هل يجلب تصلب «حزب الله» جولة حرب جديدة على لبنان؟

من احتفال «أجيال السيد» الذي نظمه «حزب الله» الأحد في «المدينة الرياضية» حيث كان عرض لـ«كشاف المهدي» التابع لـ«الحزب» بحضور نحو 60 ألف شخص (إ.ب.أ)
من احتفال «أجيال السيد» الذي نظمه «حزب الله» الأحد في «المدينة الرياضية» حيث كان عرض لـ«كشاف المهدي» التابع لـ«الحزب» بحضور نحو 60 ألف شخص (إ.ب.أ)
TT

هل يجلب تصلب «حزب الله» جولة حرب جديدة على لبنان؟

من احتفال «أجيال السيد» الذي نظمه «حزب الله» الأحد في «المدينة الرياضية» حيث كان عرض لـ«كشاف المهدي» التابع لـ«الحزب» بحضور نحو 60 ألف شخص (إ.ب.أ)
من احتفال «أجيال السيد» الذي نظمه «حزب الله» الأحد في «المدينة الرياضية» حيث كان عرض لـ«كشاف المهدي» التابع لـ«الحزب» بحضور نحو 60 ألف شخص (إ.ب.أ)

يخشى كثير من اللبنانيين أن يستدعي تصلب «حزب الله» في رفض تسليم سلاحه موجة جديدة من الحرب الإسرائيلية على لبنان، متمنين أن يحذو حذو «حماس» في غزة، رغم أنه كان قد فتح «جبهة الإسناد» رابطاً مصير لبنان بمصير غزة.

لكن لا يبدو أن موافقة حركة «حماس» على الخطة الأميركية التي يفترض أن تسلم بموجبها سلاحها وتحل جناحها العسكري، ستنعكس على موقف «الحزب» الذي لا يزال متشدداً ومتصلباً رافضاً تسليم سلاحه، وهذا ما يرجح، وفق عدد من الخبراء والمتابعين مواقفه من كثب، أن يكون بذلك يستدعي جولة جديدة من الحرب الإسرائيلية التي قد لا تتأخر.

لا تراجع عن «حصرية السلاح»

‏ورغم كل المواقف التصعيدية التي يطلقها مسؤولو «حزب الله»، فإن الحكومة اللبنانية كانت ولا تزال ملتزمة تطبيق قرار «حصرية السلاح»، وفق ما تقول مصادر رسمية لـ«الشرق الأوسط»، لافتة إلى أن «الكرة الآن في ملعب الجيش اللبناني الذي قدّم تقريره الأول عن تنفيذ هذه المهمة، وستكون له تقارير شهرية لتبيان كيفية تقدم الأمور».

أما عن موعد الانتهاء من «حصر السلاح»، فشددت المصادر على «عدم وجود مهل زمنية يمكن أن تضعها السلطة السياسية، باعتبار أن قيادة المؤسسة العسكرية هي التي تقرر في هذا المجال تبعاً للمعطيات والظروف على الأرض».

لا استسلام ولا تسليم

وهذا الواقع يتحدث عنه أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت، الدكتور هلال خشان، قائلاً: «التجمّع الكشفي الذي أقامه (الحزب) يوم الأحد، تحت عنوان (أجيال السيد) في (المدينة الرياضية) وحشد فيه الآلاف، مؤشر على توجهاته المقبلة. فـ(الحزب) لديه عقيدة جهادية، وبالتالي التخلي عن السلاح غير وارد في قاموسه، وهم أصلاً لم يعترفوا بالهزيمة، ولن يعترفوا بها».

شباب وشابات في «كشاف المهدي» التابع لـ«حزب الله» يحملون صور الأمينَين العامين الراحلين لـ«حزب الله» الأسبق حسن نصر الله والسابق هاشم صفي الدين (أ.ب)

ويرى خشان في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «(الحزب) حسم خياراته؛ فلا استسلام ولا تسليم. كما أنه يعدّ نفسه لاعباً فاعلاً في البلد، وبالتالي لم يفقد أوراق قوته»، مضيفاً: «حاول رئيس الجمهورية، جوزيف عون، إقناعه بتسليم سلاحه بالدبلوماسية، لكنه يئس منه، ولذلك أطلق مؤخراً مواقف لافتة فيما يتعلق بالتفاوض مع إسرائيل».

ويجزم خشان بأن «الحرب آتية»، لافتاً إلى أن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، «كان واضحاً عندما تحدث عن فرض السلام بالقوة وليس بالانتظار». ويضيف: «السلام بين العرب وإسرائيل مستحيل في المرحلة الراهنة. وحتى لو كانوا العرب يريدون السلام، فالمجتمع الإسرائيلي مجتمع استيطاني متدحرج لا يريد السلام، وهذه أجندة تاريخية معروفة لإسرائيل».

