ليبيا: البعثة الأممية تدعو لحماية المؤسسات الرقابية من «نفوذ» الميليشيات

خوري تشدد على ضرورة توحيد ديوان المحاسبة لمواجهة «تفشي الفساد»

خوري عقب اجتماع قيادات ديوان المحاسبة الليبي في تونس (البعثة الأممية لدى ليبيا)
خوري عقب اجتماع قيادات ديوان المحاسبة الليبي في تونس (البعثة الأممية لدى ليبيا)
TT

ليبيا: البعثة الأممية تدعو لحماية المؤسسات الرقابية من «نفوذ» الميليشيات

خوري عقب اجتماع قيادات ديوان المحاسبة الليبي في تونس (البعثة الأممية لدى ليبيا)
خوري عقب اجتماع قيادات ديوان المحاسبة الليبي في تونس (البعثة الأممية لدى ليبيا)

شددت البعثة الأممية لدى ليبيا على «ضرورة حماية مؤسسات الرقابة من التدخلات السياسية، ونفوذ الجماعات المسلحة حتى تتمكن من أداء مهامها بفاعلية»، وسط تقارير محلية ودولية تتحدث عن تغول الميليشيات المدعومة من سلطات طرابلس في مؤسسات الدولة الليبية.

وقالت البعثة الأممية إن ستيفاني خوري، نائبة الممثلة الخاصة، شاركت في اجتماع عقد في تونس الخميس، بين قيادتي ديوان المحاسبة في طرابلس والبيضاء، بحضور مسؤولين من اللجان المتخصصة بمجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، بالإضافة إلى ممثلين للبنك الدولي.

ستيفاني خوري نائبة الممثلة الخاصة (أ.ف.ب)

وبينما أشارت إلى أن ديوان المحاسبة منقسم منذ عام 2014، قالت إن الاجتماع أسفر «عن تقدم مهم»، حيث «اتفق الجميع على خطوات ملموسة نحو توحيد خطة عمل الديوان وتقريره السنوي»، موضحة أنهم «التزموا بتوحيد الهياكل التنظيمية للفرعين؛ وهي خطوة أساسية نحو تحقيق الانسجام المؤسسي على المستوى الوطني. وسيشكل الفرعان لجنة فنية مشتركة لوضع خطة لتنفيذ هذه الخطوات».

وأشادت خوري بهذا الاتفاق، مؤكدةً أن «توحيد ديوان المحاسبة ليس فقط مجرد إجراء فني، بل هو ضرورة استراتيجية لتعزيز الحوكمة الاقتصادية والمالية في ليبيا، خصوصاً في ظل الوضع المالي الهش وتفشي الفساد»، مشددة على أن «ديوان المحاسبة الموحد يجب أن يلتزم بمبادئ النزاهة والاستقلالية، والشفافية والمساءلة لضمان حماية الموارد العامة، وتوجيهها لصالح جميع الليبيين؛ بدلاً من أن تُستخدم لتحقيق مكاسب شخصية، أو لخدمة أجندات سياسية ضيقة».

وذهب تقرير صادر عن فريق الخبراء المعني بليبيا، التابع للأمم المتحدة، إلى أن الميليشيات المسلحة «باتت تتمتع بمستوى غير مسبوق من التأثير على مؤسسات الدولة». وقال إن هذه المجموعات «وصلت إلى مستوى غير مسبوق من النفوذ داخل مؤسسات الدولة، خصوصاً في المنطقة الغربية»، وحذر منها لأنها «باتت تعرقل قدرة المؤسسات على أداء مهامها باستقلال خارج نطاق مصالح تلك الجماعات».

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (الوحدة)

واتسع نفوذ الميليشيات المسلحة، لا سيما المدعومة من سلطات طرابلس، وباتت تهيمن على كثير من المؤسسات السيادية، إلى جانب «الاتجار في البشر» والسلاح، وتهريب المحروقات خارج ليبيا. وهذه الوضعية من التغول دفعت المبعوث الأممي السابق، عبد الله باتيلي، إلى القول أمام مجلس الأمن الدولي، إن ليبيا «تكاد تكون اليوم بمثابة سوبر ماركت (متجر) مفتوح للأسلحة، التي تستخدم للمنافسة السياسية الداخلية بين المجموعات المسلحة، وأيضاً تلك التي يتم استخدامها في صفقات الأسلحة».

