ما مصير نتائج محادثات مجلسي النواب و«الدولة» الليبيين في تونس؟

بعد أسبوع من اتفاق 120 عضواً على تشكيل «حكومة جديدة»

120 برلمانياً وعضواً بـ«الأعلى للدولة» في ليبيا خلال اجتماع سابق بتونس (صفحة المتحدث باسم مجلس النواب)
120 برلمانياً وعضواً بـ«الأعلى للدولة» في ليبيا خلال اجتماع سابق بتونس (صفحة المتحدث باسم مجلس النواب)
TT

ما مصير نتائج محادثات مجلسي النواب و«الدولة» الليبيين في تونس؟

120 برلمانياً وعضواً بـ«الأعلى للدولة» في ليبيا خلال اجتماع سابق بتونس (صفحة المتحدث باسم مجلس النواب)
120 برلمانياً وعضواً بـ«الأعلى للدولة» في ليبيا خلال اجتماع سابق بتونس (صفحة المتحدث باسم مجلس النواب)

على الرغم من الترحيب الذي أبدته بعض القوى السياسية الليبية بنتائج اجتماع 120 من نواب وأعضاء البرلمان و«الأعلى للدولة» في تونس قبل أسبوع، فإن مصير مخرجاته لا تزال مجهولة حتى الآن.

وكان المجتمعون في تونس قد اتفقوا على ثماني نقاط، أبرزها تشكيل «حكومة موحدة جديدة» تعمل على الإعداد للانتخابات، لكن بعض المراقبين يرون أن هناك شكوكاً حول إمكانية اعتماد المجلسين لهذه النتائج، لافتين إلى عدم صدور أي تعليق من قبل رئيسي النواب و«الأعلى للدولة» عقيلة صالح، ومحمد تكالة، حول اجتماع تونس ومخرجاته.

وتوقع عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، احتمال أن يحتل هذا الاجتماع حيزاً من أجندة أي لقاء بين صالح وتكالة مستقبلاً. ونوه معزب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «كي تكون المخرجات ملزمة يجب أن تكون صادرة عن اجتماعات رسمية، بحضور رئيس كل مجلس أو على الأقل نائبه»، لافتاً إلى أن العدد الذي شارك في هذا الاجتماع التشاوري «لا يمثل أغلبية في أي من المجلسين». وأوضح معزب أن وجهات النظر السياسية «لا تزال متباعدة بين صالح وتكالة، منذ خلافهما بشأن إقرار البرلمان للقوانين الانتخابية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة (الوحدة)

وفيما يتعلق بانتقاد المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، لما نتج عن اجتماع تونس، قال معزب: «أعتقد أن باتيلي كان واضحاً. فقد تحدث عن عواقب غير هينة للمبادرات، التي تستهدف إنشاء مؤسسات جديدة، دون تعاون وموافقة بقية الأطراف بالساحة».

وناقش المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى ليبيا، السفير ريتشارد نورلاند، مع الدبيبة «أهمية مشاركة جميع الفاعلين الليبيين في العملية السياسية، التي ترعاها البعثة الأممية بشكل بناء لإزاحة ما تبقى من عوائق أمام الانتخابات، بما في ذلك تشكيل حكومة تصريف أعمال».

فيما أشارت منصة «حكومتنا»، التابعة لحكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة، إلى أن رئيسها عبد الحميد الدبيبة جدّد خلال الاجتماع مع المبعوث الأميركي موافقته على مبادرة البعثة الأممية بشأن عقد حوار بين القوى الرئيسية بالبلاد.

بالمقابل، رهن عضو مجلس النواب الليبي، عمار الأبلق، تبني رئاستي المجلسين لمخرجات تونس بزيادة عدد الأعضاء، الذين سيشاركون في الاجتماع الثاني الجاري الإعداد له حالياً، وتأييدهم لما صدر من مخرجات. وأوضح أن هناك لجنة مشتركة من المجلسين «تعمل على عقد اجتماع ثان، يستهدف ضم عدد أكبر من الأعضاء، ولو تحقق هذا سيكون بالإمكان الدعوة لعقد جلسة مشتركة رسمية للمجلسين، ويتم طرح المخرجات وتبنيها».

أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية (الاستقرار)

ورغم إقراره بأن «الفجوة لا تزال متسعة بين صالح وتكالة حول القوانين الانتخابية، فقد رأى الأبلق أن عقد جلسة مشتركة بين المجلسين لطرح الانتقادات كافة حول القوانين الانتخابية قد يصل فعلياً لصياغات مشتركة يتم القبول بها من قبل الجميع».

أما عضو «الملتقى السياسي» الليبي، أحمد الشركسي، فأكد أن 79 برلمانياً و51 من مجلس الدولة وقعوا على محضر اجتماع تونس.

الشركسي توقع أن تطرح مخرجات اجتماع تونس للنقاش والتصويت قريباً تحت قبة البرلمان لإقرارها (النواب)

ولفت إلى نشر صورة محضر الاجتماع وصورة الأعضاء على الموقع الرسمي للبرلمان، وهو ما يعد إشارة إلى تأييد صالح للاجتماع، خاصة وأن مخرجاته تتوافق مع مساعي البرلمان بتشكيل حكومة جديدة.

ورأى الشركسي أن تكالة فقط «هو من سيكون في موقف محرج بمواجهة كتلة تمثل الأغلبية في مجلسه؛ لأنه في حال إصراره على رفض مناقشة هذه المخرجات سيتضح للجميع مدى انحيازه لبقاء حكومة (الوحدة) الوطنية ورئيسها الدبيبة»، عاداً أن «وجود مصالح خاصة للسياسيين في تشكيل حكومة جديدة لا يتناقض مع تحقيق المصلحة الوطنية، كما يحاول البعض أن يصور الأمر»، معتقداً أن «أي سياسي في العالم تحركه المصالح الخاصة، لكن الفارق هو هل تتفق وتنسجم مصلحته مع المصلحة الوطنية أم تضر بها؟».

وقال الشركسي موضحاً: «نحن مع الدفع في اتجاه إجراء تغيير وحل سياسي شامل، بهدف إجراء الانتخابات حتى لو تحقق في هذا الإطار بعض المصالح»، وانتهى إلى أن لجان التواصل الناتجة عن اجتماع تونس «تعمل على عقد اجتماع لها قريباً بأحد الدول لمتابعة تنفيذ مخرجات تونس، والتحضير لعقد اجتماع في ليبيا لذات الأعضاء، وآخرين جدد».


مقالات ذات صلة

مدينة ليبية موالية للقذافي تدعو لـ«إسقاط شرعية» المؤسسات السياسية

شمال افريقيا اجتماع لـ«ملتقى الفعاليات الليبية» في مدينة بني وليد (من مقطع فيديو للاجتماع)

مدينة ليبية موالية للقذافي تدعو لـ«إسقاط شرعية» المؤسسات السياسية

دعا ليبيون من مدينة بني وليد إلى «إسقاط مجالس: (الرئاسي) و(النواب) و(الأعلى للدولة)» بالإضافة إلى «الوحدة الوطنية» المؤقتة وتشكيل لجنة تأسيسية تحل محلها مؤقتاً.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا هانا تيتيه خلال لقاء مع سفير الاتحاد الأوروبي في ليبيا نيكولا أورلاندو (حساب أورلاندو عبر منصة إكس)

مطالب أوروبية بخريطة طريق «موثوقة» تُمهد لإجراء الانتخابات الليبية

طالب الاتحاد الأوروبي على لسان سفيره لدى ليبيا نيكولا أورلاندو الأطراف المحلية والدولية بالدفع نحو التوصل إلى خريطة طريق «موثوقة» بليبيا تُمهد للانتخابات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تحليل إخباري جانب من احتجاجات سكان طرابلس على اجتماع نجلاء المنقوش بإيلي كوهين في روما قبل عامين (أ.ف.ب)

