تتواصل تحركات ومواقف الوسطاء غداة هجمات إسرائيلية هزت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحثاً عن استمراره، وبينما بدأ وفد من «حماس» زيارةً للقاهرة لبحث الملف، زار الموفدان الرئاسيان الأميركيان ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر، إسرائيل، والتقيا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ووصل ويتكوف وكوشنر، الاثنين، إلى إسرائيل لإجراء محادثات مع مسؤولين في الدولة العبرية حول متابعة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم الأسبوع الماضي بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة، غداة تصعيد ميداني هدّد بتقويضه.
وذكرت متحدثة باسم نتنياهو أنه التقى المبعوثين الأميركيين، ولم تقدم مزيداً من التفاصيل واكتفت بالقول إن اللقاء «ناقش التطورات والتحديثات في المنطقة». كما أشارت إلى أنه سيلتقي في إسرائيل نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس، من دون أن تحدّد موعداً لذلك.
وقالت سلطة المطارات الإسرائيلية، الاثنين، إنه من المقرر أن يزور جي دي فانس، نائب الرئيس الأميركي، إسرائيل، الثلاثاء، لبحث دعم الاتفاق، وفقاً لـ«رويترز». وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب لصحافيين، عندما سُئل عما إذا كان وقف إطلاق النار ما زال قائماً: «نعم إنه كذلك»، معتبراً أن قيادة «حماس» لم تكن متورطة في أي خروق، وألقى باللوم على من سماهم بـ«بعض المتمردين داخل الحركة».

وأكدت «كتائب عز الدين القسّام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، من جهتها، التزامها اتفاق وقف إطلاق النار، نافيةً علمها بوقوع اشتباكات في رفح التي لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية.
صاحبت تلك الزيارات تأكيدات مصرية بأهمية الالتزام بوقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي بدأ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) عقب مفاوضات بشرم الشيخ المصرية.
احترام الاتفاق لتثبيت الهدنة
وغداة هجمات إسرائيلية برفح الفلسطينية، أكد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، الاثنين، خلال اتصالين هاتفيين مع نظيريه الفرنسي جان نويل بارو، والدنماركي لارس لوكه راسموسن، الأهمية البالغة لالتزام طرفي اتفاق شرم الشيخ بنص الاتفاق الخاص بوقف الحرب في غزة، وضرورة النفاذ الكامل للمساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة، مشدداً على أن احترام الاتفاق يمثل خطوة أساسية نحو تثبيت التهدئة وإنهاء الحرب بشكل دائم، والحد من المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، وفق بيان للخارجية المصرية.

وفي إطار الجهود المصرية، قال مصدر فلسطيني مطلع لوكالة الصحافة الفرنسية، الاثنين، إن وفد «حماس» سيلتقي مسؤولين مصريين وقطريين للبحث في «الخروق الإسرائيلية، خصوصاً عشرات الغارات الجوية التي أسفرت الأحد عن عشرات الشهداء في قطاع غزة».
وأضاف الوفد: «سيناقش البدء بالمرحلة الثانية لاتفاق وقف النار، وفتح معبر رفح الحدودي (بين مصر والقطاع)، وزيادة المساعدات للقطاع، بناءً على الاتفاق الذي ينص على إدخال 400 شاحنة يومياً، واستكمال الانسحابات الإسرائيلية من القطاع».
ووصل الوفد، حسب بيان للحركة إلى مصر، الأحد، في يوم شنّت إسرائيل فيه غارات على القطاع الفلسطيني، متهمة الحركة بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ 10 أكتوبر. ونفت «حماس» هذه الاتهامات.
وقال مسؤول فلسطيني مقرب من محادثات وقف إطلاق النار لوكالة «رويترز»، الاثنين، إن الوسطاء العرب والولايات المتحدة سيكثفون جهودهم، بعد المساعدة في استعادة الهدوء في القطاع بعد يوم من القصف المكثف.
