إلياس عطاالله: ضغط الضابط السوري جامع جامع على الزر فقتل الرئيس معوض

روى لـ«الشرق الأوسط» قصة «المقاومة الوطنية» ومسلسل الاغتيالات ومحطات سياسية (الثالثة والأخيرة)

TT

إلياس عطاالله: ضغط الضابط السوري جامع جامع على الزر فقتل الرئيس معوض

آثار الانفجار الذي أودى بحياة رينيه معوض عام 1989 (غيتي)
آثار الانفجار الذي أودى بحياة رينيه معوض عام 1989 (غيتي)

كانت تجربة إلياس عطاالله، عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي اللبناني سابقاً ومنسق عمليات «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية» (جمول)، قاسية ومؤلمة. كانت المواجهة مع إسرائيل في أوجها. وكانت الحروب في بيروت مكلفة. وكانت العلاقات داخل المثلث اللبناني - الفلسطيني - السوري مفخخة.

حفلت حقبة الثمانينات بالمواجهات والاغتيالات والخيبات. يتألم عطاالله حين يتذكر وجوه من سقطوا معه في معارك قادها. وكذلك حين يسترجع وقائع حروب كان يجب تفاديها.

كان بين إيلي حبيقة، مسؤول الأمن في «القوات اللبنانية» ورئيسها لاحقاً، والحزب الشيوعي تبادل للضربات.

سألت عطاالله عن لقاءاته اللاحقة مع حبيقة فأجاب: «التقيته نحو عشرين مرة. شخص بلا قلب وبلا عواطف بالمطلق. حرام أن أعتبره براغماتياً. إنه مكيافيللي يقوم بأي شيء ليصل. شجاع جسدياً وفي المجاهرة برأيه. يحاول أن يقدم نفسه في صورة مخابراتي عميق. ليس لديه تكوين ثقافي لكنه قوي جسدياً وشجاع.

كنت أنوي الذهاب إلى سوريا لصيد الفري. فقال جورج حاوي (الأمين العام للحزب الشيوعي) نذهب أنا وأنت وإيلي حبيقة. لم أحب الفكرة لكنني ذهبت. في سهل القمح لاحظت أن حبيقة يضع البندقية تحت إبطه ويطلق النار وهذا الأسلوب لا يصيب الطيور ولكنه قد يستخدم ضد الأشخاص. قلت له يبدو أنك لم تتصيد إلا أناساً. رد: «نعم قتلت أناساً ولكنهم يستحقون القتل». حصل تلاسن بيننا. دعانا جورج إلى الغداء وكان اشترى خروفاً لهذا الغرض. تظاهرت أنني سألحق بهما لكنني صعدت إلى سيارة وعدت إلى بيروت.

إيلي حبيقة في دمشق بعد لقاء مع نائب الرئيس السوري الأسبق في 1985 (أ.ف.ب)

كان حبيقة جريئاً. فقد أخبرني مثلاً أنه مسؤول عن وضع المتفجرة التي استهدفت مركز الحزب في شارع بعلبك قرب الجامعة العربية. كان مقرراً أن نعقد اجتماعاً للمجلس المركزي. يبدو أن المعلومات وصلت إلى حبيقة فوضع رجاله المتفجرة. لعبت الصدفة دورها. طلب مني رفيقنا جورج بطل أن أقله إلى مكان الاجتماع فتأخرت بضع دقائق. كنت على مسافة 150 متراً تقريباً حين دوى الانفجار وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى.

ذات يوم خطفت جماعة حبيقة في منطقة الجية ثلاثة من شباننا كانوا ينقلون عبوات للمقاومة. لم يكن أمامي خيار غير أن أخطف شخصاً مهماً لديه ليفرج عنهم. هذا ما حصل. أفرج عن اثنين لأنه كان قتل الثالث. روى الشابان أن مسلحي حبيقة كانوا يجربون البنادق والمسدسات الجديدة بإطلاق النار على مخطوفين لديهم».

سألت عطاالله إن كان الشابان تحدثا عن الدبلوماسيين الإيرانيين الذين تردد أن إخفاء مصيرهم تم بعد مقتل أحدهم إثر تجريب أحد البنادق على درع أرغم على لبسها، فأجاب: «لم أعرف شيئاً عن مصير الدبلوماسيين الإيرانيين لكن حبيقة قال لي في إحدى الجلسات إنه خطفهم».

