الجزائر: تسلل شاب إلى طائرة يفجر شكوكاً في اختراق شرطة الحدود

القضية أخذت أبعاداً أمنية... وأثارت اهتمام رئاسة الجمهورية

الرئيس عبد المجيد تبون طالب بفتح تحقيق في حادثة تسلل شاب إلى طائرة جزائرية (الرئاسة)
الرئيس عبد المجيد تبون طالب بفتح تحقيق في حادثة تسلل شاب إلى طائرة جزائرية (الرئاسة)
TT

الجزائر: تسلل شاب إلى طائرة يفجر شكوكاً في اختراق شرطة الحدود

الرئيس عبد المجيد تبون طالب بفتح تحقيق في حادثة تسلل شاب إلى طائرة جزائرية (الرئاسة)
الرئيس عبد المجيد تبون طالب بفتح تحقيق في حادثة تسلل شاب إلى طائرة جزائرية (الرئاسة)

أظهر تعامل السلطات الجزائرية مع حادثة تسلل شاب إلى طائرة حطت بمطار فرنسي في 28 من الشهر الماضي شكوكاً لديها في تعرض جهاز المراقبة بالملاحة الجوية والحدود لاختراق أمني، وهو ما دفع بها لإنزال عقوبات بمسؤولين كبار بشرطة الحدود وعمال فنيين وإداريين، بمطار وهران (غرب)، حيث جرت الواقعة المثيرة للجدل.

وبينما لا يزال الشاب، وهو مهاجر غير نظامي، يتلقى العلاج بأحد مستشفيات باريس، أكدت رئاسة الجمهورية، ليل الخميس، عبر حسابها بوسائل التواصل الاجتماعي أن مدير عام الأمن الداخلي، اللواء جمال كحال، «فتح بأمر من رئيس الجمهورية تحقيقاً ابتدائياً معمقاً في حادثة تسلل الشاب رحماني مهدي بهدف الهجرة غير الشرعية، عبر طائرة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية بمطار وهران الدولي على الساعة الثامنة وخمس دقائق من صباح يوم 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي في رحلتها المتجهة إلى مطار أورلي (باريس)، حيث ضُبط هناك».

وأوضحت الرئاسة أن التحقيق كشف عن «تحديد المسؤولية المباشرة (في الحادثة) لـ7 من موظفي المديرية العامة للأمن الوطني بشرطة الحدود، بالإضافة إلى المحافظ رئيس الفرقة الثانية لشرطة الحدود بمطار وهران، وعميد الشرطة المكلف بأمن المطار. كما كشفت التحقيقات أيضاً عن المسؤولية المباشرة لفني ميكانيكي بالخطوط الجوية الجزائرية، لتمتد المسؤوليات من الناحية الإدارية إلى المدير الفني التابع للخطوط الجوية الجزائرية، ومدير مطار وهران، والمدير الجهوي للمؤسسة الوطنية لتسيير المطارات بوهران».

طائرة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية بمطار وهران (الشرق الأوسط)

ولفتت الرئاسة إلى أن هناك «إجراءات إدارية خاصة ستتبع بعد ذلك، وستشمل المسؤولين الجهويين والمركزيين بالمديرية العامة للأمن الوطني»، من دون ذكر ما هي هذه الإجراءات. كما لم تذكر التدابير التي اتُخذت بحق ضباط شرطة الحدود وبقية المسؤولين الذين شملهم التحقيق، بينما كانت مصادر بالمطار قد صرحت لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق بأنه جرى توقيف 15 رجل شرطة بعد 24 ساعة فقط من تداول الإعلام في فرنسا «قصة الشاب الذي عُثر عليه مجمداً عالقاً في عجلة طائرة جزائرية».

ويتضمن ما أصدرته الرئاسة عناصر جديدة في هذه القضية، أهمها اسم المهاجر السري. فمنذ 10 أيام، لم يكشف أي شيء عن هويته في فرنسا ولا في الجزائر، غير أنها لم تذكر سنه، وإن كان من مدينة وهران أم من منطقة أخرى، كما أنها لم تخض في دوافع مغامرته الخطيرة. وبالمقابل، قالت الصحافة في فرنسا إن سنه لا تتعدى 15 سنة، على عكس ما نشرته بعد ساعات من اكتشاف الحادثة، بأنه «عشريني». كما أوضحت أن حالته الصحية حرجة بسبب انخفاض حاد في درجة حرارة جسمه.

اللواء جمال كحال مدير الأمن الداخلي (يمين) مع رئيس أركان الجيش (وزارة الدفاع الجزائرية)

أما أكثر ما يلفت الانتباه في هذه القضية فهو اهتمام أعلى هيئة في البلاد، وهي رئاسة الجمهورية، حيث جرت العادة أن تعالَج قضايا الهجرة السرية من طرف أجهزة الشرطة والدرك وخفر السواحل وحراس الحدود، تحت توجيهات الشرطة والجيش، زيادة على أن تكليف الأمن الداخلي بالتحقيق في الأمر يفهم منه أن سلطات البلاد تشك في وجود اختراق أمني لجهاز المراقبة بالملاحة الجوية وشرطة الحدود. وعلى هذا الأساس، تتوقع مصادر متابعة للقضية أن تأخذ أبعاداً جزائية بإحالة مسؤولين إلى القضاء.

