«الدعم السريع» مستعد لوقف النار... وحميدتي للقاء البرهان في أي مكان

روسيا تعرض استضافة طرفي النزاع في السودان وتنفي الحاجة لإجلاء رعاياها

محمد حمدان دقلو (حميدتي) أعلن قبوله وقف النار ولقاء البرهان (أ.ب)
محمد حمدان دقلو (حميدتي) أعلن قبوله وقف النار ولقاء البرهان (أ.ب)
TT

«الدعم السريع» مستعد لوقف النار... وحميدتي للقاء البرهان في أي مكان

محمد حمدان دقلو (حميدتي) أعلن قبوله وقف النار ولقاء البرهان (أ.ب)
محمد حمدان دقلو (حميدتي) أعلن قبوله وقف النار ولقاء البرهان (أ.ب)

مع تجدد المعارك في الخرطوم، أعلن مصدر في قوات «الدعم السريع» استعداد قائد القوات الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) لوقف القتال والجلوس مع قائد الجيش الفريق الركن عبد الفتاح البرهان، للتفاوض في أي مكان، لوضع حد للحرب المستمرة بين الجانبين منذ أكثر من شهر، في وقت أبدت فيه الخارجية الروسية رغبتها في استضافة مفاوضات بين أطراف النزاع السوداني في العاصمة موسكو.

وقال مكتب رئيس جنوب السودان، سيلفا كير ميارديت، إنّ قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وافق على وقف إطلاق النار وكل أشكال الأعمال العدائية في السودان.

وعبّر سلفا كير ميارديت، خلال لقائه في العاصمة (جوبا) مبعوث قائد قوات «الدعم السريع»، يوسف عزت، عن قلقه من المعاناة التي يمر بها الشعب السوداني، حاثاً رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، على وقف إطلاق النار.

الفريق البرهان وبجواره سلفا كير خلال لقاء في يناير بجوبا (رويترز)

وبعد لقائه رئيس جنوب السودان، أبدى عزت، في مؤتمر صحافي، استعداد قائد «الدعم السريع» للقاء البرهان في أي وقت، بشرط إعلان وقف إطلاق النار.

وقال عزت، الذي يشغل منصب المستشار السياسي لـ«حميدتي»، إنهم مستعدون لتنفيذ وقف إطلاق النار المتفق عليه في مدينة جدة بالسعودية، في 11 مايو (أيار). وأضاف: «نرحب بجهود رئيس جنوب السودان، ونعلم أن الرئيس سلفا كير لديه فهم أكبر للأزمة في السودان بشكل عام، وله دور يلعبه لوقف الحرب، ونرحب بمساهمة جنوب السودان في وقف القتال وتحقيق السلام في السودان».

وأضاف عزت أن «دقلو يدعم بشكل كامل عملية السلام التي يقودها ميارديت من خلال منظمة إيقاد»، معتبراً أنّ «جوبا مكان مثالي لمحادثات السلام السودانية».

ونفى القيادي في «الدعم السريع» الاتهامات بأن قواته تستخدم المدنيين كدروع بشرية في القتال، مضيفاً أن قوات «الدعم السريع» تحمي السفارات الأجنبية وتساعد المدنيين الخارجين من الخرطوم.

الفريق البرهان ظهر مع جنوده في القيادة العامة كدلالة على سيطرة الجيش على المقر (أ.ف.ب)

ودعا عزت قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، إلى احترام وقف إطلاق النار الذي بدأه الطرفان أخيراً بوساطة من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.

وأوضح أن رئيس جنوب السودان يتواصل مع البرهان، ويبحث مع طرفي النزاع فتح ممرات إنسانية خاصة في الخرطوم.

روسيا مستعدة للمساعدة

ميخائيل بوغدانوف قال إن روسيا مستعدة للمساعدة

من جهتها، أعلنت الخارجية الروسية، الخميس، أن موسكو مستعدة لـ«استضافة مفاوضات بين الأطراف السودانية». وقال نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، إن بلاده «تعارض التدخل الخارجي في الشؤون السودانية»، وإن على السودانيين «حل مشكلاتهم بأنفسهم»، مضيفاً أن بلاده «مستعدة للمساعدة في تحقيق ذلك».

وقال بوغدانوف، الذي يشغل منصب مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن روسيا «لا تفرض نفسها على أحد»، ورأى أن «القضية تتعلق بنوع من المفاوضات التي يمكن الشروع فيها». وزاد: «هناك توجهات مختلفة بين السودانيين. وإذا لزم الأمر، نحن على استعداد للمساعدة، بما في ذلك عبر توفير منصة للمفاوضات».

إلى ذلك، قال بوغدانوف إنه «لا توجد حاجة لإجلاء جديد للروس من السودان». وأضاف أن موسكو سوف تعمل وفقاً للوضع، و«هناك دائماً إجراءات أمنية احتياطية إذا دعت الحاجة».