عبد الله باتيلي (البعثة)

كما تطرق باتيلي للأوضاع الأمنية والاقتصادية في ليبيا، وقال إنها «أصبحت مثيرة للقلق أكثر بالنسبة للمواطنين، في ظل تنافس المجموعات المختلفة على مزيد من السلطة، ومزيد من السيطرة على ثروة البلاد».

في سياق آخر، قالت البعثة الأممية إن شعبة دعم المؤسسات الأمنية، التابعة لها، يسّرت لقاءً تشاورياً بين ممثلين عن لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، والادعاء العام العسكري في القيادة العامة بـ«الجيش الوطني» لاستئناف اللقاءات، حول تطوير منظومة التشريعات الأمنية، وأوضحت أن «الحضور توافق على المضي قدماً في النقاشات الهادفة لتطوير مصفوفة التشريعات، وتحديثها بما يتوافق والمتغيرات المحيطة».

وانتهت البعثة الأممية إلى أنه تم إطلاع اللجنة على عدد من جهود البعثة في مجال دعم الأمن القومي، خصوصاً المرتبطة بأمن الانتخابات والحدود، ومكافحة التطرف والهجرة غير النظامية، ومكافحة المعلومات المضللة والخاطئة.


مقالات ذات صلة

سلطات طرابلس للقبض على الميليشياوي «العمو» المطلوب دولياً

شمال افريقيا عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)

سلطات طرابلس للقبض على الميليشياوي «العمو» المطلوب دولياً

تعهدت الأجهزة الأمنية في غرب ليبيا بالقبض على الميليشياوي أحمد الدباشي، الشهير بـ«العمو»، وكل من تورط في جرائم بمدينة صبراتة، وذلك خلال 24 ساعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي يتوسط أطفالاً ليبيين خلال جولته في شوارع طرابلس (مكتب المنفي)

المنفي يشكّل «قوة مشتركة» لتأمين العاصمة الليبية

أجرى محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي جولة في شوارع طرابلس، وذلك عقب قراره بحظر المظاهر المسلحة في العاصمة، وتشكيله «قوة مشتركة» لتأمينها.

«الشرق الأوسط»
شمال افريقيا تونسيون يحملون لافتات مؤيدة للفلسطينيين يرحبون بـ«قافلة الصمود» في وقت سابق (أ.ف.ب)

هل تُكمل «قافلة الصمود» مسيرتها إلى مصر؟

قال الناطق الرسمي باسم «قافلة الصمود» إن «القائمين عليها والمشاركين فيها عازمون على مواصلة مسيرتهم حتى بلوغ معبر رفح بعد إتمام الإجراءات القانونية المطلوبة».

هشام المياني (القاهرة )
شمال افريقيا ليبيون يرحبون بالمشاركين في «قافلة الصمود» أثناء مرورها بشوارع طرابلس (أ.ف.ب)

«شرق ليبيا» يرحّب بـ«قافلة الصمود» ويشدد على احترام «الضوابط المصرية»

في حين كانت تعبر «قافلة الصمود» مدينة مصراتة في غرب ليبيا، أبدت سلطات شرق ليبيا ممثلة في وزارة الخارجية بحكومة أسامة حمّاد، ترحيبها بالمبادرة المغربية.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
شمال افريقيا بعض المتهمين بتهريب الوقود والسلاح لـ«الحركات المسلحة» عبر الحدود مع ليبيا (كتيبة سبل السلام)

«الوطني الليبي» يعتقل مُهربين على الحدود مع السودان ومصر

قالت كتيبة تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي إنها «ضبطت شبكة مهربين على الحدود الليبية السودانية المصرية، وهم يهربون كميات كبيرة من الوقود والأسلحة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

لماذا تثير جولات مسؤولين مصريين الجدل؟

وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)
وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)
TT

لماذا تثير جولات مسؤولين مصريين الجدل؟

وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)
وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)

يتجدد الجدل في مصر من وقت لآخر حول جولات ميدانية لمسؤولين مصريين، خصوصاً مع تكرار تداول مقاطع وأحاديث لمسؤولين تتضمن «تعنيفاً» أو ردوداً غير متوقعة، كان أحدثها واقعة «توبيخ» وزير النقل والصناعة، كامل الوزير، لمسؤول في هيئة «السكك الحديدية» خلال زيارته الأخيرة لـ«محطة مصر»، على خلفية «نقل كمية من الخردة لموقع غير معلوم»، مما اعتبره الوزير «مؤشراً على الإهمال».

وهذه ليست المرة الأولى التي يعنف فيها وزير النقل والصناعة أحد الموظفين خلال جولاته الميدانية؛ فسبق أن أعلن قبل أيام إقالة مسؤول في وزارة الصناعة على الهواء خلال برنامج متلفز.

