

وتسبّب تطاول أمد الحرب في جعل الموت جزءاً من المشهد اليومي، فتراجع التفاعل الداخلي والخارجي، وملّ الإعلام من تكرار القصة ذاتها. وصناع القرار لا يتحركون دون ضغط شعبي. وهكذا، تحوّلت الكارثة إلى «اعتياد»، وغدا الموت في السودان غير مرئي للعالم.