عودة مئات الآلاف إلى مدينة غزة وشمالها و«حماس» تنشر عناصرها

أرقام مرعبة لخسائر الحرب... الخسائر الأولية المباشرة للقطاعات الحيوية أكثر من 70 مليار دولار

فلسطينية تحمل طفلها وتجلس قرب أكوام من الأنقاض خلال التحرك باتجاه مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)
فلسطينية تحمل طفلها وتجلس قرب أكوام من الأنقاض خلال التحرك باتجاه مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)
TT

عودة مئات الآلاف إلى مدينة غزة وشمالها و«حماس» تنشر عناصرها

فلسطينية تحمل طفلها وتجلس قرب أكوام من الأنقاض خلال التحرك باتجاه مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)
فلسطينية تحمل طفلها وتجلس قرب أكوام من الأنقاض خلال التحرك باتجاه مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)

ما إن بزغت شمس يوم الجمعة، حتى تدفق الآلاف من سكان مدينة غزة وشمالها إلى تبة النويري ومحيطها، على شارع الرشيد الساحلي، أملاً في العودة إلى مناطق سكنهم بعد فترة نزوح قاربت الشهر الواحد أو أقل قليلاً لبعضهم، إلا أن القوات الإسرائيلية منعتهم، قبل أن تنسحب عند الساعة الثانية عشرة ظهراً، ليتدفق من هذه الطريق مئات الآلاف سيراً على الأقدام، وعبر مركبات باتجاه مناطق سكنهم.

وأعلن الجيش الإسرائيلي دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ عند الساعة الثانية عشرة ظهراً بتوقيت فلسطين والسعودية، في وقت كان يفترض أن يبدأ قبل ذلك في ظل أن الحكومة الإسرائيلية صوتت في ساعة مبكرة من ليلة الجمعة على اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه.

نازحون فلسطينيون يسيرون على طول الطريق الساحلي باتجاه شمال غزة الجمعة (أ.ب)

عودة النازحين

وشعر سكان مدينة غزة وشمالها بفرحة عارمة بعودتهم رغم الدمار الذي وثقته بعض مقاطع الفيديو التي نُشرت من داخل المدينة من قِبل بعض الصحافيين والنشطاء والمواطنين ممن تبقوا في المدينة.

وقالت المواطنة صفاء الحناوي (41 عاماً)، من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، إنها منذ ساعة باكرة تقف عند تبة النويري بالقرب من محور نتساريم من جهة شارع الرشيد، لتتمكن من العودة إلى منزلها الذي لا تعلم إن كان دمر بالكامل أو ما زال مدمراً جزئياً كما تركته قبل نزوحها منذ نحو شهر.

ولم تُخفِ الحناوي سعادتها بعودتها إلى ما قالت عنها «روح حياتها»، في إشارة منها إلى مدينة غزة، ومنطقة سكنها في مخيم الشاطئ، مشيرةً إلى أنها ستجلب خيمتها من مواصي خان يونس إلى المكان لتعيش فيها في حال وجدت منزلها قد دمر بالكامل، ولكنها لا تريد ترك المنطقة مجدداً.

فلسطيني يرتاح مع أطفاله خلال التحرك باتجاه مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)

وعند إعلان الجيش الإسرائيلي السماح بحركة المواطنين وعودتهم إلى شمال قطاع غزة، وضع المواطن ياسين البراوي، من سكان حي النصر بمدينة غزة، أمتعة منزله التي نزح بها مؤخراً من المدينة إلى جنوب القطاع، في مركبته، وعاد بها مجدداً فوراً على منزله بعدما تأكد أنه ما زال قائماً رغم تعرضه لأضرار.

وقال البراوي لـ«الشرق الأوسط»: «سأعود إلى ما تبقى من منزلي وأفضل العيش فيه مدمراً جزئياً على أن أعيش في خيمة داخل أرض زراعية لا يكاد يتوفر فيها شيء من مقومات الحياة»، مشيراً إلى أنه استعجل عودته وعائلته إلى منزله لأنه لم يصدق لوهلة أن العودة ستكون حقيقية أو سريعة على الأقل، وليس كما في المرة الأولى من النزوح والتي استمرت لأكثر من عام ونصف العام.

