«بينهم وزير سابق وعناصر استخبارات»... إسرائيل تُنشِّط اغتيالاتها في غزة

طالت «حماس» و«الجهاد» وفصائل فلسطينية أخرى

جثث ضحايا فلسطينيين في مستشفى الشفاء بمدينة غزة قتلتهم غارات إسرائيلية ليل الثلاثاء (إ.ب.أ)
جثث ضحايا فلسطينيين في مستشفى الشفاء بمدينة غزة قتلتهم غارات إسرائيلية ليل الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

«بينهم وزير سابق وعناصر استخبارات»... إسرائيل تُنشِّط اغتيالاتها في غزة

جثث ضحايا فلسطينيين في مستشفى الشفاء بمدينة غزة قتلتهم غارات إسرائيلية ليل الثلاثاء (إ.ب.أ)
جثث ضحايا فلسطينيين في مستشفى الشفاء بمدينة غزة قتلتهم غارات إسرائيلية ليل الثلاثاء (إ.ب.أ)

كثَّفت إسرائيل في الأيام والأسابيع القليلة الماضية من عمليات اغتيال طالت نشطاء ميدانيين، بينهم وزير سابق وعناصر استخبارية، وأخرى بالجناح المجتمعي في حركة «حماس» وبعض الفصائل الفلسطينية الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» وغيرها.

وأحصى مراسل «الشرق الأوسط»، بناءً على إفادات مصادر من «حماس» في غزة اغتيال 4 من قادة «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لـ«حماس»، بينما تم اغتيال نشطاء آخرين بعضهم يعملون في «ركن الاستخبارات»، وكذلك ركن «التصنيع والهندسة» وغيرها، وهي من أهم مقومات العمل العسكري لدى «القسام».

وأعلن الجيش الإسرائيلي عن اغتيال بعض هؤلاء القيادات، بينما لم يذكر آخرين.

وزير سابق كان مقرباً من هنية

وفي ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، اغتالت إسرائيل محمد فرج الغول، في غارة استهدفته قرب غرب مدينة غزة، وهو أحد قادة جهاز الدعوة في «حماس»، وهو من أهم الأجهزة في الحركة، وكان بمنزلة الخطوة الأولى على طريق أي شخص للدخول والتدرج في الحركة ومناصبها.

وكان الغول أحد أهم قادة «حماس» على مستوى قطاع غزة، وتولى منصب وزير العدل في الحكومة الفلسطينية العاشرة التي شكَّلها رئيس الوزراء السابق وزعيم «حماس» الراحل إسماعيل هنية، بعد فوز حركته في الانتخابات التشريعية عام 2006، كما كان رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي، بعدما تخلى عن منصبه وزيراً، بعد سنوات قليلة.

الوزير السابق والقيادي في «حماس» محمد فرج الغول (المركز الفلسطيني للإعلام)

وحسب مصادر من «حماس» تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن الغول كان «أحد الأعمدة داخل الحركة، وكان له دور كبير في صياغة اللوائح والقوانين الداخلية التي تنظم العمل الحركي، كما كان عضواً في مجلس شورى (حماس)، وعضو هيئة إدارية داخل الحركة، إلى جانب أنه كان عضواً في المكتب السياسي للحركة داخل القطاع في إحدى الدورات الانتخابية».

وتحدثت المصادر عن أن «الغول كان من الشخصيات المحبوبة والمقربة من هنية؛ خصوصاً أنهما من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، وكانا على علاقة مميزة بمؤسس الحركة أحمد ياسين، وكذلك القيادات: عبد العزيز الرنتيسي، وإسماعيل أبو شنب، وإبراهيم المقادمة، وغيرهم».

وتكشف المصادر أن «الغول حاول في الآونة الأخيرة ترتيب بعض القضايا التنظيمية الداخلية، وكان مرشحاً لتعويض قيادات من المكتب السياسي اغتالتها إسرائيل بعد استئناف الحرب».

