«سد النهضة»: ما «التأثيرات الكارثية» التي تتحسب لها مصر؟

قبل جولة مفاوضات مرتقبة في إثيوبيا خلال أسابيع

جانب من المفاوضات التي شهدتها القاهرة قبل نحو أسبوع (وزارة الموارد المائية المصرية)
جانب من المفاوضات التي شهدتها القاهرة قبل نحو أسبوع (وزارة الموارد المائية المصرية)
TT

«سد النهضة»: ما «التأثيرات الكارثية» التي تتحسب لها مصر؟

جانب من المفاوضات التي شهدتها القاهرة قبل نحو أسبوع (وزارة الموارد المائية المصرية)
جانب من المفاوضات التي شهدتها القاهرة قبل نحو أسبوع (وزارة الموارد المائية المصرية)

قبل أسابيع من جولة مفاوضات مرتقبة حول نزاع «سد النهضة»، تعقد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أعادت كلمات وزير الخارجية والموارد المائية في مصر، خلال مؤتمر «أسبوع القاهرة للمياه»، النقاشات مجدداً بشأن التأثيرات التي تتحسب لها مصر، والتي وصفها خبراء بـ«الكارثية».

ووفق وزير الري والموارد المائية المصري هاني سويلم، فإن مصر تأتي على رأس قائمة الدول القاحلة والأقل من حيث معدل الأمطار، مع الاعتماد شبه المطلق على نهر النيل بنسبة 98 بالمائة، الذي يأتي من خارج الحدود، ويبلغ نصيب الفرد في مصر من المياه سنوياً نصف حد الفقر المائي عالمياً، لافتاً إلى أن «سد النهضة الإثيوبي يعد أحد أمثلة التحركات الأحادية، حيث تم إنشاؤه على نهر النيل دون تشاور ودون إجراء دراسات وافية عن السلامة أو آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المتشاطئة».

وانطلقت، الأحد، فعاليات «أسبوع القاهرة السادس للمياه» تحت عنوان «العمل على التكيف في قطاع المياه من أجل الاستدامة»، ويستمر المؤتمر حتى 2 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وتتطلع مصر إلى جولة مفاوضات رابعة مرتقبة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، عقب انتهاء الجولة الثالثة التي عقدت بالقاهرة يومي 23 و24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي من دون التوصل لاتفاق.

وأوضح وزير الري المصري أن «مثل هذه الممارسات الأحادية غير التعاونية في تشغيل هذا السد المبالغ في حجمه يمكن أن يكون لها تأثير كارثي، ففي حالة استمرار تلك الممارسات على التوازي مع فترة جفاف مطول قد ينجم عن ذلك خروج أكثر من مليون و100 ألف شخص من سوق العمل، وفقدان ما يقرب من 15 بالمائة من الرقعة الزراعية المصرية».

ويرى خبراء أن تأثيرات «سد النهضة» الإثيوبي على مصر «تتجاوز تناقص حصتها من المياه»، إذ إن ثمة «مشكلات كثيرة تتعلق بأمان السد قد تكون كارثية»، وقال المستشار السابق لوزير الري المصري، خبير الموارد المائية الدكتور ضياء الدين القوصي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الكارثة الكبرى أن سد النهضة بني على منطقة فالق (تعني شقاً في الأرض يفصل جزأين من القشرة الأرضية)، ما يعني ببساطة أن أي هزة أرضية ستكون نتيجتها انهيار السد، كما أن تربة المنطقة تسمى تربة (شبه انهيارية) بسبب طبيعتها الجيولوجية، ومنطقة القرن الأفريقي بشكل عام نشطة بركانياً وزلزالياً».

وفسّر القوصي وصف وزير الري لسد النهضة بـ«المبالغ في حجمه»، قائلاً إنه «عند بدء إنشاء سد النهضة كان مجرد سد صغير يسمى (سد الحدود) وسعة التخزين فيه لم تكن ستتجاوز 9 مليارات متر مكعب، وكان سيعتمد على ما يسمى (التخزين السنوي) وهو يعني استخدام مياه الفيضان السنوي فقط، أما السد الحالي فسعته التخزينية 74 مليار متر مكعب، ويعتمد نظام (التخزين طويل الأمد) وهو ما يؤثر بشكل مباشر على حصة مصر والسودان».