وسبق ذلك بساعات أن تفقد ما تبقى من سكان في مدينة غزة ويقدر عددهم بنحو 130 ألف نسمة، ما تبقى من منازل، وما لحق من دمار في الأجزاء التي عملت فيها القوات الإسرائيلية خلال الأسابيع الماضية داخل المدينة.

دبابات ومدرعات إسرائيلية تتمركز قرب حدود غزة الجمعة (أ.ف.ب)

الغزي الشاب نور ياغي (37 عاماً)، من سكان حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، والذي بقي في منطقة ميناء غزة جنوب غربي المدينة في الأسابيع القليلة الماضية، استطاع الوصول في ساعة مبكرة من صباح الجمعة، إلى منطقة سكنه، ليفاجأ بأن الدمار الذي حل بها مهول، كما وصفه.

وقال ياغي لـ«الشرق الأوسط»: «صدمني الدمار الذي حل في منزلنا والمنازل المجاورة والمناطق المختلفة... كل شيء أصبح عبارة عن كومة من الركام ليس أكثر من ذلك، ولا يمكن أن يوصف بغير ذلك».

وأشار إلى أن حي الشيخ رضوان قد دمر أكثر من 70 في المائة منه، بفعل تفجير العربات العسكرية المفخخة والقصف الجوي الذي طال تلك المنازل والبنايات السكنية، في عملية تدمير ممنهجة تعمّد الاحتلال استخدامها منذ بداية عمليته بغزة، رغم أنه فقط مر عليها أكثر من شهر بقليل تقريباً.

بينما قال الشاب موسى النجار، من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، الذي تعرض لدمار كبير، إن مربعات سكنية كاملة في المخيم تعرضت لتدمير ممنهج، مشيراً إلى أن الدمار كبير ويحتاج لأشهر من أجل إزالة الأنقاض من الطرق الرئيسية فقط. وأضاف: «من خرج من المخيم نازحاً إلى جنوب القطاع، فلن يستطيع التعرف على منزله من شدة الدمار».

نازحون فلسطينيون يتحركون وسط مبانٍ مدمرة خلال عودتهم إلى خان يونس الجمعة (أ.ب)

دمار كبير وانتشال جثامين

وخلال عملياتها البرية في مدينة غزة، كثفت إسرائيل فعلياً من استخدام العربات العسكرية المفخخة التي تحمل أطناناً من المتفجرات، ما يتسبب في تدمير هائل بالمنازل على بعد مئات الأمتار من مكان انفجار تلك العربات، إلى جانب القصف الجوي الذي لا يتوقف ويهدف لتدمير المنازل.

وتقدر بلدية مدينة غزة أن الدمار الذي لحق بالمدينة وصل إلى أكثر من 85 في المائة.

بينما قالت مصادر طبية إنه تم انتشال أكثر من 73 جثماناً لفلسطينيين قتلوا في المدينة وتركوا في شوارع ومحيط منازل بعدما قتلتهم القوات الإسرائيلية، فيما عثر على ما لا يقل عن 20 جثماناً في خان يونس جنوب القطاع، التي انسحبت من بعض أجزائها.

انتشار «حماس» وتحذيرات إسرائيلية

ولوحظ بدء انتشار قوات من عناصر أمن «حماس» في بعض المناطق والمحاور وسط وجنوب القطاع، وكذلك بعض أطراف مدينة غزة.

فلسطينيون يسيرون بين مبانٍ مدمرة في وسط خان يونس خلال تحركهم للعودة إلى منازلهم الجمعة (أ.ف.ب)

وأكدت وزارة الداخلية في قطاع غزة أن أجهزتها الأمنية ستبدأ الانتشار في المناطق التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي بجميع محافظات القطاع، وأنها ستعمل بشكل حثيث على استعادة النظام ومعالجة مظاهر الفوضى التي سعى الاحتلال لنشرها على مدار عامين، وفق نص بيانها.

