الجزائر تطلق «مخطط إنذار» استباقياً لمواجهة أخطار طبيعية محتملة

لتفادي آثار كارثتَي المغرب وليبيا

وزير الداخلية أثناء تفقده عمل فرق الإنقاذ بالدفاع المدني غرب العاصمة (الداخلية الجزائرية)
وزير الداخلية أثناء تفقده عمل فرق الإنقاذ بالدفاع المدني غرب العاصمة (الداخلية الجزائرية)
TT

الجزائر تطلق «مخطط إنذار» استباقياً لمواجهة أخطار طبيعية محتملة

وزير الداخلية أثناء تفقده عمل فرق الإنقاذ بالدفاع المدني غرب العاصمة (الداخلية الجزائرية)
وزير الداخلية أثناء تفقده عمل فرق الإنقاذ بالدفاع المدني غرب العاصمة (الداخلية الجزائرية)

أعدَّت الحكومة الجزائرية ترتيبات عاجلة للتعامل مع كوارث طبيعية محتملة، تضمنتها مراجعة شاملة لقانون الأخطار الكبرى. وجاءت الخطة عاكسة لمخاوف من الزلزال الذي ضرب المغرب، والفيضانات التي اجتاحت ليبيا، خلال الشهر الحالي.

ونصَّت المراجعة القانونية، حسب مصادر صحافية، على «مخطط يقظة لتسيير المخاطر الكبرى ومواجهتها»، تتكفل بتنفيذه 5 وزارات، ويتضمن إطلاق منصة رقمية في كل محافظات البلاد الـ58 تهتم بتتبع التغيرات المناخية في كل المناطق، وتبليغ السلطات العمومية عن أي خطر يُمكن أن يهدد المنطقة وسكانها.

جانب من الحرائق في بجاية 15 سبتمبر 2023 (ناشطون بمواقع الإعلام الاجتماعي)

وتشتغل المنصة الرقمية وفق «نظام الإنذار المبكِّر» للتبليغ عن الأخطار الناجمة عن تغييرات المناخ، على غرار الاضطرابات الجوية التي ينجم عنها خطر الفيضانات والسيول وانجراف التربة. ويتم، في هذا العمل، التعاون مع مصالح الأرصاد الجوية للتنبيه من الأخطار الناجمة عن ارتفاع درجة الحرارة، لا سيما في فصل الصيف، كحرائق الغابات. كما يتم التكفل بالتنبيه المبكِّر في فصل الشتاء، في حال رياح قوية واحتمال وإمكانية تشكل أعاصير بحوض البحر المتوسط.

والوزارات الخمس المعنية بتسيير «مخطط الإنذار»، هي: الداخلية والموارد المائية والسكن والصحة والأشغال العامة.

وينقسم «المخطط»، حسب المصادر ذاتها، إلى 3 مراحل أساسية في تسيير المخاطر. الخطوة الأولى يتم التركيز فيها على «التدابير الوقائية للإنذار المُبكر»، وذلك قبل حدوث الكارثة من خلال الاعتماد على نشرات جوية خاصة وواضحة تظهر حجم المخاطر، وهذا بالتنسيق مع الجهات المعنية، أي الأرصاد الجوية والمراكز المختصة بتحديد الأخطار.

حريق محافظة بجاية شرق الجزائر (ناشطون بمنصات الإعلام الاجتماعي)

المرحلة الثانية تتمثل في «تعبئة الوسائل البشرية والمادية للحد من حجم الكارثة»، وتجهيز الوسائل والمعدات الخاصة بمواجهتها، إضافة إلى تجنيد المورد البشري المختص بالإنقاذ والتدخل السريع.

ويُطلق على الخطوة الثالثة «مرحلة التعافي والتقليل من حجم الأضرار، وإحصاء المتضررين»، و«إعداد مخطط وطني للتعمير والتكفل بالأشخاص المصابين».

وفي الميدان، جنَّدت البلديات الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والقريبة منه، المئات من عمالها لتنقية محيط المجاري المائية والوديان من النفايات وبقايا الأشجار المتناثرة، للحؤول دون انسداد البالوعات تحسباً لأمطار الخريف. كما انطلقت ورشة كبيرة لتصليح قنوات الصرف الصحي في كامل بلديات البلاد التي يبلغ عددها 1541، وأقحمت وزارتا الأشغال العامة والموارد المائية، كوادرها في تأطير هذه العملية الاستباقية.

الدفاع المدني أثناء التدرب على مواجهة حريق (حساب الداخلية في الإعلام الاجتماعي)

وكان رئيس البلاد، عبد المجيد تبون، وقَّع مرسوماً رئاسياً، مطلع الشهر الحالي، يخص توسيع مهام الدرك الوطني، لتشمل المشاركة في عمليات التدخل أثناء الكوارث والأخطار الكبرى. ووفق أرقام الحكومة، تخصص الدولة 225 مليون دولار سنوياً لمواجهة الكوارث، 70 في المائة من المبلغ موجَّهة للتصدي للفيضانات.

