اتفاق جزائري - فرنسي على إعادة ممتلكات الأمير عبد القادر

يتضمن إنجاز «كرونولوجيا الجرائم الاستعمارية» خلال القرن 19

لقاء بين الرئيسين الجزائري والفرنسي بالعاصمة الجزائرية نهاية أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
لقاء بين الرئيسين الجزائري والفرنسي بالعاصمة الجزائرية نهاية أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

اتفاق جزائري - فرنسي على إعادة ممتلكات الأمير عبد القادر

لقاء بين الرئيسين الجزائري والفرنسي بالعاصمة الجزائرية نهاية أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
لقاء بين الرئيسين الجزائري والفرنسي بالعاصمة الجزائرية نهاية أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

​نشر التلفزيون الحكومي الجزائري، الثلاثاء، بعض ما تم الاتفاق عليه خلال أول اجتماع في الجزائر للجنة الذاكرة الجزائرية - الفرنسية حول فترة الاستعمار، وبينها استرجاع ممتلكات الأمير عبد القادر، وإنجاز «كرونولوجيا الجرائم الاستعمارية» خلال القرن التاسع عشر. وجرى الاجتماع الذي ضم أعضاء اللجنة العشرة (5 جزائريين و5 فرنسيين) الأربعاء والخميس في قسنطينة (شرق)، مسقط رأس المؤرخ بنجامان ستورا، رئيس اللجنة من الجانب الفرنسي.

وفي باب «الممتلكات المنهوبة»، أكد التلفزيون الجزائري أن أعضاء اللجنة اتفقوا على «استرجاع كل الممتلكات التي ترمز إلى سيادة الدولة الخاصة بالأمير عبد القادر، وقادة المقاومة، والجماجم المتبقية، ومواصلة التعرف على الرفات التي تعود إلى القرن التاسع عشر».

صورة لأحد التفجيرات النووية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

والأمير عبد القادر بن محي الدين (1808- 1883) يُعَد بنظر جل الجزائريين مؤسس الدولة الحديثة، وبطل المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي. وسبق لفرنسا أن سلمت الجزائر في سنة 2020 رفات 24 مقاوماً قُتلوا في بداية الاستعمار الفرنسي للجزائر الذي استمر 132 عاماً (بين 1830 و1962)؛ لكن الجزائر ظلت تطالب باسترجاع «الجماجم الموجودة في المتاحف» لإعادة دفنها.

وفي ملف الأرشيف، أكد المصدر ذاته أنه «تم الاتفاق على تسليم مليوني وثيقة مرقمنة خاصة بالفترة الاستعمارية»، بالإضافة إلى «29 لفّة و13 سجلاً، ما يشكل 5 أمتار طولية من الأرشيف المتبقي الخاص بالفترة العثمانية»، أي منذ بداية القرن السادس عشر وحتى فترة الاستعمار الفرنسي.

أما في المجال الأكاديمي، فقد اتفق أعضاء اللجنة على «مواصلة إنجاز بيبليوغرافيا مشتركة للأبحاث، والمصادر المطبوعة والمخطوطة عن القرن 19»، بالإضافة إلى «تنفيذ برنامج تبادل وتعاون علمي يشمل بعثات طلابية وبحثية جزائرية إلى فرنسا، وفرنسية إلى الجزائر، للاطلاع على الأرشيف». وتم الإعلان عن تشكيل اللجنة خلال زيارة ماكرون، ولقائه نظيره الجزائري عبد المجيد تبون في أغسطس (آب) 2022، ومهمتها «النظر معاً في تلك الفترة التاريخية»، من بداية الاستعمار حتى نهاية حرب الاستقلال.

محمد لحسن زغيدي رئيس فريق الباحثين الجزائريين حول الذاكرة (الشرق الأوسط)

وتضم اللجنة من الجانب الجزائري 5 مؤرخين، هم: محمد لحسن زغيدي، ومحمد القورصو، وجمال يحياوي، وعبد العزيز فيلالي، وإيدير حاشي. أما من الجانب الفرنسي فتضم المؤرخ بنجامان ستورا، مع عضوية المؤرخين: فلورانس أودوفيتز، وجاك فريمو، وجان جاك جوردي، وترامور كيمونور. وسبق للجنة المشتركة أن عقدت اجتماعين: الأول عبر الفيديو في أبريل «نيسان»، والثاني في باريس في يونيو (حزيران) الماضيين.

المؤرخ الفرنسي بن جامان ستورا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

وتتسم نظرة الجزائر وباريس لملف الذاكرة الشائك بتباعد كبير. فبينما يرى الجزائريون أن «الاشتغال على الذاكرة» يعني اعترافاً صريحاً من فرنسا بجرائم الفترة الاستعمارية وطلب الاعتذار عنها، يفضل الفرنسيون التعامل معه من زاوية أخرى، بحيث يقترحون فسح المجال للباحثين ودارسي تاريخ الاحتلال الفرنسي للجزائر، لتحديد بدقة إن كان ما جرى في فترة 132 عاماً من الاستعمار، يستدعي «توبة» فرنسا وطلب الاعتذار من الجزائر.

وحول هذه النقطة بالذات، قال ماكرون في مقابلة مع مجلة «لوبوان» الفرنسية نُشرت مطلع 2023: «إن أسوأ ما يمكن أن يحصل هو أن نقول: نحن نعتذر، وكلّ منا يذهب في سبيله». وشدد على أن «عمل الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب، إنه عكس ذلك تماماً». موضحاً بأن «عمل الذاكرة والتاريخ يعني الاعتراف بأن في طيّات ذلك أشياء لا توصف وأشياء لا تُفهم... أشياء لا تُبرهَن وأشياء ربما لا تُغتفر».

