بين «ألغام المرحلة الثانية» وارتباطها بإقامة الدولة الفلسطينية... الغموض يكتنف مصير غزة

نزع السلاح وتفويض «قوة السلام» من أبرز التحديات

فلسطينيان يقفان داخل مبنى مدمر بسبب الحرب في خان يونس جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيان يقفان داخل مبنى مدمر بسبب الحرب في خان يونس جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

بين «ألغام المرحلة الثانية» وارتباطها بإقامة الدولة الفلسطينية... الغموض يكتنف مصير غزة

فلسطينيان يقفان داخل مبنى مدمر بسبب الحرب في خان يونس جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيان يقفان داخل مبنى مدمر بسبب الحرب في خان يونس جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

في محاولة من اليمين المتطرف في إسرائيل لقطع الطريق على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لإثنائه عن مجرد التفكير في التجاوب مع فكرة إقامة الدولة الفلسطينية، تعلو نبرة الانتقادات الموجهة إليه، والداعية إلى التنصل من التزامات خطة السلام التي رعاها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ووفق ما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية»، يربط مراقبون بين ذلك وبين قرب الانتقال المفترض إلى المرحلة الثانية من خطة ترمب بما تتضمنه من بنود شائكة، لعل أبرزها ما تسعى إليه إسرائيل من نزع السلاح من قطاع غزة، وهو ما ترهنه الحركات الفلسطينية المسلحة بإقامة الدولة.

وفي ظل ضغوط أميركية، ورغبة من قبل إدارة ترمب في الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار، يخشى صقور اليمين المتطرف من فتح واشنطن الباب أمام هذا المطلب الذي يزداد التأييد الدولي له يوماً بعد يوم.

تهديدات بن غفير وانتقادات سموتريتش

في هذا السياق، جاء تهديد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بانسحاب حزبه من الحكومة، مؤكداً أن «حزب (القوة اليهودية) لن يكون جزءاً من أي حكومة تقبل بقيام دولة فلسطينية، وعلى نتنياهو توضيح أن إسرائيل لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية بأي شكل».

بالتزامن، وجَّه وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش سهام انتقاداته نحو نتنياهو، مذكراً إياه بأنه «قبل شهرين، فور إعلان دول عدة اعترافها أحادي الجانب بدولة فلسطينية، تعهدتَ بأن ترد على الأمر بشكل حازم فور عودتك من الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين مر شهران اخترت خلالهما الصمت والمهانة الدبلوماسية».

وواصل سموتريتش دفعه نتنياهو نحو التصعيد تحت وطأة التهديد بفرط عقد الائتلاف الحاكم، قائلاً: «التدهور الذي نشهده حالياً في هذا الشأن خطير، وهو يقع على عاتقك وبسبب صمتك. بلوِرْ رداً مناسباً وحازماً فوراً يوضح للعالم كله أنه لن تقوم دولة فلسطينية أبداً على أراضي وطننا».

مزيد من الشكوك

وتأتي هذه المواقف لتلقي بمزيد من الشك حول قدرة اتفاق وقف إطلاق النار على الصمود، ولا سيما أنه بعد نحو 5 أسابيع من بدء تطبيق الاتفاق لا تزال العراقيل تهدد مسار الاتفاق، بسبب تطلعات وتحفظات من قبل الأطراف المختلفة، حيال بنود المرحلة الثانية التي توصف بأنها الأصعب في خطة ترمب.

فبينما كان يفترض -بموجب تلك الخطة- الانتهاء من تسليم جميع الرهائن الأحياء والأموات الإسرائيليين المحتجزين في القطاع خلال 72 ساعة فقط من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، لا تزال الفصائل الفلسطينية المسلحة وعلى رأسها حركة «حماس» تسلِّم ما لديها من جثث بعد الانتهاء من تسليم الأسرى الأحياء؛ حيث تقول إنها لا تزال تبحث عن آخر 3 جثث.