وشهد حي باب الوادي الشعبي، وهو أشهر أحياء العاصمة، عام 2001، فيضاناً كبيراً، إثر تهاطل أمطار محلية غزيرة، خلَّف أكثر من ألفَي قتيل ودماراً هائلاً في الأملاك الخاصة والمرافق العامة. وفي 2021، حصدت حرائق مهولة في منطق القبائل (شرق) عشرات القتلى، كما نتج عنها خسائر كبيرة طالت الحيوان والغطاء النباتي.

وخلال العام الحالي، اندلع العديد من الحرائق في الغابات. وشبّ حريق في قرى بجاية الجبلية (200 كلم شرق العاصمة)، ليل الجمعة الماضي تمت السيطرة عليه بعد 48 ساعة.

وحسب إحصاءات وزارة الداخلية عن حرائق الجزائر 2023؛ فقد بلغ تعداد ما جرى رصده 97 حريقاً في غابات 16 محافظة، وسط محاولات من قوات الجيش والحماية المدنية للسيطرة عليها، بمشاركة طائرات «بيرييف 200» التابعة للجيش، وأخرى مستأجَرة، إلى جانب 8 آلاف رجل إطفاء، و529 شاحنة من مختلف الأحجام.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحتفل بالاستقلال: إشادة بـ«الانتصارات» و«تخطي التحديات» 

شمال افريقيا «قبلة الأحرار» جانب من العرض الكوريغرافي احتفالاً باستقلال الجزائر (دار الأوبرا)

الجزائر تحتفل بالاستقلال: إشادة بـ«الانتصارات» و«تخطي التحديات» 

احتفلت الجزائر، اليوم (الجمعة)، بمرور 62 سنة على استقلالها عن فرنسا، وقال الرئيس عبد المجيد تبون إن البلاد حقّقت «الإنعاش الاقتصادي».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
تحليل إخباري الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة مجموعة الـ7 بإيطاليا في 13 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

تحليل إخباري قلق جزائري إزاء ملفات حساسة مشتركة مع فرنسا

تُطرح تساؤلات بالجزائر حول احتمال رؤية تبون مع رئيس حكومة من اليمين المتشدد قياساً إلى الخصومة الشديدة التي يبديها رموز هذا الطيف السياسي تجاه الجزائر ومهاجريها

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا هاريس في اجتماع مع كبار المسؤولين بالخارجية الجزائرية شهر سبتمبر 2023 (الخارجية الجزائرية)

تنسيق أميركي - جزائري لـ«منع التدهور» في ليبيا

كتبت وزارة الخارجية الأميركية بحسابها على منصة «إكس» أن هاريس «أكد تطلع بلاده إلى العمل بشكل وثيق مع الجزائر لتحقيق الأهداف الثنائية والإقليمية المشتركة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي خلال قمة مجموعة السبع بإيطاليا في يونيو الحالي (الرئاسة الجزائرية)

مناكفات انتخابية فرنسية بظل جزائري

بينما تتخوّف الجزائر من مصير ملفات مشتركة مع فرنسا حال تحقيق اليمين المتطرف فوزاً عريضاً تجدّدت مناكفات بين متنافسين فرنسيين على خلفية حرب غزة وجرائم الاستعمار.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)

الجزائر: مرشحون لـ«الرئاسية» يتحدثون عن «عقبات وعراقيل»

«سلطة الانتخابات» مسؤولة، بموجب الدستور، عن «توفير الظروف والشروط القانونية الفعلية لانتخابات رئاسية مفتوحة وشفافة ونزيهة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

جدل في مصر حول شهادة دكتوراه وزير التعليم الجديد

وزير التعليم خلال جولته في ديوان الوزارة (حساب الوزارة على فيسبوك)
وزير التعليم خلال جولته في ديوان الوزارة (حساب الوزارة على فيسبوك)
TT

جدل في مصر حول شهادة دكتوراه وزير التعليم الجديد

وزير التعليم خلال جولته في ديوان الوزارة (حساب الوزارة على فيسبوك)
وزير التعليم خلال جولته في ديوان الوزارة (حساب الوزارة على فيسبوك)

تحولت الدرجة العلمية (الدكتوراه) التي حصل عليها وزير التربية والتعليم والتعليم الفني في الحكومة المصرية الجديدة، محمد عبد اللطيف، إلى مادة للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب تأدية الوزير اليمين الدستورية، الأربعاء.