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأحد، إن «مصر باعتبارها هي دولة المصب الأخيرة بحوض النيل، فإنها الأكثر تأثراً بتبعات أي ممارسات غير تعاونية بالحوض، فضلاً عما قد يعتريه من تغيرات مناخية، وبالتالي فإن تكريس التعاون المائي الفعال العابر للحدود يعد بالنسبة لمصر أمراً وجودياً لا غنى عنه».

وزير الخارجية المصري يتحدث الأحد في افتتاح «مؤتمر القاهرة للمياه» (مجلس الوزراء المصري)

وأشار شكري خلال كلمته في افتتاح «أسبوع القاهرة للمياه» إلى أن «مصر من الدول التي تعاني حالة ندرة مياه فريدة من نوعها، وتعتمد بشكل شبه مطلق على المياه العابرة للحدود من نهر النيل، الذي يعد المصدر الأول والأهم لأمن مصر الغذائي عبر الزراعة»، مؤكداً على أن «مصر تعاني عجزاً مائياً بنسبة كبيرة تصل إلى 55 في المائة من احتياجاتها».

وعدّ وزير الري المصري الأسبق، أستاذ هندسة الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور محمد نصر علام، تأثيرات «سد النهضة» على مصر بـ«الكارثية»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تأثر مصر ببناء سد النهضة فيما يتعلق بحصتها من المياه كارثي، فكل نقطة مياه تخصم من نصيب مصر تؤثر على الزراعة والصناعة والقطاعات كافة، خاصة حصة الفرد من مياه الشرب»، موضحاً أن «معاملات أمان السد تشكل كارثة أخرى، خاصة في ظل التغيرات المناخية الحادة، ولم تقدم إثيوبيا لكل من مصر والسودان أي دراسات تتعلق بأمن وسلامة السد».


مقالات ذات صلة

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

هيمن كل من الحرب في غزة وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الخارجية المصرية)

عبد العاطي لبلينكن: الأمن المائي قضية «وجودية» لمصر

أكّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، رفض مصر وإدانتها للتصعيد الإسرائيلي ضد وكالة «أونروا».

شمال افريقيا وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم خلال حفل تخريج متدربين أفارقة (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

مصر تتمسك بقاعدة «الإجماع» لحل «الخلافات المائية» في حوض النيل

أكّدت مصر تمسكها بضرورة العمل وفق قاعدة «الإجماع» في إدارة وحل «الخلافات المائية» مع دول حوض النيل.

عصام فضل (القاهرة)

مصر: الحديث عن فرض رسوم على الهواتف المستوردة يثير جدلاً

جولة رئيس الوزراء بأحد مصانع صناعة الجوال في مصر مايو الماضي (مجلس الوزراء المصري)
جولة رئيس الوزراء بأحد مصانع صناعة الجوال في مصر مايو الماضي (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر: الحديث عن فرض رسوم على الهواتف المستوردة يثير جدلاً

جولة رئيس الوزراء بأحد مصانع صناعة الجوال في مصر مايو الماضي (مجلس الوزراء المصري)
جولة رئيس الوزراء بأحد مصانع صناعة الجوال في مصر مايو الماضي (مجلس الوزراء المصري)

أثارت أنباء عن اتجاه الحكومة المصرية لفرض رسوم جديدة على الهواتف الجوالة المستوردة من الخارج جدلاً في مصر، وسط مخاوف من تسبب القرار في رفع الأسعار، أو الحد من استيراد ماركات محددة.

وفي حين لم يصدر توضيح رسمي حول ما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي بشأن رسوم استيراد الهواتف، فإن مختصين ومسؤولين في الغرف التجارية المصرية نفوا «صدور أي قرارات بفرض رسوم جديدة على استيراد الهواتف»، وأشاروا إلى أن «حالة الجدل متكررة، في ظل الضوابط التي تتخذها الحكومة المصرية، مع عمليات استيراد الهواتف بطرق غير رسمية».

وفي وقت سابق، انتقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استيراد كميات كبيرة من السلع من بينها الهواتف الجوالة؛ ما يسبب أزمة في توافر الدولار، وقال خلال افتتاحه مشروعات نقل جديدة، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده تستورد بنحو 9 مليارات دولار (الدولار الأميركي يعادل 49.30 جنيه مصري) هواتف جوالة سنوياً»، ودعا إلى «ضرورة الاتجاه للتصنيع المحلي؛ لتقليل فاتورة الاستيراد».

