غريفيث يبحث في جدة القضايا الإنسانية المتعلقة بالسودان

TT

غريفيث يبحث في جدة القضايا الإنسانية المتعلقة بالسودان

مفوض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث (رويترز)
مفوض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث (رويترز)

يبحث مفوض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث اليوم (الأحد) في السعودية، إيصال المساعدات إلى السودان، مع ممثلين للجيش وقوات «الدعم السريع» الذين يتفاوضون أيضاً بشأن هدنة جديدة، بعد 3 أسابيع من القتال العنيف.

وقالت المتحدثة إري كانيكو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن غريفيث «في جدة حالياً»، مشيرة إلى أن هدف الزيارة هو «بحث القضايا الإنسانية المتعلقة بالسودان».

وكان المسؤول الأممي قد دعا، الأربعاء، إلى تقديم «التزامات محددة» للسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وإخراج المدنيين من مرمى النيران.

انطلاق المباحثات

وشهدت مدينة جدة الساحلية، غرب السعودية، أمس (السبت)، انطلاق المباحثات الأولية بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات «الدعم السريع»، في محاولة لوقف الحرب المندلعة بينهما منذ 3 أسابيع، والعودة إلى مسار العملية التفاوضية، بمشاركة المدنيين، على ضوء مبادرة سعودية - أميركية.

ورحبت الرياض وواشنطن ببدء المحادثات من خلال بيان مشترك، حثّ الطرفين السودانيين على «استشعار مسؤولياتهما تجاه الشعب السوداني، والانخراط الجاد في هذه المحادثات، ورسم خريطة طريق للمباحثات لوقف العمليات العسكرية، والتأكيد على إنهاء الصراع وتجنيب الشعب السوداني التعرض لمزيد من المعاناة». وحث على «ضمان وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة».

ونوَّه البيان المشترك بجهود كل الدول والمنظمات التي أبدت تأييدها لعقد هذه المباحثات، بما في ذلك الآلية الرباعية المكونة من السعودية وأميركا وبريطانيا والإمارات، والآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة «إيقاد»)، إضافة إلى الجامعة العربية.

كما حثت الرياض وواشنطن على استمرار بذل الجهود الدولية المنسقة لمفاوضات واسعة تشارك فيها كل الأحزاب السودانية.

الآلية الثلاثية ترحب

ورحبت الآلية الثلاثية، في بيان، بهذا التطور السياسي. وعبّرت عن أملها في أن «تسفر المحادثات التقنية بين ممثلي الطرفين في جدة عن تفاهمات تؤدي إلى وقف شامل لإطلاق النار»، مؤكدة أن ذلك «يتيح تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للمدنيين الذين يجب أن تظل حمايتهم مسألة ذات أهمية قصوى».

وخلال اجتماع طارئ، الأحد، لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية في القاهرة تطرق إلى تطورات الملف السوداني، قال الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، إن المفاوضات بين طرفي النزاع «تستحق الدعم، وأكرر مناشدتي التمسك بهذه الفرصة». وحذّر أبو الغيط من أن يتحول الصراع الحالي إلى «جولة أولى في حرب تقسم السودان إلى أقاليم متناحرة، وتجعل منه ساحة لمعارك تهدد وجوده». وقبيل الاجتماع، تلقى أبو الغيط رسالة من القوى المدنية في السودان، طلبت منه فيها «التواصل الفوري مع قيادات القوات المسلحة و(الدعم السريع) لحث الطرفين على وقف القتال بوصفه أولوية رئيسية».

آلاف الضحايا

وأسفرت المعارك الضارية المستمرة منذ 22 يوماً عن سقوط 700 قتيل و5 آلاف جريح، فضلاً عن نزوح 335 ألف شخص، ولجوء 115 ألفاً إلى الدول المجاورة. والجمعة وحده، أوقعت المعارك 16 قتيلاً بين المدنيين، من بينهم 12 في الأبيض (300 كيلومتر جنوب الخرطوم)، وفق نقابة الأطباء.