وكانت موسكو قد نفت صحة تقارير غربية عن انخراط مجموعة «فاغنر» في القتال بين الأطراف السودانية، لكنها أكدت أنه «يمكن للسودان الاستفادة من خدمات المجموعة». وقال مؤسس «فاغنر»، يفغيني بريغوجين، في وقت سابق، إنه مستعد لمساعدة الأطراف السودانية إذا طلب منه ذلك، مضيفاً أن لديه «علاقات جيدة مع كل الأطراف، ما يجعله وسيطاً مقبولاً».


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

بعد تأكيدات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الأسبوع الماضي، باستمرار سريان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، عاد اسم سيف الإسلام ليتصدر واجهة الأحداث بالساحة السياسية في ليبيا.

وتتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير»، التي خرجت للشارع ضد نظام والده، الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 عاماً.

* تنديد بقرار «الجنائية»

بهذا الخصوص، أبرز عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن القوى الفاعلة في شرق البلاد وغربها «لا تكترث بشكل كبير بنجل القذافي، كونه لا يشكل خطراً عليها، من حيث تهديد نفوذها السياسي في مناطق سيطرتها الجغرافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قلة ظهور سيف منذ إطلاق سراحه من السجن 2017، فإن تحديد موقعه واعتقاله لن يكون عائقاً، إذا ما وضعت القوى المسلحة في ليبيا هذا الأمر هدفاً لها».

صورة التُقطت لسيف الإسلام القذافي في الزنتان (متداولة)

وفي منتصف عام 2015 صدر حكم بإعدام سيف الإسلام لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، وقتل مواطنين خلال «ثورة فبراير»، إلا أن الحكم لم يُنفَّذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت تحتجزه في الزنتان. وبعد إطلاق سراحه، لم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام، أو تؤكد محل إقامته أو تحركاته، أو مَن يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها بالجنوب الليبي لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

وأضاف التكبالي أن رفض البعض وتنديده بقرار «الجنائية الدولية»، التي تطالب بتسليم سيف القذافي «ليس لقناعتهم ببراءته، بقدر ما يعود ذلك لاعتقادهم بوجوب محاكمة شخصيات ليبية أخرى مارست أيضاً انتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية».

* وجوده لا يشكِّل خطراً

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، انضم للرأي السابق بأن سيف الإسلام «لا يمثل خطراً على القوى الرئيسية بالبلاد حتى تسارع لإزاحته من المشهد عبر تسليمه للمحكمة الدولية»، مشيراً إلى إدراك هذه القوى «صعوبة تحركاته وتنقلاته». كما لفت إلى وجود «فيتو روسي» يكمن وراء عدم اعتقال سيف القذافي حتى الآن، معتقداً بأنه يتنقل في مواقع نفوذ أنصار والده في الجنوب الليبي.

بعض مؤيدي حقبة القذافي في استعراض بمدينة الزنتان (متداولة)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وهي مدعومة من قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الذي تتمركز قواته بشرق وجنوب البلاد.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي، حسين السويعدي، الذي يعدّ من مؤيدي حقبة القذافي، أن الولاء الذي يتمتع به سيف الإسلام من قبل أنصاره وحاضنته الاجتماعية «يصعّب مهمة أي قوى تُقدم على اعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية»، متوقعاً، إذا حدث ذلك، «رد فعل قوياً جداً من قبل أنصاره، قد يمثل شرارة انتفاضة تجتاح المدن الليبية».

ورغم إقراره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل القوى الرئيسية بالشرق والغرب الليبيَّين تنظر لسيف الإسلام بوصفه خصماً سياسياً»، فإنه أكد أن نجل القذافي «لا يقع تحت سيطرة ونفوذ أي منهما، كونه دائم التنقل، فضلاً عن افتقاد البلاد حكومة موحدة تسيطر على كامل أراضيها».

ورفض المحلل السياسي ما يتردد عن وجود دعم روسي يحظى به سيف الإسلام، يحُول دون تسليمه للمحكمة الجنائية، قائلاً: «رئيس روسيا ذاته مطلوب للمحكمة ذاتها، والدول الكبرى تحكمها المصالح».

* تكلفة تسليم سيف

من جهته، يرى الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، جلال حرشاوي، أن الوضع المتعلق بـ(الدكتور) سيف الإسلام مرتبط بشكل وثيق بالوضع في الزنتان. وقال إن الأخيرة «تمثل رهانات كبيرة تتجاوز قضيته»، مبرزاً أن «غالبية الزنتان تدعم اللواء أسامة الجويلي، لكنه انخرط منذ عام 2022 بعمق في تحالف مع المشير حفتر، ونحن نعلم أن الأخير يعدّ سيف الإسلام خطراً، ويرغب في اعتقاله، لكنهما لا يرغبان معاً في زعزعة استقرار الزنتان، التي تعدّ ذات أهمية استراتيجية كبيرة».

أبو عجيلة المريمي (متداولة)

ويعتقد حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة يتبع أيضاً سياسة تميل إلى «عدم معارضة القذافي». ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، سلم المشتبه به في قضية لوكربي، أبو عجيلة المريمي، إلى السلطات الأميركية، مما ترتبت عليه «تكلفة سياسية»، «ونتيجة لذلك، لا يرغب الدبيبة حالياً في إزعاج أنصار القذافي. فالدبيبة مشغول بمشكلات أخرى في الوقت الراهن».