يعتقد عطاالله أن حافظ الأسد لم يتوقف عند ماضي حبيقة لأنه كان يريد تمرير «الاتفاق الثلاثي»، وهو صيغة «لأكل لبنان وجمع الأقليات». ويرى أن علاقة حبيقة والعماد ميشال عون (رئيس الجمهورية لاحقاً) لم تبدأ في منتصف الثمانينات كما يتردد ويرجح أنه «كانت لهما علاقة سابقة بمكان ما في سوريا وهذه تحتاج إلى باحث لكشف خيوطها».

يقول إن وليد جنبلاط عانى كثيراً من قسوة نظام حافظ الأسد الذي مارس حياله نوعاً من الإذلال وصل إلى حد اضطرار وليد إلى تناول الغداء مع ضباط كان بينهم اللواء إبراهيم حويجي (المعتقل حالياً) وهو من أشرف على اغتيال والده كمال جنبلاط. لا ينكر عطاالله أن الأسد زود جنبلاط إبان «حرب الجبل» بأسلحة ودبابات لكنه «لم يعطه حق القرار».

عملية خطف السوفيات

سألت عطاالله عن قصة خطف أربعة من السوفيات العاملين في سفارة بلادهم في بيروت في 1985، فقال: «اتصلوا بنا من السفارة السوفياتية، وذهبت أنا. قالوا لي إنه، أمس، خطف أربعة من جهاز السفارة، لا أعتقد أنهم في مراتب عليا، واختفوا».

سألت: هل عرفتم المكان الذي كانوا فيه أو أين ذهبوا؟ قالوا: لا، لم نعرف. وإذ بعد قليل، بينما كنت عندهم جاء على الأرجح النائب أكرم شهيب (من الحزب التقدمي الاشتراكي)، لم أعد أذكر جيداً. المهم، استهولنا الموضوع، طلبوا منا أن نفتش عنهم، وأن نسعى لاستردادهم خصوصاً أنهم يعطون أهمية لوليد جنبلاط بأنه أفعل في التفتيش. استنفر وليد كل إمكاناته، ونحن استنفرنا كل إمكاناتنا، سواء العلنية أو السرية، وبقينا نفتش يوماً واثنين وثلاثة و«ما طلع معنا ولا ريحة» (لم نصل إلى نتيجة) ولا إشارة ولا شبهة.

ذهبنا إلى الضاحية الجنوبية، وكنا لا نزال نملك نفوذاً هناك ولم نستطع أن نعرف شيئاً. كان هناك شخص عند وليد جنبلاط مسؤول عن حراسة السفارتين السوفياتية والأميركية، ينسق الحراسة في السفارتين واسمه «أبو سعيد». كان لدى وليد سلاح فردي ودبابات أيضاً. أنا كنت أعطيته دبابتين مجاناً. لم ننجح.

كان من الصعب على الاتحاد السوفياتي القبول بما جرى. فجأة وجدنا أمامنا الجنرال «يوري» وهو جنرال رفيع في جهاز «كي جي بي» السوفياتي. كان «يوري» موفداً لهذه المهمة. شكرنا وأدرك أننا لم نقدر على تنفيذ المهمة. يبدو أنهم كانوا يعملون أيضاً، أو هو كان يعمل، لأنه بعد يوم جاء وقال لنا: أنا ذهبت إلى محمد حسين فضل الله من دون موعد ولا شيء. العلامة محمد حسين فضل الله الذي كان يقال إنه الأب الروحي لتشكيل «حزب الله»، وأنا لا أعتقد أن هذه المسألة صحيحة، دخل إليه وعرف عن حاله وعن صفته.

قال «يوري» ولا أزال أحفظ كلامه، ولغته العربية مكسرة: ليك (انظر) يا شيخ، اليوم تناول المحتجزون ترويقة تضم لبنة وزيتوناً وخياراً وكانوا يرتدون بيجامات مقلمة باللون التالي، يا شيخ مصيرك في الدق (على المحك)، نحن الاتحاد السوفياتي لا تمر هذه المسائل معنا لا من عند صغير ولا من عند كبير (يقصد أميركا). أنا أنتظرهم غداً الساعة 4 بعد الظهر، وبعدها كل واحد يعرف شغله.