واتخذ الجدل «السوشيالي» طابعاً جاداً ورسمياً بعدما تقدم المحامي عمرو عبد السلام ببلاغ إلى النائب العام المصري للمطالبة بـ«التحقيق مع الوزير»، فيما يجري تداوله عن حصوله على درجة الدكتوراه من جامعة «كارديف سيتي» الأميركية، وهي «إحدى الجامعات التي تمنح الدكتوراه مقابل رسوم مالية تبلغ 10 آلاف دولار»، وفق ما ذُكر على موقع الجامعة الإلكتروني. (الدولار الأميركي يساوي 48 جنيهاً في البنوك المصرية).

وأكد عبد السلام في بلاغه الذي حمل رقم 830719 لسنة 2024 أن «الوزير مطالب بالرد وتوضيح الحقائق في ضوء عَدِّ شهادة الدكتوراه أحد معايير المفاضلة بينه وبين بقية المرشحين للمنصب أمام الجهات المعنية". ورأى أنه في حال ثبوت صحة المعلومات المتداولة، فإن ما حدث سيكون بمثابة «جريمة تزوير للدرجة العلمية»، وفق قوله.

ونشرت صفحة «هيئة الرقابة الإدارية» على «فيسبوك»، الجمعة، السير الذاتية لوزراء الحكومة الجديدة، وتضمنت حصول وزير التربية والتعليم على بكالوريوس السياحة والفنادق، والماجستير في «تطوير التعليم» من جامعة لورنس بالولايات المتحدة، والدكتوراه بنظام التعليم عن بُعد في «إدارة وتطوير التعليم» من جامعة كاردف سيتي.

https://www.facebook.com/photo/?fbid=780056480966233&set=pcb.780056857632862&locale=ar_AR

السيرة الذاتية لوزير التعليم حسبما أوردتها الرقابة الإدارية بمصر (صفحة الرقابة الإدارية على فيسبوك)

ووفق المحامي عبد السلام، فإن «البلاغ قيد الفحص بالمكتب الفني للنائب العام». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «مراجعة الدرجات العلمية التي حصل عليها الوزير وتتبُّعها أظهرا أن الجامعة التي ذكر أنه حصل على درجة الماجستير منها لا يوجد فيها قسم للدراسات العليا، وفق ما ذكرت تقارير صحافية سوف أضمنها في بلاغ جديد أتقدم به، السبت، إلى النيابة المصرية».

وأوضح أنه سيطالب النائب العام في بلاغه الجديد بـ«التحقق من جميع الشهادات الدراسية الخاصة بالوزير ومطابقتها بالسجلات الموجودة في المدارس والجامعات المنسوبة إليها لمعرفة المؤهلات الحقيقية التي حصل عليها خلال مراحل التعليم المختلفة سواء داخل مصر أو خارجها».

في السياق نفسه، نشرت مواقع محلية مصرية، الجمعة، تقارير تشير إلى «صحة شهادة الدكتوراه التي حصل عليها وزير التعليم من الولايات المتحدة، وأنه جرى توثيقها في القنصلية المصرية بواشنطن بتاريخ 25 فبراير (شباط) 2014». وأبرزت التقارير «مشاركة الوزير في كثير من الدورات التدريبية بمجالات الإدارة والقيادة والحوكمة، وخبرته الممتدة لأكثر من 25 عاماً في مجال إدارة المؤسسات التعليمية».

وكان رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد دعا خلال مؤتمر صحافي، الخميس، إلى «منح الوزراء والمحافظين الجُدد فرصة للعمل من أجل تقييمهم». حديث مدبولي عدَّه مراقبون «رداً على انتقاد عدد من الوزراء والمحافظين الذين أثارت سيرهم الذاتية لغطاً عبر مواقع التواصل خلال الساعات الماضية».

مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الإدارية بمصر (حساب الوزارة على فيسبوك)

وعدَّت عضوة لجنة التعليم بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة منى عبد العاطي، الأمر «غير جدير بالمناقشة». وبررت ذلك في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، «لكون أسماء المرشحين للوزارات تمر أولاً عبر جهات رقابية تتحقق من السير الذاتية للمرشحين»، إلا أن نائباً برلمانياً آخر فضَّل عدم ذكر اسمه، أكد اعتزامه «تقديم طلب إحاطة بشأن شهادات الوزير المعلنة ومدى سلامة موقفها القانوني». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمر جدير بالمناقشة، ولا يصح تجاهله داخل البرلمان، وهو بحاجة لتوضيح، لكون المعلومات منشورة بوصفها جزءاً من سيرته الذاتية».

في غضون ذلك، «لم يصدر أي تعقيب رسمي من وزارة التربية والتعليم بشأن ما أثير حول شهادات الوزير الجديد، الذي باشر عمله، الخميس، من مقر الوزارة بشكل طبيعي».