الجزائر: «أزمة الكاتب صنصال» مرشحة لمزيد من التصعيد مع باريس

مسؤول رفيع يتهم «دوائر فرنسية» بـ«التدخل في شأن داخلي»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)
TT
20

الجزائر: «أزمة الكاتب صنصال» مرشحة لمزيد من التصعيد مع باريس

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

رجح مراقبون في الجزائر حصول مزيد من التصعيد في «قضية الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال» المسجون منذ أسبوعين، على أثر تصريحات مسؤول جزائري كبير، فُهم منها أن بلاده «لن ترضخ للضغوط السياسية والإعلامية المتزايدة في فرنسا»، بشأن هذا الملف الذي زاد من حدة تدهور العلاقات بين البلدين.

وصرَّح إبراهيم بوغالي، رئيس «المجلس الشعبي الوطني»، (غرفة التشريع)، خلال اجتماع لأعضاء مكتب «المجلس»، الأحد، بأن «انخراط البرلمان الأوروبي، وبعض الدوائر السياسية والإعلامية الفرنسية، في محاولة للتدخل في الشأن الداخلي للجزائر ليس سوى ممارسة مفضوحة لصرف الأنظار عن الانتهاكات الحقيقية لحقوق الإنسان والقانون الدولي».

جلسة في البرلمان الأوروبي (أرشيفية - البرلمان الأوروبي)
جلسة في البرلمان الأوروبي (أرشيفية - البرلمان الأوروبي)

وكان بوغالي يشير إلى نقاش نظَّمه البرلمان الأوروبي، الخميس الماضي، بخصوص سجن الكاتب السبعيني بوعلام صنصال. كما جرى بحث إصدار لائحة تُدين سجنه وتطالب السلطات الجزائرية بالإفراج عنه، أطلقتها البرلمانية الفرنسية سارة خنافو، من حزب «الاسترداد» الفرنسي اليميني، صاحب المواقف الحادة ضد المهاجرين الجزائريين في فرنسا.

وقال بوغالي إنه «يتساءل عمَّا بقي من رصيد لهذه الأبواق، فيما يخص الفصل بين السلطات أو استقلالية القضاء»، ويستنتج من كلامه أن دعوات إطلاق سراح صنصال فيها عدم احترام لمبدأ استقلال القضاء الجزائري، فيما لا تزال قضيته في مرحلة التحقيق. وحسب بوغالي «يسهر القضاء الجزائري على حماية الحقوق والحريات»، مشدداً على أن «يد القانون ستطول كل مَن تسوِّل له نفسه المس بأمن واستقرار الجزائر».

ولأول مرة يخوض مسؤول جزائري رفيع في «أزمة صنصال»، علماً أنه لم يذكره بالاسم. وفي الترتيب البروتوكولي للمسؤولين، يأتي رئيس «المجلس الشعبي الوطني» رابعاً بعد رئيس الدولة ورئيس «مجلس الأمة» ورئيس «المحكمة الدستورية».

واعتقل الأمن الجزائري مؤلف الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، (2008)، في مطار عاصمة البلاد في 16 من الشهر الماضي، فيما كان عائداً من باريس. ووُضع في الحجز تحت النظر إلى 23 من الشهر نفسه، تاريخ تقديمه للنيابة ثم قاضي التحقيق بمحكمة في العاصمة، حيث أمر بإيداعه الحبس الاحتياطي، من دون الإعلان رسمياً عن ذلك، كما رفض محاميه بالجزائر، التعاطي مع الصحافة حول القضية.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)
البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

ورجح محامون تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، حول القضية، اتهام صنصال بمادتين قانونيتين، يشملهما قانون العقوبات، إحداهما تفيد بأنه «يعاقَب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، كلُّ من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية أو أمن الدولة أو تهديد سيادتها». والأخرى تقول: «يعد عملاً إرهابياً أو تخريبياً كلُّ فعلٍ يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وتأخذ السلطات على الروائي الشهير، تصريحات «مستفزة» أطلقها في منصة «فرونتيير» الإخبارية الفرنسية اليمينية، زعم فيها أن قادة «ثورة التحرير» الجزائرية، طلبوا من سلطات المغرب «إيواء قواعدهم ومساعدتهم مالياً وعسكرياً ودبلوماسياً مقابل وعد بإعادة الأراضي التي اقتطعتها فرنسا، لكنّ هؤلاء القادة تنكروا للاتفاق بعد استقلال الجزائر».

كما ادّعى أن قادة فرنسا «أحدثوا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر» عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب». وفي تقدير صنصال «نظام الجزائر نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال: «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب، لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وكان يقصد ضمناً الجزائر.

الجدل حول قضية صنصال انتقل إلى البرلمان الفرنسي (الشرق الأوسط)
الجدل حول قضية صنصال انتقل إلى البرلمان الفرنسي (الشرق الأوسط)

وعُرف صنصال بانتقاداته السلطة والمجتمع في الجزائر، وشملت أعماله الأدبية هذه الانتقادات، لكن لم يتعرض للمساءلة بسببها. علماً بأنه قضى سنوات طويلة في وزارة الصناعة مسؤولاً كبيراً، وأُحيل إلى التقاعد عام 2003.

