الجيش السوداني يعلق مشاركته في محادثات «جدة»... واشتباكات في الخرطوم

الاتحاد الأفريقي يعلن عن خارطة طريق لحل الأزمة السودانية من 6 بنود

TT

الجيش السوداني يعلق مشاركته في محادثات «جدة»... واشتباكات في الخرطوم

 البرهان متفقداً جنوده أمس (موقع القوات المسلحة على «فيسبوك»)
البرهان متفقداً جنوده أمس (موقع القوات المسلحة على «فيسبوك»)

أعلن الجيش السوداني (الأربعاء) تعليق المحادثات مع قوات «الدعم السريع»، المستمرة في مدينة جدة السعودية؛ «لعدم تنفيذها بنود اتفاق الهدنة والاستمرار في خرقها». بدورها اتهمت قيادة «الدعم السريع» قوات «الجيش» بمحاولة إفشال منبر الوساطة، والجنوح للحل العسكري، ما يؤشر بانهيار اتفاق وقف إطلاق «المجدد».

وفي هذه الأثناء، أعلن الاتحاد الأفريقي، الأربعاء، عن خريطة طريق تهدف إلى حل الأزمة السودانية، تضمنت مجموعة إجراءات لتسوية النزاع، منها الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار.

بيان الاتحاد الأفريقي

محمد الحسن ولد لبات، المتحدث باسم الاتحاد الأفريقي خلال مؤتمر صحافي في أديس أبابا الأربعاء (أ.ف.ب)

وقال الاتحاد الأفريقي، في بيان، الأربعاء، إن خريطة الطريق لحل النزاع في السودان تشتمل على 6 بنود، منها أن تعمل الآلية الموسعة المشكّلة من الاتحاد الأفريقي، على ضمان تنسيق جميع الجهود الإقليمية والدولية لحل الأزمة السودانية.

ونصت الخارطة، وفق البيان، على ضرورة الوقف الفوري والدائم والشامل للأعمال العدائية، والاستجابة الإنسانية الفعالة لتداعيات النزاع، وضرورة حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، مع الالتزام الكامل بالقانون الدولي الإنساني. وتضمنت أيضاً الاعتراف بالدور المحوري الذي تلعبه الدول المجاورة، المتأثرة بالنزاع، واستكمال العملية السياسية الانتقالية الشاملة، بمشاركة جميع الأطراف السودانية، وتشكيل حكومة مدنية ديمقراطية في البلاد. وتجددت اشتباكات عنيفة بين الطرفين المتقاتلين، في العاصمة الخرطوم وولاية شمال كردفان في اليوم الثاني للهدنة التي جرى التوقيع على تمديدها لمدة 5 أيام عبر الوساطة السعودية الأميركية، أول من أمس بمدينة «جدة». وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي القصف المدفعي والأسلحة الثقيلة في العديد من المناطق بالخرطوم.

لم تختف من سماء الخرطوم أعمدة الدخان حتى إبان الهُدن (أ.ف.ب)

قذائف في أم درمان

وبحسب الشهود، فإن قذائف مدفعية ضربت أحياء بمدينة «أم درمان»، كما شهدت ضواحٍ بجنوب الخرطوم تساقط شظايا المدفعية جراء تبادل النيران بين الجيش و«الدعم السريع»، أدت إلى سقوط عدد من الضحايا وسط المدنيين.

وذكر المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني، نبيل عبد الله، في بيان أن قرار تعليق المحادثات الجارية حالياً بمدينة «جدة»، جاء لعدم التزام قوات «الدعم السريع» بأي من البنود التي نص عليها اتفاق وقف إطلاق النار واستمراها في خرق الهدنة.

وقالت مصادر بقوات «الدعم السريع» لـ«الشرق الأوسط» إن الوفد المفاوض للجيش السوداني أعلن تعليق مشاركته في التفاوض، في محاولة يائسة منه لإفشال منبر «جدة» التفاوضي.

وأضافت أن الجيش السوداني ظل يضع العراقيل باختراقه المتواصل لـ«الهدنة» الإنسانية من خلال الهجوم بالطيران والمدافع الثقيلة وتحريك القوات من الولايات إلى العاصمة الخرطوم. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن حديث قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، باستخدام القوة المميتة تأتي ضمن خطة تعليق التفاوض واللجوء للحل العسكري.

«الدعم السريع» ملتزمة بالهدنة

وذكر قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي» مرات عديدة وجود تعدد مراكز اتخاذ القرار داخل قيادة الجيش، في إشارة إلى مجموعة متشددة تفضل خيار الحرب على الحل السلمي المتفاوض عليه.

وهدد البرهان، أمس، في ثاني ظهور له وسط قواته بالقيادة العامة للجيش بوسط الخرطوم، باستخدام «القوى القصوى المميتة» ضد قوات «الدعم السريع».