وكانت الجزائر قد تعاملت ببرودة شديدة في 2020 مع تقرير أعدّه المؤرّخ ستورا، بناءً على تكليف من ماكرون، دعا فيه إلى «القيام بسلسلة مبادرات من أجل تحقيق المصالحة بين البلدين»؛ لأنه لم يتضمن توصية بتقديم اعتذار، أو إبداء ندم على جرائم الاستعمار.


مقالات ذات صلة

منع محامي الكاتب صنصال من السفر إلى الجزائر

شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

منع محامي الكاتب صنصال من السفر إلى الجزائر

سلطات الجزائر ترفض السماح للمحامي فرنسوا زيميراي بالذهاب إلى الجزائر للاستعداد للدفاع عن موكّله، إلى جانب زوجته الجزائرية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا الكاتب الجزائري بوعلام صنصال  (أ.ب)

مصير الكاتب الجزائري الفرنسي صنصال يُعْرَف الأربعاء

في عمله الأدبي «قرية الألماني» يصف قادة حرب التحرير الجزائرية بـ«النازيين»، كما أن زياراته المتكررة لإسرائيل أثارت استياءً، لكن لم يتعرض قط للمضايقات.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الجزائر لمحاربة «أوكار الأموال المشبوهة» بإجراءات صارمة

المبالغ المتداولة خارج النظام المصرفي تصل إلى 8.273 مليار دينار وبسعر الصرف الحالي يمثل ذلك ما يقارب 62 مليار دولار وهو مبلغ هائل يفلت من السيطرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا قارب هجرة سري بعد انقلابه بسبب الأمواج العاتية (خفر السواحل الإسباني)

حزن غرب الجزائر إثر غرق 15 مهاجراً سرياً

انتهت أعمال البحث عن مهاجرين سريين جزائريين بالعثور على 15 جثة لفظها البحر على بعد أميال قليلة من شاطئ مدينة صغيرة غرب العاصمة، وذلك بعد أسبوع من انطلاق رحلتهم.

شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون مرحباً بالرئيس سيريل رامافوزا في مطار العاصمة الجزائرية (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر وجنوب أفريقيا تبحثان الأوضاع في ليبيا ونزاع الصحراء

أشاد الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون، والجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، الجمعة، بـ«الطابع الاستراتيجي للعلاقات الثنائية وخصوصيتها التاريخية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تونس «جبهة الخلاص» المعارضة تطالب بالإفراج عن سجناء الرأي

نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص» المعارضة (إ.ب.أ)
نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص» المعارضة (إ.ب.أ)
TT

تونس «جبهة الخلاص» المعارضة تطالب بالإفراج عن سجناء الرأي

نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص» المعارضة (إ.ب.أ)
نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص» المعارضة (إ.ب.أ)

دعت «جبهة الخلاص الوطني» المعارِضة في تونس السلطات إلى الإفراج عن سجناء الرأي، وفتح حوار وطني حول الإصلاحات، بحسب ما أورده تقرير لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، اليوم (الثلاثاء). وطالبت الجبهة، في بيان تهنئة بالتحولات السياسية في سوريا، بـ«العودة إلى الشرعية الدستورية في تونس، وإعادة بناء المؤسسات على أساس الفصل بين السلطات».

وتعدّ «جبهة الخلاص الوطني» أبرز التجمعات السياسية المعارِضة للرئيس الحالي قيس سعيد، منذ إطاحته بالنظام السياسي السابق في سنة 2021 بدعوى تصحيح مسار الثورة لعام 2011، ومكافحة الفساد.

ويقبع أبرز قياديي الجبهة اليوم في السجن منذ نحو عامين لتهم ترتبط بالتآمر على أمن الدولة، والفساد، والإرهاب. بينما تقول المعارضة إنها «تهمٌ سياسية وملفقة».

وطالبت الجبهة، في بيان حمل توقيع زعيمها السياسي المخضرم، أحمد نجيب الشابي، بـ«الإفراج عن سجناء الرأي جميعاً، وفي مقدمتهم المعتقلون السياسيون، واحترام استقلالية وسائل الإعلام والاتصال».

كما دعت إلى «فتح حوار وطني جامع حول الإصلاحات السياسية والاقتصادية على طريق عودة الاستقرار في كنف الحرية، وفي أفق تنمية مستدامة وعادلة». في المقابل، ينفي الرئيس سعيد، الذي فاز بولاية رئاسية ثانية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وجود تضييق على الحريات أو ضغوط على القضاء. وسبق أن صرح نجيب الشابي بأنَّ الجبهة تتشاور مع قوى سياسية أخرى للقيام باعتصام مفتوح أمام وزارة العدل؛ للمطالبة بتوضيح أسباب احتجاز المعتقلين في قضية «التآمر على أمن الدولة»، والدعوة للإفراج عنهم.

وقال خلال الوقفة الاحتجاجية الأسبوعية للتضامن مع المعتقلين: «نعدّ لاعتصام مفتوح؛ للمطالبة بخروج ناطق رسمي باسم المحكمة أو جهة قضائية؛ ليوضِّح للرأي العام التهم الموجهة لهؤلاء المساجين».

كما دعا إدارة السجن المدني، ووزارة العدل لـ«حفظ كرامة المسجونين، وتوفير كل ما يلزم لراحتهم»، علماً بأن وضعية الاحتفاظ تحسَّنت، الأسبوع الماضي، بعد تدخل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمات حقوقية أخرى.