ومع استمرار المعارك، قرعت الأمم المتحدة، الجمعة، جرس الإنذار حيال إمكان معاناة 19 مليون شخص الجوع وسوء التغذية خلال الأشهر المقبلة. وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة، فرحان حق، الجمعة، إن برنامج الأغذية العالمي يتوقع أن «يرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون فقداناً حاداً في الأمن الغذائي في السودان ما بين مليونين و2.5 مليون شخص». ووفق تقرير البرنامج مطلع 2023، كان 16.8 مليون من إجمالي عدد السكان المقدّر بـ45 مليون نسمة، يعانون انعداماً حاداً للأمن الغذائي.

وحذَّرت الأمم المتحدة من أن الولايات السودانية التي ستكون أكثر تأثراً هي: غرب دارفور، وكردفان، والنيل الأزرق، وولاية البحر الأحمر، وشمال دارفور. ويعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الأممية اجتماعاً في 11 مايو (أيار) لمناقشة «تأثير» المواجهات في السودان «على حقوق الإنسان».

ويعتقد الخبراء بأن الحرب قد تكون طويلة، خصوصاً في ظل عدم قدرة أي من الطرفين على حسم الأمر على الأرض.


مقالات ذات صلة

انتخاب الرئيس العراقي السابق برهم صالح لقيادة مفوضية شؤون اللاجئين

المشرق العربي الرئيس العراقي السابق برهم صالح الرئيس الجديد للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (رويترز)

انتخاب الرئيس العراقي السابق برهم صالح لقيادة مفوضية شؤون اللاجئين

انتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم (الخميس) برهم صالح، رئيس العراق السابق الذي فرّ من الاضطهاد في عهد صدام حسين، مفوضاً سامياً جديداً للأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أميركا اللاتينية جلسة لمجلس الأمن الدولي في 16 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة الثلاثاء حول الأزمة في فنزويلا

يجتمع مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، لمناقشة الأزمة المتصاعدة بين فنزويلا والولايات المتحدة، عقب مصادرة واشنطن ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي الخنبشي: الحل الأمثل في حضرموت عودة قوات «الانتقالي» إلى مواقعها

الخنبشي: الحل الأمثل في حضرموت عودة قوات «الانتقالي» إلى مواقعها

أكد محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن العودة للقوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى مواقعها السابقة تمثل الحل الأمثل لضمان الأمن والاستقرار في المحافظة.

«الشرق الأوسط» (المكلّا (حضرموت))
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي يتابع مستوى إعادة تطبيع الأوضاع في حضرموت

رئيس مجلس القيادة اليمني يتابع أوضاع حضرموت ويؤكد دعم السلطة المحلية، وسط تحركات خليجية وأممية لخفض التصعيد ورفض الإجراءات الأحادية شرق اليمن.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أميركا اللاتينية الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم (أ.ف.ب)

رئيسة المكسيك تدعو الأمم المتحدة لتفادي إراقة الدماء في فنزويلا

دعت الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم، الأربعاء، الأمم المتحدة إلى «منع إراقة الدماء» في فنزويلا، عقب إعلان دونالد ترمب فرض حصار أميركي على ناقلات النفط.

«الشرق الأوسط» (مكسيكو)

الأمم المتحدة: 1000 قتيل في مجزرة لـ«الدعم السريع»

 نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: 1000 قتيل في مجزرة لـ«الدعم السريع»

 نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)

أفاد تقرير للأمم المتحدة، أمس (الخميس)، بأن أكثر من 1000 مدني قُتلوا في هجوم شنّته «قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) الماضي، بمخيم زمزم للنازحين شمال دارفور، تعرض نحو ثلثهم لعمليات إعدام خارج نطاق القانون.

وأشارت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تقريرها إلى «مجازر وعمليات اغتصاب وأعمال عنف جنسي أخرى وتعذيب وخطف» ارتُكبت خلال الهجوم الذي نفذته «قوات الدعم السريع» من 11 إلى 13 أبريل. وأكدت المفوضية «مقتل ما لا يقل عن 1013 مدنياً».

وفي سياق آخر، شنت «قوات الدعم السريع»، أمس، هجوماً واسعاً بعشرات الطائرات المسيّرة، طالت عدداً من المدن في ولاية النيل بشمال السودان، مستهدفة محطة رئيسية لتوليد الكهرباء، مما أدى إلى مقتل شخصين وانقطاع التيار الكهربائي في المدن السودانية الكبرى.

