ما مخاطر توسيع الحرب جنوب غزة على مصر؟

في ظل رفض القاهرة المطلق لـ«تهجير الفلسطينيين»

ما مخاطر توسيع الحرب جنوب غزة على مصر؟
TT

ما مخاطر توسيع الحرب جنوب غزة على مصر؟

ما مخاطر توسيع الحرب جنوب غزة على مصر؟

تصاعدت التوقعات بازدياد التوتر في علاقات القاهرة وتل أبيب، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي تطوير عملياته العسكرية في غزة باتجاه المناطق الجنوبية للقطاع، وهو ما يتواكب مع حركة نزوح واسعة للسكان الفلسطينيين باتجاه المناطق الجنوبية القريبة من الحدود المصرية، في وقت تتمسك فيه القاهرة بموقفها الرافض للإجراءات الإسرائيلية لكل محاولات تهجير الفلسطينيين «داخل قطاع غزة أو خارجه».

وطالب الجيش الإسرائيلي، الخميس الماضي، سكان الجزء الجنوبي من قطاع غزة، بمغادرة منازلهم، في إشارة إلى توسيع العملية البرية لتصل إلى الجنوب، ونفذت إسرائيل عمليات عدة بمناطق دير البلح وخان يونس جنوب القطاع، كما قصف جيش الاحتلال، الأحد، مناطق بالقرب من مستشفى ناصر الطبي (أكبر مستشفيات جنوب غزة).

وذكرت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية قبل أيام، أن التحذير جاء في وقت تعتقد فيه إسرائيل أن كثيراً من قادة «حماس» تحركوا جنوباً باتجاه خان يونس، أكبر مدينة في جنوب غزة، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن كثير من المسؤولين الغربيين، الأمر الذي قد يشير إلى تصاعد وتيرة الهجمات الإسرائيلية المرتقبة وعنفها.

خان يونس

وتُعد منطقة خان يونس أعرض مناطق غزة بنحو 12 كيلومتراً، ومن الممكن أن يُجبر هجوم إسرائيلي في جنوب قطاع غزة مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين فروا أصلاً من الاجتياح الإسرائيلي لمدينة غزة في الشمال على النزوح مجدداً مع سكان خان يونس، التي يقطنها أكثر من 400 ألف نسمة، ما قد يفاقم الأزمة الإنسانية الحادة بالفعل.

ونزح منذ الهجوم الإسرائيلي على غزة نحو ثُلثي سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة. وبحسب تقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، فإن عدد النازحين المقيمين في مرافق المؤسسة الأممية ارتفع إلى 914 ألفاً، موزعين على 156 مرفقاً أغلبها مدارس.

وقال كاظم أبو خلف، الناطق باسم «الأونروا» لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، الأحد، إن 670 ألفاً من النازحين موجودون في 97 منشأة بمنطقة الوسط وخان يونس ودير البلح، وفي مركز تدريب خان يونس، الذي يُعد أكبر منشآت «الأونروا»، ويوجد به 21700 نازح.

ويشير اللواء نصر سالم، المستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات الاستراتيجية، إلى أن «مساعي قوات الاحتلال للبحث عن الأنفاق التي تقول إن عناصر (حماس) تتحصن فيها تدفعها للاتجاه نحو الجنوب، بعدما فشلت في العثور على شيء له قيمة بالشمال»، مضيفاً أن «تلك الإجراءات ستدفع كثيراً من النازحين إلى الاتجاه جنوباً، وهو ما يمثل جزءاً من مخطط إسرائيل لإزاحة سكان القطاع نحو الأراضي المصرية».

وأوضح سالم لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف المصري الرافض لنزوح الفلسطينيين واضح، وهناك تفهم دولي للرؤية المصرية بهذا الصدد، فضلاً عن تراجع إسرائيل عن تصريحات سابقة بشأن دعوة سكان غزة إلى التوجه نحو الأراضي المصرية، إلا أنه أضاف أن كل ذلك «لا يعول عليه عند اتخاذ القرار المصري القائم على حماية الأمن القومي للدولة».