وحذر الجيش الإسرائيلي سكان غزة من أن عدداً من مناطق القطاع ما زال «في غاية الخطورة»، مشيراً إلى أن الاقتراب من مناطق بيت حانون، وبيت لاهيا، والشجاعية ومناطق تمركز القوات في غاية الخطورة. وقال: «وفي منطقة جنوب القطاع من الخطر جداً الاقتراب إلى منطقة معبر رفح، ومنطقة محور فيلادلفيا، وجميع مناطق تمركز القوات في خان يونس».

فيما قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيفي ديفرين، في مؤتمر صحافي، إن «حماس» لم تعد كما كانت عند اندلاع الحرب قبل عامين، و«إنها هُزمت في كل مكان حاربناها فيه».

وحث المتحدث سكان غزة على تجنب دخول المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الإسرائيلية. وقال: «أدعو سكان غزة إلى تجنب دخول المناطق الخاضعة لسيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي. التزموا بالاتفاق حتى تضمنوا سلامتكم».

أرقام

في السياق، أصدر المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحكومة «حماس»، أرقاماً وإحصائيات، حول الحرب على قطاع غزة مع إعلان وقف إطلاق النار، متهماً إسرائيل بارتكاب «جريمة إبادة جماعية مكتملة الأرقام وفق تعريفات القانون الدولي»، مستخدماً خلالها الغذاء والماء والدواء كسلاح حرب، وهدم البنية التحتية المدنية بنسبة 90 في المائة، والسيطرة على أكثر من 80 في المائة من مساحة القطاع بالاجتياح والنار والتهجير القسري.

وبيّن أن الاحتلال الإسرائيلي ألقى أكثر من 200 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة، وقصف منطقة المواصي أكثر من 150 مرة رغم زعمه أنها كانت «منطقة إنسانية آمنة»، ليؤكد أن استهداف المدنيين كان سياسةً ممنهجة لا خطأً عارضاً. كما قال المكتب.

وأشار إلى أنه بلغ عدد القتلى والمفقودين نحو 77 ألف شهيدٍ ومفقود، وصل منهم إلى المستشفيات أكثر من 67 ألفاً، بينما لا يزال 9,500 فلسطيني في عداد المفقودين. ومن بين الضحايا أكثر من 20 ألف طفل و12.5 ألف امرأة، بينهم 9000 امرأة وأكثر من 22.4 ألف أب، إضافة إلى أكثر من ألف طفلٍ لم يتجاوزوا العام الأول من عمرهم، و450 رضيعاً وُلدوا وقتلوا خلال الحرب.

طائرة مسيّرة إسرائيلية في أجواء الأراضي الفلسطينية المحاصرة الجمعة (أ.ف.ب)

وأشار إلى أن أكثر من 39 ألف أسرة ارتكبت بحقها مجازر، بينها آلاف الأسر أُبيدت بالكامل أو لم ينجُ منها سوى فردٍ واحد، ليصبح أكثر من 55 في المائة من الضحايا هم من الأطفال والنساء والمسنين. وفق الإحصائيات.

وذكر أن 1670 من أفراد الطواقم الطبية، و140 من الدفاع المدني، و254 صحافياً، وأكثر من ألف من الدفاع المدني ورجال الشرطة المدنية، قتلوا جراء استهدافهم خلال الحرب.

أما على صعيد الجرحى والمصابين، فقد بلغ عددهم قرابة 170 ألفاً، بينهم آلاف الجرحى بحاجة للتأهيل والعلاج في الخارج، إضافة إلى مئات حالات البتر، والشلل، وفقدان البصر. كما لا يزال أكثر من 6700 معتقل فلسطيني يتعرضون للتعذيب الشديد في سجون الاحتلال، بينهم طواقم طبية وصحافية.

ووفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فقد تعرض القطاع الصحي إلى انهيار كلي بعد تدمير وإخراج 38 مستشفى وعشرات المراكز الصحية وسيارات الإسعاف، وتعرضت خدمات الرعاية الصحية لأكثر من 788 هجوماً، كما دمّر الاحتلال 670 مدرسة و165 جامعة ومؤسسة تعليمية، وقتل 13.5 ألف طالب وطالبة و830 معلماً و193 عالماً وأكاديمياً.