نشطاء دعويون وعسكريون

وفي العمل «الدعوي والخيري»، اغتالت إسرائيل، الأربعاء الماضي، حسين جودة، أحد الشخصيات الدعوية، ومن أهم وجهاء «حماس» في غرب غزة، بعد أن قصفت منزله في مخيم الشاطئ، وكان الآخر على علاقة جيدة مع هنية.

وعلى المستوى العسكري، اغتالت إسرائيل، الأربعاء الماضي، محمد الغصين، أحد القيادات البارزة في لواء غزة التابع لـ«كتائب القسام»، والذي أصبح قائداً لكتيبة التفاح والدرج، بدلاً من قياديين سابقين اغتيلا بعد توليهما المنصب نفسه.

كما اغتيل، يوم الجمعة الماضي، قائد «كتيبة جباليا النزلة»، إياد نصر، الملقب بـ«الصقر»، وبعض من أفراد عائلته في خيمة يعيشون بها بأرض مفتوحة قرب مدينة جباليا شمال قطاع غزة، وذلك بعد أيام من مقتل جنديين إسرائيليين في حادثين منفصلين نتيجة هجمات نفذتها «حماس» في تلك المنطقة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي منذ يومين، أنه اغتال خلال الأسبوعين الأخيرين قيادات ميدانية من «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، بينهم فضل أبو العطا، قائد كتيبة الشجاعية في «سرايا القدس» التابعة لـ«الجهاد الإسلامي»، وكذلك محمد أبو عواد، ومصطفى دباباش، وتيسير شريم، ومنذر سلمي، من ركن تصنيع الوسائل القتالية في «القسام».

وحسب مصادر من «حماس»، فإن أبو عواد، عمل سنوات طويلة في ليبيا وسوريا، ولذلك كان يلقب بـ«الليبي»، ويتنقل بينهما، ويُعد من القيادات البارزة في وحدات التطوير والتصنيع داخل «القسام»، كذلك كان له كثير من الأدوار الأمنية في كشف كثير من المهام الاستخباراتية والأمنية الإسرائيلية، بما في ذلك خلال الحرب الحالية.

وكشفت المصادر أن «أبو عواد هو من كشف كثيراً من الكاميرات الأمنية التي وضعتها إسرائيل داخل قطاع غزة، وتم استخدامها بشكل عكسي يخدم (حماس) وعملياتها، كما أنه تعرض لعدة محاولات اغتيال، ما أدى لمقتل زوجته وكثير من أبنائه».

استهداف الأسرى المحررين

وأظهرت عمليات الاغتيال الإسرائيلية استهداف عدد من الأسرى المحررين من نشطاء «حماس» و«فتح» وغيرهما من الفصائل، والذين خرجوا من السجون الإسرائيلية؛ سواء في الصفقات الأخيرة، أو في صفقة جلعاد شاليط عام 2011، ومن بين أولئك محررون مبعدون من الضفة الغربية.

ولا تربط المصادر من «حماس» بين تجدد الاغتيالات المكثفة وتكرار مقتل عدد من الجنود الإسرائيليين مؤخراً في عمليات وكمائن ينفذها عناصر من «القسام»، ومع ذلك لم تؤكد أو تنفي ما إذا كانت عمليات «القسام» الأخيرة شهدت خرقاً تسبب في الوصول لقيادات ميدانية متنوعة في ظرف زمني قصير.

وحسب المعمول به في «حماس» تتولى القيادات الميدانية إبلاغ قياداتها والمسؤولين الإعلاميين بتفاصيل العمليات التي يتم تبنيها، ويقدر مراقبون أمنيون أنها ربما تكون «نقطة بداية» لخرق أمني أدى لاغتيالهم أو تتبعهم على الأقل.

ولكن المصادر رأت أن تجدد الاغتيالات «طبيعي في ظل الحرب القائمة حالياً، والجهد الاستخباراتي الإسرائيلي الكبير للقضاء على كل هدف ممكن بالنسبة لقوات الاحتلال».


