بداية «لندنستان» و«الحديث الطيب مع الأصوليين»

تستعرض النقاشات الداخلية البريطانية بشأن «الحوار مع المتشددين» مطلع التسعينات

عمر بكري يلقي كلمة في مؤتمر لجماعة إسلامية متشددة وبجواره أبو حمزة المصري (غيتي)
عمر بكري يلقي كلمة في مؤتمر لجماعة إسلامية متشددة وبجواره أبو حمزة المصري (غيتي)
TT

بداية «لندنستان» و«الحديث الطيب مع الأصوليين»

عمر بكري يلقي كلمة في مؤتمر لجماعة إسلامية متشددة وبجواره أبو حمزة المصري (غيتي)
عمر بكري يلقي كلمة في مؤتمر لجماعة إسلامية متشددة وبجواره أبو حمزة المصري (غيتي)

«ليس هناك شيء خبيث أو معادٍ لنا في الأصولية لا يمكن أن يشفيه حديث طيب مع الأصوليين». لخّص هذا الموقف رأي تيار في الحكومة البريطانية، في مطلع تسعينات القرن الماضي، كان يرى أن الحوار مع المتشددين كفيل بأن يحل أي مشكلة تنشأ بين الجانبين.

في مقابل هذا الرأي، كان هناك مسؤولون آخرون يحذّرون من خطورة «طمس الفوارق» بين بريطانيا والأصوليين، ويرون أن ذلك يمثّل «تساهلاً خطيراً».

بقي هذا الجدل البريطاني الداخلي الذي نشأ في تلك الحقبة بين أنصار التيارين، طي الكتمان سنوات طويلة، قبل أن تكشفه وثائق رُفعت عنها السرية في الأرشيف الوطني البريطاني. وتكمن أهمية هذه الوثائق التي تستعرضها «الشرق الأوسط»، بدءاً من اليوم (الثلاثاء)، في أنها تسلّط الضوء للمرة الأولى على الحقبة التي بدأت فيها بريطانيا تتحوّل إلى ملاذ للمتشددين الإسلاميين من حول العالم، وهي ظاهرة تجذّرت لاحقاً إلى درجة أن هناك من بات يُطلق على لندن، تهكماً، اسم «لندنستان»، للدلالة على نشاط الأصوليين فيها.

وفي حين أن هناك من سيجادل بأن هذه الصفة ليست صحيحة تماماً، وبأن لندن هي في الواقع تجربة بريطانية ناجحة للتعايش بين الديانات والثقافات المختلفة، فإن ما يبدو مؤكداً في الحقيقة هو أن العاصمة البريطانية تحوّلت منذ تسعينات القرن الماضي إلى ساحة ينشط فيها خليط واسع من مؤيدي تيارات الإسلام السياسي والجماعات التي تُطلق على نفسها وصف «الجهادية»، لكنها مصنّفة إرهابية أو متشددة من قِبل الكثير من الحكومات، بدايةً في العالم العربي، ولاحقاً في الدول الغربية نفسها.

وتوضح الوثائق التي تنشرها «الشرق الأوسط» اليوم أن هناك تياراً في الحكومة البريطانية دعا إلى الحوار مع الإسلاميين، بمن فيهم المتشددون، على أساس أن التحدث معهم يمكن أن يحل أي إشكالية بين الطرفين، خصوصاً أنه «لا يوجد تضارب ضروري بين المصالح الغربية والإسلام»، وفق ما جادل أنصار هذا الرأي.

وفي المقابل، كان هناك تيار آخر ينتقد هذا المنطق، ويرى أن هناك محاولة متعمدة من بعض المسؤولين البريطانيين لمحو الفوارق الموجودة مع الإسلاميين المتشددين، ويشير إلى ضرورة أخذ مثالَي السودان وإيران في الحسبان عند التعامل مع تيارات الإسلام السياسي، في إشارة إلى أن وصول الإسلاميين للسلطة سيعني رفضهم التخلي عنها لاحقاً.