ذهب «يوري» وحيداً إلى السيد (فضل الله) والساعة 4 أطلقوهم. جاء ثلاثة بينما هم أربعة. الذين أحضروهم شرحوا (الأمر). طبعاً هم من حراس السيد فضل الله. شرحوا أن الشاب السوفياتي الرابع قدر خطأ بينما كنا ذاهبين لإخلائه، فهاجمنا وكاد يأخذ البندقية وبنية قتلنا فاضطررنا لأن نطلق النار عليه فقُتل. ويبدو أن الرواية صحيحة، إذ تبين أنه مقتول حديثاً وليس مقتولاً من قبل. اختلط الأمر عليه. الثلاثة الآخرون عادوا.

ضابط سوفياتي مع مسلح لبناني أمام مشرحة مستشفى الجامعة الأميركية ببيروت حيث كانت جثة الدبلوماسي القتيل (أ.ف.ب)

اتجهت أصابع الاتهام إلى «حزب الدعوة» وكان قسم منه مختبئاً تحت عباءة حركة «أمل» التي كان لدينا داخلها اختراق عبر مسؤول من الصف الثاني.

* هل اخترقتم الجيش اللبناني أيضاً؟

- نعم، في تاريخ العمل كان هناك تنظيم سري داخل الجيش. بعضهم أحياء الآن.

* هل خطط الحزب الشيوعي لاغتيال بشير الجميل؟

- مطلقاً، مطلقاً، مطلقاً. نحن، منذ كنت مسؤولاً عن هذه الأجهزة، أخذنا قراراً مبدئياً برفض التدخل في الاغتيالات. مرة وحيدة حصلت محاولة اغتيال للعماد ميشال عون في باحة قصر بعبدا. وحين أزاح الجيش السوري عون أطلق المنفذ وتسلمته. محاولة الاغتيال هذه لم تمر عبرنا.

* ومعارك طرابلس في شمال لبنان؟

- كانت العلاقة بالغة السوء بين حافظ الأسد وياسر عرفات. ذات يوم قال له حافظ الأسد: «لاحقني قرار مستقل، مستقل عمن؟»، فقال له: «مستقل عنكم. أنت لا تعترف بفلسطين، وفي المقابل فلسطين لا تعترف بسوريا».

عاد عرفات إلى طرابلس في 1983 وكانت معركة الأسد مع النمر. معركة شخصية، بين عرفات والأسد، لم يستطع أحد أن يفهم ما أهدافها السياسية.

* هل أخطأ الحزب الشيوعي في المشاركة فيها؟

- مائة في المائة. أنا في رأيي، ليس موضوعاً قليلاً وتفاصيل، القرار كله كان خطأً، كان المفروض أن نعلن عجزنا عن التدخل.

* من قاد المعركة ضد عرفات في طرابلس؟

- الذين قادوها، أعتقد نحن. ربما كان هناك تعهد من الرفيق جورج حاوي، مع أن جورج لا يرتكب أخطاء لأنه يعرف أكثر مني من هو عرفات ويعرف أكثر مني من هو (الأسد). قال أنا أقفل الميناء، ربما، لحافظ الأسد.

* كم دفع الحزب الشيوعي؟

- 34 قتيلاً في الجولة الأولى (عام) 1983. و21 قتيلاً في الجولة الثانية في فترة الشيخ سعيد شعبان. دفعنا 55 شهيداً بلا أي مبرر. أنا برأيي، من أفشل (الخيارات).

* ذات يوم دعا جورج حاوي إلى الوحدة الفورية مع سوريا وذهبتم إلى حافظ الأسد، ماذا حصل؟

- هذه (حصلت) في 1984. أنا كنت معه في بعلبك، لا أذكر ما المناسبة. ركز جورج في خطابه على الوحدة الفورية بين لبنان وسوريا، وهذه مسألة لم تكن في مزاج أحد في لبنان، أي كنا نسخر منها أو نشعر بالقهر لأنهم كانوا يتحدثون عن شعب واحد في بلدين، أي أن هناك بلداً يجب أن يزول، و(يبقى) شعب واحد.