ويعدّ خشان أنه «مهما استعد (حزب الله) لأي مواجهة مقبلة مع إسرائيل، فلا موازين قوى ولا قدرة على الإطلاق لديه للتصدي لها. أما توقيت الحرب، فلا شكّ في أنه بيد إسرائيل. وبغض النظر عما إذا كانت قبل نهاية 2025 أم بعدها، فإن نفَس الإسرائيليين قصير، وأعتقد أن الحرب ستكون بعد ضمان تطبيق اتفاق غزة»، مضيفاً: «الحرب الإسرائيلية - الإيرانية غير مستبعدة، أما الحرب بين إسرائيل و(حزب الله) فحتمية».

تحصين دوره السياسي

من جهته، يرى الأستاذ المحاضر في الجيوسياسة، العميد المتقاعد خليل الحلو، أن «أداء ومواقف (حزب الله) و(حماس) يؤكدان أن القبول بالاتفاقات شيء والنيات والتطبيق على الأرض شيء آخر. هذا ما حصل مع (حزب الله) بعد اتفاق وقف النار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وهذا ما يحدث مع (حماس) اليوم من خلال سعيها إلى بسط سيطرتها الأمنية على القطاع مجدداً».

ويشير الحلو في حديث لـ«الشرق الأوسط» الى أن «إيران تواصل دعم (‏حزب الله) و(حماس)، ومن هنا يأتي تصلب وتشدد (الحزب)، الذي يبدو واضحاً أنه لن يُسلّم سلاحه بالحسنى». ويضيف: «لن يوفر (حزب الله) أي فرصة لتحصين دوره السياسي والحفاظ على مكاسبهم السياسية، وللإبقاء على مخازن أسلحة وإخفائها... فصحيح أنه هزم، لكن هزيمته ليست كاملة، فهو لا يزال موجوداً، وأعاد تنظيم صفوفه، ولديه قاعدة شعبية، وله حد أدنى من التمويل».

‏«واقع غزة لا يسري على لبنان»

في المقابل، يؤكد الكاتب السياسي الدكتور قاسم قصير، المطلع من كثب على موقف «حزب الله»، أن «(الحزب) متمسك بسلاحه ما دام هناك احتلال إسرائيلي واعتداءات إسرائيلية»، لافتاً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الوضع في غزة مختلف عن الوضع في لبنان، وبالتالي ما حدث هناك لا يمكن أن يسري على الواقع اللبناني؛ مما يجعل موقف (الحزب) على حاله قبل وبعد اتفاق وقف النار بمسعى أميركي في القطاع».


مقالات ذات صلة

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

المشرق العربي ‏العميد الركن غياث دلا قائد قوات الغيث (الثالث إلى من اليمين) من بين الحضور في أداء القسم الرئاسي صيف 2021

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

تعكف بعض هذه القيادات السابقة على بناء حركة تمرد مسلح من المنفى، ويدعم أحدهم مجموعة تقف وراء حملة ضغط (لوبي) في واشنطن، تقدر تكلفتها بملايين الدولارات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - واشنطن)
المشرق العربي سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في منطقة حوش السيد علي الحدودية مع سوريا بشمال شرقي لبنان مما أدى لمقتل شخصين (متداول)

الجيش الإسرائيلي: استهدفنا عنصراً في «الحرس الثوري» بشمال شرقي لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي الخميس أنه قتل عنصراً مرتبطاً بـ«فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني» في ضربة نفذها في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص لقطة عامة تظهر الدمار اللاحق بكنيسة سان جورج في بلدة يارون الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

خاص كيف ترهب إسرائيل العائدين إلى القرى الحدودية اللبنانية؟

يقول أبناء المنطقة الحدودية اللبنانية إن القصف العشوائي الإسرائيلي يُدار بمنطق تكريس بيئة خوف تهدف إلى تعطيل الحياة اليومية ومنع تثبيت أي عودة طبيعية للسكان

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)

خاص الانتخابات النيابية اللبنانية قائمة... وتأجيلها تقني «إن حصل»

الترويج للتمديد بدأ يأخذ طريقه إلى العلن، بتبادل الاتهامات بين بري وخصومه، مع أن مصادر محسوبة على «الثنائي الشيعي» تستغرب إلصاق تهمة التمديد برئيس البرلمان.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)

الرئيس اللبناني: شبح الحرب ابتعد... وماضون في استكمال «حصرية السلاح»

أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون أن شبح الحرب ابتعد، مشيراً إلى أن «اتصالاتنا الدبلوماسية لم تتوقف لإبعاد شبح الحرب».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«الخارجية» السورية: المباحثات مع «قسد» لم تسفر عن نتائج ملموسة

مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
TT

«الخارجية» السورية: المباحثات مع «قسد» لم تسفر عن نتائج ملموسة

مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)

قال مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السورية، اليوم الجمعة، إن المباحثات مع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) لم تسفر بعدُ عن نتائج ملموسة، معتبراً أن الحديث عن دمج مؤسسات شمال شرقي البلاد في مؤسسات الدولة يظل تصريحات نظرية دون خطوات تنفيذية.

