قادة «حركة النهضة» أمام القضاء التونسي

البعض في السجن والبعض الآخر محل تتبع

الونيسي (موقع النهضة)
الونيسي (موقع النهضة)
TT

قادة «حركة النهضة» أمام القضاء التونسي

الونيسي (موقع النهضة)
الونيسي (موقع النهضة)

بعد أيام من مباشرة إحدى الفرق الأمنية التونسية المختصة، تحقيقاتها للكشف عن ملابسات تسجيل صوتي منسوب إلى منذر الونيسي، الرئيس الحالي المؤقت لـ«حركة النهضة»، قررت ليل الثلاثاء - الأربعاء اعتقاله لمدة 48 ساعة، ونقله إلى ثكنة الحرس الوطني بالعوينة (الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية)؛ لإجراء اختبار في علاقة له بالتسجيل الصوتي المسرّب، بعد أن أنكر نسبته إليه.

منذر الونيسي (موقع النهضة)

وأكدت إيناس الحراث، عضوة «هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين»، أن الونيسي سيُعرض على النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية لاتخاذ قرار في شأنه، بعد أن تجري الفرقة الأمنية المختصة، مجموعة من التدابير الفنية والعلمية اللازمة، وتستمع إلى شهادات الأطراف ذات العلاقة بالتسجيل الصوتي؛ للاطلاع على مدى صحته قبل اتخاذ ما يلزم من قرارات.

وعن ملابسات اعتقال الونيسي، ذكرت مصادر مقربة من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، أن إيقافه تم من دون سابق إعلام عندما كان يقود سيارته، بعد أن صدرت بشأنه برقية تفتيش، توجهت بموجبها، فرقة أمنية إلى منزله ولم تعثر عليه، فتم تحديد مكان وجوده من خلال هاتفه الجوال، وتتبعه واعتقاله.

في الأثناء، طالبت «النهضة»، بإطلاق سراح الونيسي، معبرة عن «تضامنها الكامل معه بعد الحملة المغرضة التي تعرّض لها في المدة الماضية بشكل كيدي ،بهدف تشويه (سمعة) الحركة وقياداتها من أطراف تدعي الانتصار للنضال من أجل استعادة المسار الديمقراطي، وتتدّثر برداء حماية حركة النهضة» على حد تعبيرها.

الهاروني (موقع النهضة)

على صعيد متصل، أعلن رياض الشعيبي، القيادي في الحركة، عن إيقاف عبد الكريم الهاروني، رئيس «مجلس الشورى» فيها، ووزير النقل الأسبق، بعد أن كان كمال الفقي، وزير الداخلية، أصدر السبت الماضي قراراً يقضي بوضعه قيد الإقامة الإجبارية مدّة أربعين يوماً، تطبيقاً لقانون الطوارئ.

حمادي الجبالي (الموقع الرسمي لـ«النهضة»)

وفي سياق ذلك، قال سمير ديلو، عضو «هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين»: إن النيابة العامة قررت الإفراج عن حمادي الجبالي، رئيس الحكومة الأسبق، بعد الاستماع إليه لمدّة سبع ساعات بشأن التّعيينات والانتدابات في الوظيفة العمومية إبّان ترؤسه للحكومة بين 2011 و2013.

الغنوشي مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي (الموقع الرسمي لـ«النهضة»)

وأودعت السلطات التونسية قيادات من «حركة النهضة» السجن، من رئيسها ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي السجن منذ 20 أبريل (نيسان) الماضي، ونائبه علي العريض منذ يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) 2022، ونور الدين البحيري، النائب الثاني له، منذ منتصف شهر فبراير (شباط) المنقضي.

وتوجّه إلى هؤلاء، تهم خطيرة عدّة، من بينها: «التآمر على أمن الدولة»، و«تشجيع الشباب التونسي على السفر إلى بؤر التوتر والإرهاب»، علاوة على «سوء التصرف بموارد الدولة أثناء تزعم المشهد السياسي»، وتلقي «تمويلات مالية مشبوهة».


مقالات ذات صلة

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

شمال افريقيا رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

هيئة الدفاع عن موسي: «التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة... وقرار القضاة كان مفاجئاً».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مظاهرة نظمها حقوقيون تونسيون ضد التضييق على الحريات (أرشيفية - إ.ب.أ)

20 منظمة حقوقية في تونس تنتقد توقيفات لنشطاء ونقابيين

شملت توقيفات جديدة بتونس نشطاء وصحافيين وعمالاً ونقابيين شاركوا في احتجاجات ضد طرد 28 عاملاً، بينهم نساء، من مصنع للأحذية والجلود لمستثمر أجنبي بمدينة السبيخة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

أحكام إضافية بسجن مرشح سابق للانتخابات الرئاسية في تونس

مجموع الأحكام الصادرة في حق الزمال «ارتفعت إلى 35 عاماً» وهو يلاحق في 37 قضية منفصلة في كل المحافظات لأسباب مماثلة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

بعد تأكيدات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الأسبوع الماضي، باستمرار سريان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، عاد اسم سيف الإسلام ليتصدر واجهة الأحداث بالساحة السياسية في ليبيا.

وتتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير»، التي خرجت للشارع ضد نظام والده، الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 عاماً.

* تنديد بقرار «الجنائية»

بهذا الخصوص، أبرز عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن القوى الفاعلة في شرق البلاد وغربها «لا تكترث بشكل كبير بنجل القذافي، كونه لا يشكل خطراً عليها، من حيث تهديد نفوذها السياسي في مناطق سيطرتها الجغرافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قلة ظهور سيف منذ إطلاق سراحه من السجن 2017، فإن تحديد موقعه واعتقاله لن يكون عائقاً، إذا ما وضعت القوى المسلحة في ليبيا هذا الأمر هدفاً لها».

صورة التُقطت لسيف الإسلام القذافي في الزنتان (متداولة)

وفي منتصف عام 2015 صدر حكم بإعدام سيف الإسلام لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، وقتل مواطنين خلال «ثورة فبراير»، إلا أن الحكم لم يُنفَّذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت تحتجزه في الزنتان. وبعد إطلاق سراحه، لم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام، أو تؤكد محل إقامته أو تحركاته، أو مَن يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها بالجنوب الليبي لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

وأضاف التكبالي أن رفض البعض وتنديده بقرار «الجنائية الدولية»، التي تطالب بتسليم سيف القذافي «ليس لقناعتهم ببراءته، بقدر ما يعود ذلك لاعتقادهم بوجوب محاكمة شخصيات ليبية أخرى مارست أيضاً انتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية».

* وجوده لا يشكِّل خطراً

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، انضم للرأي السابق بأن سيف الإسلام «لا يمثل خطراً على القوى الرئيسية بالبلاد حتى تسارع لإزاحته من المشهد عبر تسليمه للمحكمة الدولية»، مشيراً إلى إدراك هذه القوى «صعوبة تحركاته وتنقلاته». كما لفت إلى وجود «فيتو روسي» يكمن وراء عدم اعتقال سيف القذافي حتى الآن، معتقداً بأنه يتنقل في مواقع نفوذ أنصار والده في الجنوب الليبي.

بعض مؤيدي حقبة القذافي في استعراض بمدينة الزنتان (متداولة)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وهي مدعومة من قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الذي تتمركز قواته بشرق وجنوب البلاد.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي، حسين السويعدي، الذي يعدّ من مؤيدي حقبة القذافي، أن الولاء الذي يتمتع به سيف الإسلام من قبل أنصاره وحاضنته الاجتماعية «يصعّب مهمة أي قوى تُقدم على اعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية»، متوقعاً، إذا حدث ذلك، «رد فعل قوياً جداً من قبل أنصاره، قد يمثل شرارة انتفاضة تجتاح المدن الليبية».

ورغم إقراره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل القوى الرئيسية بالشرق والغرب الليبيَّين تنظر لسيف الإسلام بوصفه خصماً سياسياً»، فإنه أكد أن نجل القذافي «لا يقع تحت سيطرة ونفوذ أي منهما، كونه دائم التنقل، فضلاً عن افتقاد البلاد حكومة موحدة تسيطر على كامل أراضيها».

ورفض المحلل السياسي ما يتردد عن وجود دعم روسي يحظى به سيف الإسلام، يحُول دون تسليمه للمحكمة الجنائية، قائلاً: «رئيس روسيا ذاته مطلوب للمحكمة ذاتها، والدول الكبرى تحكمها المصالح».

* تكلفة تسليم سيف

من جهته، يرى الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، جلال حرشاوي، أن الوضع المتعلق بـ(الدكتور) سيف الإسلام مرتبط بشكل وثيق بالوضع في الزنتان. وقال إن الأخيرة «تمثل رهانات كبيرة تتجاوز قضيته»، مبرزاً أن «غالبية الزنتان تدعم اللواء أسامة الجويلي، لكنه انخرط منذ عام 2022 بعمق في تحالف مع المشير حفتر، ونحن نعلم أن الأخير يعدّ سيف الإسلام خطراً، ويرغب في اعتقاله، لكنهما لا يرغبان معاً في زعزعة استقرار الزنتان، التي تعدّ ذات أهمية استراتيجية كبيرة».

أبو عجيلة المريمي (متداولة)

ويعتقد حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة يتبع أيضاً سياسة تميل إلى «عدم معارضة القذافي». ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، سلم المشتبه به في قضية لوكربي، أبو عجيلة المريمي، إلى السلطات الأميركية، مما ترتبت عليه «تكلفة سياسية»، «ونتيجة لذلك، لا يرغب الدبيبة حالياً في إزعاج أنصار القذافي. فالدبيبة مشغول بمشكلات أخرى في الوقت الراهن».