وفي استهداف دور العبادة، دمر الاحتلال 835 مسجداً كلياً، وعشرات المساجد جزئياً، واعتدى على 3 كنائس، ودمر 40 مقبرة وسرق أكثر من 2450 جثماناً، وأقام 7 مقابر جماعية داخل المستشفيات.

وعلى الصعيد الإسكاني، دمر الاحتلال قرابة 300 ألف وحدة سكنية كلياً و200 ألف أخرى بشكل بليغ أو جزئي، ما أدى إلى تهجير نحو مليوني إنسان قسراً، وتكدسهم في خيام مهترئة غير صالحة للعيش، عاشوا فيها ظروفاً قاسية إلى أبعد الحدود.

أما في ملف التجويع، فقد أغلق الاحتلال معابر القطاع لأكثر من 600 يوم، ومنع دخول مئات آلاف الشاحنات، واستهدف عشرات تكيات الطعام ومراكز توزيع الغذاء، ما أدى إلى مقتل أكثر من 460 مدنياً بسبب الجوع وسوء التغذية، وأكثر من 2600 من المجوعين عند مراكز المساعدات الإنسانية.

وبلغت الخسائر الأولية المباشرة لجميع القطاعات الحيوية أكثر من 70 مليار دولار، وهو ما يعكس حجم الدمار الشامل والممنهج الذي تعرض له قطاع غزة على مدار عامين كاملين من الإبادة الجماعية.


مقالات ذات صلة

تحركات حثيثة لتثبيت «اتفاق غزة» وحل أزمة المسلّحين العالقين

المشرق العربي فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحركات حثيثة لتثبيت «اتفاق غزة» وحل أزمة المسلّحين العالقين

يشهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة تحركات مكثفة من الوسطاء، وسط مخاوف من عدم صموده مع استمرار أزمتي مسلحي «حماس» العالقين وعدم الانتهاء من تسليم جميع الرفات

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي أم فلسطينية تحمل طفلها أمام مبان مدمرة على طريق قريب من مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)

شهر على بدء سريان وقف النار في غزة... فهل تحسنت ظروف الحياة؟

مر شهر كامل على بدء سريان وقف إطلاق النار الأخير في قطاع غزة لكن التحديات المعيشية لا تزال تحدق بأهالي القطاع ولا تزال الأزمات نفسها مستمرة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية سيارات الصليب الأحمر تنقل رفات الضابط الإسرائيلي هدار غولدن في دير البلح بوسط قطاع غزة يوم الأحد (رويترز)

تسليم رفات «غولدن» قبل وصول ويتكوف وكوشنر... هل يفتح الباب لصفقة في رفح؟

يصل المبعوثان الأميركيان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى إسرائيل الاثنين بعد تسليم «حماس» رفات الضابط هدار غولدن ويأملان أن يحمل ذلك مفاتيح صفقة في رفح.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية الحكومة الإسرائيلية تقول إنه لن يتم نشر جنود أتراك في غزة (أ.ب)

إسرائيل: لن تكون هناك قوات تركية في غزة

قالت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية شوش بيدروسيان، الأحد، إنه لن يتم نشر جنود أتراك في غزة ضمن قوة متعددة الجنسيات.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي مقاتلون من «كتائب القسام» في مدينة غزة (إ.ب.أ) play-circle

«حماس»: مقاتلونا في رفح لن يستسلموا

قالت حركة «حماس» الأحد إن مقاتليها المتحصنين بمنطقة رفح التي تسيطر عليها إسرائيل في غزة لن يستسلموا داعية الوسطاء إلى إيجاد حل لأزمة تهدد وقف النار

«الشرق الأوسط» (غزة)

اللجنة الوطنية للتحقيق بأحداث السويداء تعقد مؤتمراً صحافياً الأربعاء

نصري صبيح الذي أُصيبت قدمه برصاصة خلال فراره من المواجهات بمحافظة السويداء السورية يجلس داخل خيمته في ريف درعا (رويترز)
نصري صبيح الذي أُصيبت قدمه برصاصة خلال فراره من المواجهات بمحافظة السويداء السورية يجلس داخل خيمته في ريف درعا (رويترز)
TT

