الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية تتوتر مجدداً و«البنتاغون» يؤكد صمود «وقف النار»

هوكستين حذر تل أبيب... ودعوات فرنسية ولبنانية لالتزم اتفاق وقف النار

علم إسرائيلي مرفوع في بلدة العديسة بجنوب لبنان المقابلة لمستوطنة المطلة الإسرائيلية (إ.ب.أ)
علم إسرائيلي مرفوع في بلدة العديسة بجنوب لبنان المقابلة لمستوطنة المطلة الإسرائيلية (إ.ب.أ)
TT

الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية تتوتر مجدداً و«البنتاغون» يؤكد صمود «وقف النار»

علم إسرائيلي مرفوع في بلدة العديسة بجنوب لبنان المقابلة لمستوطنة المطلة الإسرائيلية (إ.ب.أ)
علم إسرائيلي مرفوع في بلدة العديسة بجنوب لبنان المقابلة لمستوطنة المطلة الإسرائيلية (إ.ب.أ)

ردّ «حزب الله» للمرة الأولى على الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار بإطلاقه صاروخين باتجاه مزارع شبعا المحتلة، في وقت ترتفع فيه الدعوات إلى ضرورة الالتزام بالتهدئة بعدما أدت الانتهاكات الإسرائيلية إلى سقوط قتلى وجرحى في لبنان.

وأدى رد «حزب الله» إلى رد إسرائيلية وتوتر على الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية، مع تهديد مسؤولين في إسرائيل بـ«رد قاس»، ما أثار مخاوف من تصعيد الوضع، فيما أكدت واشنطن على أن الاتفاق «صامد إلى حد كبير».

وسبق ذلك دعوات دولية محلية إلى وقف الخروقات من جانب إسرائيل، خصوصاً أنها لم تتوقف من اليوم الأول لوقف الحرب في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

تحذير هوكستين

وقالت «هيئة البث العامة الإسرائيلية» ووسائل إعلام إسرائيلية أخرى، الاثنين، إن المبعوث الأمريكي آموس هوكستين، الذي توسط في وقف إطلاق النار بعد جهود دبلوماسية مكثفة استمرت أسابيع، حذر إسرائيل من «الانتهاكات». ولم تعلق الحكومة الإسرائيلية حتى الآن على هذه التقارير، طبقاً لـ«رويترز».

من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، الاثنين، أن الوزير جان نويل بارو أبلغ نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر بـ«ضرورة التزام كل الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بين الدولة الإسرائيلية و(حزب الله)»، مشيرة إلى أن بارو أكد لساعر في اتصال هاتفي «الحاجة ليحترم كل الأطراف اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان».

ميقاتي ــ جيفرز

وفي لبنان، اجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالرئيس المشارك لآلية تنفيذ ومراقبة وقف الأعمال العدائية الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز في حضور سفيرة الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون. وتم البحث في مهمة اللجنة الخماسية المكلَّفة بمراقبة وقف إطلاق النار.

وفي خلال الاجتماع، أكد رئيس الحكومة «ضرورة الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار، ومنع الخروق الأمنية، وانسحاب العدو الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة»، وفق بيان صادر عن رئاسة الحكومة.

بري: أين اللجنة؟

كذلك، دعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري اللجنة المكلفة بمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار «إلى مباشرة مهامها بشكل عاجل، وإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها وانسحابها من الأراضي التي تحتلها قبل أي شيء آخر»، وذلك بعدما وصلت الخروقات إلى العمق اللبناني، وأدت إلى مقتل عنصر في أمن الدولة، وإصابة جندي في الجيش اللبناني.

