استدعى النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، وزير الاقتصاد السابق أمين سلام، لاستجوابه في الإخبار المقدّم ضدّه وآخرين بجرم «الاختلاس والابتزاز وهدر المال العام وتبييض الأموال»، وسيمثل أمام الحجار أيضاً 3 أشخاص آخرين شملهم الإخبار، هم: مستشار الوزير وشقيقه كريم سلام، وأحد معاونيه فادي تميم، وإيلي عبّود المدير المفوض بالتوقيع عن إحدى الشركات المكلّفة من قبل الوزراء بإجراء الدراسات العائدة لشركات التأمين التي ترغب في تجديد عقودها السنوية مع الوزارة.
وجاء الاستدعاء بعد ساعات قليلة على قرار اتخذه الحجار منع فيه سلام ورفاقه الثلاثة من السفر خارج لبنان، وأوضح مصدر قضائي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الإجراءات أتت على أثر تسلّم النائب العام التمييزي نسخة من التحقيق الذي أجرته لجنة الاقتصاد النيابية بهذا الخصوص، والذي تضمّن مستندات أدلة تستوجب إجراء تحقيق قضائي بشأنها، وهذا ما ستركز عليه جلسة الاستجواب». وعمّا إذا كان قرار منع السفر يؤشر إلى إمكان اتخاذ قرار توقيف، اعتبر المصدر أن «قرار منع السفر مجرّد تدبير احترازي حتى يتمكّن القضاء من تبليغ المدعى عليه أو المستدعى إلى التحقيق في الجلسة ولضمان مثوله أمام القضاء».
وأورد الإخبار، في مضمونه، أنه «بعد الكشف عن ملفات فساد خلال تولي أمين سلام مهامه في الوزارة، بدأت الشبهات تحوم حوله في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، إثر تحقيق حول عمليات ابتزاز تتعرض لها شركات التأمين، حيث اتُّهم كريم سلام شقيق الوزير بتهديد شركة (المشرق للتأمين) بسحب ترخيصها، ما لم تدفع مبالغ مالية مقابل دراسات إلزامية يجب إجراؤها عبر شركة يملكها مستشار الوزير فادي تميم، بقيمة وصلت إلى 300 ألف دولار». وقال الإخبار أيضاً إن الوزير «استغل أموال لجنة الرقابة على هيئات الضمان لتمويل نفقات مكتبه ونفقات شخصية، وبلغت المصاريف الشهرية 70 ألف دولار»، إضافة إلى ذلك «أبرم عقداً مشبوهاً مع شركة ماليزية بقيمة 640 ألف دولار لتقديم تدريب تقني لمدة أسبوعين فقط»، مشيراً إلى أن «هذه الملفات وغيرها الكثير دفعت لجنة الاقتصاد إلى استدعائه للتحقيق ولم يحضر، وسط تزايد الشبهات حول إدارة الوزارة خلال أكثر من 3 سنوات».
وشكّل قرار منع الوزير من السفر حدثاً قضائياً حظي باهتمام سياسي ونيابي وشعبي أيضاً، وأعطى مؤشراً على دخول لبنان مرحلة جديدة، تؤشر إلى أن خطاب القسم ألقاه رئيس الجمهورية جوزيف عون في التاسع من يناير (كانون الثاني) الماضي، وتعهّد فيه بمكافحة الفساد ومحاكمة المرتكبين، دخل مرحلة التطبيق الفعلي، واللافت أن هذا التدبير اتخذ بعد أيام قليلة على توقيف قاضٍ بتهمة الفساد وقبض رشاوى واستدعاء قاضٍ آخر إلى التحقيق في الأسبوع الأول من الشهر المقبل.
وشدد مصدر في لجنة الاقتصاد النيابية على أن ملفّ سلام ورفاقه «سيكون أولوية لدى اللجنة التي ستواكب كلّ الإجراءات القضائية، وتقدّم للقضاء كل ما لديها من معلومات». وأكد المصدر، لـ«الشرق الأوسط»، أن اللجنة «لديها ما يكفي من المعلومات عن تورّط الوزير بالفساد والاختلاس وقبض الأموال الطائلة من الشركات لقاء تسهيل عملها، وتهديد شركات أخرى بمنعها من مزاولة عملها في حال امتناعها عن دفع الأموال». وأشار إلى أن لجنة الاقتصاد «طلبت من الوزير مرات عدّة حضور جلساتها ومحاولة الاستفسار منه حول ما يحصل في مكتبه، لكنه رفض الحضور بالمطلق». وقال: «هذا الأسلوب ينمّ عن أنه إما يستخفّ بالتحقيقات التي أجريناها، وإما أنه يخشى مواجهته بالأدلة التي تفضحه».
وتعذّر الاتصال بالوزير السابق أمين سلام، وأي من المُخبر ضدهم، وتوقّع مصدر مواكب للملفّ أن «تنتج عن التحقيق الذي سيجريه النائب العام التمييزي تدابير قانونية». لكنه لفت، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «في حال توفّرت أدلة ثابتة بحقّ الوزير سلام قد يتجه القاضي الحجار إلى إحالة الشقّ المتعلّق بمسؤوليته على مجلس النواب، باعتبار أن صلاحية محاكمته كوزير تعود للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء»، مشيراً إلى أن «ملاحقة الآخرين تبقى من اختصاص القضاء العدلي، وهناك ترقّب لما يقرره القاضي الحجار بشأنهم».