اللجنة الوطنية للتحقيق بأحداث السويداء تعقد مؤتمراً صحافياً الأربعاء

نصري صبيح الذي أُصيبت قدمه برصاصة خلال فراره من المواجهات بمحافظة السويداء السورية يجلس داخل خيمته في ريف درعا (رويترز)
نصري صبيح الذي أُصيبت قدمه برصاصة خلال فراره من المواجهات بمحافظة السويداء السورية يجلس داخل خيمته في ريف درعا (رويترز)

تعقد اللجنة الوطنية للتحقيق الخاصة بأحداث السويداء مؤتمرها الصحافي، الأربعاء المقبل، في مقر وزارة الإعلام بدمشق، بعد أن كان مقرراً له الانعقاد، الأحد، ووجهت الدعوات للصحافيين وممثلي وسائل الإعلام المحلية والدولية.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم اللجنة، المحامي عمار عز الدين، في تصريح لـ «سانا»، أن المؤتمر سيُخصَّص لتقديم عرض موجز عن عمل اللجنة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إضافة إلى استعراض مراحل التحقيق وخطوات العمل المقبلة، والإجابة عن تساؤلات الإعلاميين بكل شفافية.

المحامي عمار عز الدين

وقال عز الدين إن سبب التأجيل يعود إلى ترتيبات لوجيستية وإدارية، وإلى ضيق الوقت في الإعلان عن الموعد السابق، لافتاً إلى أن التأجيل تم للتأكد من اكتمال التحضيرات، وتمكين أكبر عدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية من الحضور، حيث من المقرر أن يستعرض المؤتمر الصحافي التقدم المنجز في التحقيق والخطوات المستقبلية.

رئيس «اللجنة المستقلة للتحقيق في سوريا» باولو سيرجيو بينهيرو (الأمم المتحدة)

ومن المتوقع تقديم اللجنة عرضاً مفصلاً عن عملها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ومراحل التحقيق والإجراءات المقبلة، وسير التحقيقات ومراحلها والإجابة عن أسئلة الإعلاميين.

وشكلت وزارة العدل في 31 يوليو (تموز) الماضي لجنة التحقيق في أحداث السويداء، وحددت مهامها بكشف الظروف والملابسات التي أدت إليها، والتحقيق في الاعتداءات والانتهاكات التي تَعَرَّضَ لها المواطنون، وإحالة كل من يثبت تورطه فيها إلى القضاء المختص.

سيدة درزية من محافظة السويداء تستقبل قريبها المفرج عنه في عملية تبادل أسرى بين الأطراف المتنازعة (سانا)

يُذْكَر أن لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة قد دخلت إلى مدينة السويداء، في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للتحقيق في الأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة، خلال شهر (تموز) الماضي. وأوضحت مصادر اللجنة التي تضم خبراء جنائيين وسياسيين ويترأسها مسؤول برازيلي، ستقيم في دمشق بمهمة مفتوحة من دون تحديد سقف زمني، وتعمل عبر عدة فرق متخصصة.

وقامت اللجنة بزيارة ثانية إلى محافظة السويداء، في التاسع عشر من أكتوبر، لمتابعة التحقيق في الأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة، وأدت إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين والعسكريين.

وقالت مصادر محلية من السويداء لموقع «تلفزيون سوريا»، إن وفد اللجنة الأممية التقى خلال الزيارة عدداً من أبناء المحافظة وناشطين مدنيين، في إطار التحقيقات حول أحداث السويداء.

كما زار وفد اللجنة أعضاء ما يسمى بـ«اللجنة القانونية في السويداء»، واستمعت اللجنة إلى شهادات العائلات النازحة من الريف الغربي في مراكز الإيواء بمدينة السويداء.

لافتة كبيرة في مدينة السويداء جنوب سوريا تدعو للتوقيع على حملة «حق تقرير المصير» (أخبار السويداء)

هذا، وقُتل عنصر من قوى الأمن الداخلي السورية وأُصيب آخرون، فجر السبت، جراء اشتباكات جديدة اندلعت بين قوات الأمن السورية ومجموعات مسلحة منضوية ضمن ما يُعرف بـ«الحرس الوطني» الذي شُكِّل حديثاً بقيادة الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في محافظة السويداء جنوبي سورية.