وقال مصدر عسكري وشهود إن الهجوم تم بنحو 35 مسيّرة على مدن عطبرة والدامر وبربر في ولاية النيل، وألحق أضراراً بالغة بمحولات كهربائية في محطة المقرن في عطبرة نتج عنها إظلام تام في ولايات الخرطوم ونهر النيل والبحر الأحمر.


مصر تلوّح باتفاقية «الدفاع المشترك» للحفاظ على وحدة السودان

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تلوّح باتفاقية «الدفاع المشترك» للحفاظ على وحدة السودان

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

رسمت مصر «خطوطاً حمراء» بشأن الأزمة في السودان، وحذرت من تجاوزها باعتبارها «تمس الأمن القومي المصري». ولوّحت باتخاذ كافة التدابير التي تكفلها «اتفاقية الدفاع المشترك» بين البلدين، في خطاب يراه خبراء «الأكثر حدة» منذ اندلاع الحرب في السودان.

وجاء الموقف المصري بالتزامن مع استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، الخميس، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، حيث أكد السيسي «دعم بلاده الكامل للشعب السوداني في مساعيه لتجاوز المرحلة الدقيقة الراهنة»، وشدد على «ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة السودان وسيادته وأمنه واستقراره»، مؤكداً استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن في هذا السياق، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي.

وجددت مصر، في أثناء زيارة البرهان، «تأكيد دعمها الكامل لرؤية الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخاصة بتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في السودان»، وذلك في إطار «توجه الإدارة الأميركية لإحلال السلام، وتجنب التصعيد، وتسوية المنازعات في مختلف أنحاء العالم».

تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك

مع التأكيد على تلك الثوابت، وضعت القاهرة «خطوطاً حمراء» للمرة الأولى في الأزمة السودانية، مؤكدة أنها «لا يمكن أن تسمح بتجاوزها باعتبارها تمس الأمن القومي المصري الذي يرتبط ارتباطاً مباشراً بالأمن القومي السوداني»، وتضمنت المحاذير المصرية «الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم العبث بمقدرات الشعب السوداني، وعدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان».

وقالت الرئاسة المصرية، الخميس، إن «الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، ومنع المساس بهذه المؤسسات، هو خط أحمر آخر».

وأكدت «الحق الكامل في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي»، ومن بينها «تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين؛ لضمان عدم المساس بهذه الخطوط الحمراء أو تجاوزها».

الرئيس المصري خلال محادثات في القاهرة الخميس مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان (الرئاسة المصرية)

وفي مارس (آذار) من عام 2021، وقّعت مصر «اتفاقية للتعاون العسكري مع السودان»، تغطي «مجالات التدريب، وتأمين الحدود، ومواجهة التهديدات المشتركة»، وسبقها «اتفاق للدفاع المشترك» وقّعه البلدان في عام 1976، في مواجهة «التهديدات الخارجية».

عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» في مجلس النواب المصري، اللواء يحيى كدواني، قال إن الأمن القومي المصري يرتبط مباشرة بوحدة الأراضي السودانية، «ومع وجود مؤامرات تهدف إلى تقسيمه، فإن ذلك يستدعي وضع (خطوط حمراء) لعدم تجاوزها، بما يحقق الحفاظ على مقدرات الدولة السودانية، وبما يشكل ضمانة لحماية الأمن القومي المصري».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الموقف المصري بشأن الحفاظ على وحدة وسلامة السودان ثابت وقوي، والقاهرة قادرة على تنفيذ ما تعلن عنه من شعارات ومبادرات لحماية مؤسسات الدولة السودانية»، لافتاً إلى أن استدعاء «اتفاقية الدفاع المشترك» جاء للتأكيد على أن «هناك تنسيقاً مشتركاً بين البلدين في إطار الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة في السابق بين البلدين».

وذكر بيان الرئاسة المصرية، الخميس، أن «القاهرة تتابع بقلق بالغ استمرار حالة التصعيد والتوتر الشديد الحالية في السودان، وما نجم عن هذه الحالة من مذابح مروعة وانتهاكات سافرة لأبسط قواعد حقوق الإنسان في حق المدنيين السودانيين، خاصة في الفاشر»، كما أكدت «رفضها القاطع لإنشاء أي كيانات موازية أو الاعتراف بها، باعتبار أن ذلك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه».

