«الدعم السريع»: الجيش السوداني تلقى دعماً من دولة إرهابية 

رداً على تصنيفها «منظمة إرهابية» من لجنة حكومية

فتاة دارفورية تعرضت لعنف جنسي قبل أن تفر إلى مخيم للاجئين في تشاد (أرشيفية - رويترز)
فتاة دارفورية تعرضت لعنف جنسي قبل أن تفر إلى مخيم للاجئين في تشاد (أرشيفية - رويترز)
TT

«الدعم السريع»: الجيش السوداني تلقى دعماً من دولة إرهابية 

فتاة دارفورية تعرضت لعنف جنسي قبل أن تفر إلى مخيم للاجئين في تشاد (أرشيفية - رويترز)
فتاة دارفورية تعرضت لعنف جنسي قبل أن تفر إلى مخيم للاجئين في تشاد (أرشيفية - رويترز)

رد المتحدث الرسمي باسم «قوات الدعم السريع» الفاتح قرشي، على تصنيف لجنة فنية حكومية محسوبة على قادة الجيش السوداني، «الدعم السريع» بـ«التنظيم الإرهابي»، بالقول إن «الإرهابي هو الذي يتعامل مع الدول المصنفة إرهابية ويتلقى منها الدعم العسكري».

وكانت لجنة فنية صنفت «الدعم السريع» بأنها «منظمة إرهابية»، وهو اتهام ليس بجديد من جانب السلطات السودانية التي ظلت منذ اندلاع الحرب في البلاد منتصف أبريل (نيسان) العام الماضي، تدمغ تلك القوات بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين ترقى إلى جرائم الإرهاب الدولي.

وقال قرشي لـ«الشرق الأوسط» إن تقارير دولية أثبتت أن الجيش السوداني حصل على طائرات من دون طيار (مسيرات) من دولة موسومة دولياً بالإرهاب، مضيفاً: «يريدون أن ينتصروا لأنفسهم بوصفنا إرهابيين».

جنود ومجندون في الجيش السوداني خلال دورية في مدينة قضارف في 14 يناير 2024 (أ.ف.ب)

وأشار إلى أن «الدعم السريع» ظلت تبحث عن إيقاف الحرب وتحقيق السلام في كل المنابر من أجل إنهاء معاناة الشعب السوداني، بينما قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، يتهرب من كل المبادرات ويسعى لإطالة أمد الحرب.

وأكد قرشي أن اللجنة غير مهمة، وهي معادية لهم، ومن الطبيعي أنها تريد للعالم أن ينظر لـ«الدعم السريع» بما تدعيه.

وعد محللون سياسيون تلك الخطوة محاولة يائسة من «الجيش السوداني للحصول على مكاسب فشل عن تحقيقها عبر العمل العسكري»، مشيرين إلى أن موقف المجتمع الدولي من طرفي الصراع الجيش و«الدعم السريع»، وأن كل تحركاته لحل سلمي متفاوض عليه.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في مطار بورتسودان في 27 أغسطس (رويترز)

وسمّت اللجنة في مؤتمر صحافي ليل الخميس - الجمعة، عقد بمدينة بورتسودان (شرقي البلاد) 199 من قادة «الدعم السريع»، «إرهابيين»، على رأسهم، قائدها محمد حمدان دقلو الشهير باسم «حميدتي»، كما وجهت باتخاذ إجراءات فورية لحظر وتجميد أرصدة وأموال 37 من شركات «الدعم السريع»، وأي أسماء أعمال يديرها شخص مدرج في القائمة.

وبحسب رئيس اللجنة، عصام مرزوق، وهو لواء متقاعد في الجيش، فإن اللجنة استندت في قرارات تنفيذ التزامات السودان بموجب قرارات مجلس الأمن بالرقمين 1267و1373، بمكافحة الإرهاب داخل نطاق الدولة وتسمية الدولة للإرهابيين.

وقال إن اللجنة هي الآلية الرسمية المناط بها تنفيذ قرارات المجلس تحت الفصل السابع والمتعلقة بمكافحة وتمويل الإرهاب.

بدورها، سارعت وزارة الخارجية لمطالبة الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية والإقليمية لإعلان «الدعم السريع» منظمة «إرهابية»، وتسمية المنتمين لها «إرهابيين»، وعدم التعامل مع الشركات والكيانات التابعة لها.

وقال ممثل الوزارة في اللجنة، إن «(قوات الدعم السريع) الإرهابية لا تقل خطورة عن (بوكو حرام) و(داعش)، حيث إنها أكثر عدداً وأبلغ تأثيراً».

قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» يصافح رئيس جنوب أفريقيا في بريتوريا في 4 يناير 2024 (رويترز)

وكان رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، طالب لدى مخاطبته الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتصنيف «قوات الدعم السريع» والميليشيات المتحالفة معها «مجموعات إرهابية»؛ لحماية الشعب السوداني والمنطقة والعالم.

يقول المحلل السياسي، محمد لطيف: «للأسف الشديد، إن الحكومة السودانية وقيادة الجيش فشلتا في تحقيق انتصار عسكري على (قوات الدعم السريع)، وتبحثان من خلال دمغها بالإرهاب عما ينوب عنهما في حرب بالوكالة لهزيمتها».