جريمة حرب

ووصف مسؤولون مصريون في أكثر من مناسبة، «سياسة التهجير القسري» التي تتبعها إسرائيل بأنها «جريمة حرب في حد ذاتها»، وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مراراً على أن بلاده «لم ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار»، مؤكداً أن مصر «لن تتهاون في حماية أمنها القومي».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتفقد قوات الجيش بالسويس في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

وخلال زيارته العاصمة الصينية بكين، الاثنين، ضمن اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية، قال وزير الخارجية المصرية، سامح شكري، لنائب الرئيس الصيني ووانج يي، إن «هناك سياسة كانت مُعلنة لتهجير الفلسطينيين من غزة، لكن الموقف المصري والعربي القوي الرافض للتهجير كان بمثابة خط أحمر»، وشدد الوزير المصري على أن «التهجير سوف يهدد السلم والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم».

ويرى الدكتور خالد فهمي، المستشار بمركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة المصرية، أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة «تحمل هدفين؛ أحدهما معلن وهو تعقب عناصر حركة (حماس) وضرب بنيتها العسكرية، والآخر غير معلن، ويتمثل في دفع سكان القطاع إلى النزوح عن أراضيهم وإخلاء القطاع من سكانه أو معظمهم على الأقل».

وأوضح فهمي لـ«الشرق الأوسط»، أن «اتجاه العمليات الإسرائيلية تجاه جنوب غزة سيؤدي لا محالة إلى تصعيد حدة التوتر في المنطقة»، خصوصاً أن جنوب القطاع يحاذي الحدود المصرية، وهو المجال النشط الذي تتحرك فيه قوافل المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح. وواصل فهمي: «تصعيد العمليات والاستهداف الإسرائيلي وفق النمط الذي شهدناه في شمال القطاع قد يؤثر سلباً على تدفق المساعدات، أو يتسبب في ارتكاب أخطاء تؤدي إلى تفاقم الموقف».

ونفذت إسرائيل منذ بدء هجومها على قطاع غزة كثيراً من عمليات القصف في مناطق جنوب غزة، إذ قصفت عدة مرات البوابة الفلسطينية من معبر رفح والطرق المؤدية إليها لعرقلة دخول المساعدات إلى القطاع الفلسطيني من الجانب المصري.

وأعلن المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن إصابات طفيفة وقعت بعد إصابة أحد أبراج المراقبة على الحدود المصرية بشظايا قذيفة من دبابة إسرائيلية عن طريق الخطأ. وأوضح المتحدث العسكري في بيان، أن «الجانب الإسرائيلي أبدى أسفه على الحادث غير المتعمد فور وقوعه، وجارٍ التحقيق في ملابسات الواقعة».

كما نفذ الجيش الإسرائيلي مطلع الشهر الحالي، عملية توغل مركزة في جنوب قطاع غزة، حيث «اشتبكت قواته مع مجموعة مسلحين خرجت من أحد الأنفاق»، بحسب بيان عسكري إسرائيلي.


مقالات ذات صلة

87 قتيلاً في مجزرة بيت لاهيا... والأمم المتحدة تندد بـ«مشاهد مروعة»

المشرق العربي طفلان فلسطينيان في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة وسط القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

87 قتيلاً في مجزرة بيت لاهيا... والأمم المتحدة تندد بـ«مشاهد مروعة»

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، الأحد، مقتل وفقدان 87 شخصاً جراء القصف الإسرائيلي لبيت لاهيا في شمال غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون ينتشلون جثامين الضحايا من تحت أنقاض منزل عائلة شناعة المدمر في أعقاب غارة جوية إسرائيلية على مخيم المغازي للاجئين في قطاع غزة (إ.ب.أ)

مقتل 73 وإصابة العشرات في غارات على بيت لاهيا... وإسرائيل تشكك في حصيلة الضحايا

قالت حركة «حماس» إن 73 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارة إسرائيلية على بلدة بيت لاهيا بشمال قطاع غزة، فيما شككت إسرائيل من جانبها في حصيلة الضحايا.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لإخفاء هوية خليفة السنوار... والمنافسة محصورة بخمسة play-circle 02:04

خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لإخفاء هوية خليفة السنوار... والمنافسة محصورة بخمسة

تتجه حركة «حماس» إلى إخفاء هوية رئيس مكتبها السياسي الجديد بعد اغتيال إسرائيل رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار في قطاع غزة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي أطفال انفصلوا عن شقيقهم بعد فراره من شمال غزة ينظرون إلى صورته على هاتف جوال (رويترز)