أما عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، فأكد أن التنسيق المصري - السوداني في مجابهة تهديدات تقسيم البلاد يأتي في إطار حماية الأمن القومي المصري والسوداني والعربي، خاصة أن البلدين ضمن «مجلس الدول المتشاطئة على البحر الأحمر»، وهو لديه أدوار رئيسية تتمثل في «الدفاع والتنمية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الموقف المصري يأتي في إطار مبادرة «الرباعية الدولية»، والمبادرة التي طرحها ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، في أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة، موضحاً أن «القاهرة تدعم تنفيذ (خريطة طريق) تبدأ بهدنة تستمر ثلاثة أشهر، ودمج (قوات الدعم السريع) في الجيش السوداني، مع الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية السودانية».

ووفقاً لبيان الرئاسة المصرية، أكدت القاهرة «حرصها الكامل على استمرار العمل في إطار (الرباعية الدولية)، بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية، تقود إلى وقف لإطلاق النار، يتضمن إنشاء ملاذات وممرات إنسانية آمنة لتوفير الأمن والحماية للمدنيين السودانيين، وذلك بالتنسيق الكامل مع مؤسسات الدولة السودانية».

وطرحت «الرباعية»، التي تضم دول (المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة الأميركية) في أغسطس (آب) الماضي، «خريطة طريق»، دعت فيها إلى «هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال تسعة أشهر».

جانب من اجتماع سابق لـ«الرباعية» في نيويورك (الخارجية المصرية)

وتأتي زيارة البرهان إلى مصر بعد أخرى قام بها إلى المملكة العربية السعودية، الاثنين الماضي، وأكد في ختام زيارته حينها «حرص السودان على العمل مع ترمب ووزير خارجيته، ماركو روبيو، ومبعوثه للسلام في السودان، مسعد بولس، في جهود تحقيق السلام ووقف الحرب».

وأكدت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أماني الطويل، أن «مصر وضعت خطوطاً حمراء لأول مرة في الملف السوداني، وموقفها الأخير هو الأكثر حدة منذ اندلاع الحرب، وهو يتماهى مع الموقفين السعودي والأميركي بشأن الحفاظ على وحدة السودان، وضرورة وقف الحرب، ورفض الكيانات الموازية، والحفاظ على مؤسسات الدولة».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «نستطيع القول إن هناك توافقاً سعودياً - مصرياً على المواقف القوية بشأن وحدة السودان، ما يبرهن على أن الاتجاه السائد الآن هو بلورة مبادرة لوقف إطلاق النار وإقرار هدنة إنسانية»، لكنها شددت أيضاً على أن «المسألة الأكثر تعقيداً تتعلق بالحلول السياسية في ظل التعامل مع أطراف سودانية لا تقبل بعضها، ومن الممكن أن يأتي إعلان مبادئ (نيروبي) مقدمةً لهذا السياق».

ووقَّعت القوى السياسية والمدنية في «تحالف صمود» السوداني، بالعاصمة الكينية نيروبي، الثلاثاء، على إعلان مبادئ مشترك مع حركة «جيش تحرير السودان»، بقيادة عبد الواحد النور، وحزب «البعث العربي الاشتراكي» (الأصل) لوقف الحرب في السودان، ويُعد هذا أول تقارب يجمع غالبية الأطراف السودانية المناهضة للحرب.

وأكد متحدث الرئاسة المصرية، الخميس، أن محادثات السيسي والبرهان «تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما يجسّد تطلعات الشعبين نحو تحقيق التكامل والتنمية المتبادلة، وتطرقت كذلك إلى مستجدات الأوضاع الميدانية في السودان».


«خريطة تحالفات جديدة»... حفتر ينفتح عسكرياً على باكستان

حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
TT

«خريطة تحالفات جديدة»... حفتر ينفتح عسكرياً على باكستان

حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)

طرحت الزيارة التي أجراها قائد الجيش الباكستاني، المشير عاصم منير، لمقر القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي في مدينة بنغازي، أسئلة كثيرة، وسط إشارات إلى «خريطة تحالفات جديدة» تتعلق بموازين القوى.