تحليل إخباري عودة الجدل بعد تجدد الحديث عن تهجير الفلسطينيين إلى ليبيا

عاد الحديث مجدداً عن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى ليبيا، إثر تسريبات إعلامية أميركية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي مراجع نوح (الشرق الأوسط)

رئيس «تأسيسية الدستور» الليبية يتهم البعثة الأممية بـ«تجاهل مسوّدة 2017»

اتهم مراجع نوح، الرئيس المنتخب لـ«الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي»، بعثة الأمم المتحدة بأنها «تجاهلت مسوَّدة الدستور، التي أقرّتها الهيئة عام 2017».

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا الصور ملتقياً في مكتبه بطرابلس خان في نوفمبر 2024 (مكتب النائب العام)

«الجنائية الدولية»... سيف مسلّط على رقاب ميليشيات ليبية متهمة بـ«التعذيب»

أوقفت السلطات الألمانية أحد المسؤولين الكبار عن سجن معيتيقة الليبي، وفقاً لقرار من المحكمة الجنائية الدولية التي لا تزال تطالب بثمانية آخرين، أبرزهم سيف القذافي

جمال جوهر (القاهرة)

السيسي يشدد على «الأهمية القصوى» لقضية مياه النيل في مصر

ترمب خلال استقباله للسيسي في واشنطن عام 2019 (الرئاسة المصرية)
ترمب خلال استقباله للسيسي في واشنطن عام 2019 (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يشدد على «الأهمية القصوى» لقضية مياه النيل في مصر

ترمب خلال استقباله للسيسي في واشنطن عام 2019 (الرئاسة المصرية)
ترمب خلال استقباله للسيسي في واشنطن عام 2019 (الرئاسة المصرية)

بعد أيام من حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «سد النهضة» للمرة الثالثة خلال نحو شهر، شدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على «الأهمية القصوى» لقضية مياه النيل في مصر، وذلك خلال استقباله قائد القيادة المركزية الأميركية، مايكل كوريلا.

وبحسب الرئاسة المصرية، بحث السيسي مع المسؤول الأميركي ملف المياه، وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي في إفادة رسمية، الأحد، إن الرئيس المصري أكد خلال اللقاء على «الأهمية القصوى لقضية نهر النيل بصفتها قضية أمن قومي لمصر».

يأتي طرح قضية المياه في لقاء السيسي مع المسؤول الأميركي بعد أيام من حديث ترمب للمرة الثالثة عن «سد النهضة»، وانتقاده «تمويل الولايات المتحدة للسد الإثيوبي».

وقال ترمب، مساء الجمعة، في خطاب أمام أعضاء مجلس الشيوخ بواشنطن، في معرض رصده لما وصفه بجهود إدارته في حل الأزمات بالعالم: «لقد تم التعامل مع مصر وإثيوبيا، وكما تعلمون فقد كانتا تتقاتلان بسبب (السد)، إثيوبيا بنت (السد) بأموال الولايات المتحدة إلى حد كبير... إنه واحد من أكبر السدود في العالم»، مشيراً إلى أنه تابع بناء «السد» عبر صور الأقمار الاصطناعية، وأن إدارته تعاملت مع مسألة «السد» بشكل جيد، مشدداً على ضرره بمصر، وأنه «ما كان يجب أن يحدث ذلك، خصوصاً أنه ممول من الولايات المتحدة».

ومنتصف يونيو (حزيران) الماضي، خرج ترمب بتصريح مثير للجدل، قال فيه إن «الولايات المتحدة موّلت بشكل غبي (سد النهضة)، الذي بنته إثيوبيا على النيل الأزرق، وأثار أزمة دبلوماسية حادة مع مصر».

وكرر الرئيس الأميركي الحديث عن «سد النهضة» الاثنين الماضي، في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، في البيت الأبيض، قائلاً إن «الولايات المتحدة موّلت (السد) وإنه سيكون هناك حل سريع للأزمة»، وهو التصريح الذي قوبل بإشادة من السيسي حينها، وفق الرئاسة المصرية.

سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، الدكتورة نهى بكر، ترى أن لقاء السيسي مع المسؤول الأميركي للحديث عن ملف المياه يُمكن وصفه سياسياً بـ«بداية محادثات مصرية - أميركية بشأن (سد النهضة)»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «التطرق لملف المياه قد يعزز سيناريو الوساطة الأميركية المحتملة بشأن أزمة (السد) بين مصر وإثيوبيا»، مشيرة إلى أن «أهمية إثارة قضية (السد) خلال المحادثات، هي حشد المجتمع الدولي والرأي العام العالمي للتأكيد على حقوق مصر، ومنع أي تمويل دولي محتمل سواء للسد الحالي أو سدود أخرى مستقبلاً». وأكدت أن «أهمية دور مصر في خفض التصعيد والأزمات بالمنطقة، والتقارب بين القاهرة وواشنطن من شأن كل ذلك أن يعزز سيناريو الوساطة الأميركية بشأن (سد النهضة)».

واستضافت واشنطن خلال ولاية ترمب الأولى جولة مفاوضات عام 2020 بمشاركة البنك الدولي، ورغم التقدم الذي شهدته المفاوضات بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، لكنها لم تصل إلى اتفاق نهائي، بسبب رفض الجانب الإثيوبي التوقيع على مشروع الاتفاق، الذي جرى التوصل إليه وقتها، حيث اتهمت إثيوبيا أميركا بـ«الانحياز».

وبحسب الرئاسة المصرية، الأحد، تطرقت محادثات الرئيس السيسي مع قائد القيادة المركزية الأميركية إلى عدد من الملفات الإقليمية، منها جهود التهدئة في غزة، والأوضاع في سوريا وليبيا والسودان، وأكد متحدث الرئاسة المصرية أن «اللقاء شهد توافقاً حول ضرورة خفض التصعيد في المنطقة، والسعي نحو حلول سياسية ومستدامة للأزمات الراهنة، بما يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي».

جانب من لقاء السيسي مع قائد القيادة المركزية الأميركية في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وأبدى وزير الري المصري الأسبق، الدكتور محمد نصر الدين علام، عدم «تفاؤله» بشأن أي وساطة أميركية محتملة في أزمة «سد النهضة»، لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التدخل الأميركي في أزمة (السد) ضروري، لكنه غير واضح، حيث تنطوي أحاديث ترمب على عبارات فضفاضة لا يمكن وضعها في سياق سياسي محدد»، حسب وصفه، مؤكداً أن «أميركا تستطيع الضغط على إثيوبيا للتوصل لاتفاق، لكن ما يحدث حتى الآن مجرد تصريحات سياسية».

وأقامت إثيوبيا «سد النهضة» على رافد نهر النيل الرئيس لأهداف قالت إنها «تنموية»، إلا أن «السد» يواجه باعتراضات من دولتي المصب (مصر والسودان) للمطالبة باتفاق قانوني ينظّم عمليات ملئه وتشغيله، بما لا يضر بحصتيهما المائية، وأعلنت مصر في ديسمبر (كانون الأول) 2023 «فشل» آخر جولة للمفاوضات بشأن «السد»، وإغلاق المسار التفاوضي بعد جولات مختلفة لمدة 13 عاماً.

وفي رأي مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتورة أماني الطويل، فإن تطرق السيسي للحديث عن (قضية المياه) مع مسؤول أميركي رفيع المستوى يحمل دلالات سياسية مهمة، منها أن القضية مطروحة على أجندة الإدارة الأميركية، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة تتعلق بعدم وضوح الموقف الأميركي من (سد النهضة) أو شكل التدخل المحتمل، هل سيكون عطفاً على اتفاق واشنطن السابق أم بداية مفاوضات جديدة؟»، مؤكدة أن «السؤال الأبرز هو هل سيتم ترجمة الاهتمام الأميركي إلى وساطة وعودة إلى التفاوض؟»، وإذا حدث ذلك فيُمكن بالفعل التوصل لاتفاق.