ووسط إقرار من جانب الوسطاء -وفي مقدمتهم الولايات المتحدة- بصعوبة البحث عن الجثث المتبقية وانتشالها من وسط الركام، تصوِّر أطراف إسرائيلية ذلك على أنه انتهاك للاتفاق ومدعاة للعودة للقتال.

وتزداد هذه النبرة حدة عندما يستشهد أصحابها بربط حركة «حماس» مسألة التخلي عن السلاح بالقضية المفصلية، وهي وجود دولة فلسطينية، وهي النقطة الأكثر حساسية في الموضوع.

وربما يتعمق قلق المعارضين لخطة ترمب في داخل إسرائيل، عندما يستمعون إلى تصريحات مسؤولين بارزين في الإدارة الأميركية، وهم يؤكدون على الرغبة في المضي قدماً في الاتفاق وتذليل العقبات التي تواجهه.

قوة حفظ سلام أم فرضه؟

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية في هذا الصدد أن مجلس الأمن الدولي سيعقد جلسة، غداً الاثنين، للتصويت على منح تفويض للقوة العسكرية الدولية المزمع نشرها في القطاع، مشيرة إلى بدء استعدادات وصفتها بالأولية في إسرائيل لاستقبال آلاف الجنود الأجانب في منطقة الغلاف.

وأضافت هيئة البث أن الجانب الإسرائيلي يرغب في أن يكون التفويض «واسعاً وقوياً»، بحيث يسمح لتلك القوة بالعمل ضد «حماس» لنزع سلاح القطاع.

وأشارت إلى أن «نوع التفويض الذي سيُمنح للقوة سيؤثر بشكل مباشر على هوية الدول التي ستكون مستعدة لإرسال قوات إلى غزة».

وأسهبت الهيئة في توضيح الفرق بين تفويض تلك القوة وفق الفصل السادس، وبين تفويضها استناداً للفصل السابع. ففي الحالة الأولى، وصفتها بأنها ستكون قوة حفظ سلام كلاسيكية بصلاحيات محدودة لا بد من أن تحظى بموافقة جميع الأطراف، وأنها لا تملك صلاحية فرض قرارات بالقوة، ويقتصر استخدام السلاح على الدفاع عن النفس.

أما في الحالة الثانية فستكون قوة فرض سلام لا تحتاج إلى موافقة جميع الأطراف، ويُسمح لها بفرض النظام والأمن عبر إجراءات عسكرية، كما يمكنها استخدام القوة لحماية المدنيين، وتفكيك الجماعات المسلحة، والقيام بعمليات استباقية منعاً للتصعيد.

ووسط تشابك ما تصبو إليه إسرائيل من جهة وما تتمسك به «حماس» من جهة أخرى، تمر خطة السلام بمرحلة جمود، وسط هدوء حذر يكسر صمته بين حين وآخر رصاص الجيش الإسرائيلي في عمليات فردية، يقول إنها درءاً لـ«تهديدات» يتعرض لها جنوده، وكذلك وسط أوضاع إنسانية صعبة يعيشها فلسطينيو القطاع الذين لم يمنحهم الشتاء فرصة لالتقاط الأنفاس، وباغتهم بموجة ممطرة أغرقت خيام مَن وَجد منهم له مأوى، لتزيد من المصاعب التي يواجهونها.


مقالات ذات صلة

إسرائيل ترسل وفداً إلى القاهرة لبحث إعادة رفات آخر رهينة في غزة

المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ترسل وفداً إلى القاهرة لبحث إعادة رفات آخر رهينة في غزة

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، أن وفداً يضم ممثلين للجيش وأجهزة أمنية، زار مصر للبحث في إعادة رفات آخر الرهائن المحتجزين بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
خاص المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة سبتمبر الماضي (رويترز) play-circle

