هل يُسهم تشغيل معبر «كرم أبو سالم» في زيادة تدفق المساعدات لغزة؟

شاحنات محملة بالمساعدات خلال عبورها من معبر رفح في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)
شاحنات محملة بالمساعدات خلال عبورها من معبر رفح في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)
TT

هل يُسهم تشغيل معبر «كرم أبو سالم» في زيادة تدفق المساعدات لغزة؟

شاحنات محملة بالمساعدات خلال عبورها من معبر رفح في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)
شاحنات محملة بالمساعدات خلال عبورها من معبر رفح في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

بدأ، الثلاثاء، تطبيق إجراءات جديدة لإدخال المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة من خلال فحص حمولة عدد من شاحنات المساعدات في معبر «كرم أبو سالم» الإسرائيلي (5 كيلومترات جنوب معبر رفح)، وهو ما تأمل السلطات المصرية والمنظمات الدولية أن «يُسهم في تسريع وتيرة دخول المساعدات إلى القطاع الذي يعاني أزمة إنسانية طاحنة».

وكشف مصدر مصري مطّلع أن «تطبيق القواعد الجديدة جاء في أعقاب اتصالات مصرية - إسرائيلية لمواجهة (العراقيل) التي كانت تواجهها شاحنات المساعدات»، والتي كان يجري فحصها وتفتيشها سابقاً في معبر «نتسانا» المقابل لمعبر «العوجة» على الحدود المصرية - الإسرائيلية، ومن ثم تعود تلك الشاحنات مجدداً إلى معبر رفح قبل تسليمها إلى الجانب الفلسطيني من المعبر، في رحلة تستغرق نحو 100 كيلومتر ذهاباً وإياباً، فضلاً عن بطء عمليات الفحص بسبب محدودية الأجهزة المستخدمة في المعبر الإسرائيلي.

استكشاف الإجراءات

وأوضح المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم نشر هويته، أنه جرى، الثلاثاء، إرسال شاحنات عدة على سبيل استكشاف الإجراءات، وفي حالة اعتمادها فإن عدد الشاحنات التي سيُدْفَع بها إلى معبر «كرم أبو سالم» سيصل إلى 100 شاحنة يومياً، وعلى الرغم من أن طاقة المعبر تبلغ 500 شاحنة، فإن السلطات الإسرائيلية، وفق المصدر، «أصرت على ألا يزيد عدد الشاحنات في (كرم أبو سالم) على 100 شاحنة، إضافة إلى تفتيش 100 أخرى في معبر (نتسانا)».

وأضاف المصدر أن «الترتيبات تتضمن أولوية الدفع بشاحنات المساعدات الإنسانية التي تحمل أدوية ومستلزمات طبية وحليب أطفال ومياهاً إلى قطاع غزة»، من خلال معبر «كرم أبو سالم»، لضمان سرعة دخولها والحاجة الماسّة إليها من جانب سكان القطاع، على أن توجه الشاحنات التي تحمل معدات أو أغطية وملابس إلى معبر «نتسانا». وأفاد المصدر كذلك بأن الضغوط المصرية والدولية أسفرت عن زيادة عدد صهاريج الوقود التي تدخل إلى القطاع يومياً إلى 5 تحمل نحو 120 ألف لتر، وأن حركة دخول الوقود قد انتظمت خلال الأيام الخمسة الماضية، وذلك عقب توقفها بعد كسر الهدنة الإنسانية مطلع الشهر الحالي، وتذبذب الكميات الداخلة للقطاع نتيجة «التعنت الإسرائيلي».