مقالات ذات صلة

لأول مرة... عصابة مسلحة في غزة تجبر سكاناً على النزوح

خاص فلسطينية تتلقى طعاماً من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب) play-circle

لأول مرة... عصابة مسلحة في غزة تجبر سكاناً على النزوح

للمرة الأولى؛ أجبرت مجموعة مسلحة تنشط شرق مدينة غزة قاطني مربع سكني في حي التفاح على النزوح، على إخلائه بالكامل، تحت تهديد السلاح، وبدعم إسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي «حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (قطاع غزة)
شؤون إقليمية نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المشاركة في تصويت البرلمان المبدئي على تشكيل «لجنة تحقيق ناعمة» في هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

قيادي بـ «حماس»: انفجار رفح وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل

قال محمود مرداوي القيادي في حركة «حماس» إن الانفجار الذي وقع في منطقة رفح في جنوب قطاع غزة اليوم الأربعاء كان في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ستستثمر خلال العقد المقبل 110 مليارات دولار في تصنيع الأسلحة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء إن بلاده ستستثمر 350 مليار شيقل (أي ما يوازي 110 مليارات دولار) على مدى السنوات العشر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القدس)

الانتخابات النيابية اللبنانية قائمة... وتأجيلها تقني «إن حصل»

ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)
ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

الانتخابات النيابية اللبنانية قائمة... وتأجيلها تقني «إن حصل»

ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)
ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)

السجال الدائر في لبنان حول مصير الانتخابات النيابية المقررة في مايو (أيار) المقبل، مع ارتفاع منسوب الترويج للتمديد للبرلمان لسنتين، يصطدم بحائط مسدود يتمثل في إصرار رؤساء الجمهورية العماد جوزيف عون، والمجلس النيابي نبيه بري، والحكومة نواف سلام على إنجازها في موعدها، احتراماً للاستحقاقات الدستورية، وتأجيل إنجازها، في حال حصوله، يعود لأسباب تقنية، وبحدود شهرين، أو ثلاثة أشهر على الأكثر، لتفادي انقضاء المهل.

رئيس البرلمان نبيه بري يترأس اجتماعاً لكتلته «التنمية والتحرير» (أرشيفية - رئاسة البرلمان)

فالترويج للتمديد بدأ يأخذ طريقه إلى العلن، بتبادل الاتهامات بين بري وخصومه، مع أن مصادر نيابية محسوبة على «الثنائي الشيعي» تستغرب إلصاق تهمة التمديد برئيس البرلمان.

وتؤكد المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه لا جدال في موقف بري من إجراء الانتخابات في موعدها، وأن من يريد التمديد فليتحمل مسؤوليته أمام اللبنانيين، والمجتمع الدولي.

ونقلت عن رئيس البرلمان قوله، في لقاء مسائي جمعه بعدد من النواب، إن ما يُنسب إليه أو للمنتمين إلى كتلته النيابية «ليس صحيحاً»، وأنه يسمع بالتمديد عبر بعض وسائل الإعلام وهو «يتيم الوالدين»، بالمفهوم السياسي للكلمة، و«نحن من جانبنا أوعزنا للمسؤولين عن الملف الانتخابي في حركة (أمل) بتشغيل الماكينة الانتخابية تحضيراً لخوض الانتخابات، وهذا ما حصل».

عون ليس في وارد التمديد

وفي المقابل، فإن ما يُنقل عن بري ينسحب على عون باعتباره الخاسر الأكبر من التمديد للبرلمان مع انقضاء عام ونيف على انتخابه رئيساً للجمهورية، كونه يراهن على دور الشباب لإحداث تغيير لملاقاته في منتصف الطريق لإنقاذ لبنان. وبالتالي فإن عون، كما تقول مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط»، ليس في وارد تمرير التمديد، وأنن لا شيء يمنع إجراء الانتخابات في موعدها، وليتحمل النواب مسؤوليتهم بالتوصل لتسوية حول قانون الانتخاب تعبّد الطريق أمام إنجازها.