وقال بري في بيان: «خلافاً لكل ما يروَّج له في وسائل الإعلام بأن ما تقوم به إسرائيل منذ بدء سريان وقف إطلاق النار كأنه من ضمن بنود الاتفاق، تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بأعمال عدوانية لجهة تجريف المنازل في القرى اللبنانية الحدودية مع فلسطين المحتلة يضاف إليها استمرار الطلعات الجوية، وتنفيذ غارات استهدفت أكثر من مرة عمق المناطق اللبنانية، وسقط خلالها شهداء وجرحى، وآخرها ما حدث، الاثنين، في حوش السيد علي في الهرمل (أقصى شمال شرقي لبنان) وجديدة مرجعيون. كل هذه الأعمال تمثل خرقاً فاضحاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى إعلانه في 27 نوفمبر عام 2024، وأعلن لبنان التزامه به».

وأضاف بري: «نسأل اللجنة الفنية التي أُلِّفت لمراقبة تنفيذ هذا الاتفاق: أين هي من هذه الخروق والانتهاكات المتواصلة التي تجاوزت 54 خرقاً، بينما لبنان والمقاومة ملتزمون بشكل تام بما تعهدوا به؟».

وشدد رئيس البرلمان على «أن اللجنة المكلفة بمراقبة تنفيذ الاتفاق مدعوة إلى مباشرة مهامها بشكل عاجل، وإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها، وانسحابها من الأراضي التي تحتلها قبل أي شيء آخر».

المندوب الفرنسي

وعلمت «الشرق الأوسط» أن مساعي تبذل لمنع توسع الخروقات لوقف النار. وكشفت مصادر لبنانية معنية بالملف أنه تمت تسمية الجنرال غيوم بونشان عضوًا فرنسياً في لجنة المراقبة، مشيرة إلى أنه سيصل بيروت الاربعاء، على أن تعقد اللجنة أول اجتماعاتها الخميس.

«حزب الله»: لقد أُعْذِر من أنذر

ومساءً، ردّ «حزب الله» للمرة الأولى على الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة منذ بدء اتفاق وقف النار، الأربعاء الماضي. وقال الحزب في بيان: «على إثر الخروقات المتكررة التي يبادر إليها العدو الإسرائيلي لاتفاق وقف الأعمال العدائية المعلن عن بدء سريانه، فجرَ نهار الأربعاء، والتي تتخذ أشكالاً متعددة، منها إطلاق النيران على المدنيين والغارات الجوية في أنحاء مختلفة من لبنان؛ ما أدى إلى استشهاد مواطنين، وإصابة آخرين بجراح، إضافة إلى استمرار انتهاك الطائرات الإسرائيلية المعادية للأجواء اللبنانية وصولاً إلى العاصمة بيروت، وبما أن المراجعات للجهات المعنية بوقف هذه الخروقات لم تُفلح، فقد نفذت المقاومة الإسلامية، مساء الاثنين، ردّا دفاعياً أولياً تحذيرياً مستهدفةً موقع رويسات العلم التابع لجيش العدو الإسرائيلي في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة»، وختم الحزب بيانه بالتحذير: «وقد أُعْذِر من أَنذر».

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي «أن (حزب الله) أطلق قذيفتين صاروخيتين «نحو شمال الدولة العبرية». وقال الجيش في بيان: «قبل قليل أطلق (حزب الله) اللبناني قذيفتين نحو منطقة هار دوف»، وهي التسمية الإسرائيلية لمنطقة مزارع شبعا المتنازع عليها ويعدها لبنان محتلة من قِبل إسرائيل. وأكد الجيش أن القذيفتين سقطتا «في مناطق مفتوحة. ولم ترد أنباء عن إصابات».

قوات إسرائيلية تتنقل بين المنازل المدمرة في بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

«انتهاك خطير»

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن «إطلاق (حزب الله) النار على مستوطنة هار دوف يشكل انتهاكاً خطيراً لوقف إطلاق النار، وإسرائيل سترد بقوة». كما توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في منشور على منصة «إكس» برد «صارم».

وعلى وقع هذه التهديدات نفذ الطيران الإسرائيلي غارات على يارون وأطراف بلدة شبعا وطلوسة. وفيما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بسقوط جرحى في طلوسة، أشارت وسائل إعلام لبنانية إلى سقوط قتيلين.