رئيس الوزراء المصري داخل أحد مصانع إنتاج الهواتف الجوالة بمصر (مجلس الوزراء المصري)

واستبعد نائب رئيس «شعبة المحمول» باتحاد الغرف التجارية المصرية، محمد الحداد، ما تداوله بعض مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، من أنباء حول فرض رسوم على الهواتف التي يستقدمها أصحابها من الخارج مقابل تشغيلها، وأكد على «عدم صدور أي قرار رسمي بهذا الشأن»، مشيراً إلى أن «ممثلي الغرفة أرسلوا دعوة لاجتماع مع مسؤولي الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (جهاز حكومي تابع لوزارة الاتصالات)؛ لاستيضاح حقيقة وجود القرار من عدمه».

ويرى الحداد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «السوق المصرية ليست في حاجة إلى هذا الإجراء، بعد تراجع حجم الاستيراد من الهواتف؛ نتيجة للتوسع في التصنيع المحلي»، مشيراً إلى أن «هناك نحو 6 شركات متخصصة في صناعة الهواتف الجوالة بدأت إنتاجها في مصر»، وقال إن «ذلك أسهم في خفض أسعار الهواتف، بالمقارنة بأسعارها في دول المنطقة والخليج».

ويصل إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركات الأجنبية المصنعة للهاتف الجوال في مصر إلى نحو 11.5 مليون وحدة سنوياً، حسب إفادة من وزارة الاتصالات المصرية، أغسطس (آب) الماضي.

وارتفعت واردات مصر من هواتف الجوال بنسبة 31.4 في المائة، خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الحالي 2024، حيث سجلت 1.828 مليون دولار في مقابل 1.391 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023، حسب إفادة من «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر، في أغسطس الماضي.

وقال نائب رئيس «شعبة المحمول» بغرفة القاهرة التجارية، وليد رمضان، إن «ما تردد عن رسوم جديدة على الهواتف الجوالة المستوردة أثار حالة من القلق لدى التجار في مصر»، مضيفاً في تصريحات متلفزة، الجمعة، أن «قرار فرض رسوم جديدة سيشكل عبئاً على المستهلكين، خصوصاً الأجهزة التي يتم استقدامها بشكل شخصي بوصفها هدايا، أو للاستخدام الشخصي»، مشيراً إلى أنه «في حالة تطبيق رسوم على الأجهزة الواردة من الخارج يجب وضع آلية للتطبيق».

وتفاعل عدد من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي مع أنباء الرسوم الجديدة على «الجوال»، وحذرت حسابات من تأثير مثل هذا القرار على «السياحة الوافدة إلى مصر».

غير أن سكرتير شعبة الاتصالات بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، تامر محمد، رجح أن تكون أنباء الرسوم الجديدة «مرتبطة بإجراءات (جهاز تنظيم الاتصالات) مع مستوردي الهواتف الجوالة بطرق غير رسمية»، مشيراً إلى أنه «لا توجد أي إجراءات استثنائية بخصوص واردات أجهزة الاتصالات من الخارج».

وفي وقت سابق، أشارت تقارير لوسائل إعلام محلية إلى أن «(جهاز تنظيم الاتصالات) يدرس فرض رسوم على الهواتف المهربة من الخارج؛ لحماية الحصيلة الجمركية، وحماية السوق المحلية».

وأوضح محمد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «رسوم استيراد أجهزة الاتصالات محددة وثابتة، وتشمل 14 في المائة ضريبة قيمة مضافة، و10 في المائة رسوم جمارك»، مشيراً إلى «وجود اشتراطات محددة من وزارة الاتصالات لاستيراد أجهزة الاتصالات، أهمها أن تكون الأجهزة معتمدة وتطابق المواصفات والمعايير الخاصة بمصر»، وكشف عن «اجتماع مرتقب دعا له (جهاز تنظيم الاتصالات) مع الشركات العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات؛ لشرح آليات ومعايير استيراد أجهزة الاتصالات، وإجراءات دعم الصناعة، وحماية حقوق مستخدمي خدمات الاتصالات».