سلام أيضاً

كما ينسحب موقف عون-بري على سلام الذي يراهن على توصُّل النواب لتسوية لإخراج قانون الانتخاب من السجال، مستغرباً، كما ينقل عنه زواره، اتهامه بتأييده الضمني للتمديد الذي يسمح ببقائه على رأس الحكومة بدلاً من اعتبارها مستقيلة حكماً بولادة مجلس نيابي جديد.

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام خلال اجتماع ثنائي يوم الثلاثاء الماضي (الرئاسة اللبنانية)

وفي هذا السياق، يُنقل عن المصادر الوزارية قولها إنه لا عائق أمام الحكومة لإجراء الانتخابات بعد أن أشرفت في أحلك الظروف وأشدها، في ظل الاحتلال الإسرائيلي لعدد من التلال الواقعة في البلدات الحدودية، على إنجاز استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية بعد التمديد لأكثر من ولاية لمجالسها.

الدور الأميركي

وتؤكد المصادر أن الفترة الفاصلة عن إجراء الانتخابات في موعدها قد تكون كافية لتبدّل المشهد العسكري الذي تفرضه إسرائيل بالنار على الجنوب امتداداً إلى البقاع على نحو يعيد الاستقرار بالكامل للبنان من بوابته الجنوبية، وهذا يتوقف على مدى استعداد الولايات المتحدة الأميركية للضغط عليها لإلزامها بوقف الأعمال العدائية، مع استعداد لبنان للمضي بتطبيق حصرية السلاح بالانتقال للمرحلة الثانية من الخطة التي أعدتها قيادة الجيش وتبنّتها الحكومة، وتشمل المنطقة الممتدة من شمال نهر الليطاني حتى الأوليّ، بعد التأكد من سيطرة الوحدات العسكرية على المنطقة المحررة في جنوب الليطاني بشهادة لجنة الـ«ميكانيزم» المشرفة على تطبيق الاتفاق، ومعها قيادة قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل».

المرحلة الثانية من حصرية السلاح

ولفتت إلى أن تأكيد سلام بالتحضير للمرحلة الثانية كان في محله، وقالت إنها تستغرب اتهامه من قبل كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) من دون أن تسمّيه، بأنه يتبرّع مسبقاً للإسراع بتنفيذ ما يرتاح له العدو من خطوات بدلاً من قيام حكومته بإجراء حازم يدفعه لتنفيذ ما عليه، رغم أن حديثه عن التحضير لهذه المرحلة يأتي انسجاماً مع تبنيها للخطة التي أعدتها قيادة الجيش وتقوم بتطبيق حصرية السلاح على 4 مراحل، ولم يحدد موعداً لبدء تنفيذها لأن تحديده يعود لمجلس الوزراء في ضوء التقرير الذي سيطلعه عليه قائد الجيش العماد رودولف هيكل حول ما أُنجز في المرحلة الأولى الخاصة بجنوب النهر، وموقف الـ«ميكانيزم» منه.

الحلقة الأضعف؟

وسألت المصادر «حزب الله»، هل من فارق بين ما صرّح به سلام في هذا الخصوص لـ«الشرق الأوسط»، وما قاله ويقوله عون بأن قرار حصرية السلاح اتُّخذ والتطبيق وفقاً للظروف؟ وهل يتعاطى الحزب مع سلام على أنه الحلقة الأضعف؟ وإلا لماذا يتجنّب الرد على رئيس الجمهورية بتكراره لموقفه، وآخره كان في أعقاب الخلوة التي عقدها مع البطريرك الماروني بشارة الراعي لمناسبة حلول عيد الميلاد؟