ويضيف أن البرهان «خذل كل الجهات التي استجابت له، عندما أتيح له مخاطبة الأمم المتحدة، لكنه عاد ورفض لجنة التحقيق الدولية التي شكلها مجلس حقوق الإنسان للتقصي عن الانتهاكات والتجاوزات التي حدثت في الحرب الدائرة حالياً في البلاد».

وذكر لطيف أن البرهان ذهب للرئيس الكيني ويليام روتو، وطلب منه التدخل عبر الهيئة الحكومية للتنمية الدولية «إيغاد»، التي وافقت على لقاء البرهان وحميدتي دون شروط، لكن أيضاً رفض تلك القرارات.

ويرى المحلل السياسي أنه وفقاً لتلك المعطيات، فإن مطالبة قادة الجيش بتصنيف «الدعم السريع» تنظيماً إرهابياً لن تجد الاستجابة من المحيط الإقليمي والدولي.

وأبدى لطيف استغرابه لاستناد اللجنة الحكومية على قرارات دولية صادرة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، كان نظام الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، يعدها أذرعاً ومطايا للولايات المتحدة الأميركية التي كان يناصبها العداء.

واستبعد المحلل السياسي أن تتعامل أي جهة في العالم مع قرارات هذه اللجنة، التي عدها بلا قيمة على الأرض؛ لعدم وجود سلطة دولة وأجهزة لتنفيذ العقوبات على «الدعم السريع».


مقالات ذات صلة

كوبا تعلن إحباط مشروع «إرهابي» أُعد له في الولايات المتحدة

العالم أحد شوارع العاصمة الكوبية هافانا (رويترز)

كوبا تعلن إحباط مشروع «إرهابي» أُعد له في الولايات المتحدة

أحبطت كوبا «مشروعاً إرهابياً منظّماً ومموّلاً من الولايات المتحدة» وفق ما أعلنت وزارة الداخلية في بيان نشرته الأحد صحيفة «غرانما»

«الشرق الأوسط» (هافانا)
شمال افريقيا جلسة عمل أمنية تونسية جزائرية في مقر وزارة الداخلية التونسية (من موقع وزارة الداخلية التونسية)

تونس: إيقاف «تكفيريين» وتطوير شبكات أمن الحدود والمناطق السياحية

أوقفت قوات الأمن مؤخراً فتاة من أجل «الانتماء إلى تنظيم إرهابي» في منطقة تونس العاصمة، سبق أن صدرت ضدها أحكام غيابية بالسجن وكانت محل تفتيش أمني.

كمال بن يونس (تونس)
أفريقيا استنفار أمني صومالي (متداولة)

الجيش الصومالي يستعيد منطقة مهمة بجنوب البلاد

أعلن الجيش الصومالي استعادة منطقة مهمة بمحافظة جوبا السفلى بجنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
آسيا استنفار أمني في كشمير الهندية (أ.ب)

8 قتلى باشتباكات في كشمير

قتل جنديان و6 مسلحين يشتبه في أنهم متمردون باشتباكين منفصلين في الشطر الخاضع للإدارة الهندية من كشمير، وفق ما ذكرت الشرطة الأحد.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
شؤون إقليمية وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا أكد استمرار العمليات ضد تنظيم «داعش» حتى القضاء على آخر عناصره (من حسابه على «إكس»)

تركيا: القبض على 45 «داعشياً» بعمليات متزامنة في 16 ولاية

ألقت قوات مكافحة الإرهاب التركية القبض على 45 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في عمليات متزامنة في 16 ولاية في أنحاء مختلفة من البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

أزمة «دكتوراه» وزير التعليم المصري تصل إلى «النواب»

وزير التعليم المصري خلال لقاء قيادات الوزارة (التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري خلال لقاء قيادات الوزارة (التربية والتعليم)
TT

أزمة «دكتوراه» وزير التعليم المصري تصل إلى «النواب»

وزير التعليم المصري خلال لقاء قيادات الوزارة (التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري خلال لقاء قيادات الوزارة (التربية والتعليم)

وصلت أزمة الدرجة العلمية (الدكتوراه) التي حصل عليها وزير التربية والتعليم المصري الجديد، محمد عبد اللطيف، إلى مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان)، بعدما تقدم أحد نوابه بإحاطة لرئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، طالبه بالرد على ما أثير «بشأن المؤهلات العلمية للوزير»، والتي أحدثت خلال الأيام الماضية جدلاً واسعاً في البلاد، بالتزامن مع تقديم بلاغات للنائب العام المصري «شككت في صحة الدكتوراه».

وأدى وزير التعليم، اليمين الدستورية، الأربعاء الماضي، ضمن أعضاء الحكومة الجديدة. وطالب عضو مجلس النواب، النائب فريدي البياضي، في إحاطته البرلمانية لرئيس الوزراء، الأحد، «بالرد» على ما يثار بشأن «الدكتوراه» الخاصة بوزير التعليم، وتحقيق مبدأ الشفافية والمحاسبة. وقال: «إن كانت هناك أخطاء يجب الاعتراف بها ومحاسبة مرتكبيها والتراجع عنها فوراً، بدلاً من الاستمرار فيها وارتكاب مزيد من الأخطاء».