وأشارت «الوطنية» إلى أن «جرافات تابعة لجيش العدو الإسرائيلي قامت بجرف مسجد بلدة مارون الراس بالكامل، وهو مسجد يقع على تلة تشرف على مدينة بنت جبيل».

«البنتاغون» والخارجية الأميركية

من جهتها، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» صامد على الرغم من بعض الحوادث. وقال الميجور جنرال باتريك رايدر، المتحدث باسم البنتاغون للصحافيين: «تقييمنا بشكل عام هو أن وقف إطلاق النار صامد على الرغم من بعض هذه الحوادث التي نشهدها».

بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن «وقف إطلاق النار صامد». وأضاف «عندما نتلقى تقارير عن انتهاكات محتملة، لدينا آلية وضعناها مع حكومة فرنسا للنظر في تلك الانتهاكات المحتملة، وتحديد ما إذا هي في الواقع انتهاكات، ثم الانخراط مع الأطراف لضمان عدم تكرارها».

أكثر من 75 خرقاً

بينما يقوم الجيش اللبناني بتوثيق الخروقات الإسرائيلية، قالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن الانتهاكات الإسرائيلية منذ اتفاق وقف إطلاق النار بلغت أكثر من 75 خرقاً» حتى بعد ظهر الاثنين، وهي لا تقتصر على القرى الحدودية، بل تستهدف بلدات في العمق اللبناني، حيث استهدفت غارة من مسيَّرة إسرائيلية بـ3 صواريخ الجيش اللبناني في بلدة حوش السيد علي شمال قضاء الهرمل.

وأعلن الجيش في بيان أن «مسيّرة للعدو الإسرائيلي استهدفت جرافة للجيش أثناء تنفيذها أعمال تحصين داخل مركز العبّارة العسكري في منطقة حوش السيد علي- الهرمل، ما أدى إلى إصابة أحد العسكريين بجروح متوسطة».

كذلك، أغارت مسيّرة إسرائيلية على دراجة نارية قرب محطة تحويل كهرباء مرجعيون متسببة بسقوط قتيل، وفق وزارة الصحة، لتعود بعدها وتعلن المديرية العام لأمن الدول مقتل أحد عناصرها.

وقالت «أمن الدولة» في بيان لها: «فـي خرق فاضـح لاتفـاقيّة الهدنة، أقدمت طائرة مسيّرة تابعة للعدوّ الإسرائيليّ على استهداف أحد عناصر أمن الدولة العريف مهدي خريس من مديريّة النبطيّة الإقليميّة بصـاروخ موجّه، أثناء أدائه واجبه الوطنيّ؛ ما أدّى إلى استشهاده»، وأكدت: «إن هـذا الاعتداء يشكل تصعيداً خطيراً وانتهاكاً صارخاً للسيادة اللبنانية، ويؤكد الطبيعة العدوانية للاحتلال الذي لا يلتزم بأي اتفاقيّات أو مواثيق دوليّة».

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين، إنه «هاجم مركبات عسكرية تعمل بالقرب من بنية تحتية عسكرية لـ(حزب الله) اللبنانية في سهل البقاع»، مشيراً إلى أن قواته «هاجمت أيضاً مركبات عسكرية تُستخدم في نقل أسلحة بالقرب من الحدود بين سوريا ولبنان في الهرمل»، واعترف بإصابة جندي لبناني في إحدى الضربات.

ومع تسجيل استمرار تحليق الطيران على علو منخفض في بعض مناطق الجنوب، أطلق الجيش الإسرائيلي رشقات رشاشة باتجاه المنازل في بلدة الناقورة، كما سُجِّلَتْ غارتان من الطيران المسيّر على بلدة عيترون، بينما جدد الجيش الإسرائيلي تحذيره لعشرات البلدات في جنوب لبنان من عدم العودة إليها «حتى إشعار آخر».