كما سألت الحزب ما إذا كان يحتفظ لنفسه بعدم الرد على عون، لئلا يرتد سلباً على حواره المتقطع معه، والذي لم يحقق التقدم المطلوب لانخراطه في تطبيق حصرية السلاح في ظل تمسكه به، مع أن ما أعلنه سلام لا ينطوي على خلاف مع رئيس الجمهورية، وأنه اختار التوقيت المناسب لتمرير رسالة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهو يستعد للقاء رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في 29 الجاري؟

رهانات على ترمب

وأكدت المصادر أنه أحسن باختياره التوقيت ليؤكد لترمب أن الحكومة ماضية بتعهّدها بتطبيق حصرية السلاح تنفيذاً للقرار 1701، وأن إسرائيل ما زالت العائق دون انتشار الجيش حتى الحدود الدولية للبنان قبالة المستوطنات.

ورأت أن الحكومة تتطلع لقيام ترمب بالضغط على نتنياهو، ليس لمنعه من توسعة الحرب، وإنما لإحداث تغيير في المشهد العسكري المفروض إسرائيلياً على لبنان، ما يسمح بعودة الاستقرار للجنوب، وهذا ما يحتّم على «حزب الله» التجاوب مع حصريته التزاماً منه بخطاب القسم، وبالبيان الوزاري للحكومة، ومشاركته فيها بوزيرين.

لذلك تراهن الحكومة على تبدُّل الظروف الأمنية على نحو يتيح إجراء الانتخابات في أجواء آمنة لا تدعو للقلق، وإنما في موعدها، آخذة بعين الاعتبار التأجيل التقني لوقف النزاع حول القانون الذي ستجرى على أساسه، ولضمان اقتراع المغتربين استناداً للتفاهم على تسوية تستبعد إحداث الدائرة الـ16 لتمثيل الاغتراب بـ6 مقاعد، في مقابل صرف النظر عن السماح لهم بالاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً، على أن يؤدي التأجيل التقني لإنجاز الاستحقاق النيابي في الصيف للسماح لهم بالمجيء للبنان لاختيار ممثليهم إلى الندوة النيابية.

وعليه فبمجيئهم في الصيف سيسهمون بتحريك العجلة الاقتصادية. فهل ستسمح الظروف بإجراء الانتخابات مشروطة بتأجيلها تقنياً، أم أن إسرائيل ستقلب الطاولة بتوسعتها الحرب أبعد مما هي عليه الآن؟

وكيف سيرد ترمب، بإسقاط لبنان ذرائع إسرائيل لمواصلة اعتداءاتها، ومعه المجتمع الدولي الذي يتعامل حيال إنجازها على أنها محطة لإحداث تغيير في ميزان القوى للتأكيد على أن نتائجها ما هي إلا ثمرة للتحولات في المنطقة بتراجع محور الممانعة بقيادة إيران، وتقليص نفوذ «حزب الله» في المعادلة السياسية بافتقاده للعدد الأكبر من حلفائه، وبالتالي فإن عدم لجمها سيؤدي لإحراج المجتمع الدولي وعلى رأسه واشنطن بإصرار موفديها إلى لبنان على إجراء الانتخابات بلا أي تأخير؟


الرئيس اللبناني: شبح الحرب ابتعد... وماضون في استكمال «حصرية السلاح»

الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)
TT

الرئيس اللبناني: شبح الحرب ابتعد... وماضون في استكمال «حصرية السلاح»

الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)

أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون ابتعاد «شبح الحرب» الإسرائيلية عن لبنان نتيجة «اتصالاتنا الدبلوماسية»، مؤكداً الاستمرار في قرار «حصرية السلاح»، لكن تطبيقه يتم «وفقاً للظروف».

كلام عون جاء خلال مشاركته وزوجته السيدة الأولى نعمت عون، في قداس عيد الميلاد بمقر البطريركية المارونية في بكركي الذي ترأسه البطريرك الماروني بشارة الراعي.