استقبال شحنات المساعدات الدولية في مطار العريش (الهلال الأحمر المصري)

معبر رئيسي

ويعد معبر «كرم أبو سالم»، المعبر الأساسي بين إسرائيل وقطاع غزة، ويقع على مسافة نحو 5 كيلومترات من رفح في منطقة حدودية تشترك فيها مصر وإسرائيل وقطاع غزة، ويدار المعبر ويشغَّل من قبل مديرية المعابر التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، وهو مخصص لمرور البضائع بين الاحتلال وقطاع غزة. واستُخدم المعبر على مدى سنوات لإدخال شاحنات الوقود والسلع إلى قطاع غزة، قبل أن يجري إغلاقه بعد هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومنذ ذلك الحين تصر إسرائيل على عدم فتحه، وحتى عقب الاتفاق مع مصر على استخدامه لتفتيش شاحنات المساعدات أصرت إسرائيل على ألا تدخل المساعدات مباشرة من المعبر إلى غزة، وأن تعود إلى الجانب المصري من معبر رفح.

وتدخل شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، منذ 21 أكتوبر الماضي، عبر معبر رفح البري، حيث خصصت مصر المعبر لإدخال المساعدات الإنسانية، كما خصصت مطار وميناء العريش لاستقبال المساعدات الإغاثية الدولية؛ إلا أن «دخول المساعدات يصطدم بإجراءات إسرائيلية متغيرة تؤدي إلى عرقلة انتظام تدفق المساعدات إلى داخل القطاع»، وهو ما انتقدته مصر في مناسبات عدة.

تلبية الاحتياجات المتنامية

ومن جانبه، أكد مدير المركز الإعلامي لمؤسسة «صُناع الخير»، عضو التحالف الوطني للعمل الأهلي والتنموي، عصام عبد الرحمن، أن التحالف الذي يضم 34 منظمة أهلية مصرية، يسعى بكل الطرق إلى زيادة كميات المساعدات الإنسانية إلى غزة، إضافة إلى تسريع وتيرة تسليم تلك المساعدات على الجانب الفلسطيني، لتلبية الاحتياجات المتنامية في القطاع. وأضاف عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن أي إجراءات تسهم في تسريع وتيرة دخول المساعدات نعدها «خطوة إيجابية، وتنسجم مع هدف التحالف»، مشيراً إلى أن «العراقيل الإسرائيلية كانت السبب الرئيسي وراء تعطيل دخول كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية التي جُمِعت، سواء بجهود المنظمات المصرية أم عبر استقبال المساهمات الدولية». وشدد على أن هناك كميات كبيرة من المساعدات التي وفرها التحالف «لا تزال تنتظر دورها للدخول إلى قطاع غزة، رغم عمل الجانب المصري من معبر رفح على مدار الساعة».

صورة التُقطت في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

3700 طن من المساعدات

في سياق متصل، ومع دخول عملية إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة أسبوعها الثامن، بلغ إجمالي المساعدات التي تلقاها الجانب الفلسطيني نحو 3700 طن من المواد الغذائية والأدوية والمياه والأغطية والخيام، لكنها تبقى «نقطة في بحر الاحتياجات الفعلية لسكان القطاع الذي يعاني وضعاً إنسانياً كارثياً»، وفق منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وقال رئيس فرع «الهلال الأحمر المصري» بشمال سيناء، خالد زايد، الثلاثاء، إنه «منذ 12 أكتوبر الماضي، وصلت 290 طائرة إلى مطار العريش الدولي بشمال سيناء، حملت ما يقرب من 8000 طن من المساعدات المتنوعة إلى قطاع غزة، مقدمة من 50 دولة عربية وأجنبية ومنظمات إقليمية ودولية مختلفة»، مشيراً إلى أنه «يجري تخزين هذه المساعدات في 7 مخازن مؤمّنة في مدينة العريش قبل إدخالها إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البري، بالتنسيق بين (الهلال الأحمر المصري) ونظيره الفلسطيني».

وكان رئيس إدارة العمليات في «الهلال الأحمر المصري»، لطفي غيث، قد أكد في كلمة أمام وفد مجلس الأمن الدولي الذي زار مدينتي العريش ورفح المصريتين، الاثنين، أن المساعدات «لا تصل بالسرعة الكافية من مصر إلى قطاع غزة»، مرجعاً ذلك إلى الإجراءات الإسرائيلية، حيث يستغرق التفتيش وقتاً طويلاً، مشيراً إلى أن إسرائيل «أحياناً ما ترفض السماح بدخول بعض إمدادات المساعدة إلى غزة».