إلياس عطاالله رافعاً صورة تجمع جورج حاوي وسمير قصير خلال تشييع الأخير في 2005 (أ.ف.ب)

في اليوم التالي أو الذي يليه، كان لدينا موعد مع حافظ الأسد، وصعدنا وفوداً من 5 - 6 أشخاص من المكتب السياسي وزرناه في القصر. كان موعدنا الساعة 11. طبعاً رحّب وبدأ بالكلام. تحدث نحو ساعتين. أنا التقيته 3 مرات، وهاتان الساعتان هما نفسهما (الكلام نفسه). في الاجتماع قام بشيء غريب إذ كان جورج يعرفه علينا وعندما وصل إليّ قال لي: أنت من أين؟ خطر على بالي أن أقول له: من لبنان، لكن تبدو كإهانة. قلت له: من جبل لبنان. المهم بقي يسألني ويسألني ويسألني حتى قلت له: من الرميلة وساكن على جانب الطريق. فقال لي: الرميلة التي على حد الأولي قبل صيدا. قلت له: نعم، وبيتي هناك. أنا استغربت أن رئيس جمهورية سوريا يريد أن يعرف أين يقع بيتي، ما قيمة ذلك؟

في النهاية، وبينما كنا نهم بالمغادرة وكان جورج يمرر الوفد ليكون هو آخر الخارجين، أنا تأخرت في الوصول إلى الباب، وحافظ الأسد كان واقفاً، وهو لا يطلع خارج الباب ويبقى في الداخل، وقال لجورج وأنا أعتقد أن هذه أهم كلمة قيلت في الاجتماع: «عليك أن تقلع، أبداً، عن تكرار قصة لبنان وسوريا وحدة فورية ومباشرة، لأن هذا الكلام خطر وممنوع، وهناك أشياء تنفذ ولا تقال. تنفذ من دون أي كلام».

* من اغتال الرئيس رفيق الحريري؟

- ثلاثة والقائد واحد، وهو بشار الأسد.

*المحكمة لم تقل شيئاً عن بشار الأسد.

- أنا في رأيي المحكمة لم تقل شيئاً. وأنا برأيي أنه بعد (ديتلف) ميليس، المحقق الأول، هناك أشياء كثيرة أخذت منحى آخر. تسويات وقيود.

هناك مخابرات، ضباط لبنانيون، وهناك، أكيد، ضباط كبار سوريون وأعرف بالاسم، آصف شوكت وضابطين آخرين كانوا مجتمعين في فندق «موفنبيك»، و«حزب الله». هؤلاء الثلاثة. والطريف مثلاً، وربما تكون هناك أسباب ثانية لاغتيالهم، كل ضباط المخابرات السورية الذين كانوا مسؤولي المناطق في لبنان قُتلوا. قُتلوا جميعاً من دون استثناء. أبو عبدو (رستم غزالة) الذي جاء بعد غازي كنعان، فسخوه قطعتين.

* من اغتال جورج حاوي؟

- قبل 2005 كانت معظم الاغتيالات سورية ولكن بدءاً من هذا التاريخ كانت هناك شراكة سورية - إيرانية في الاغتيالات.

* هل حزنت يوم انهيار الاتحاد السوفياتي؟

- لا. لا؛ لأنني أولاً لم أكن قادراً على أن أرى أن الاتحاد السوفياتي في المدى التاريخي سيتغير نوعياً، بالعكس سيصبح أسوأ، ولا يوجد أي مبرر لاستمراره.

* هل اتخذت قراراً بإعدام أحد؟

- أنا شخصياً لا. ولكن عرض موضوع ذات يوم، وكنت موافقاً، لكنني رفضت أن تكون موافقتي كافية فعرضت الموضوع على المكتب السياسي، وحاولوا أن يتهربوا من القرار، فقلت لهم إن لم تأخذوا قراراً فلن يعدم. يريدونه أن يعدم لكنهم لا يريدون أن يأخذوا قراراً. عرضت لهم التقرير وكان (الشخص) متهماً بالتسبب في خلل كبير عندنا في المقاومة.

* كان عميلاً لإسرائيل؟

- نعم.

* قال لي جورج حاوي ليتني لم أطلق أي رصاصة؟

- وأنا أقول لك: لو كنا صبورين، كان يجب أن نكون نحن أكثر قرباً من الجو المسيحي وعندنا صبر لنصل إلى تسوية ما، نتفق عليها بالعلاقة مع الفلسطينيين، لا بالعداء المسيحي ولا بالالتحاق الإسلامي. كان يجب ذلك. أقول ذلك، لأنني ندمت كثيراً وحزنت كثيراً. وثيقة الوفاق الوطني (الطائف) تشبه وثيقة الحركة الوطنية. ما قبلناه بعد الحرب الأهلية كان مطروحاً قبل الحرب الأهلية.