وبحسب البياضي، فإنه وفقاً للسيرة الذاتية المنشورة لمحمد عبد اللطيف، فهو «حاصل على درجة الدكتوراه من (جامعة كارديف سيتي في الولايات المتحدة)، لكن هذه الجامعة ليست معروفة، ولا يوجد لها وجود حقيقي، وليس لها هيئة تدريس ولا حرم جامعي، وتضع على موقعها على الإنترنت تسعيرة للحصول على درجات علمية مختلفة، من بينها درجة الدكتوراه بقيمة 10 آلاف دولار» (الدولار الأميركي يساوي 47.90 جنيه في البنوك المصرية).

مجلس النواب المصري خلال جلسة سابقة (أرشيفية)

وترى الخبيرة التربوية في مصر، الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، أن عدم الرد على ما أثير من تشكيك في المؤهلات العلمية لوزير التعليم «يُشكل رسالة سلبية لدى المصريين». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر يثير شكوكاً لدى المواطنين حول قدرة الوزير على علاج مشكلات التعليم المتراكمة». لكن مؤسِّسة «ائتلاف أولياء أمور مصر»، داليا الحزاوي، عدّت «التشكيك» في شهادة «الدكتوراه» ينطوي على «تنمّر واضح». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «الشهادات العلمية مهمة بالطبع، لكن الوزير يمتلك خبرات عملية كبيرة في التعليم، فلماذا لا نمنحه فرصة، ثم نحاسبه على أدائه، بدلاً من إصدار الأحكام المسبقة؟».

وتقدم المحامي المصري، عمرو عبد السلام، ببلاغين في وقت سابق، إلى النائب العام المصري، طالب فيهما بـ«التحقيق مع وزير التعليم» حول ما يثار من «تشكيك» في صحة درجة الدكتوراه. وأكد عبد السلام أنه طالب النائب العام بـ«التحقق من جميع الشهادات الدراسية الخاصة بالوزير، ومطابقتها بالسجلات الموجودة في المدارس والجامعات المنسوبة إليها لمعرفة المؤهلات الحقيقية التي حصل عليها خلال مراحل التعليم المختلفة سواء داخل مصر أو خارجها».

«هيئة الرقابة الإدارية» تنشر السيرة الذاتية للوزير عبر صفحتها على «فيسبوك» (الرقابة الإدارية)

وكانت «هيئة الرقابة الإدارية» بمصر قد نشرت عبر صفحتها على «فيسبوك»، الجمعة، السير الذاتية لوزراء الحكومة الجديدة، وتضمنت حصول وزير التربية والتعليم على بكالوريوس السياحة والفنادق، والماجستير في «تطوير التعليم» من جامعة لورانس بالولايات المتحدة، والدكتوراه بنظام التعليم عن بُعد في «إدارة وتطوير التعليم» من جامعة كارديف سيتي.

كما تطرق البياضي، في إحاطته البرلمانية، الأحد، إلى الشهادات والمؤهلات العلمية الأخرى لوزير التعليم. وأشار إلى أن «السيرة الذاتية للوزير تضمنت أيضاً أنه حاصل على شهادة الماجستير من جامعة لورانس في الولايات المتحدة عام 2012 في مجال تطوير التعليم، وهي جامعة أميركية عريقة، وليست جامعة وهمية». لكن بحسب البياضي، فإن «جامعة لورانس تضم كونسرفتوار لتعليم الموسيقى، وكلية للآداب الليبرالية والعلوم»، ووفقاً لما نشرته الجامعة في تعريفها لنفسها، وما هو معروف فعلاً عنها، فهي «مختصة بدراسات ما قبل التخرج، ولا تضم قسماً للدراسات العليا، ولا تعرض أي درجات ماجستير في أي مجال».

مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الإدارية (حساب الوزارة على «فيسبوك»)

إلا أن مواقع محلية مصرية نشرت، الجمعة، تقارير تشير إلى «صحة شهادة الدكتوراه التي حصل عليها وزير التعليم من الولايات المتحدة، وأنه تم توثيقها في القنصلية المصرية بواشنطن بتاريخ 25 فبراير (شباط) 2014». وأبرزت التقارير «مشاركة الوزير في العديد من الدورات التدريبية بمجالات الإدارة والقيادة والحوكمة، وخبرته الممتدة لأكثر من 25 عاماً في مجال إدارة المؤسسات التعليمية».

من جهته، رد وزير التربية والتعليم على «اتهامات» حصوله على دكتوراه «وهمية» عبر الإنترنت. وقال في تصريحات متلفزة، مساء الجمعة، إنه «حصل على شهادة الدكتوراه من خلال الدراسة في الجامعة (أون لاين)». وأضاف: «سجلت للدراسة في الجامعة (الأون لاين)، وكان الهدف من ذلك هو الشغف لمعرفة التعليم عبر الإنترنت لنقل ذلك للطلاب وللمدارس التي أعمل بها، وليس الهدف منها العمل فقط».