وبعد الظهر، أفادت «الوكالة الوطنية» بأن الجيش الإسرائيلي أطلق قذيفتين مدفعيتين على بلدة بيت ليف في قضاء بنت جبيل، وأطلق الجنود الإسرائيليون نيران رشاشاتهم الثقيلة باتجاه بلدة يارون.

محاولات توغّل جديدة

ولا تقتصر الانتهاكات الإسرائيلية على تنفيذ القصف، بل تُسَجَّل محاولات توغل جديدة عند القرى الحدودية، حيث أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بإقدام قوات العدو الإسرائيلي على قطع طريق عام ميس الجبل - شقراء في منطقة دوبيه، حيث توغل جنوده وآلياته ونفذوا عمليات تجريف ورفع سواتر ترابية وسط الطريق، ومن ثم انسحبوا إلى تلال البلدة. ولفتت إلى أن قوة تابعة لقوات الـ«يونيفيل» مؤلفة من 5 آليات وجرافة حاولت فتح الطريق، ورصدت قوة إسرائيلية راجلة معززة بعدد من الدبابات والجرافات والآليات تتوغل باتجاه أطراف بلدة حولا الغربية لقطع الطريق العام الذي يربط البلدة بوادي السلوقي.

في المقابل، أفادت قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» بتسجيل «تراجع 6 دبابات (ميركافا) إسرائيلية، صباح الاثنين، من الأحياء الشرقية والجنوبية لمدينة الخيام باتجاه منطقة الوطى، إضافة إلى عدد من الآليات ومن بينها دبابات».

وينص الاتفاق على هدنة 60 يوماً يُفترض أن تنسحب خلالها القوات الإسرائيلية من القرى التي دخلتها، بينما يطلب من «حزب الله» إنهاء وجوده المسلح بدءاً من جنوب نهر الليطاني، حيث سيجري نشر 10 آلاف عنصر من الجيش اللبناني، إضافة إلى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

وكان الجيش الإسرائيلي قد قال، الأحد، إنه «قتل مقاتلين في (حزب الله) في جنوب لبنان»، مشيراً إلى أنه تحرك في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة بهدف «القضاء على تهديدات تشكل «انتهاكاً لشروط اتفاق وقف إطلاق النار».

وقال إن «قواته الموجودة في جنوب لبنان حددت وأطلقت النار على كثير من الإرهابيين المسلحين في جوار كنيسة وقضت عليهم»، ولفت «إلى العثور على نفق يحوي أسلحة».

وقبل دخول وقف النار حيز التنفيذ، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن بلاده تحتفظ «بحرية كاملة للتحرك العسكري» في لبنان «إذا انتهك (حزب الله) الاتفاق، وحاول التسلح مجدداً».

وخلال لقائه مجندين جدداً، الأحد، أكد نتنياهو أن إسرائيل «تحترم اتفاق وقف إطلاق النار في شكل دقيق»، مضيفاً أن «أي انتهاك سيقابل فوراً برد شديد».


مقالات ذات صلة

لبنان: عون تفهّم هواجس «الثنائي» فرجحت كفة انتخابه

المشرق العربي رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون (رويترز)

لبنان: عون تفهّم هواجس «الثنائي» فرجحت كفة انتخابه

يستعد لبنان مع انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية للدخول في مرحلة سياسية جديدة تواكب التحولات التي شهدتها المنطقة.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي السيدة الأولى نعمت عون إلى جانب زوجها الرئيس جوزيف عون في بعبدا (رويترز)

نعمت عون حملت مسؤوليات «بحجم جبال»... ما نعرفه عن السيدة اللبنانية الأولى

مع فوز قائد الجيش جوزيف عون بالرئاسة، برز اسم زوجته السيدة الأولى نعمت عون، التي لعبت دوراً في دعم زوجها خلال مسيرته المهنية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس عون مستقبلاً ميقاتي في بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام) play-circle 01:14

