الحرب في السودان من دون أفق بعد 4 أشهر على اندلاعها وتخوف من أن «تستمر لسنوات»

فرار السودانيين إلى مصر
0 seconds of 1 minute, 36 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:36
01:36
 
TT
20

الحرب في السودان من دون أفق بعد 4 أشهر على اندلاعها وتخوف من أن «تستمر لسنوات»

مركبة عسكرية في الخرطوم (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية في الخرطوم (أ.ف.ب)

في الخامس عشر من أبريل (نيسان)، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، وكان كل من الطرفين يعتقد أنه سيفوز بها سريعاً، ولكن بعد 4 أشهر، فقد الجيش السيطرة الكاملة على الخرطوم وخسرت «قوات الدعم السريع» أي شرعية سياسية، وفق خبراء.

ويقول الخبير العسكري محمد عبد الكريم: «الحرب في السودان امتدت لزمن أطول مما كان متوقعاً لها بل أكثر من الزمن الذي قدره مَن خططوا لها. لم يكن أحد يتوقع أن تستمر لأكثر من أسبوعين في أسوأ أحوالها».

ويضيف أن الجيش كان يظن أن «الحسم سيتم في وقت وجيز على اعتبار أنه يعرف تفاصيل تسليح (قوات الدعم السريع) وأن لديه ضباطاً منتدبين للعمل في (الدعم السريع)».

بعد 4 أشهر، قتل 3900 شخص على الأقل، ونزح أكثر من 4 ملايين، والحرب متواصلة.

ويقول ضابط سابق في الجيش السوداني طلب عدم الكشف عن هويته إن «قيادة الدعم السريع» أعدت خطوط إمدادها «ولذلك كانت أولوياتها السيطرة على مداخل العاصمة».

وتسيطر «قوات الدعم» على المدخل الغربي للخرطوم الرابط بين العاصمة وولايتي دارفور وكردفان عند الحدود الغربية لأم درمان (ضاحية الخرطوم). كما تسيطر على الطريق الذي يربط العاصمة بولايات الوسط وشرق السودان.

ويضيف الضابط السابق أن الجيش اختار حماية قواعده الأساسية، غير أن «قوات الدعم السريع» كسبت أرضاً في الأحياء السكنية التي كانت أقامت مقارَّ فيها وباتت منذ بداية الحرب تسيطر على العديد من المنازل والمستشفيات ومؤسسات بنى تحتية أخرى.

ويشير عبد الكريم إلى أن «هذه حرب بطبيعتها تفترض الاعتماد بشكل أساسي على قوات المشاة بما أنها حرب داخل مدينة».

غير أن الجيش «منذ سنوات طويلة لم يعد مهتماً بسلاح المشاة الحاسم في مثل هذه المواجهات؛ إذ اعتمد خلال الحرب في جنوب السودان (الذي أصبح دولة مستقلة في عام 2011) على متطوعي (الدفاع الشعبي). وبعد انتهاء حرب الجنوب وبداية القتال في إقليم دارفور، استعان الجيش بحرس الحدود، وهي قوات من القبائل العربية لا من الجيش النظامي، وبعد ذلك بـ(الدعم السريع)».

في الإطار ذاته، كتب الباحث أليكس دو وال أن «قوات الدعم السريع» أثارت شكوكاً في الطريقة التي يقدم بها الجيش نفسه بوصفه ممسكاً بالسلطة، عندما فاجأته بانتشارها في الخرطوم. وبدا البرهان مسيطراً على الوضع بعد الانقلاب الذي نفذه في عام 2021، بمساندة نائبه آنذاك محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي.

غير أن «ما كسبه (الدعم السريع) عسكرياً، خسر مقابله سياسياً»؛ إذ إن قواته «فقدت بشكل نهائي تعاطف الشارع بسبب الفظاعات التي ارتكبتها من إعدامات بدون محاكمة واغتصاب ونهب»، وفق دو وال.

ويؤكد الباحث أن الفريق أول «كسب سياسياً»، ولكن فقط بسبب الرفض الشعبي لخصومه، فالرجل «ليس شخصية سياسية، ولا يمتلك كاريزما».

وإذا كانت الحرب بدت في أيامها الأولى وكأنها صراع على السلطة بين جنرالين؛ فقد باتت اليوم أطراف أخرى متداخلة فيها، بعد أن دعا الطرفان إلى التعبئة العامة.

من ناحية الجيش «فتحت هذه الدعوة الباب أمام الإسلاميين وهم الأكثر استعداداً»، غير أن مشاركتهم وغيرهم في القتال «ستؤدي إلى إطالة أمد الحرب وتعقيد العلاقات الدبلوماسية للسودان»، وفق الضابط السابق.