وخلَّف سجنه موجه سخط كبيرة في فرنسا، التي منحته جنسيتها في يونيو (حزيران) الماضي، بقرار من الرئيس إيمانويل ماكرون. وطرح مسؤولون فرنسيون احتمال توظيف «الحماية القنصلية»، لترحيله إلى فرنسا، وهذه المسألة تثير حساسية بالغة لدى الحكومة الجزائرية، إذ تعدها «تجاوزاً بحق سيادة بلد طرد الاستعمار الفرنسي منذ أكثر من 62 سنة».

وتفاعل البرلمان الفرنسي الأسبوع الماضي مع القضية، باستجواب الوزيرة المكلفة بشؤون الفرنسيين في الخارج صوفي بريما، حول الطريقة المثلى لحل «مشكلة صنصال»، فقالت: «مصالح الدولة في حالة تعبئة كاملة لمتابعة قضية مواطننا، وتمكينه من الاستفادة من الحماية القنصلية التي ينص عليها القانون».


مقالات ذات صلة

المعارضة المالية تتبنى تحطيم «درون» اخترقت أجواء الجزائر

شمال افريقيا بقايا «الدرون» بعد تحطيمها (المعارضة المالية المسلحة)

المعارضة المالية تتبنى تحطيم «درون» اخترقت أجواء الجزائر

تبنت المعارضة المالية المسلحة في شمال البلاد المتاخم للجزائر، عملية تحطيم الطائرة، مؤكدة أن المنطقة «باتت مقبرة» لمسيرات الجيش النظامي في باماكو.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عربية نحو 70 ألف مشجع احتشدوا في ملعب 5 جويلية لمباراة المولودية وأورلاندو (نادي المولودية)

«أبطال أفريقيا»: أورلاندو يعاقب مولودية الجزائر ويهزمه بملعبه

فاجأ أورلاندو بيراتس الجنوب الأفريقي مضيفه مولودية الجزائر وتغلبت عليه 1 /صفر في المباراة التي جمعتهما في ذهاب دور الثمانية من مسابقة دوري أبطال أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا صورة «الدرون» المحطمة (موقع مينا ديفانس الجزائري)

وزارة الدفاع الجزائرية تعلن إسقاط مسيرة مسلحة اخترقت المجال الجوي

قالت وزارة الدفاع الجزائرية، اليوم (الثلاثاء)، إنه جرى إسقاط طائرة مسيرة مسلحة اخترقت المجال الجوي للبلاد قرب مدينة تين زاوتين الحدودية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

ماكرون وتبون يعيدان إطلاق العلاقات الثنائية بعد أشهر من التوتر

أكد الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والجزائري عبد المجيد تبون في اتصال هاتفي، اليوم (الاثنين)، أن العلاقات بين بلديهما عادت إلى طبيعتها بعد أشهر من الأزمة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري تعهد بتعزيز القدرات الدفاعية للبلاد (الرئاسة)

الجزائر تعزز قدراتها الحربية بتسلم مقاتلات متطورة من روسيا

تسلمت الجزائر هذا الشهر أول مقاتلة من أصل 20 مقاتلة من طراز سوخوي (سو - 35) من المقرر تسلمها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نشطاء: 85 قتيلاً في هجمات لـ«الدعم السريع» جنوب الخرطوم خلال أسبوع

جنود في منطقة استعادها الجيش السوداني مؤخرا من قوات الدعم السريع، 40 كيلومترا جنوب الخرطوم، السودان 27 مارس 2025 (أ.ب)
جنود في منطقة استعادها الجيش السوداني مؤخرا من قوات الدعم السريع، 40 كيلومترا جنوب الخرطوم، السودان 27 مارس 2025 (أ.ب)
TT
20

نشطاء: 85 قتيلاً في هجمات لـ«الدعم السريع» جنوب الخرطوم خلال أسبوع

جنود في منطقة استعادها الجيش السوداني مؤخرا من قوات الدعم السريع، 40 كيلومترا جنوب الخرطوم، السودان 27 مارس 2025 (أ.ب)
جنود في منطقة استعادها الجيش السوداني مؤخرا من قوات الدعم السريع، 40 كيلومترا جنوب الخرطوم، السودان 27 مارس 2025 (أ.ب)

قُتل 85 شخصاً وأُصيب عشرات في هجمات تشنّها «قوات الدعم السريع»، منذ أسبوع، على قرى تقع إلى الجنوب من الخرطوم، وفق ما أفاد به نشطاء، الأربعاء.

وجاء في بيان لتنسيقية لجان مقاومة كرري: «لليوم السابع على التوالي... ميليشيا الجنجويد تواصل هجماتها العنيفة على قرى الجموعية غرب جبل أولياء، ما أسفر عن أكثر من 85 شهيداً وعشرات المصابين والجرحى»، حسبما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».