وذكر المصدر في تصريحات لوكالة الأنباء السورية أن التأكيد المتكرر على وحدة سوريا يتناقض مع الواقع القائم في شمال شرقي البلاد، حيث توجد مؤسسات إدارية وأمنية وعسكرية خارج إطار الدولة تُدار بشكل منفصل، وهو «ما يكرس الانقسام» بدلاً من معالجته.

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وأضاف: «رغم الإشارة المستمرة من قيادة (قسد) إلى استمرار الحوار مع الدولة السورية، لم تُسفر هذه المباحثات عن نتائج ملموسة، ويبدو أن هذا الخطاب يُستخدم لغايات إعلامية وامتصاص الضغوط السياسية في ظل جمود فعلي وغياب إرادة حقيقية للانتقال إلى التطبيق».

وتابع بالقول: «الحديث عن دمج مؤسسات شمال شرقي سوريا ضمن مؤسسات الدولة بقي في إطار التصريحات النظرية دون خطوات تنفيذية أو جداول زمنية واضحة، ما يثير الشكوك حول جدية الالتزام باتفاق العاشر من مارس (آذار) المبرم مع (قسد)».

وفيما يتعلق بملف النفط، قال المصدر المسؤول بوزارة الخارجية إن التصريحات المستمرة من قيادة «قسد» بأن النفط ملك لجميع السوريين تفقد مصداقيتها «طالما لا يُدار ضمن مؤسسات الدولة ولا تدخل عائداته في الموازنة العامة».

وأكد المصدر أن الحديث عن وجود تقارب في وجهات النظر «يبقى دون قيمة ملموسة ما لم يُترجم إلى اتفاقات رسمية واضحة بآليات تنفيذ مجدولة زمنياً».

كما اعتبر أن الحديث عن تفاهمات في الملف العسكري «لا ينسجم مع استمرار وجود تشكيلات مسلحة خارج إطار الجيش السوري وبقيادات مستقلة وارتباطات خارجية، بما يمس السيادة ويعرقل الاستقرار».

ورأى مصدر الخارجية السورية أن الأمر ذاته ينطبق على «السيطرة الأحادية على المعابر والحدود واستخدامها ورقة تفاوض، وهو ما يتناقض مع مبادئ السيادة الوطنية».


مقتل 5 جراء انفجار بمسجد في حمص بسوريا

كشافة سوريون يسيرون في شارع بمدينة دمشق القديمة (أ.ف.ب)
كشافة سوريون يسيرون في شارع بمدينة دمشق القديمة (أ.ف.ب)
TT

مقتل 5 جراء انفجار بمسجد في حمص بسوريا

كشافة سوريون يسيرون في شارع بمدينة دمشق القديمة (أ.ف.ب)
كشافة سوريون يسيرون في شارع بمدينة دمشق القديمة (أ.ف.ب)

كشف مسؤول محلي أن 5 أشخاص قتلوا وأصيب 20 آخرون عندما ‌وقع ‌انفجار ‌بمسجد ⁠في ​حي علوي ‌بمحافظة حمص السورية اليوم الجمعة، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن ⁠قوات الأمن فرضت ‌طوقاً أمنياً حول المنطقة وتحقق في الأمر.

وقال مسؤولون محليون لـ«رويترز» إن الانفجار ​قد يكون ناجماً عن تفجير انتحاري ⁠أو متفجرات وضعت هناك.


الجيش الإسرائيلي يعلن قصف مجمع تدريب ومستودعات أسلحة لـ«حزب الله» في لبنان

الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان - 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان - 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف مجمع تدريب ومستودعات أسلحة لـ«حزب الله» في لبنان

الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان - 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان - 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

قال الجيش الإسرائيلي اليوم (الجمعة)، إنه قصف ما وصفها بأنها بنى تحتية تابعة لجماعة «حزب الله» في عدة مناطق بلبنان، بما في ذلك مجمع تدريب لوحدة «قوة الرضوان» ومستودعات أسلحة.

وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في بيان، أن الغارات الإسرائيلية استهدفت أيضاً «عدة مبانٍ عسكرية استخدمها (حزب الله) في شمال لبنان».

وأشار أدرعي في البيان، إلى أن «حزب الله» يجري تدريبات عسكرية استعداداً لشن عمليات ضد إسرائيل، معتبراً أن ذلك يمثل «انتهاكاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان».

الدخان يتصاعد بعد غارات إسرائيلية استهدفت ضواحي قرية الكتراني جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن الجيش الإسرائيلي شن غارات استهدفت جرود الهرمل في شمال شرقي البلاد، لافتة إلى تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي في أجواء البقاع تزامناً مع تلك الغارات.

وأضافت وسائل الإعلام اللبنانية أن الغارات الإسرائيلية طالت أيضاً إقليم التفاح وبلدة بصليا في جنوب البلاد، كما استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية منطقة شميس في منطقة شبعا.

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بوساطة أميركية بعد قصف متبادل لأكثر من عام، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم اتفاق الهدنة، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.