* الحزب الشيوعي كان مؤيداً لـ«الاتفاق الثلاثي»؟

- كان ممسوكاً من رقبته ومكبلاً وقيل له: تنح جانباً وشاهد فقط. ممنوع أن تشارك. كانت المشاركة محصورة بالدروز والموارنة والشيعة. لهذا السبب اسمه «الاتفاق الثلاثي».

* هل كان هذا تغييراً للتركيبة اللبنانية؟

- أنا، في رأيي، هذا تفكيك للبنان. تفكيكه بشكل نهائي، حلف الأقليات. العقل العلوي، انتقل ليركب مشروعاً ثلاثياً بإدارته. لهذا السبب كان حافظ الأسد ضد اتفاق الطائف الذي اضطرته التوازنات إلى القبول به. لكن أعيد إطلاق يده في الشأن اللبناني بعد مشاركة له في حرب استعادة الكويت.

اغتيال رينيه معوض

في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 انتخب رينيه معوض رئيساً للجمهورية اللبنانية لكنه كان رئيساً بلا قصر ولا حرس جمهوري، فقد كان قصر بعبدا تحت سيطرة رئيس حكومة العسكريين العماد ميشال عون الذي لم يعترف بشرعية انتخاب معوض.

انتقل معوض إلى بيروت وأقام في مبنى تابع لإحدى مؤسسات الرئيس رفيق الحريري اعتبر آمناً لأنه في المربع الأمني لمقر المخابرات السورية في العاصمة اللبنانية. تولى المقدم طنوس معوض مسؤولية أمن الرئيس. ويروي طنوس معوض أن اللواء غازي كنعان مسؤول المخابرات السورية في لبنان وبموافقة الرئيس حافظ الأسد كلّف الرائد جامع جامع بضمان أمن الرئيس. ويضيف أن جامع «حاول الإقامة معنا في المبنى، لكن الرئيس معوض طلب مني أن أنزله في فندق البوريفاج الملاصق لنا وهو كان عادة في التنقلات يتقدم موكب الرئيس بمئات الأمتار».

* هل زُرع جامع جامع (قُتل في دير الزور إبان الثورة السورية وكانت طرحت علامات استفهام حول دور له في اغتيال الحريري) قرب معوض لتسهيل عملية اغتياله؟

- كل ما قيل في مسألة اغتيال رينه معوض غلط. لم يسكن في (قصر) بعبدا حيث كان عون، وهو لم يكن ليبدأ عهده بالدم. سكن في بناية تابعة لمؤسسات رفيق الحريري.

ذات يوم وصلني ليلاً مسؤول حزبي (من الحزب الشيوعي) من الشمال ومعه جندي (من الجيش اللبناني)، وسألني: هل يمكن أن نجلس في خلوة قليلاً؟ هذا الجندي شيوعي، وكنت سألتني عن اختراق الحزب للجيش، ولكن لا أحد يعرف بذلك. الضابط المسؤول عنه يحبه. طلب منه السوريون أن يرشح لهم جندياً لإدخاله ضمن حرس الرئيس معوض، فأرسله. لاحقاً، أحضروه وأعطوه متفجرة صغيرة بحجم بطارية (أصبع) وطلبوا منه أن يلصقها بملابس (معوض) خلال الزحمة في الكنيسة في بلدته إهدن، وأن يسارع إلى الابتعاد عنه.

جامع جامع (سانا)

عندما علمت ذلك التقيت جورج حاوي وكريم مروة، الأمين العام ونائبه، فقالا لي: يجب أن نذهب فوراً إلى الرئيس معوض وهو كان صديقاً لكريم. اتصلنا به وأخذنا موعداً سريعاً وذهبنا. قالا له لدينا شيء نريد أن نخبرك به. فقالوا لي أخبره. قلت لهم 3 مرات، فيما أومئ إلى الشرفة، لا أريد أن أتكلم، خوفاً من التسجيلات. لكنهم لم يحركوا ساكناً لكي نخرج من الغرفة، فتحدثت. أخبرته ولا أزال أذكر كيف أصبحت يداه ترتجفان على المكتب. أخبرته بالتفاصيل واسم الجندي، وأنه سيكون من ضمن حراسك وسيفعلون كذا، ومن فعل ذلك الضابط السوري محمد مفلح، ومؤكد أنه ليس صاحب الأمر بل القيادة السورية.

