الجزائر تنجح في إقناع سويسرا بتجميد أرصدة وزير سابق

تمهيداً لاستعادة مبلغ 1.7 مليون يورو محل «شبهة فساد»

وزير الصناعة سابقاً عبد السلام بوشوارب (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة سابقاً عبد السلام بوشوارب (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر تنجح في إقناع سويسرا بتجميد أرصدة وزير سابق

وزير الصناعة سابقاً عبد السلام بوشوارب (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة سابقاً عبد السلام بوشوارب (الشرق الأوسط)

بعد جهود طويلة، نجحت الحكومة الجزائرية، عن طريق جهازها القضائي، في إقناع القضاء الفيدرالي السويسري بتجميد الأرصدة المالية لوزير الصناعة السابق، عبد السلام بوشوارب، ببنك في جنيف، تمهيداً لاستعادة مبلغ 1.7 مليون يورو محل شبهة فساد.

وكتبت صحيفة «لوتون» (الوقت) السويسرية في عدد، الجمعة، أن الوزير، من دون ذكر اسمه، عارض عن طريق محاميه وضع حسابه البنكي تحت الحراسة القضائية، كما عارض قرار القضاء الفيدرالي إرسال مستندات مالية تخص الحساب ذاته إلى القضاء الجزائري.

وأكدت الصحيفة نفسها أن الوزير الأسبق أرفق طعنهُ بحجج تتعلق بـ«انتهاك حقوق أساسية»، و«ملاحقته سياسياً» من طرف الحكومة الجزائرية. غير أن القضاء السويسري لم يأخذ بها، وفق «لوتون»، التي أكدت أن لديه وديعة بـ1.7 مليون يورو في بنك بجنيف، مبرزة أن قضاة محكمة بلنزون بمقاطعة كانتون، ثبتوا المساعدة القضائية التي طلبتها الجزائر من سويسرا، بخصوص التحفظ على كل ودائع الوزير الأسبق الذي كان مقرباً من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (1999- 2019)، حسب الصحيفة التي أوضحت أن مضمون الطلب الجزائري يخص شبهات رشى طالت صفقة شراء أقنية فولاذية.

ولم توضح الصحيفة متى جرت هذه العملية التجارية التي أشرف عليها الوزير الجزائري الأسبق، وما إن كانت تمت في الجزائر أم خارجها، مؤكدة أن القضاة اقتنعوا بالأدلة المقدمة لهم، فوافقوا على طلب الحكومة السويسرية بالحجز تحفظياً على ودائعه. كما أوضحت أن هذا الملف «جزء من بحث واسع عن أموال حولها كبار الشخصيات في النظام (الجزائري) السابق. فالوزير السابق الذي كان أيضاً برلمانياً ولم يتم الكشف عن هويته في القرار، غادر بلاده قبل أن يخضع لإجراءات عديدة. وأدين غيابياً، وأصدرت الجزائر مذكرة توقيف دولية بحقه، ومكان إقامته حالياً غير معروف».

وأفاد مصدر قضائي، له صلة بوجهاء مطلوبين قضائياً لـ«الشرق الأوسط»، بأن الوزير المعني بالتحفظ على ودائعه، هو وزير الصناعة والمناجم سابقاً عبد السلام بوشوارب (2015- 2017)، وهو أيضاً رجل أعمال يملك مصنعاً لإنتاج رقائق البطاطس غرب العاصمة الجزائرية، تمت مصادرته عام 2022 ضمن أملاك أخرى كبيرة جداً، تقدر قيمتها بعشرات ملايين الدولارات، حسب تقارير للأمن الجزائري رفعت إلى المحاكم، وشكلت أساساً لإدانته في 4 قضايا فساد، نال في كل واحدة منها 20 سنة سجناً مع التنفيذ. كما صدر بحقه أمر دولي بالاعتقال، وإنابات قضائية رفعتها الجزائر إلى فرنسا ولبنان لمصادرة أملاكه، وتجميد حساباته البنكية، على أساس أن مصدرها من المال العام.