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»: الخلافات «تتصاعد» والتفاؤل «يتراجع»

العالم العربي رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقربائها خلال غارة إسرائيلية على مستشفى ناصر جنوب غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: الخلافات «تتصاعد» والتفاؤل «يتراجع»

تقديرات إسرائيلية جديدة تتحدث عن «تصاعد الخلافات وتراجع التفاؤل» بين أروقة مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وسط محادثات شهدتها القاهرة وأخرى لا تزال تستضيفها الدوحة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص حثّّت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي لاعتماد قواعد ملزمة قانوناً بشأن منظومات الأسلحة ذاتية التشغيل (الصليب الأحمر)

خاص «الصليب الأحمر»: الوضع في غزة مروّع... ولن نكون بديلاً لـ«أونروا»

في المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا، تؤكد اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أهمية التمسك بالقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين، باعتبارهما حجر الزاوية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي «كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية- أ.ف.ب)

«حماس» تعلن «تحرير» فلسطينيين محتجزين لدى الجيش الإسرائيلي بشمال غزة

أعلنت «كتائب القسام» (الجناح العسكري لحركة «حماس») اليوم، أن مقاتليها تمكنوا من «تحرير» فلسطينيين كان الجيش الإسرائيلي يحتجزهم داخل منزل في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة )
خاص غسان سلامة (الشرق الأوسط) play-circle 04:47

خاص غسان سلامة لـ«الشرق الأوسط»: العالم إلى حروب أوسع

في حوار موسَّع تحدث غسان سلامة عن الفرص المنظورة لـ20 دولة قد تتحول إلى قوى نووية، ودور الذكاء الاصطناعي في حرب المسيرات ومستقبل سوريا مع ما هو قائم الآن.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي من شبه المستحيل إدخال حتى ولو جزء بسيط من المساعدات الضرورية إلى الأراضي الفلسطينية المحاصرة (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: نشهد انهيار القانون والنظام في قطاع غزة والنهب المسلح لإمداداتنا

حذر المنسق الجديد للشؤون الإنسانية الطارئة التابع للأمم المتحدة، توم فليتشر، من انتشار الجريمة الخارجة عن السيطرة في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
TT

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

عمّت حالة من التوتر بني وليد (شمال غربي ليبيا) إثر منع الأجهزة الأمنية فعالية سياسية تدعو لطرد «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية من البلاد، وأعقب ذلك القبض على قيادات قبائلية ونشطاء، ما أدى إلى تسخين الأجواء بالمدينة التي أمضت ليلتها في حالة انتفاضة.

وكان مقرراً أن تستضيف بني وليد، التي لا تزال تدين بالولاء لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، المشاركين في حراك «لا للتدخل الأجنبي» مساء السبت، قبل أن تدهم قوات الأمن الاجتماع المخصص لذلك، وتقتاد بعض قياداته إلى مقار أمنية، ما تسبب في تصعيد حالة الغضب.

ومع الساعات الأولى من ليل السبت، احتشد مئات المتظاهرين، وخاصة أهالي قبيلة ورفلة، وبعضهم موالٍ أيضاً لسيف الإسلام نجل القذافي، أمام ديوان مديرية أمن بني وليد، في ما يشبه انتفاضة، منددين باعتقال بعض قيادات الحراك، ومرددين الهتاف الشهير: «الله ومعمر وليبيا وبس»، لكنهم أيضاً هتفوا ضد عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

ونجح المتظاهرون في الضغط على السلطات في بني وليد لاستعادة المحتجزين، لكنهم ظلوا يصعّدون هتافاتهم ضد الدبيبة وحكومته.