رينيه معوض يغادر مقره للمرة الأخيرة قبل لحظات من اغتياله (أ.ف.ب)

قلت له أنا جلست مع الجندي، تحدثت معه واستجوبته. استدعى الضابط طنوس معوض، مسؤول الأمن عنده، ولكنني لم أكن مرتاحاً إلى هذا السلوك لأن الرئيس يجب أن تكون لديه وسائل أخرى، لا أن يخبر مائة شخص في مسألة بهذا المستوى. اضطررت وجلست معه وأخبرته بكل شيء. العملية لم تتم، ولكن اختفى الجندي ولا يزال مختفياً.

حزنت كثيراً حين اغتيل بعد عشرة أيام من موعدنا معه خصوصاً أنني أخبرته بوضوح أنهم يخططون لقتله.

سأنقل هنا عن اثنين من شهود العيان. الأول ماجد مقلد (توفي) وشخص آخر اسمه إبراهيم قيس، ولا يزال حياً. كانا مقيمين في البناية نفسها التي من قربها رمينا القنبلتين اليدويتين (على الإسرائيليين) قرب صيدلية بسترس (في الصنائع). شاهدا جامع جامع يصعد إلى سطح البناية ذاتها ومعه (في يده) جهاز، وذلك قبل أن يأتي الموكب (الرئاسي). أطل مستطلعاً ثم في المرة الثانية ضغط على زر الجهاز فدوّى الانفجار. مكث جامع جامع قليلاً (على السطح) ثم نزل وغادر البناية. وقيل لي إنها (السيارة) فجّرت عن بعد».

* ماذا علمتك هذه التجربة الطويلة؟

- أحاول أن أستعرض هذا الماضي، ليس لأنني أريد أن أعيش في الماضي، بل لأنني أتمنى ألا تتكرر هذه التجربة مع أحد. أنا أعرضها لهدفين؛ الأول أن أظهر نقدي لما كان يحصل، والثاني أن أظهر حقيقة المقاومة الوطنية وفشل المقاومات التي كانت مشاريع سياسية ولم تكن مقاومة وطنية لديها مشروع واحد هو أن تحرر الأرض وتسلمها للدولة.

لهذا السبب، مقاومة «حزب الله» ليست مقاومة، بل هي احتلال للأرض المحررة ومهنة. المقاومة لم تعد مهمة بل أصبحت مهنة.

تعقيب من عائلة إبراهيم قيس

إلى رئاسة وإدارة تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» الموقّرة،

نحن، عائلة المرحوم إبراهيم قيس، نتوجّه إليكم بهذه الرسالة عملاً بحقّ الردّ على ما ورد في مقابلة بعنوان:

«إلياس عطاالله: ضغط الضابط السوري جامع جامع على الزر فقتل الرئيس معوّض»

والتي نُشرت في صحيفتكم بتاريخ 20 أيلول/سبتمبر 2025.

نرجو من حضرتكم نشر هذا الردّ كاملاً حفاظاً على مصداقية صحيفتكم وحرصاً على إظهار الحقائق:

إنّ ما ورد على لسان السيّد إلياس عطاالله في المقابلة، منسوباً إلى المرحوم إبراهيم قيس عارٍ عن الصحة بالكامل. الوالد لم يكن شاهداً على ما يدّعيه عطاالله، ولم يقل يوماً إنّه رأى جامع جامع يضغط على زرّ التفجير في اغتيال الرئيس رينيه معوّض.

والحقيقة أنّه في يوم 22 تشرين الثاني 1989، يوم عيد الاستقلال، كنّا – نحن عائلة قيس – مجتمعين مع عائلة الصديق ماجد مقلّد على مائدة الغداء في منزلنا الكائن قرب مبنى «سفريات دعبول»، الكائن مقابل قطعة أرض كانت تفصلنا عن سجن بيروت. مقلّد، كما والدي، كان جالساً معنا. وعند مرور الموكب الرئاسي بجانب المنزل، خرج ماجد إلى الشرفة لمشاهدته، ووقع التفجير في تلك اللحظة تحديداً. دوّى الانفجار العنيف من غرفة ألعاب («فليبرز») كانت ملاصقة لمدرسة رمل الظريف، حيث عبوة ناسفة وفُجّرت عن بُعد.

عشنا هذه اللحظة المروّعة التي تهشّمت فيها النوافذ وتضرّر المنزل بما فيه، وقد جُرح عدد من أفراد العائلة وجيراننا. والدي، الذي هرع لإسعاف والدتي الجريحة، لم يكن يراقب المباني ولا يتابع أشخاصاً بعينهم، بل كان وسط المنزل المدمّر، يبحث عن أولاده ويُسعف المصابين.