مطار أورلي الباريسي الذي حطت به الطائرة الجزائرية (حساب المطار بوسائل التواصل الاجتماعي)

وعاش مطار العاصمة الجزائرية حادثة مشابهة في يونيو (حزيران) 2022، حيث عُثر على جثتي شابين في العشرينات داخل أجزاء طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الجزائرية، كانت متوقفة على أرضية المطار. وقالت الصحافة يومها إن الشابين كانا يحاولان الوصول إلى أوروبا بطريقة غير شرعية، من دون توضيح تفاصيل أخرى خاصة تتعلق بظروف وفاتهما. وعلى عكس ما وقع مع المراهق رحماني مهدي، لم تأخذ حادثة هذين الشابين بعداً مرتبطاً بالأمن القومي.


مقالات ذات صلة

عودة «اتفاق 1968» إلى الواجهة يضع العلاقات الجزائرية - الفرنسية أمام اختبار جديد

شمال افريقيا مصافحة بين الرئيسين الجزائري والفرنسي قبل تفاقم التوترات بين البلدين (الرئاسة الجزائرية)

عودة «اتفاق 1968» إلى الواجهة يضع العلاقات الجزائرية - الفرنسية أمام اختبار جديد

مبادرة برلمانية فرنسية تهدف إلى تقييم الإنفاق المرتبط بـ«اتفاق 1968»، الذي ينظّم الهجرة في فرنسا بالنسبة للجزائريين، ويُعدُّ من أبرز عناصر الخلاف بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا علي غديري قبل اعتقاله وسجنه (متداولة)

الجزائر: الجنرال علي غديري يغادر السجن وسط تكتم رسمي

استعاد اللواء الجزائري المتقاعد علي غديري حريته بعد انتهاء عقوبة 6 سنوات قضاها في السجن بسبب تصريحات صحافية، رأت فيها قيادة الجيش «تحريضاً للعسكر»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من اجتماع سابق لقضاء جزائريين حول تطبيق أحكام قانون مكافحة غسل الأموال (صورة أرشيفية)

رغم الإصلاحات… الجزائر ما تزال تحت مجهر أوروبا في ملف «غسل الأموال»

أعلنت مفوضية الاتحاد الأوروبي، أمس الثلاثاء، إدراج الجزائر ضمن «لائحة الدول عالية المخاطر» في مجال تبييض الأموال

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي الفرنسي الجزائري كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

الجزائر تلاحق كاتباً بتهمة «نبش جراح المأساة الوطنية»

تُعوِّل الحكومة الجزائرية على اتفاقيات تسليم المطلوبين، التي وقّعتها مع عدة دول، من أجل تسلُّم الروائي الجزائري الشهير كمال داود، المقيم في فرنسا.

شمال افريقيا قائد الجيش الجزائري يتفقد عمل مؤسسة صيانة الأسلحة (وزارة الدفاع الجزائرية)

الجيش الجزائري يؤكد مواصلة تعزيز قدراته الدفاعية «دون هوادة»

أكدت وزارة الدفاع الجزائرية أنها تواصل «دون هوادة، تطوير وتعزيز قدراتها الدفاعية وبناء جيش قوي ومهيب الجانب».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

أجسام مضيئة في سماء مصر تُثير تساؤلات

أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)
أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)
TT

أجسام مضيئة في سماء مصر تُثير تساؤلات

أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)
أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)

أثار ظهور أشكال مضيئة في سماء مصر صباح السبت تساؤلات عدة بشأن مصدرها وأسبابها. ورجح مسؤولون ومتخصصون لـ«الشرق الأوسط» أنها «نتيجة القصف الصاروخي المتبادل بين إيران وإسرائيل وكذلك اعتراض الدفاعات الجوية خصوصاً في إسرائيل للصواريخ والمسيّرات التي أطلقتها عليها إيران».

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر تغريدات، مصحوبة بصور ومقاطع فيديو، توثق أشكال مضيئة أشبه بانفجارات الصواريخ وفي الوقت الذي عبر البعض عن تعجبه من الأمر وتساءلوا عن أسبابه، فهناك من ربطه بحالة القصف الصاروخي المتبادل حالياً بين إسرائيل وإيران، ولكن آخرين تحدثوا عن أن تلك الأشكال نتيجة لقيام القوات المسلحة المصرية بإطلاق ما وصفوه بقنابل ضوئية وتفعيل أجهزة الإنذار المبكر لرصد أي مسيّرات تخترق المجال الجوي المصري.