وقالت إسرائيل إنها شنت غارات على القطاع، الأحد، رداً على هجوم فلسطيني أدى إلى مقتل جنديين كانا يعملان داخل خط الانتشار المتفق عليه في رفح جنوب قطاع غزة، ووصفته بأنه انتهاك صارخ من حركة «حماس» للهدنة.
إنعاش الاتفاق
ورأى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن تلك التحركات على الأصعدة المختلفة ستسهم في إنعاش الاتفاق وتثبت أركانه، ومحاولة تبديد المخاوف بشأن انهياره، لافتين إلى أن التحركات الأميركية ترجح إمكانية صمود الاتفاق حال ضغطت على إسرائيل أكثر.
ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد حجازي، أن القاهرة تبذل جهوداً جبارة لصمود الاتفاق وإنعاشه، مشدداً على أن مصر وسيط نزيه بين طرفي الحرب، ومعنية أيضاً بتأمين حدودها ودعم القضية الفلسطينية وحقوقها وتنفيذ اتفاق وقف الحرب.
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن الوسطاء والأطراف يسعون لنجاح المرحلة الأولى؛ لأن نظيرتها الثانية هي الأخطر والأعقد، وسينجحون في إنقاذ المرحلة الأولى الذي تبقى منها تسليم باقي الجثث وفتح معبر رفح لخروج المصابين ودخول الفلسطينيين للقطاع.
ونبه إلى أن هدف زيارة «حماس» ولقاءات الفصائل المنتظرة بالقاهرة الخروج بصيغة توافق، لا سيما بشأن نزع السلاح في غزة، التي تعد عقبة بالمرحلة الثانية التي لم تبدأ وتسعى القاهرة مع الوسطاء لبدئها سريعاً.
ولفت حجازي إلى أن زيارة ويتكوف وكوشنر، ثم فانس، لإسرائيل، دعم جديد لاستمرار الاتفاق وتنفيذه كاملاً وتبديد المخاوف الحالية.
ولفت إلى أن تبني ترمب لخطة وقف إطلاق النار ضمانة رئيسية لفرص صمود اتفاق شرم الشيخ رغم الخروقات الإسرائيلية وغياب آلية تنفيذ ملزمة حتى الآن ستتبلور في مرحلة لاحقة، مع بدء عمل قوات الشرطة الفلسطينية المدربة بمصر والأردن وإقرار مجلس الأمن قوة استقرار دولية بالقطاع، وبدء عملية الإعمار.
إنجاح المسار
ويرى مطاوع أن حديث ترمب ودفاعه عن الاتفاق الذي يقف على المحك، رغبة منه لدعم ترتيبات توسيع التطبيع في المنطقة ونجاح هذا المسار.
ولفت إلى أن الحراك الأميركي سوف يضغط لآخر نفس لنجاح الاتفاق الذي يعد مصلحة لإسرائيل وللولايات المتحدة، مستدركاً: «لكن لو حاولت (حماس) أن تناور ستخسر كثيراً وستفيد إسرائيل».
ويرى المحلل السياسي المصري خالد عكاشة أن المحاولة الإسرائيلية لنقض الاتفاق، من خلال عملية رفح الأحد ومحاولة إغلاق المعابر لأجل غير مسمى، تم إجهاضها من قبل الوسيط المصري، الذي نقل كافة المعلومات الخاصة بما جرى في مدينة رفح الفلسطينية إلى الجانب الأميركي، الذي تأكد من صحة التقرير المصري، الذي يطابق المعلومات الاستخباراتية الأميركية وانحاز إلى التقدير والتحليل المصري عن المستهدف الإسرائيلي.
وأضاف عكاشة، في تدوينة على «فيسبوك»، أن «حالة التصعيد» الإسرائيلية التي حاولت أن تتزامن مع وصول أعضاء الوفد الأميركي (ويتكوف/ كوشنير) إلى إسرائيل لفرض أمر واقع يمكن تكرارها لاحقاً في أي وقت.