أيضاً جرى تداول مقطع فيديو، أخيراً، لجولة قام بها محافظ الإسكندرية، أحمد خالد، برز خلاله «تعنيفه» لصاحب محل جزارة على خلفية تحديد سعر كيلو اللحم بـ700 جنيه، معتبراً أن «السعر مبالغ فيه بشكل كبير وبمثابة استغلال للمواطنين».

عضو «لجنة الإدارة المحلية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، سناء السعيد، انتقدت تكرار وقائع قيام مسؤولين بـ«تعنيف موظفين خلال الجولات الميدانية»، باعتباره أمراً لا يجب أن يتم «خلال الجولات»، في ظل وجود إطار قانوني ينظم عمل الموظفين، ولائحة جزاءات واضحة يمكن تطبيقها، وتتضمن عقوبات تلائم طبيعة كل مخالفة تم ارتكابها.

محافظ الإسكندرية خلال إحدى جولاته الميدانية (محافظة الإسكندرية)

في حين اعتبرت أستاذة الاجتماع السياسي، الدكتورة سامية خضر، أن «تصرفات بعض المسؤولين تؤدي إلى تشجيع موظفين بدرجات أقل على التعامل بالطريقة نفسها مع العاملين معهم، وهي رسائل خاطئة لا يجوز السماح بانتشارها». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض المسؤولين يلجأون لمثل هذه المواقف لمحاولة إظهار أنهم يقومون بعملهم بشكل كامل»، لكن المردود السلبي من هذه المواقف «يكون أكبر».

كما يرى مدرس الإعلام في جامعة حلوان، محمد فتحي، أن «بعض المواطنين قد يتفاعلون مع (لقطة بعض المسؤولين خلال جولاتهم الميدانية)»، على حد قوله، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكن مع مرور الوقت سوف يشعرون بالملل من هذه اللقطات».

وفي نهاية مارس (آذار) الماضي، تسببت طريقة مخاطبة نائب رئيس الوزراء وزير الصحة، خالد عبد الغفار، للمرضى في أحد المستشفيات بمحافظة المنيا (صعيد مصر) في حالة جدل، بعدما طالبهم الوزير بشكر الدولة على بناء المستشفى الجديد بدلاً من الشكوى نتيجة نقص الخدمات، وطول فترة الانتظار، والمعاملة التي وصفوها بـ«السيئة» والتي تغيرت فقط بسبب زيارته.

وزير الصحة المصري خلال حديثه مع مواطنين في وقت سابق (وزارة الصحة)

وفي أبريل (نيسان) الماضي، شهدت جولة لوزير التربية والتعليم، محمد عبد اللطيف، في محافظة القليوبية جدلاً كبيراً بعد وفاة مسؤول بالإدارة التعليمية. وسرت انباء وقتذاك عن تعنيف الوزير للمسؤول، وهو الأمر الذي نفته الوزارة رسمياً لاحقاً رغم تكرار نشره من جانب بعض المعلمين الذين شهدوا الواقعة.

وقدم رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، الصيف الماضي، الاعتذار على الهواء مباشرة لطبيبة في محافظة سوهاج (صعيد مصر) على خلفية تداول مقطع فيديو تعامل خلاله محافظ سوهاج، عبد الفتاح سراج، بشكل اعتُبر «غير لائق خلال جولة ميدانية على المستشفيات».

وترى سناء السعيد أن تكرار الوقائع يشير إلى «ضرورة ضبط بعض المسؤولين انفعالاتهم، وعدم المبالغة فيها خلال جولاتهم الميدانية»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض بيئات العمل تشهد تقصيراً وأخطاء من جانب بعض الموظفين، ولا يمكن أن يكون التعنيف حلاً في التعامل معها»، مطالبة بـ«ضرورة تطبيق القانون وعدم تجاوزه».

في مقابل ذلك، أوضحت عضو مجلس النواب المصري، فريدة الشوباشي، لـ«الشرق الأوسط» أن التقصير في أمور بسيطة أحياناً يؤدي لأخطاء كبيرة، وبالتالي تكون العقوبات الموقعة على الموظف الحكومي محدودة، وتستغرق وقتاً طويلاً لتعدد المسارات، معتبرة أن «جولات المسؤولين واتخاذ قرارات سريعة في التعامل مع المخالفين، وفي الوقت نفسه مكافأة الملتزمين، يعكس ذلك تطبيقاً سريعاً لمبدأ الثواب والعقاب».