ميقاتي يلتقي عون: نحن أمام مرحلة جديدة لسحب السلاح من جنوب الليطاني

في أوّل لقاء رسمي له كرئيس لجمهورية لبنان، استقبل جوزيف عون، رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي، في قصر بعبدا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي إسرائيلي يقف بجوار حاجز على جبل الشيخ (أ.ف.ب)

تفجيرات إسرائيلية تستهدف عدداً من المناطق في جنوب لبنان

نفذت القوات الإسرائيلية تفجيرات في بلدة كفركلا وفي محيط بلدتي عيتا الشعب والوزاني، سُمع دويها في بلدات عدة بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)

ماكرون قريباً في لبنان... وتأكيد فرنسي على دعم «غير مشروط» بعد انتخاب عون

بعد انتخاب العماد جوزيف عون، تؤكد باريس أن «دعمنا للبنان سيكون متواصلاً وتاماً وغير مشروط»، وتحث السياسيين اللبنانيين على تشكيل حكومة قوية تدعم الرئيس.

ميشال أبونجم (باريس)

الإدارة السورية الجديدة تحذف مادة التربية الوطنية في جديد تعديلات المناهج

شملت التعديلات الجديدة حذف مادة التربية الوطنية كاملة من المناهج الدراسية (رويترز)
شملت التعديلات الجديدة حذف مادة التربية الوطنية كاملة من المناهج الدراسية (رويترز)
TT

الإدارة السورية الجديدة تحذف مادة التربية الوطنية في جديد تعديلات المناهج

شملت التعديلات الجديدة حذف مادة التربية الوطنية كاملة من المناهج الدراسية (رويترز)
شملت التعديلات الجديدة حذف مادة التربية الوطنية كاملة من المناهج الدراسية (رويترز)

في آخر مستجدات تعديل المناهج الدراسية في سوريا، أصدرت وزارة التربية والتعليم السورية الجديدة، قراراً قضى بحذف مادة التربية الوطنية كاملة من المناهج الدراسية مع توزيع درجاتها بالتساوي بين مادتَي التاريخ والجغرافيا وإلغاء درجتها في المرحلة الثانوية.

كما اعتمدت الوزارة علم الثورة بالمناهج، بحسب ما أوردت «وكالة الأنباء السورية» الرسمية (سانا).

صورة لقرار التعديل الصادر عن وزارة التربية السورية في 9 يناير 2025 (متداولة)

ويثير ملف تعديل المناهج في سوريا جدلاً كبيراً لدى الرأي العام السوري وانتقادات حيال تغييرات كبيرة طاولت عدداً من أساسيات المنهاج التعليمية، والتاريخ والعبارات الدينية والثقافة السورية.

وبعد الجدل الذي أثاره قرار وزارة التربية والتعليم في إدارة سوريا الجديدة إجراء تغييرات واسعة على المناهج الدراسية لكل المراحل التعليمية، من الصف الأول الابتدائي إلى الثالث ثانوي، أوضح وزير التربية نذير القادري أنّ «المناهج الدراسية في جميع مدارس سوريا ما زالت على وضعها حتى تُشَكَّل لجان اختصاصية لمراجعة المناهج وتدقيقها».

أضاف القادري: «وجّهنا فقط بحذف ما يتعلّق بما يُمجّد نظام الأسد البائد واعتمدنا صور علم الثورة السورية بدل علم النظام البائد في جميع الكتب المدرسية، وما تم الإعلان عنه هو تعديل لبعض المعلومات المغلوطة التي اعتمدها نظام الأسد البائد في منهاج مادة التربية الإسلامية، مثل شرح بعض الآيات القرآنية بطريقة مغلوطة، فاعتمدنا شرحها الصحيح كما ورد في كتب التفسير للمراحل الدراسية كافة».