أما «قوات الدعم السريع» فتعتمد على «تعبئة القبائل العربية في دارفور» للحصول على دعم، بحسب مصدر في هذه القوات.

وتشير بعض التقديرات إلى أن تعداد «قوات الدعم السريع» يبلغ الآن 120 ألفاً، في حين كان في بداية الحرب 60 ألفاً.

ويشرح المصدر نفسه أن «البعض يقاتلون لدعم إخوتهم»، بينما «يقاتل آخرون من أجل المال»، وهو مورد متاح بين أيدي الفريق دقلو بفضل سيطرته على مناجم الذهب.

وبفضل التنقيب عن الذهب الذي يُعد السودان ثالث منتح له في أفريقيا، اكتسب دقلو حلفاء مهمين على رأسهم مرتزقة فاغنر، وفق واشنطن.

في هذا الوقت، تتوسع الحرب يومياً إلى مدن جديدة في ظل انسداد أفق الحل السياسي. ويرى دبلوماسي غربي أن «الحرب قد تدوم سنوات».​


مقالات ذات صلة

بسبب نقص التمويل... «الأغذية العالمي» يحذر من خفض الدعم في السودان

شمال افريقيا امرأة سودانية نازحة تجلس إلى جانب أطفال في بلدة شمال دارفور (رويترز) play-circle

بسبب نقص التمويل... «الأغذية العالمي» يحذر من خفض الدعم في السودان

حذر برنامج الأغذية العالمي، اليوم الجمعة، من أنه يواجه نقصاً في التمويل قد يؤثر على قدرته على تقديم الدعم لمن يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء بالسودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
تحليل إخباري نازحون من الفاشر ومعسكر زمزم (المنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور)

تحليل إخباري قصف كثيف وتوغل بري... هل اقترب سقوط الفاشر؟

تعرضت الفاشر لأكثر من 200 هجوم على مدى عام لمحاولات من «الدعم السريع» لاقتحامها والسيطرة عليها، أحبطتها قوات الجيش السوداني والفصائل الدارفورية المتحالفة.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي حمدوك يتوسط قيادات مدنية خلال مؤتمر سابق في لندن (الشرق الأوسط)

محامي دفاع حمدوك يواجه تهماً تصل إلى السجن المؤبد

يواجه منتصر عبد الله، محامي هيئة الدفاع عن رئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك، تهماً جنائية تصل إلى حد السجن المؤبد، فيما انبرت جهات حقوقية للدفاع عنه

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النزوح من مخيمات النزوح ظاهرة جديدة في مدينة الفاشر المحاصرة منذ عدة أشهر(الشرق الأوسط) play-circle 00:35

الفاشر: مدينة تئن تحت النار والجوع وانسداد الأفق

بين سندان الموت تحت القصف والجوع والمرض، ومطرقة النزوح إلى المجهول، يواجه مئات الآلاف من سكان مدينة الفاشر بدارفور، والمخيمات حولها، واقعاً إنسانياً مؤلماً.

أحمد يونس (كمبالا)
العالم العربي صورة من الأقمار الاصطناعية لمدينة الفاشر المحاصرة في إقليم دارفور (أ.ف.ب)

السودان: أكثر من 30 قتيلاً جراء قصف «الدعم السريع» لمدينة الفاشر بدارفور

قتل أكثر من 30 شخصا جراء قصف مدفعي شنته «قوات الدعم السريع» على مدينة الفاشر المحاصرة في إقليم دارفور، بحسب ما أعلن ناشطون اليوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان (السودان))

ليبيا: البعثة الأممية تدعو لحماية المؤسسات الرقابية من «نفوذ» الميليشيات

خوري عقب اجتماع قيادات ديوان المحاسبة الليبي في تونس (البعثة الأممية لدى ليبيا)
خوري عقب اجتماع قيادات ديوان المحاسبة الليبي في تونس (البعثة الأممية لدى ليبيا)
TT
20

ليبيا: البعثة الأممية تدعو لحماية المؤسسات الرقابية من «نفوذ» الميليشيات

خوري عقب اجتماع قيادات ديوان المحاسبة الليبي في تونس (البعثة الأممية لدى ليبيا)
خوري عقب اجتماع قيادات ديوان المحاسبة الليبي في تونس (البعثة الأممية لدى ليبيا)

شددت البعثة الأممية لدى ليبيا على «ضرورة حماية مؤسسات الرقابة من التدخلات السياسية، ونفوذ الجماعات المسلحة حتى تتمكن من أداء مهامها بفاعلية»، وسط تقارير محلية ودولية تتحدث عن تغول الميليشيات المدعومة من سلطات طرابلس في مؤسسات الدولة الليبية.