إدعاء السيّد عطاالله بأنّ جامع جامع شوهد على سطح مبنى مقابل يضغط على زرّ التفجير يناقض المنطق والوقائع معاً:

أوّلاً: جامع جامع كان ضمن عداد الموكب نفسه، وذلك بحسب ما أكد النائب ميشال معوّض في شهادة موثّقة، وسيارت الضابط السوري كانت تسبق سيارة الرئيس الشهيد بمسافة تقارب 150 متراً.

ثانياً: المباني التي يزعم عطاالله أنّ والدي وماجد مقلّد شاهدا منها عملية التفجير كانت في قلب الانفجار نفسه وتضرّرت بشكل مباشر.

ثالثاً: لم يكن هناك أي مجال لأن يكون أحدنا شاهداً على «ضغط زرّ»، بل كنّا جميعاً ضحايا إجرام هذا التفجير وفي مسرح جريمته.

وإن صحّت فعلاً أقوال عطاالله، فلماذا لم يُدلِ بها خلال سنوات وجوده في موقع القرار داخل الحزب الشيوعي؟ أو في السنوات التي تلتها؟ ولماذا لم يُفصح عنها خلال ولايته كنائب عن مدينة طرابلس؟ وكان الأجدر به أن يملك شجاعة المواجهة المباشرة بدلاً من التلطّي خلف رفاق رحلوا ولم يعد بمقدورهم تفنيد تلفيقاته.

إنّ محاولة السيّد عطاالله الزجّ باسم والدنا المرحوم إبراهيم قيس كشاهد وحيد "على قيد الحياة بحسب روايته" في واحدة من أخطر القضايا السياسية والأمنية في تاريخ لبنان، ليست سوى افتراء يفتقد إلى الحدّ الأدنى من المصداقية. إنّ والدنا، المناضل الشيوعي المعروف، لم يتاجر يوماً بالدماء ولم يقبل أن يكون جزءاً من لعبة التشويه أو التزوير.

حقائق

إلياس عطاالله... أكثر من 5 عقود في دهاليز السياسة اللبنانية

وُلد إلياس عطاالله في 15 مايو (أيار) 1947 في بلدة الرميلة على ساحل الشوف اللبناني. استهل دراسته في البلدة، ثم في مدارس صيدا. تابع دراسته الجامعية في كلية التربية في الجامعة اللبنانية وتخصّص في الفلسفة.

انتسب إلى الحزب الشيوعي عام 1971، ودخل المكتب السياسي بعد ثماني سنوات وتولّى مسؤوليات عسكرية. غداة الغزو الإسرائيلي لبيروت عام 1982 راودته فكرة المقاومة، ثم كُلّف سرّاً بتأسيس «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية - جمول» وتولّى تنسيق عملياتها على مدار سنوات.

في الثمانينات انخرط الحزب الشيوعي في حروب كثيرة شهدها لبنان، وكان عطاالله مسؤوله العسكري فيها.

في التسعينات اشتدت النقاشات داخل الحزب وتباينت الرؤى، فبدأ عملية انسحاب تدريجية من دون التسبب في انشقاق. وفي عام 2004 أسس مع آخرين «حركة اليسار الديمقراطي» وكان أمينها العام، وانتُخب في 2005 نائباً عن مدينة طرابلس في شمال لبنان.

انخرط بقوة في احتجاجات 14 آذار (مارس) 2005 التي أعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وتعرّض كبار المشاركين لموجة اغتيالات أودت باثنين من أقرب رفاقه، هما جورج حاوي وسمير قصير.

متزوج من ابتسام طعمة ولهما ولدان: هشام وسارة.


مقالات ذات صلة

رحيل عبد الرؤوف الكسم رئيس «حكومات التقشف» السورية في الثمانينات

المشرق العربي عبد الرؤوف الكسم رئيس الوزراء السوري الأسبق (ويكيبيديا)

رحيل عبد الرؤوف الكسم رئيس «حكومات التقشف» السورية في الثمانينات

رحل عبد الرؤوف الكسم، أحد أبرز رموز نظام حافظ الأسد، في مدينة ميونخ بألمانيا، الذي لعب دوراً رئيسياً في إدارة الاقتصاد السوري في مرحلة عصيبة في الثمانينات.