خاص إجراءات أمنية جديدة في «حماس» خشية اغتيال قادتها بالخارج

باتت حركة «حماس» تتحسب لعملية اغتيال إسرائيلية جديدة، محتملة لبعض قياداتها في خارج الأراضي الفلسطينية، وتحدثت مصادر كبيرة عن قلق من حدوثها في دولة غير عربية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مقاتلون من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» يقفون حراساً أثناء البحث عن جثث رهائن إسرائيليين إلى جانب عمال الصليب الأحمر وسط أنقاض مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة يوم 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ) play-circle

إسرائيل تعلن مقتل 40 مسلحاً محاصراً من «حماس» في أنفاق تحت رفح

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، إنه قُتل نحو 40 من مسلحي حركة «حماس» الذين كانوا محاصرين في أنفاق تحت رفح بجنوب قطاع غزة داخل منطقة تسيطر عليها إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي القيادي الفلسطيني ياسر أبو شباب (وسائل التواصل) play-circle

مقتل ياسر أبو شباب في غزة

قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، نقلاً عن مصادر أمنية، إن ياسر أبو شباب أبرز زعماء العشائر المناهضة لحركة «حماس» في قطاع غزة توفي متأثراً بجراحه.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا تُظهر هذه الصورة المأخوذة من مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين مباني مدمرة وأعمدة دخان تتصاعد في الأفق إثر غارات إسرائيلية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle

مصر: لا مجال للحديث عن تقسيم غزة... والانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترمب ضرورة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.


إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

حسمت إسرائيل، أمس، التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» الناجم عن المفاوضات المدنية مع لبنان، وأعطت إشارة واضحة إلى أنها ستتعامل معها بمعزل عن المسار العسكري؛ إذ شنت غارات استهدفت أربعة منازل في جنوب لبنان، أحدها شمال الليطاني، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماع لجنة تنفيذ مراقبة اتفاق وقف النار «الميكانيزم».

وبدا التصعيد الإسرائيلي رداً على ما سربته وسائل إعلام لبنانية بأن مهمة السفير سيمون كرم، وهو رئيس الوفد التفاوضي مع إسرائيل، تمثلت في بحث وقف الأعمال العدائية، وإعادة الأسرى، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط على الخط الأزرق فقط، فيما أفادت قناة «الجديد» المحلية بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون «أكد أن لبنان لم يدخل التطبيع، ولا عقد اتفاقية سلام».

وقال الرئيس عون خلال جلسة الحكومة، مساء أمس: «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي»، مشدداً على ضرورة أن «تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب».


العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار نشر العراق، أمس (الخميس)، معلومات عن تجميد أموال «حزب الله» اللبناني، وجماعة «الحوثي» في اليمن، باعتبارهما مجموعتين «إرهابيتين»، صدمة واسعة، قبل أن تتراجع الحكومة، وتقول إنه «خطأ غير منقّح» سيتم تصحيحه.

وكانت جريدة «الوقائع» الرسمية قد أعلنت قائمة تضم أكثر من 100 كيان وشخص على ارتباط بالإرهاب، في خطوة رأى مراقبون أنها كانت ستُرضي واشنطن، وتزيد الضغط على طهران، قبل سحبها.

وأثار القرار غضب قوى «الإطار التنسيقي» الموالية لإيران؛ إذ وصف قادتها خطوة الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني بأنها «خيانة»، فيما نفى البنك المركزي وجود موافقة رسمية على إدراج الجماعتين.

وقالت لجنة تجميد الأموال إن القائمة كان يُفترض أن تقتصر على أسماء مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» امتثالاً لقرارات دولية، وإن إدراج جماعات أخرى وقع قبل اكتمال المراجعة.

ووجّه السوداني بفتح تحقيق، وسط جدل سياسي متصاعد حول مساعيه لولاية ثانية.

وجاءت التطورات بعد دعوة أميركية إلى بغداد لـ«تقويض الميليشيات الإيرانية»، وفي ذروة مفاوضات صعبة بين الأحزاب الشيعية لاختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة الجديدة.