وقالت البعثة الأممية إن ستيفاني خوري، نائبة الممثلة الخاصة، شاركت في اجتماع عقد في تونس الخميس، بين قيادتي ديوان المحاسبة في طرابلس والبيضاء، بحضور مسؤولين من اللجان المتخصصة بمجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، بالإضافة إلى ممثلين للبنك الدولي.

ستيفاني خوري نائبة الممثلة الخاصة (أ.ف.ب)
ستيفاني خوري نائبة الممثلة الخاصة (أ.ف.ب)

وبينما أشارت إلى أن ديوان المحاسبة منقسم منذ عام 2014، قالت إن الاجتماع أسفر «عن تقدم مهم»، حيث «اتفق الجميع على خطوات ملموسة نحو توحيد خطة عمل الديوان وتقريره السنوي»، موضحة أنهم «التزموا بتوحيد الهياكل التنظيمية للفرعين؛ وهي خطوة أساسية نحو تحقيق الانسجام المؤسسي على المستوى الوطني. وسيشكل الفرعان لجنة فنية مشتركة لوضع خطة لتنفيذ هذه الخطوات».

وأشادت خوري بهذا الاتفاق، مؤكدةً أن «توحيد ديوان المحاسبة ليس فقط مجرد إجراء فني، بل هو ضرورة استراتيجية لتعزيز الحوكمة الاقتصادية والمالية في ليبيا، خصوصاً في ظل الوضع المالي الهش وتفشي الفساد»، مشددة على أن «ديوان المحاسبة الموحد يجب أن يلتزم بمبادئ النزاهة والاستقلالية، والشفافية والمساءلة لضمان حماية الموارد العامة، وتوجيهها لصالح جميع الليبيين؛ بدلاً من أن تُستخدم لتحقيق مكاسب شخصية، أو لخدمة أجندات سياسية ضيقة».

وذهب تقرير صادر عن فريق الخبراء المعني بليبيا، التابع للأمم المتحدة، إلى أن الميليشيات المسلحة «باتت تتمتع بمستوى غير مسبوق من التأثير على مؤسسات الدولة». وقال إن هذه المجموعات «وصلت إلى مستوى غير مسبوق من النفوذ داخل مؤسسات الدولة، خصوصاً في المنطقة الغربية»، وحذر منها لأنها «باتت تعرقل قدرة المؤسسات على أداء مهامها باستقلال خارج نطاق مصالح تلك الجماعات».

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (الوحدة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (الوحدة)

واتسع نفوذ الميليشيات المسلحة، لا سيما المدعومة من سلطات طرابلس، وباتت تهيمن على كثير من المؤسسات السيادية، إلى جانب «الاتجار في البشر» والسلاح، وتهريب المحروقات خارج ليبيا. وهذه الوضعية من التغول دفعت المبعوث الأممي السابق، عبد الله باتيلي، إلى القول أمام مجلس الأمن الدولي، إن ليبيا «تكاد تكون اليوم بمثابة سوبر ماركت (متجر) مفتوح للأسلحة، التي تستخدم للمنافسة السياسية الداخلية بين المجموعات المسلحة، وأيضاً تلك التي يتم استخدامها في صفقات الأسلحة».

عبد الله باتيلي (البعثة)
عبد الله باتيلي (البعثة)

كما تطرق باتيلي للأوضاع الأمنية والاقتصادية في ليبيا، وقال إنها «أصبحت مثيرة للقلق أكثر بالنسبة للمواطنين، في ظل تنافس المجموعات المختلفة على مزيد من السلطة، ومزيد من السيطرة على ثروة البلاد».

في سياق آخر، قالت البعثة الأممية إن شعبة دعم المؤسسات الأمنية، التابعة لها، يسّرت لقاءً تشاورياً بين ممثلين عن لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، والادعاء العام العسكري في القيادة العامة بـ«الجيش الوطني» لاستئناف اللقاءات، حول تطوير منظومة التشريعات الأمنية، وأوضحت أن «الحضور توافق على المضي قدماً في النقاشات الهادفة لتطوير مصفوفة التشريعات، وتحديثها بما يتوافق والمتغيرات المحيطة».

وانتهت البعثة الأممية إلى أنه تم إطلاع اللجنة على عدد من جهود البعثة في مجال دعم الأمن القومي، خصوصاً المرتبطة بأمن الانتخابات والحدود، ومكافحة التطرف والهجرة غير النظامية، ومكافحة المعلومات المضللة والخاطئة.