أحمد أويحيى حُكم بالسجن بتهم الفساد وسوء التسيير والاختلاس (الشرق الأوسط)

وغادر بوشوارب الجزائر بعد عزله مباشرة من المنصب الحكومي عام 2017. ويعتقد أنه يقيم بفرنسا التي يملك جنسيتها، كما يملك بعاصمتها شقتين، وله أيضاً بيت في لبنان تعرض لأضرار بليغة في انفجار بيروت عام 2020، وفق تحقيقات الأمن.

سعيد بوتفليقة من المعتقلين بتهم فساد (الشرق الأوسط)

ومنذ استقالة الرئيس بوتفليقة في الثاني من أبريل (نيسان) 2019، في خضم ثورة الشارع ضده، سجنت السلطات عشرات المسؤولين المدنيين والعسكريين بتهم الفساد وسوء التسيير واختلاس مال عام، من بينهم 3 رؤساء وزراء، هم أحمد أويحيى، وعبد المالك سلال، ونور الدين بدوي، وكبير المستشارين بالرئاسة سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس سابقاً، إضافة إلى سجن رئيسَي جهاز المخابرات سابقاً بشير طرطاق وواسيني بوعزة، ومسؤولين عسكريين آخرين، فضلاً عن إطلاق مذكرات اعتقال دولية ضد عدة مسؤولين موجودين في الخارج، أبرزهم وزير الطاقة سابقاً شكيب خليل، المتهم بتلقي رشوة قيمتها 190 مليون دولار، تخص صفقة تمت بين «سوناطراك» الحكومية للمحروقات، وشركة «إيني» الإيطالية عام 2012.

الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن صرح بأن السلطات رفعت 259 إنابة قضائية دولية إلى 31 دولة يعتقد أنها تمثل ملاذاً آمناً لأموال عامة هربها وجهاء من النظام (رئاسة الوزراء)

وكان الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن قد صرح بالبرلمان، مطلع الشهر الحالي، أن السلطات رفعت 259 إنابة قضائية دولية إلى 31 دولة، يعتقد أنها تمثل ملاذاً آمناً لأموال عامة هرّبها وجهاء من النظام، مؤكداً أنه تم تنفيذ 62 إنابة، حددت الحكومة الجزائرية بفضلها حجم الأموال ومكان وجودها، حسبه، وطالبت الدول المعنية بمصادرتها تمهيداً لإعادتها إلى الجزائر.


مقالات ذات صلة

رئيس الجزائر يصف زيارة كانت مقررة إلى فرنسا بـ«الخضوع والإذلال»

شمال افريقيا الرئيس تبون خلال المقابلة الصحافية التي بثها التلفزيون العمومي (الرئاسة)

رئيس الجزائر يصف زيارة كانت مقررة إلى فرنسا بـ«الخضوع والإذلال»

قال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون: «لن أذهب إلى (كانوسا)»؛ تعبيراً عن أن التوجه إلى فرنسا في الوقت الحالي يعدّ «استسلاماً» و«خضوعاً».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الاقتصاد أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الجزائر تعتزم شراء أسهم بقيمة 1.5 مليار دولار في بنك «بريكس»

كشف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عن أن بلاده تعتزم شراء أسهم في بنك «بريكس» للتنمية، بقيمة مليار ونصف مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الوفد الجزائري خلل مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة (الخارجية الجزائرية)

الاحتقان بين الجزائر ومالي يصل إلى ذروته

تعرف العلاقات بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي احتقاناً حاداً منذ إلغاء باماكو بشكل أحادي «اتفاق المصالحة والسلام»، الذي وقعته مع المعارضة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

حملة فرنسية لمراجعة «اتفاق الهجرة» مع الجزائر

جرى التوقيع على اتفاق الهجرة في 27 ديسمبر (كانون الأول) 1968، بهدف تنظيم حركة العمال الجزائريين بفرنسا بعد استقلال البلاد في 1962.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