وقالت مصادر أمنية مطلعة لـ«العربي الجديد»، إن عنصراً من قوى الأمن الداخلي يُدعى جمال خالد الجمعة، وينحدر من منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي، قضى، بينما أُصيب عدد من عناصر قوى الأمن بجروح متفاوتة، عقب استهداف مجموعات تابعة لـ«الحرس الوطني» بقذائف الهاون تجمعاً لقوات الأمن السورية في منطقة تل حديد بريف محافظة السويداء.

وكانت اللجنة القانونية العليا في السويداء قد رفضت خريطة طريق «سورية - أردنية» مدعومة أميركياً، وانطلقت سبتمبر الماضي، حملة جمع توقيعات خطيّة على عريضة تناشد المجتمع الدولي دعم إجراء استفتاء شعبي لأهالي المحافظة حول حقهم في تقرير المصير، سواء كان الاستقلال التام عن الدولة السورية أو التمتع بالإدارة الذاتية أو اللّامركزية. وبينما لم يصدر عن دمشق تعليق على الحملة، أكد المبعوث الأميركي توم براك «أهمية خريطة طريق حل الأزمة في السويداء».


قيادي في «حماس»: اتفقنا مع مصر على لجنة لإدارة غزة لكن إسرائيل تعطل تشكيلها

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
TT

قيادي في «حماس»: اتفقنا مع مصر على لجنة لإدارة غزة لكن إسرائيل تعطل تشكيلها

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

قال تلفزيون «الأقصى» نقلاً عن القيادي في حركة «حماس» علي بركة قوله، الأحد، إن الحركة توصلت إلى اتفاق مع مصر على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، لكن إسرائيل تعطل تشكيلها.

وأوضح القيادي بـ«حماس» أنه تم الاتفاق على 8 شخصيات فلسطينية، منهم امرأة، لإدارة اللجنة برئاسة أمجد الشوا، وانتقد بركة التطبيع مع إسرائيل بوصفه لا يصب في صالح القضية الفلسطينية. وطالب بركة بالضغط لفتح معبر رفح بشكل فوري ومستمر، ووصف الوضع في غزة بأنه كارثي في ظل استمرار إسرائيل في انتهاكاتها لوقف إطلاق النار.

وشدد القيادي في «حماس» على حرص الحركة على إنجاح اتفاق وقف إطلاق النار وتطبيق بنوده، مؤكداً أن «حماس» تنتظر نتائج مباحثات المبعوث الأميركي في إسرائيل. وأوضح بركة أن المرحلة الثانية من الاتفاق ستبدأ بعد فتح المعابر، وتنفيذ بنود المرحلة الأولى.


تحركات حثيثة لتثبيت «اتفاق غزة» وحل أزمة المسلّحين العالقين

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

تحركات حثيثة لتثبيت «اتفاق غزة» وحل أزمة المسلّحين العالقين

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

يشهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة تحركات مكثفة من الوسطاء، وسط مخاوف من عدم صموده، مع استمرار أزمتي مسلحي «حماس» العالقين في رفح الفلسطينية، وعدم الانتهاء من تسليم جميع رفات الرهائن الإسرائيليين منذ توقيع الاتفاق قبل شهر.

ووسط هذه التحركات تأتي زيارة مرتقبة للمبعوثين الأميركيين، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، لإسرائيل لبحث أزمة المسلحين العالقين وسط مشاورات مصرية - قطرية بشأن ترتيبات المرحلة الثانية، ولا سيما المرتبطة بإدارة قطاع غزة وصلاحيات القوات الدولية بالقطاع.

ويرى خبير فلسطيني تحدث لـ«الشرق الأوسط» أن الوسطاء يعملون على تثبيت الاتفاق، والدفع به خطوة للأمام، وقطع أي محاولة لتهديده.

وأفاد الموقع الإخباري لقناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية بأنه من المقرر أن يزور ويتكوف برفقة كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إسرائيل هذا الأسبوع لبحث أزمة عناصر «حماس» العالقين في رفح منذ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ فيما كشفت هيئة البثّ الإسرائيلية أن الزيارة ستكون الاثنين بهدف حلّ أزمة رفح وتنفيذ الاتفاق.