وأعلنت قوات «الدعم السريع» في بيان أمس، استمرار التزامها بالهدنة، والعمل بجدية من أجل نجاحها، لمعالجة الأزمة الإنسانية والوضع الأمني المتدهور.

وفي وقت سابق، لوحت الإدارة الأميركية بفرض عقوبات على الأطراف السودانية والأفراد المسؤولين عن زعزعة الأمن والاستقرار وعرقلة الانتقال الديمقراطي في البلاد.

وأعلنت الوساطة أن الطرفين اتفقا خلال المحادثات الجارية على مناقشة وقف إطلاق نار طويل الأمد، وإخلاء القوات من المناطق السكنية.

ورصدت الوساطة السعودية الأميركية خلال فترة الهدنة الأولى تحسناً طفيفاً في وقف القتال بين الطرفين، على الرغم من الخروقات العديدة، من بينها تحليق للطيران الحربي للجيش، ورد من جانب قوات «الدعم السريع».

وقبيل التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار «المجدد»، أبدى طرفا القتال في السودان استعدادهما الكامل لتنفيذ وقف إطلاق النار والترتيبات الإنسانية، على الرغم من عدم الالتزام والعمل بالهدنة السابقة.

وعملت الوساطة السعودية - الأميركية على تجديد وقف إطلاق النار الحالي، للانتقال إلى وقف دائم لإطلاق النار والعدائيات في كل أنحاء البلاد، يليه إجراء محادثات سياسية لحل الأزمة.

وينص اتفاق وقف إطلاق النار على وقف العمليات العسكرية والقصف الجوي، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، والاحتياجات الضرورية للمدنيين في مناطق الصراع، والسماح لهم بمغادرة مناطقهم دون التعرض لهم من أي طرف.

ويقضى الاتفاق على أن يحتفظ كل طرف «الجيش والدعم السريع» بالمواقع التي يسيطر عليها ساعة التوقيع، وإنهاء احتلال المستشفيات ومرافق الخدمات الأساسية (الكهرباء والمياه). كما يلزم الاتفاق الطرفين بعدم استغلال «الهدنة» لتقوية الدفاعات أو إعادة الإمدادات العسكرية والأسلحة بما في ذلك من المصادر الأجنبية.


مقالات ذات صلة

محادثات سويسرا: إعلان لوقف الحرب وبناء جيش سوداني موحد

شمال افريقيا مفاوضات جنيف لحل الأزمة في السودان (أرشيفية - حساب المبعوث الأميركي للسودان توم بيرييلو)

محادثات سويسرا: إعلان لوقف الحرب وبناء جيش سوداني موحد

أعلنت قوى سياسية ومدنية وحركات مسلحة سودانية عن اتفاق لوقف الحرب، وبناء جيش سوداني موحد، وتفكيك نظام الإنقاذ الوطني، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

حكومة موازية لـ«الدعم السريع» في الخرطوم

أعلنت «قوات الدعم السريع» تشكيلَ إدارة مدنية (حكومة ولائية) في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك بعد 19 شهراً من سيطرتها على معظم أنحاء ولاية الخرطوم.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

«الدعم السريع» تكوّن حكومة مدنية موازية في الخرطوم

أعلنت «قوات الدعم السريع» تشكيل إدارة مدنية (حكومة ولائية) في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك بعد تسعة عشر شهراً من سيطرتها على معظم أنحاء ولاية الخرطوم

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

صحيفة سودانية: «الدعم السريع» تشكل سلطة مدنية لإدارة ولاية الخرطوم

أفادت صحيفة «سودان تريبيون»، اليوم (الجمعة)، بأن «قوات الدعم السريع» أعلنت تشكيل سلطة مدنية لإدارة ولاية الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (رويترز)

وزير خارجية فرنسا: الأزمة الإنسانية في السودان الأكبر في زمننا

وزير الخارجية الفرنسي: «الأزمة الإنسانية في السودان تعد الأكبر في زمننا، والتدخلات الخارجية في الحرب الدائرة يجب أن تتوقف».

ميشال أبونجم (باريس)

الجزائر: «أزمة الكاتب صنصال» مرشحة لمزيد من التصعيد مع باريس

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)
TT

الجزائر: «أزمة الكاتب صنصال» مرشحة لمزيد من التصعيد مع باريس

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

رجح مراقبون في الجزائر حصول مزيد من التصعيد في «قضية الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال» المسجون منذ أسبوعين، على أثر تصريحات مسؤول جزائري كبير، فُهم منها أن بلاده «لن ترضخ للضغوط السياسية والإعلامية المتزايدة في فرنسا»، بشأن هذا الملف الذي زاد من حدة تدهور العلاقات بين البلدين.

وصرَّح إبراهيم بوغالي، رئيس «المجلس الشعبي الوطني»، (غرفة التشريع)، خلال اجتماع لأعضاء مكتب «المجلس»، الأحد، بأن «انخراط البرلمان الأوروبي، وبعض الدوائر السياسية والإعلامية الفرنسية، في محاولة للتدخل في الشأن الداخلي للجزائر ليس سوى ممارسة مفضوحة لصرف الأنظار عن الانتهاكات الحقيقية لحقوق الإنسان والقانون الدولي».