سعاد جرَوس (دمشق)
المشرق العربي سوريون ولبنانيون يحتفلون بسقوط النظام السوري في مدينة طرابلس شمال لبنان (أرشيفية - أ.ف.ب)

«المجلس الأعلى اللبناني - السوري»... إعلان وفاة متأخر

أبلغت دمشق نظيرتها بيروت، قرار تعليق عمل «المجلس الأعلى اللبناني - السوري» وحصر كل أنواع المراسلات بين البلدين بالطرق الرسميّة الدبلوماسيّة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي سوري ينظر لملصق دعائي للسوري الأميركي هنري حمرة أول يهودي يرشح نفسه لعضوية مجلس الشعب منذ عقود (أ.ف.ب)

مرشح يهودي لعضوية مجلس الشعب في سوريا لأول مرة منذ عقود

يخوض السوري الأميركي هنري حمرة، ابن آخر حاخام غادر سوريا في التسعينات، السباق إلى مجلس الشعب الذي تستعد السلطات السورية لتشكيله الأحد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص حافظ الأسد play-circle 03:28

خاص عطاالله: رفضنا تسليم الأسد ورقة المقاومة وكان العقاب رهيباً

إلياس عطاالله يروي كيف أسّس «المقاومة الوطنية» ونسّق هجمات أجبرت الجيش الإسرائيلي على الانسحاب، قبل أن تواجه حركته موجة اغتيالات بأمر الجنرال السوري غازي كنعان.

غسان شربل (بيروت)
المشرق العربي يعايش الزوار تجربة جولات ثلاثية الأبعاد داخل السجون السورية خلال فترتي حكم نظام الأسد الأب والابن (إكس)

متحف افتراضي يوثّق ذاكرة السجون في سوريا

في اليوم الأول من إطلاق متحف سجون سوريا بالمتحف الوطني بدمشق عايش الزوار تجربة جولات ثلاثية الأبعاد داخل السجون السورية خلال فترتي حكم نظام الأسد، الأب والابن.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.


إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

حسمت إسرائيل، أمس، التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» الناجم عن المفاوضات المدنية مع لبنان، وأعطت إشارة واضحة إلى أنها ستتعامل معها بمعزل عن المسار العسكري؛ إذ شنت غارات استهدفت أربعة منازل في جنوب لبنان، أحدها شمال الليطاني، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماع لجنة تنفيذ مراقبة اتفاق وقف النار «الميكانيزم».

وبدا التصعيد الإسرائيلي رداً على ما سربته وسائل إعلام لبنانية بأن مهمة السفير سيمون كرم، وهو رئيس الوفد التفاوضي مع إسرائيل، تمثلت في بحث وقف الأعمال العدائية، وإعادة الأسرى، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط على الخط الأزرق فقط، فيما أفادت قناة «الجديد» المحلية بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون «أكد أن لبنان لم يدخل التطبيع، ولا عقد اتفاقية سلام».

وقال الرئيس عون خلال جلسة الحكومة، مساء أمس: «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي»، مشدداً على ضرورة أن «تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب».


العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار نشر العراق، أمس (الخميس)، معلومات عن تجميد أموال «حزب الله» اللبناني، وجماعة «الحوثي» في اليمن، باعتبارهما مجموعتين «إرهابيتين»، صدمة واسعة، قبل أن تتراجع الحكومة، وتقول إنه «خطأ غير منقّح» سيتم تصحيحه.

وكانت جريدة «الوقائع» الرسمية قد أعلنت قائمة تضم أكثر من 100 كيان وشخص على ارتباط بالإرهاب، في خطوة رأى مراقبون أنها كانت ستُرضي واشنطن، وتزيد الضغط على طهران، قبل سحبها.

وأثار القرار غضب قوى «الإطار التنسيقي» الموالية لإيران؛ إذ وصف قادتها خطوة الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني بأنها «خيانة»، فيما نفى البنك المركزي وجود موافقة رسمية على إدراج الجماعتين.

وقالت لجنة تجميد الأموال إن القائمة كان يُفترض أن تقتصر على أسماء مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» امتثالاً لقرارات دولية، وإن إدراج جماعات أخرى وقع قبل اكتمال المراجعة.

ووجّه السوداني بفتح تحقيق، وسط جدل سياسي متصاعد حول مساعيه لولاية ثانية.

وجاءت التطورات بعد دعوة أميركية إلى بغداد لـ«تقويض الميليشيات الإيرانية»، وفي ذروة مفاوضات صعبة بين الأحزاب الشيعية لاختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة الجديدة.