وتزامن ذلك مع أزمتين منذ الاتفاق، أبرزهما مرتبطة بتسلم رفات الرهائن. وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، أنه تسلّم رفاتاً أعلنت حركة «حماس» في وقت سابق أنها تعود إلى الضابط هدار غولدِن الذي أُسر في حرب سابقة في غزة عام 2014.

وتأخير تسليم «حماس» لرفات الضابط الأسير أوحى، بحسب ما ذكرته هيئة البثّ الإسرائيلية، بأنها «تريد إجراء مفاوضات منفصلة لإعادتها، وربط ذلك بالإفراج عن المسلحين المحاصرين في شبكة الأنفاق برفح، وهي الأزمة الثانية التي تهدد صمود اتفاق غزة»، وفق وسائل إعلام فلسطينية وإسرائيلية.

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

ومنذ بدء الاتفاق، سلّمت «حماس» الرهائن الإسرائيليين العشرين الأحياء، بينما تقول إسرائيل إنها تنتظر تسلم جثامين متبقية من أصل 28، وترهن بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها بقية الرفات.

وقالت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، في بيان، الأحد، إنه لا يوجد في قاموسها «مبدأ استسلام أو تسليم النفس للعدو»، داعية الوسطاء لتحمّل مسؤولياتهم وإيجاد حل يضمن استمرار وقف إطلاق النار.

وأكّدت أن عملية استخراج الجثث خلال المرحلة الماضية تمت في ظروف معقدة للغاية، وأن استكمال استخراج الجثث يتطلب طواقم ومعدات فنية إضافية.

وباعتقاد المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، فإن زيارة ويتكوف وكوشنر لا تتوقف على أزمة المسلحين العالقين، أو الرفات، بل تتعداهما لنقاش جاد وعميق بشأن القوات الدولية وإدارة غزة، متوقعاً أن يبقى اتفاق غزة معلقاً في المرحلة الأولى بسبب أزمتي الرفات والمسلحين العالقين مع صموده بإرادة أميركية.

ولا يستبعد مطاوع حدوث خروقات من جانب إسرائيل مع احتمال اقتراب الانتخابات المبكرة فيها، «واحتمال وجود مزايدات ستمس الاتفاق لكن لن تدفع لانهياره».

وتوقع حل أزمة المسلحين العالقين بثمن تقبله إسرائيل، وهو أن يكون حسب الخيار الأميركي «نموذجاً» لتسليم السلاح، مضيفاً: «لكن ما ستؤول له النقاشات المقبلة بشأن هذا الملف وملف الرفات قد يصطدم بمواقف متشددة من (حماس) تعطل ذلك المسار قليلاً».

وقبيل زيارة المبعوثَين الأميركيين، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، تناول تطورات الأوضاع في قطاع غزة، والجهود الرامية إلى تثبيت وقف إطلاق النار.

ووفق بيان للخارجية المصرية، الأحد، بحث الوزيران تطورات المشاورات الجارية بشأن تنفيذ اتفاق غزة، واتفقا على ثوابت الموقفين المصري والقطري، وفي مقدمتها ضرورة الربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة لضمان وحدة الأراضي الفلسطينية، وأهمية تولي الفلسطينيين إدارة شؤونهم في إطار الحفاظ على وحدة القرار الفلسطيني.

وتطرق الاتصال إلى المشاورات الجارية في نيويورك الخاصة بنشر قوة دعم الاستقرار الدولية، وأكّد الوزيران على ضرورة تحديد ولايتها وصلاحياتها بما يدعم جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

ويعتقد مطاوع أن صلاحيات القوات وقضية عدم فصل القطاع عن الضفة وإدارة أهل غزة للقطاع هو الشغل الشاغل للوسطاء وللفلسطينيين حالياً؛ موضحاً أن المشاورات المصرية القطرية تأتي في صميم التوصل لمواقف واضحة تقطع أي ذرائع إسرائيلية تهدد اتفاق غزة وصموده.