وعبّرت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» بليبيا عن «قلقها البالغ» لعملية «الاحتجاز التعسفي لعدد من المواطنين المجتمعين في مدينة بني وليد، المطالبين بإخراج القوات والقواعد الأجنبية الموجودة على الأراضي الليبية»، مشيرة إلى أن مواطنين طاعنين في السنّ كانوا من بين المعتقلين.

وقالت المؤسسة، في بيان، الأحد، إن «أفراد الأمن التابعين للمديرية التابعة لوزارة الداخلية بحكومة (الوحدة) أطلقوا الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين من أمام مقر المديرية».

وأضرم غاضبون من شباب بني وليد النار في الكاوتشوك اعتراضاً على اعتقال 4 مشايخ من قبيلة ورفلة بالمدينة، كما أغلقوا بعض الطرقات، بعد مظاهرة حاشدة في ميدان الجزائر بالمدينة.

ودافعت مديرية أمن بني وليد عن نفسها، وقالت إنها تشدد على منتسبيها «الالتزام بتنفيذ التعليمات واللوائح التي تمنعهم من التدخل في أي عمل سياسي، وتلزمهم بحماية أي تعبير سلمي للمواطنين»، لكنها «لا تتحمل مسؤولية تأمين أنشطة اجتماعية أو سياسية لا تملك بخصوصها أي بيانات أو موافقات رسمية تسمح بها».

وأبدت مديرية الأمن تخوفها من «اختراق أي تجمع لسكان المدينة، عبر أي مشبوهين، لغرض توريط بني وليد في الفوضى خدمة لمصالح شخصية»، وانتهت إلى «التذكير بأن الثوابت الوطنية المرتبطة بوحدة ليبيا، وحماية سيادتها ومواطنيها، هي مسؤولية دائمة بالنسبة لها، وليست موضع تشكيك أو تخوين».

وتصعّد قبائل موالية لنظام القذافي منذ أشهر عدّة ضد وجود «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية في البلاد، مطالبة بإخراجهم، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية «في أسرع وقت».

وسبق للعميد العجمي العتيري، آمر كتيبة «أبو بكر الصديق»، التي اعتقلت سيف الإسلام القذافي، أن أعلن أن الاجتماع التحضيري للقبائل، الذي عملت عليه قبيلة المشاشية تحت عنوان «ملتقى لمّ الشمل»، اتفق على اختيار اللجنة التنسيقية للملتقى العام، مجدداً المطالبة بإخراج القواعد الأجنبية من ليبيا وطرد «المرتزقة».

ورأت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» أن التظاهر السلمي بالعديد من المدن والمناطق الليبية يُعد «تعبيراً طبيعياً عن التذمّر والاستياء من الوجود الأجنبي للقوات والقواعد الأجنبية والمرتزقة في عموم ليبيا»، محملة وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» ومدير أمن بني وليد «المسؤولية القانونية الكاملة حيال ما قام به أفراد الأمن بالمديرية من قمع للمواطنين المتظاهرين السلميين، واعتقال عدد منهم».

وتحذر المؤسسة من «استمرار محاولة المساس بحياة المتظاهرين وتعريضهم للترويع والإرهاب المسلح وحجز الحرية بالمخالفة للقانون»، وانتهت إلى أنه «في جميع الأحوال لا يجب استخدام الأسلحة النارية، بشكلٍ عشوائي، لتفريق المعتصمين السلميين».

وتستعين جبهتا شرق ليبيا وغربها بآلاف من عناصر «المرتزقة السوريين» المواليين لتركيا، وآخرين مدعومين من روسيا، وذلك منذ وقف الحرب على العاصمة طرابلس في يونيو (حزيران) 2020، إلى جانب 10 قواعد عسكرية أجنبية، بحسب «معهد الولايات المتحدة للسلام».

وسبق أن هتف مواطنون للقذافي، وذلك إثر خروج جمهور كرة القدم الليبية من «استاد طرابلس الدولي» بعد هزيمة المنتخب أمام نظيره البنيني في تصفيات التأهل لـ«أمم أفريقيا».