غلاف كتاب مدرسي لمادة «التربية الوطنية» والذي كان معتمداً في سوريا (متداولة)

والتعديلات التي أثارت غضب فئة من السوريين، شملت حذف العديد من النصوص والفقرات، واستبدال محتويات جديدة تتماشى مع ما وصفتها الوزارة بـ«القيم والمبادئ التي تسعى إلى تعزيزها في المناهج» بها. وأشارت وزارة التربية، في بيان، إلى أنّ هذه التعديلات هي للعام الدراسي 2025. وأبرز التعديلات شملت حذف فقرات تتعلّق بالنشيد الوطني السوري، مثل فقرة «أكمل النشيد الوطني»، وأُزيلت فقرات تطلب من الطلاب حفظ النشيد الوطني أو إكماله.

كما تقرَّر حذف نصوص وصور مرتبطة بالنظام السابق، بما في ذلك شعارات وصور للقادة السابقين، إضافة إلى تعديل أو إزالة محتويات تتعلق بـ«الفخر الوطني» باعتبارها من «الخطاب القديم».

غلاف أحد الكتب المدرسية لمادة الفلسفة والذي كان معتمداً في سوريا (متداولة)

تعديلات سابقة

الأسبوع الماضي، أثارت تعديلات أجرتها وزارة التربية في الإدارة الجديدة في سوريا، على بعض المواد التعليمية، جدلاً في أوساط ناشطين. وشملت التعديلات إلغاء عبارات أو مقاطع مرتبطة بالدعاية للحكم السابق، منها على سبيل المثال «حذف نشيد النظام» من أحد كتب اللغة العربية، في إشارة إلى النشيد الوطني، وكذلك إلغاء قصائد مرتبطة بالنساء والعشق والغزل، ونص عن دار الأوبرا، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وحذفت صور المنحوتات والتماثيل من كتب اللغة الإنجليزية، وتم حذف «الفكر الفلسفي الصيني» من كتاب الفلسفة في الصف الأول الثانوي، ودروس وصفحات كاملة من مقررات الفلسفة في منهاج الثانوي الأدبي. وتم حذف فقرتي «أصل التطور والحياة» من كتاب العلوم في الصف الثالث الثانوي، وتطور الدماغ بـ«الكامل» من أحد الدروس. وكذلك تم حذف جملة «إعدام قادة الحركة الوطنية في السادس من مايو (أيار) 1916» من كتاب التاريخ في الصف الثالث الثانوي الأدبي، التي تشير إلى «شهداء السادس من أيار» الذين أعدمهم جمال باشا في سوريا، أواخر العهد العثماني، لمشاركتهم في الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين، ولا تزال الساحة التي جرى إعدامهم فيها تضم نصباً تذكارياً يحمل أسماءهم. كما جرى استبدال تعبير «الحكم العثماني» بـ«الاحتلال العثماني»، الأمر الذي عدّه البعض محاولة لاسترضاء تركيا. كما جرى حذف الإشارات إلى الآلهة وأسمائها في الميثولوجيا القديمة من كتب التاريخ المدرسية، وحذف أسماء شخصيات تاريخية مثل: زنوبيا وخولة بنت الأزور، من الشخصيات النسائية المؤثرة في التاريخ العربي، بزعم أن زنوبيا رومانية، وخولة بنت الأزور شخصية خيالية.

أطفال فروا من المعارك الدائرة بين الجماعات المدعومة من تركيا والقوات الكردية السورية في تل رفعت ومناطق أخرى من محافظة حلب في الشمال السوري يقفون أمام جدار في ساحة مدرسة في مدينة الحسكة شمال شرق البلاد حيث لجأت العائلات... 5 يناير 2025 (أ.ف.ب)

وأطلقت فصائل مسلحة، تقودها «هيئة تحرير الشام»، هجوماً مباغتاً أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، سيطرت خلاله على مدن سورية رئيسية، ودخلت دمشق فجر الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وفرّ الرئيس السوري بشار الأسد من العاصمة، منهياً بذلك حكم عائلته، الذي تواصل لأكثر من 5 عقود.