أعلن الجيش السوداني تحقيق انتصارات في منطقة «جبل موية» الاستراتيجية، بعدما كان قد فقد السيطرة عليها لصالح «قوات الدعم السريع» في أواخر يونيو (حزيران) الماضي. كما التحم الجيش مع قواته في ولاية سنار وولاية النيل الأبيض، منهياً بذلك عزلة هاتين الولايتين التي كانت مفروضة عليهما لنحو 3 أشهر. وقال مؤيدون للجيش ومواطنون إن قوات الجيش استعادت المنطقة، وسيروا مواكب احتفالية لإنهاء الحصار الذي كان مفروضاً عليهم.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» على منطقة «جبل موية» في 25 يونيو الماضي، بعد معارك شرسة دارت بينها وبين الجيش، ما مكنها من قطع الطرق الرابطة بين ثلاث ولايات، وعزل قواعد الجيش هناك.

وتقع منطقة «جبل موية» على بعد 250 كيلومتراً جنوب العاصمة الخرطوم، وتعد موقعاً استراتيجياً تتداخل فيه ثلاث ولايات هي: الجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض.

و«جبل موية» عبارة عن ثلاثة تلال جبلية هي «جبل موية، وجبل دود، وجبل بيوت»، وتتحكم المنطقة في الطريق البري الرابط بين مدينتي ربك حاضرة ولاية النيل الأبيض، وسنار أكبر مدن ولاية سنار، كما تتحكم في الطريق الذي يربط منطقة المناقل بمدينة سنار. وتحيط بجبل موية عدة مناطق عسكرية تابعة للجيش هي «الفرقة 17 سنجة» بولاية سنار، و«الفرقة 18 مشاة» بولاية النيل الأبيض، و«اللواء جوي 265 سنار»، وقاعدة «كنانة الجوية».

وحولت سيطرة «قوات الدعم السريع» على جبل موية تلك المناطق العسكرية إلى جزر معزولة عن بعضها، وعزلت الولايات الثلاث عن بقية أنحاء البلاد.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (مواقع التواصل)

وقال إعلام مجلس السيادة الانتقالي في نشرة إن نائب القائد العام للجيش الفريق شمس الدين الكباشي قدم التهاني للجيش بانتصاراته، وتعهد بـ«مواصلة الزحف حتى تطهير آخر شبر من هذا البلد، من دنس الميليشيا الإرهابية المتمردة» في إشارة إلى «قوات الدعم السريع». ونقلت صفحة الجيش على مواقع التواصل الاجتماعي أن مدينة كوستى في ولاية النيل الأبيض شهدت مسيرات جماهيرية عفوية، احتفالاً بانتصارات الجيش في محور جبل موية ومحور طريق ربك - سنار، والتقاء «قوات الفرقة ١٨ مشاة» مع قوات متقدمة ولاية سنار.

ولا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على معظم ولايتي سنار والجزيرة وأجزاء من شمال ولاية النيل الأبيض، التي سيطرت عليها بعد إحكام السيطرة على «جبل موية»، بالتفاف على قوات الجيش الموجودة في مدينة سنار، وسيطرت على مقر الفرقة في مدينة سنجة بجانب مدينتي الدندر، والسوكي وعدد آخر من البلدات المهمة في الولاية.

وفيما يشبه الاعتراف بفقدان المنطقة الاستراتيجية تساءل مستشار قائد «قوات الدعم السريع» الباشا طبيق، في تغريدة ساخرة على صفحته بمنصة (إكس)، من جيش عمره أكثر من 100 عام، ويملك مشاة وطيراناً ومهندسين وبحرية ومظلات واستراتيجية وسلاح أسلحة وغيرها، وتسانده في القتال «كتائب الإسلاميين الإرهابية، وأكثر من 15 حركة مسلحة مرتزقة... وأصبح حُلمه كله عبور جسر وفتح شارع فقط»، وذلك في إشارة لخسارته لمنطقة جبل موية وفتح الطريق الرابط بين سنار وكوستى، وعبور قوات الجيش جسر «الحلفايا» في شمال الخرطوم الأسبوع الماضي.