ولكن مصدراً مصرياً مسؤولاً قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا كلام غير صحيح»، مؤكداً أن «أجهزة الرصد لدينا تعمل على مدار الساعة وعمليات الرصد والاستكشاف تعمل تكنولوجياً ولا يصدر عنها انفجارات أو أضواء أو أدخنة، لدينا منظومات دفاع جوي ومراقبة معقدة ومتطورة وآليات للقيادة والسيطرة».

خبراء رجحوا أن تكون هذه الأجسام ناتجة عن اعتراض إسرائيل صواريخ إيران (صفحة بني سويف على فيسبوك)

وشدد المصدر على أنه «لم يحدث أي اختراق للمجال الجوي المصري خلال القصف المتبادل بين إسرائيل وإيران» مرجحاً أن «الأشكال التي رآها البعض في مصر غالباً ناتجة عن تفاعل غازات الصواريخ الباليستية التي تتحول إلى نيتروجين مثلما يحدث مع عادم الطائرات النفاثة، وهذه الصواريخ مقصوفة شرقاً نحو إسرائيل وبعد ذلك تحولت عوادمها غرباً مع الهواء لذلك تمكن البعض من رؤيتها بمصر لأن إسرائيل مجاورة».

تفسير ظهور هذه الأشكال شهد تبايناً (الشرق الأوسط)

فيما رجح عدد من المغردين أن تكون تلك الأشكال التي ظهرت في السماء نتيجة عمليات تقوم بها أجهزة الرصد الإشعاعي بمصر لكشف أي تسرب إشعاعي بعد الإعلان عن ضرب منشآت نووية في إيران.

لكن نائب رئيس هيئة الطاقة النووية بمصر سابقاً، الدكتور علي عبد النبي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «محطات الرصد البيئي والنووي موزعة في جميع ربوع مصر وعلى حدودها وتعمل بشكل دائم ولا تحتاج لوجود حرب أو قصف لتعمل، كما أن هناك أجهزة رصد إشعاعي في قناة السويس وفي المطارات والمواني لكشف أي شحنات مشعة»، مشيراً إلى أن «المنشآت التي تم ضربها في إيران في الغالب كان مستخدماً فيها مادة سادس فلوريد اليورانيوم UF6 وهي تستخدم لتخصيب اليورانيوم وغير مشعة على نطاق واسع، ولكنها لو تسربت تؤدي لتسمم في الجو والأرض على نطاق قصير لأنها مادة ثقيلة».

تساؤلات بشأن ظهورها فجر السبت في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)

ورجح عبد النبي أن «تكون الأشكال المضيئة التي ظهرت في مصر نتيجة اختراق صواريخ أو أجسام للطبقات العليا من الغلاف الجوي مما أدى لانفجارات مضيئة وتظهر ثابتة أمام أعيننا لأنها على ارتفاعات كبيرة جداً».

وأكد كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقاً، الدكتور يسري أبو شادي، عدم وجود تسرب إشعاعي مؤثر يصل إلى مصر ولا حتى دول الخليج. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ما ظهر في سماء مصر من أجسام مضيئة يمكن أن يكون احتياطات من الجيش لكشف أي احتمال لأخطاء في المقذوفات الطائرة بسبب الحرب الحالية».

وكانت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بمصر قد أصدرت بياناً السبت، جاء فيه أنه «في ضوء التطورات الجارية في المنطقة تود هيئة الرقابة النووية والإشعاعية أن تطمئن السادة المواطنين أنه لا يوجد مؤشرات على أي تغير أو زيادة في الخلفية الإشعاعية داخل جمهورية مصر العربية».

جانب من الأشكال المضيئة شرق مصر (الشرق الأوسط)

وأوضحت الهيئة أنها «تتابع على مدار الساعة التطورات المتعلقة بوضع المنشآت النووية بالمحيط الإقليمي وفقاً لتطورات الأحداث الجارية، وذلك من خلال المتابعة المستمرة للتقارير الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتنسيق الدائم مع الجهات الوطنية المعنية، ومتابعة الخلفية الإشعاعية من خلال منظومة الرصد الإشعاعي والإنذار والإبلاغ المبكر بالهيئة، التي تستخدم أحدث أجهزة الرصد الإشعاعي المنتشرة في أنحاء الجمهورية كافة».

وأهابت الهيئة بالمواطنين في مصر الاعتماد فقط على البيانات الرسمية الصادرة كمصدر موثوق للمعلومات في هذا الشأن، وفق البيان.

وأكد مسؤولون بمعهد البحوث الفلكية، وهيئة الاستشعار عن بُعد، وهيئة الأرصاد الجوية بمصر، لـ«الشرق الأوسط» عدم رصد أي ظواهر في مجال تخصصاتهم سببت تلك الأشكال المضيئة في السماء.

فيما قال عالم الفضاء المصري عصام حجي لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الواضح أنها آثار اعتراض صواريخ وطائرات مسيّرة من منظومة دفاع جوي». موضحاً أن «الخطوط الرفيعة في تلك الأشكال هي المسار للصاروخ الاعتراضي والسحابة الكبيرة هي الانفجار للجسم المستهدف في الغالب لمسيّرات».