مقالات ذات صلة

الجيش البريطاني يستغني عن سفن ومروحيات قديمة ومكلفة

أوروبا طائرة مسيّرة (أرشيفية - رويترز)

الجيش البريطاني يستغني عن سفن ومروحيات قديمة ومكلفة

أعلن وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي، اليوم (الأربعاء)، التخلي عن سفن ومروحيات وطائرات مسيّرة حربية عفا عليها الزمن أو تعتبر صيانتها مكلفة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
الاقتصاد شعار «بي بي» البريطانية (رويترز)

انخفاض أرباح «بي بي» البريطانية لأدنى مستوى في 4 سنوات

أعلنت شركة «بي بي» البريطانية عن انخفاض أرباحها في الربع الثالث من العام الحالي، بنسبة 30 في المائة، إلى 2.3 مليار دولار، وهو أدنى مستوى في 4 سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق حساء الطماطم على لوحة «زهور عباد الشمس» لفان جوخ (غيتي)

نفد الصبر... «ناشونال غاليري» يضاعف إجراءاته الأمنية ضد محتجي المناخ

على مر الزمن كانت حركات الاحتجاج تلجأ إلى وسائل مستفزة وصادمة مثل إيقاف المرور في الطرق السريعة، أو استخدام الصمغ لإلصاق الأيدي بالحواجز وواجهات المحال…

عبير مشخص (لندن)
الاقتصاد ميناء «لندن جيت واي» (الموقع الإلكتروني لشركة «دي بي ورلد»)

«دي بي ورلد» الإماراتية مستمرة في استثمارها بميناء بريطاني

قالت الحكومة البريطانية إن «دي بي ورلد» الإماراتية ستمضي في مشروع استثماري بتكلفة مليار جنيه إسترليني (1.3 مليار دولار) بميناء «لندن جيت واي».

«الشرق الأوسط» (لندن)

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن استضافة «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، يوم 2 ديسمبر (كانون الأول)، وقال خلال مشاركته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا الاثنين: «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على محددات الموقف المصري تجاه التطورات الإقليمية، التي تتضمن «ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن أهمية الانتقال لإيجاد أُفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين».

وكشفت مصادر مصرية مطلعة أن «المؤتمر سيعقد على مستوى وزراء الخارجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور سيشمل تمثيلاً إقليمياً، من دول المنطقة، ودولياً، من المجتمع الدولي»، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

وتجري القاهرة استعداداتها المكثفة لاستضافة المؤتمر، لضمان مشاركة واسعة فيه إقليمياً ودولياً، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «مصر ما زالت تتلقى تأكيدات من الدول التي ستشارك»، وأوضحت أن «المؤتمر سيناقش الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة»، وأن «دعم عمل وكالة (الأونروا)، سيكون من فعاليات المؤتمر».

ويعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويتوقف رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، صلاح عبد العاطي، عند عقد المؤتمر بالتزامن مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وقال إن «الفلسطينيين ينظرون بإيجابية لمؤتمر القاهرة الوزاري، أملاً في تحقيق اختراق لأزمة المساعدات الإنسانية، والتدخل لإنفاذ الدعم لسكان القطاع»، مشيراً إلى أن «استمرار الوضع الحالي، مع حلول موسم الشتاء، يفاقم من المعاناة الإنسانية للسكان بغزة».

وتحدث عبد العاطي عن الأهداف التي يأمل الفلسطينيون أن يحققها المؤتمر، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يحقق المؤتمر استجابة إنسانية سريعة لسكان القطاع، كما حدث في التدخلات المصرية السابقة»، إلى جانب «ممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر أمام المساعدات الإغاثية»، كما طالب بـ«تشكيل تحالف دولي إنساني لدعم الإغاثة الإنسانية لغزة».

وتقول الحكومة المصرية إنها قدمت نحو 80 في المائة من حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وفق تصريحات لوزير التموين المصري في شهر مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، في أكتوبر من العام الماضي، «قمة القاهرة للسلام»، بمشاركة دولية واسعة، بهدف «دفع جهود المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار، والعمل على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن «مؤتمر القاهرة الوزاري يستهدف إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، مرة أخرى، في ضوء التطورات الإقليمية»، وقال إن «توقيت ومستوى التمثيل في المؤتمر، يقدمان رسائل تنبيه مبكرة لخطورة الوضع في القطاع، والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي».

وستتجاوز مناقشات المؤتمر حدود الدعم الإنساني والإغاثي لسكان قطاع غزة، وفقاً لفهمي، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر سياسي بالدرجة الأولى، ويستهدف استعراض الجهود المبذولة، خصوصاً من الدول العربية، لوقف الحرب في القطاع»، مشيراً إلى أن «المؤتمر سيسعى لصياغة مقاربات جديدة للتعاطي مع الأزمة في غزة، والقضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تولي إدارة دونالد ترمب مهامها الرسمية في أميركا».