انقطاع كامل للإنترنت في شمال غزة

أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل)، اليوم (السبت)، عن انقطاع كامل لخدمات الإنترنت في محافظة شمال قطاع غزة، بسبب «عدوان الاحتلال المتواصل».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يرى وفاة السنوار «فرصة لنهاية الحرب»... فهل يعني تصعيد القتال أم التوصل لاتفاق؟

زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن مقتل زعيم حركة «حماس»، يحيى السنوار، «بالصدفة»، الأربعاء، يمكن أن يمثل «بداية النهاية» للحرب في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ليبيا تتجاهل اتهام أحد مواطنيها بـ«التخطيط لهجوم» على سفارة إسرائيل في ألمانيا

رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة مستقبِلاً السفير الألماني الجديد في طرابلس (المكتب الإعلامي للحكومة)
رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة مستقبِلاً السفير الألماني الجديد في طرابلس (المكتب الإعلامي للحكومة)
TT

ليبيا تتجاهل اتهام أحد مواطنيها بـ«التخطيط لهجوم» على سفارة إسرائيل في ألمانيا

رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة مستقبِلاً السفير الألماني الجديد في طرابلس (المكتب الإعلامي للحكومة)
رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة مستقبِلاً السفير الألماني الجديد في طرابلس (المكتب الإعلامي للحكومة)

استيقظ الليبيون، الأحد، على نبأ توقيف أحد مواطنيهم في ألمانيا بتهمة «التخطيط لشن هجوم بأسلحة نارية» على سفارة إسرائيل في برلين.

وأعلن الادعاء العام الألماني في مدينة كارلسروه الألمانية، أن الليبي الذي اعتُقل للاشتباه في انتمائه لتنظيم «داعش»؛ «خطط لشن هجوم بأسلحة نارية على السفارة الإسرائيلية في برلين».

واستقبل الليبيون الاتهام الموّجه إلى لمواطن، بما بين «توجس مما هو قادم» وإلقاء اللوم «على الكيان الإسرائيلي» الذي يرون أن «جرائمه في فلسطين ولبنان سبب في عمليات انتقامية».

والتزمت السلطات الليبية في عموم البلاد الصمت حيال الواقعة، التي يرى بعض المتابعين أنها «ستزيد من عزلة بلدهم؛ من خلال فرض مزيد من قيود السفر إلى الاتحاد الأوروبي».

غير أن الخبير العسكري عادل عبد الكافي رأى أن توقيف المواطن الليبي في ألمانيا «لا يزال في مرحلة الاشتباه»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم يُحاكم ولم تثبت الأدلة التي تشير إلى تورطه في انتمائه إلى جماعات إرهابية».

جهاز مكافحة الإرهاب في برلين (أرشيفية - متداولة)

وقال عبد الكافي: «إن الأعمال الإجرامية التي اقترفها الكيان الإسرائيلي في فلسطين ولبنان، أحيت المشاعر في العالم ضد ما قام به من جرائم»، ورأى أن ذلك من شأنه «أن يدفع بكثير من الشباب إلى القيام بأي عمل تجاه التمثيل الدبلوماسي الصهيوني في أي مكان على الأرض».

ويتخوف المحلل السياسي الليبي أحمد أبو عرقوب، من أن تلقي الواقعة بظلالها على المهاجرين غير النظاميين الموجودين في دول الاتحاد الأوروبي، و«ازدياد مخاطر الترحيل إلى خارج دول الاتحاد».

ويدعو أبو عرقوب في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى ضرورة «التريث لحين انتهاء التحقيقات مع الليبي المشتبه به... الأمر لم يتضح بعد»، متسائلاً: «هل ستدفع دول الاتحاد الأوروبي ثمن مساهمته في عدم استقرار الدولة الليبية؟»، حسب قوله.

واتخذت الحكومة الألمانية مؤخراً سلسلة إجراءات لتشديد ضوابط الهجرة غير النظامية، منها تسريع عمليات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين، وهي النقطة التي ركَّز عليها المحلل السياسي الليبي بالنظر إلى أن «العدد الأكبر من المهاجرين الذين يصلون إلى دول الاتحاد الأوروبي يأتون من ليبيا».