وبعد خلوة جمعته بالبطريرك الراعي، توجّه عون إلى الصحافيين قائلاً: «إن زيارتي اليوم إلى بكركي طبيعية وتقليدية لتقديم التهاني بمناسبة عيد الميلاد إلى غبطة البطريرك. ومن خلالكم، أودّ أن أعايد جميع اللبنانيين، متمنياً أن نشهد في السنة المقبلة ولادة لبنان الجديد: لبنان دولة المؤسسات لا دولة الأحزاب، ولا دولة الطوائف، ولا دولة المذاهب، بل دولة الشفافية والمحاسبة».

وأكد عون أنه «في هذا العيد، هناك جرح نازف في الجنوب، ولم يعد أهلنا إليه بعد، فيما لا يزال أسرانا في السجون الإسرائيلية، ولا تزال هناك اعتداءات آخرها، الخميس، في الجنوب والبقاع. إن شاء الله نشهد ولادة لبنان الجديد، وننتهي من الحروب ونعيش السلام».

تثبيت الاستقرار

وأوضح أن اتصالات لبنان مع الدول المؤثرة لم تتوقف، خصوصاً مع الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والدول العربية، وذلك ضمن الحراك الدبلوماسي لتثبيت الاستقرار، في ظل التوترات والانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار.

وعن عمل لجنة «الميكانيزم» والحديث الإسرائيلي عن تجدد الحرب بعد رأس السنة، أكّد عون أن «اتصالاتنا الدبلوماسية لم تتوقف لإبعاد شبح الحرب. وأستطيع أن أقول لكم إن شبح الحرب بَعُدَ. وبطبيعة الحال، في التفاوض، كل واحد يريد رفع سقفه لكنني متفائل، وإن شاء الله الأمور ذاهبة إلى خواتيم إيجابية».

2000 مرسوم

وتوقف عون عند ما حققه حتى اليوم في موضوعي الإصلاح وحصرية السلاح، وقال: «إذا أردنا قياس الأمور مقارنة مع السنوات السابقة، هناك إنجازات بالتأكيد. ليس هذا هدفنا فحسب، هدفنا أبعد من ذلك، لكننا وضعنا الأمور على السكة الصحيحة. وإذا نظرتم إلى ما حققته الحكومة خلال 10 أشهر من إنجازات، فلقد أحصينا بالأمس توقيع 2000 مرسوم، هناك مراسيم تقع على عاتقنا وأخرى تقع على عاتق مجلس النواب، أليس هذه إنجازات؟ انظروا إلى الأرقام الاقتصادية وإلى فترة العيد وإلى فصل الصيف الماضي، بالطبع ليس ذلك هدفنا الأساسي، لكن إن شاء الله تذهب الأمور إلى تحسن، وأنا متفائل بذلك، لكن لا تتوقعوا أن يتم الأمر خلال سنة».

وتعهّد عون بمواصلة العمل لاستكمال تنفيذ قرار حصرية السلاح على كل الأراضي اللبنانية، وقال: «القرار اتخذ، وسنكمل في الأمر»، مشيراً إلى أن «التطبيق وفقاً للظروف».

أطفال يحتفلون بالميلاد في بلدة علما الشعب الحدودية مع إسرائيل جنوب لبنان (أ.ب)

كما أكّد عون تصميمه، وتصميم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلّام، على إجراء الانتخابات في موعدها. وقال: «إن مجلس النواب، وانطلاقاً من مبدأ احترام فصل السلطات، لديه دور يجب أن يضطلع به؛ فليتوجّهوا إلى المجلس وليناقشوا أي قانون يريدون. أما واجبنا فهو تأمين سلامة الانتخابات وشفافيتها، في حين يقرر مجلس النواب القانون الذي تُجرى على أساسه. ونحن مصممون على إجرائها في موعدها، فالانتخابات استحقاق دستوري يجب أن يُجرى في وقته».