واستقبل حفتر مساء الأربعاء، في بنغازي (شرق)، قائد الجيش الباكستاني، يرافقه وفد عسكري رفيع المستوى، في إطار زيارة رسمية إلى ليبيا لعقد سلسلة من الاجتماعات ذات الاهتمام المشترك. وقال مكتب القيادة العامة إن زيارة الوفد الباكستاني تأتي في إطار «تعزيز الروابط الثنائية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات»، حيث أكد الطرفان عمق العلاقات التاريخية الليبية - الباكستانية، وأهمية المضي قدماً في تطويرها، بما يخدم المصالح المشتركة بين الجانبين.

قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير في زيارة لبنغازي الأربعاء (القيادة العامة)

وعدّ المحلل السياسي الليبي، محمد قشوط، زيارة الوفد الباكستاني «غير عادية»، ورأى أنها «تمثل نقلة نوعية مرتبطة برؤية القيادة العامة 2030 في تطوير قدرات القوات المسلحة الليبية، التي لم تعد رهينة الاعتماد على دولة واحدة للتسلّح منها بلا آفاق وأبواب جديدة».

وأضاف قشوط في إدراج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن التعاون مع الجيش الباكستاني «سيضيف إلى قواتنا المسلحة كثيراً»، وعدّه «حليفاً استراتيجياً سيكون بمنزلة ردع لأي تهديدات مستقبلية».

وأُقيمت مراسم استقبال رسمية للوفد الباكستاني، وكان في مقدمة مستقبليه، نائب القائد العام الفريق أول صدام حفتر، ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، الفريق أول خالد حفتر، إلى جانب عدد من رؤساء الأركان بالقوات المسلحة.

وينظر الباحث في الشأن الليبي، محمد تنتوش، إلى زيارة الوفد العسكري الباكستاني لبنغازي على أنها «فشل دبلوماسي لحكومة (الوحدة)؛ ورئاسة الأركان في المنطقة الغربية»، وأرجع ذلك إلى أنها «لم تصنع علاقة بذات المستوى مع باكستان». وذهب تنتوش إلى أن «كل قوة وتطور في عمل معسكر الرجمة هو عامل إضافي، قد يُمكِّنها من السيطرة على كامل ليبيا، أو على الأقل يشجعها على ذلك».

كانت القيادة العامة قد مهّدت لقدوم الوفد الباكستاني بزيارة أجراها صدام حفتر إلى إسلام آباد في يوليو (تموز) الماضي، التقى خلالها شخصيات باكستانية عديدة، من بينهم رئيس الوزراء محمد شهباز شريف، ورئيس أركان البحرية الأدميرال نويد أشرف، وذلك ضمن زيارته الرسمية للبلاد.

ويرى محللون أن الزيارة، التي بحثت تعزيز التعاون العسكري وتبادل الخبرات، جاءت في توقيت تتصاعد فيه التحركات الإقليمية، وإعادة رسم خرائط النفوذ العسكري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كان تعديل دستوري أقرته باكستان مؤخراً، قد عزز من نفوذ منير، بمنحه أدواراً إضافية وحصانة مدى الحياة، في خطوة عدّها محللون ترسيخاً لمكانة قائد الجيش في موقع «الرجل الأقوى في البلاد».

وسبق أن قال موقع «إنسايد أوفر» الإيطالي، إن حفتر «لم يعد مكتفياً بالتحالف مع موسكو لتحقيق أهدافه في ليبيا؛ بل بات يناور بين روسيا وتركيا والولايات المتحدة، ويخلق توازناً في منطقة مضطربة». فيما يرى متابعون أن زيارة الوفد العسكري الباكستاني تحمل رسائل عدة تشير إلى انفتاح شرق ليبيا على تعاون عسكري أوسع مع قوى مؤثرة خارج الإطار التقليدي.

حفتر ومنير يستعرضان قطعة سلاح الأربعاء (القيادة العامة)

كان حفتر قد التقى في مايو (أيار) الماضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في العاصمة موسكو، كما التقى أيضاً وزير الدفاع أندريه بيلوسوف، وسكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو.

ويفرض مجلس الأمن الدولي منذ إسقاط نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، حظراً على السلاح. فيما جدد مؤخراً تفويضه بتفتيش السفن المتجهة من وإلى السواحل الليبية لمدة ستة أشهر. وينصّ قرار مجلس الأمن، الذي صُوّت عليه في نيويورك بتمديد مهمة العملية البحرية الأوروبية «إيريني»، على ضرورة توافر «أسباب معقولة» للاشتباه قبل الشروع في تفتيش السفن.