جلسة في البرلمان الأوروبي (أرشيفية - البرلمان الأوروبي)

وكان بوغالي يشير إلى نقاش نظَّمه البرلمان الأوروبي، الخميس الماضي، بخصوص سجن الكاتب السبعيني بوعلام صنصال. كما جرى بحث إصدار لائحة تُدين سجنه وتطالب السلطات الجزائرية بالإفراج عنه، أطلقتها البرلمانية الفرنسية سارة خنافو، من حزب «الاسترداد» الفرنسي اليميني، صاحب المواقف الحادة ضد المهاجرين الجزائريين في فرنسا.

وقال بوغالي إنه «يتساءل عمَّا بقي من رصيد لهذه الأبواق، فيما يخص الفصل بين السلطات أو استقلالية القضاء»، ويستنتج من كلامه أن دعوات إطلاق سراح صنصال فيها عدم احترام لمبدأ استقلال القضاء الجزائري، فيما لا تزال قضيته في مرحلة التحقيق. وحسب بوغالي «يسهر القضاء الجزائري على حماية الحقوق والحريات»، مشدداً على أن «يد القانون ستطول كل مَن تسوِّل له نفسه المس بأمن واستقرار الجزائر».

ولأول مرة يخوض مسؤول جزائري رفيع في «أزمة صنصال»، علماً أنه لم يذكره بالاسم. وفي الترتيب البروتوكولي للمسؤولين، يأتي رئيس «المجلس الشعبي الوطني» رابعاً بعد رئيس الدولة ورئيس «مجلس الأمة» ورئيس «المحكمة الدستورية».

واعتقل الأمن الجزائري مؤلف الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، (2008)، في مطار عاصمة البلاد في 16 من الشهر الماضي، فيما كان عائداً من باريس. ووُضع في الحجز تحت النظر إلى 23 من الشهر نفسه، تاريخ تقديمه للنيابة ثم قاضي التحقيق بمحكمة في العاصمة، حيث أمر بإيداعه الحبس الاحتياطي، من دون الإعلان رسمياً عن ذلك، كما رفض محاميه بالجزائر، التعاطي مع الصحافة حول القضية.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

ورجح محامون تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، حول القضية، اتهام صنصال بمادتين قانونيتين، يشملهما قانون العقوبات، إحداهما تفيد بأنه «يعاقَب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، كلُّ من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية أو أمن الدولة أو تهديد سيادتها». والأخرى تقول: «يعد عملاً إرهابياً أو تخريبياً كلُّ فعلٍ يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وتأخذ السلطات على الروائي الشهير، تصريحات «مستفزة» أطلقها في منصة «فرونتيير» الإخبارية الفرنسية اليمينية، زعم فيها أن قادة «ثورة التحرير» الجزائرية، طلبوا من سلطات المغرب «إيواء قواعدهم ومساعدتهم مالياً وعسكرياً ودبلوماسياً مقابل وعد بإعادة الأراضي التي اقتطعتها فرنسا، لكنّ هؤلاء القادة تنكروا للاتفاق بعد استقلال الجزائر».

كما ادّعى أن قادة فرنسا «أحدثوا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر» عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب». وفي تقدير صنصال «نظام الجزائر نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال: «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب، لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وكان يقصد ضمناً الجزائر.

الجدل حول قضية صنصال انتقل إلى البرلمان الفرنسي (الشرق الأوسط)

وعُرف صنصال بانتقاداته السلطة والمجتمع في الجزائر، وشملت أعماله الأدبية هذه الانتقادات، لكن لم يتعرض للمساءلة بسببها. علماً بأنه قضى سنوات طويلة في وزارة الصناعة مسؤولاً كبيراً، وأُحيل إلى التقاعد عام 2003.

وخلَّف سجنه موجه سخط كبيرة في فرنسا، التي منحته جنسيتها في يونيو (حزيران) الماضي، بقرار من الرئيس إيمانويل ماكرون. وطرح مسؤولون فرنسيون احتمال توظيف «الحماية القنصلية»، لترحيله إلى فرنسا، وهذه المسألة تثير حساسية بالغة لدى الحكومة الجزائرية، إذ تعدها «تجاوزاً بحق سيادة بلد طرد الاستعمار الفرنسي منذ أكثر من 62 سنة».

وتفاعل البرلمان الفرنسي الأسبوع الماضي مع القضية، باستجواب الوزيرة المكلفة بشؤون الفرنسيين في الخارج صوفي بريما، حول الطريقة المثلى لحل «مشكلة صنصال»، فقالت: «مصالح الدولة في حالة تعبئة كاملة لمتابعة قضية مواطننا، وتمكينه من الاستفادة من الحماية القنصلية التي ينص عليها القانون».