الراعي

وكان الراعي قد قال في عظة الميلاد إن «عيد الميلاد هو يوم البداية الجديدة. يوم نقول فيه: كفى حروباً، كفى انقسامات، كفى خوفاً على المستقبل»، وتابع: «هو يوم نرفع فيه رؤوسنا ونقول: نعم، يمكن للبنان أن يقوم، يمكنه أن يشفى، ويمكنه أن يكون وطن السلام».

وأشار الراعي إلى أنه «في هذا العيد، وبحضور فخامة رئيس الجمهورية، نرفع صلاة صادقة من أجل لبنان، أن يكون هذا الميلاد بداية مرحلة جديدة، مرحلة تُرمَّم فيها الثقة، وتُستعاد فيها هيبة الدولة، وتُصان فيها المؤسسات، ويُعاد فيها الاعتبار للدستور، وللقانون، وللقيم التي قام عليها هذا الوطن».

وشدد الراعي على أن «لبنان لا يُبنى بالكلمات وحدها، بل بالأفعال الشجاعة، والقرارات الحكيمة، والإرادة الصادقة في خدمة الخير العام».

وتابع أن ميلاد المسيح «يذكّرنا بأن القوة الحقيقية ليست في الصراع، بل في المصالحة؛ ليست في الغلبة، بل في اللقاء؛ ليست في الانقسام، بل في الوحدة. هذا الوطن، بتنوّعه وغناه الإنساني، مدعوّ اليوم أكثر من أي وقت مضى ليكون وطن العيش معاً، لا العيش ضدّ بعضنا، وطن الشراكة لا الإقصاء، وطن الرجاء لا الإحباط».


لأول مرة... عصابة مسلحة في غزة تجبر سكاناً على النزوح

فلسطينية تتلقى طعاماً من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب)
فلسطينية تتلقى طعاماً من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب)
TT

لأول مرة... عصابة مسلحة في غزة تجبر سكاناً على النزوح

فلسطينية تتلقى طعاماً من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب)
فلسطينية تتلقى طعاماً من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب)

في تطور غير مسبوق في غزة، أجبرت مجموعة مسلحة تنشط في الأحياء الشرقية لمدينة غزة، قاطني مربع سكني مجاور للخط الأصفر (الفاصل بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»)، بحي التفاح شرق المدينة، على إخلائه بالكامل، تحت تهديد السلاح.

وحسب مصادر ميدانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن عناصر مسلحة تتبع ما تُعرف بـ«مجموعة رامي حلس»، اقتربت فجر الخميس، مما تبقى من منازل المواطنين في منطقتي الشعف والكيبوتس، وأطلقت النار في الهواء، قبل أن تغادر المكان، لكنها عادت من جديد ظهر اليوم نفسه، وطالبت السكان بالإخلاء وأمهلتهم حتى غروب الشمس، مهددين بإطلاق النار على كل من لا يلتزم بذلك.

ووفقاً للمصادر، فإن عناصر تلك المجموعة المسلحة لم يقتربوا بشكل مباشر من السكان فيما يبدو خشيةً من تعرضهم لأي هجوم، وكانوا يطالبون السكان من على بُعد مئات الأمتار عبر مكبر صوت صغير، بالإخلاء التام، من المكان، مدّعين أن ذلك وفق أوامر من الجيش الإسرائيلي الذي يسيطر على مناطق شرق الخط الأصفر التي تبعد أكثر من 150 متراً عن مكان سكن تلك العائلات التي عادت إلى ما تبقى من منازلها منذ فترة قصيرة.

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

واضطر السكان إلى النزوح فعلياً من تلك المناطق باتجاه مناطق واقعة غرب مدينة غزة، وذلك في ظل التهديدات بتعرضهم للخطر.

وقدرت المصادر أن هناك أكثر من 240 شخصاً يعيشون في المنازل المتضررة المتبقية هناك، وبعضهم في خيام، اضطروا جميعهم إلى النزوح في رحلة شاقة جديدة من النزوح.

خطوة إسرائيلية سابقة

ووفقاً للمصادر الميدانية، فإن القوات الإسرائيلية ألقت مساء الثلاثاء والأربعاء، براميل صفراء اللون لا تحتوي على أي متفجرات في تلك المناطق، لكن من دون أن تطالب السكان بإخلائها، مبينةً أن الخطوة التي جرت اليوم من هذه المجموعة المسلحة، تأتي تنفيذاً لخطط الاحتلال بتهجير مزيد من السكان الذين كانوا يعيشون في المناطق المصنفة خضراء وآمنة، وفق مسار انسحاب تلك القوات، حسب اتفاق وقف إطلاق النار.

مبنى مُدمَّر في حي التفاح شرق مدينة غزة (إ.ب.أ)

وأشارت إلى أن القوات الإسرائيلية عمدت في الأسابيع الماضية إلى توسيع مساحة الخط الأصفر، مشيرةً إلى أن الخطوة الجديدة تعني السيطرة على أكثر من 150 متراً جديدة، بعرض 300 متر، داخل عمق حي التفاح الذي بدأت تلك القوات بابتلاعه تدريجياً والسيطرة على غالبية مناطقه تحت نار القصف تارةً والتهديد تارةً أخرى بإجبار السكان على النزوح من مناطق وجودهم.

منطقة عازلة إضافية

ويبدو أن القوات الإسرائيلية تترجم فعلياً مخططها الرامي لإقامة منطقة عازلة على مسافة لا تقل عن كيلومترين ونصف من المناطق الشرقية للقطاع، وتحديداً من شارع صلاح الدين الرئيسي حتى الحدود التي كانت موجودة قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهو ما كانت قد كشفت عنه مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» منذ أسابيع قليلة.

شارع صلاح الدين في قطاع غزة

وشارع صلاح الدين طريق حيوي ورئيسي، ويمتد من شمال القطاع إلى جنوبه، وكانت مسألة السيطرة عليه ذات أهمية عسكرية كبرى خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع، وركزت التحركات الإسرائيلية على قطعه بمحاور مختلفة.

وفعلياً قدمت القوات الإسرائيلية، الخط الأصفر المشار إليه في وقف إطلاق النار كخط انسحاب أوّلي من تلك القوات، أكثر من مرة وفي أكثر من منطقة، مما وسَّع سيطرتها على المناطق السكنية المحيطة بالخط، وسمح لها بالتمدد أكثر في عمق القطاع، مستغلةً القصف الجوي والمدفعي وعمليات النسف لتنفيذ هذا المخطط.

اختراقات مستمرة

ويتزامن ذلك مع استمرار الخروقات الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث قُتل فلسطيني وأُصيب آخرون إثر قصف من طائرة مسيَّرة في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، فيما أُصيب آخرون إثر إطلاق نيران من طائرات مسيَّرة وآليات إسرائيلية، وقصف مدفعي طال عدة مناطق، بينما قصفت القوات الجوية أهدافاً متفرقة من مناطق شرق خان يونس، وشمال رفح.

وبلغ عدد ضحايا الخروقات الإسرائيلية منذ وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر 2023، إلى أكثر من 413 فلسطينياً. فيما تقول حركة «حماس» إن الخروقات بلغ عددها أكثر من 900، وإنها تتابع مع الوسطاء استمرار خرق إسرائيل الاتفاق الموقَّع، كما أنها تبحث إمكانية الانتقال إلى المرحلة الثانية.

فتاة فلسطينية تقف بين صفوف المنتظرين لتلقي طعام من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب)

وتعوّل «حماس» على الموقف الأميركي إزاء إلزام إسرائيل بالاتفاق. وقال حازم قاسم، الناطق باسم الحركة: «نثق بقدرة الرئيس ترمب على تحقيق السلام في قطاع غزة والمنطقة لأنه الشخص الوحيد القادر على إلزام نتنياهو باستحقاقات السلام، لذا ندعوه لمواصلة جهوده في إرساء الاستقرار في المنطقة».