سكان جنوب لبنان يخشون عودة الحرب والنزوح مجدداً

مع التصعيد الإسرائيلي الذي تشهده المنطقة الحدودية

لبنانيون يقفون عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية إثر التصعيد الذي شهدته المنطقة يوم السبت (رويترز)
لبنانيون يقفون عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية إثر التصعيد الذي شهدته المنطقة يوم السبت (رويترز)
TT

سكان جنوب لبنان يخشون عودة الحرب والنزوح مجدداً

لبنانيون يقفون عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية إثر التصعيد الذي شهدته المنطقة يوم السبت (رويترز)
لبنانيون يقفون عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية إثر التصعيد الذي شهدته المنطقة يوم السبت (رويترز)

يعيش غالبيّة سكان جنوب لبنان حالة من القلق والخوف من أن تكون جولات القصف العنيفة التي شنها الجيش الإسرائيلي وطالت بلدات عدّة، مقدمة لنشوب حرب جديدة بين «حزب الله» وإسرائيل، يُرغم خلالها الناس على ترك منازلهم وبلداتهم وخوض تجربة النزوح مجدداً بكل معاناتها، بعدما أعاد بعضهم ترتيب أمور حياته، وترميم منزله واستأنف حياته بشكل طبيعي.

لبنانيون يتفقدون الدمار الذي أصاب مبنى في بلدة تولين الجنوبية جراء قصف إسرائيلي استهدفها يوم السبت (د.ب.أ)

وتقول سمر أبو زيد: «السبت عشنا يوماً مخيفاً وحالة من الرعب من أن تتصاعد الأمور أكثر. لن نكذب ونقول إننا اعتدنا القصف، وإن أصوات الطيران الحربي لا تخيفنا، فنحن نعيش حالة رعب دائمة».

سمر التي تسكن مع أطفالها الخمسة في بلدة كفرا الجنوبية، (قضاء بنت جبيل)، كانت قد عاشت معاناة النزوح خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، وتعيش اليوم قلق النزوح مجدداً والوجهة التي قد تقصدها في حال اضطرت إلى الهروب.

وتقول: «إلى أين سنذهب أنا وعائلتي؟ هذا أول ما خطر في بالي، خصوصاً أن ظروفنا لا تسمح بذلك؛ إذ بدأنا مجدداً من الصفر بعد انتهاء الحرب بسبب تضرر عمل زوجي، وحتّى اليوم لم نحصل على تعويض من أي جهة».

وتضيف: «قد يكون ما حصل يوم السبت تصعيداً كبيراً، لكن القصف الإسرائيلي لم يتوقف رغم اتفاق وقف إطلاق النار. ربما الذي اختلف أمس (السبت) أن الهجمات كانت مكثفة ومتتالية، لكن دوامة العنف لم تنته، ونعيشها يومياً».

وكان الجنوب قد شهد السبت تصعيداً أمنياً إثر إطلاق 5 صواريخ باتجاه إسرائيل، ورد الجيش الإسرائيلي بغارات عنيفة ومكثفة على مناطق عدّة في الجنوب والبقاع، وكان لافتاً استهداف قلب مدينة صور لأول مرة منذ الاتفاق على وقف إطلاق النار، وأسفرت الغارات عن مقتل 7 أشخاص وإصابة 40 بجروح، وفق آخر إحصاءات وزارة الصحة اللبنانية.

وكان «حزب الله» قد أصدر بياناً نفى فيه إطلاقه الصواريخ، مؤكداً التزامه باتفاق وقف إطلاق النار، داعياً الدولة اللبنانية لمعالجة هذا التصعيد.

الخوف من النزوح

وكما سمر، عاشت سكينة، وهي سيدة ثلاثينية وأم لطفلين، الخوف نفسه. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «كنت في منزلي حين بدأت الموجة الأولى من الضربات، عند ساعات الظهر الأولى. شعرت بالخوف والضياع، خصوصاً حين بدأ أولادي البكاء والصراخ».

تسكن سكينة في حومين (النبطية). لم تكن الضربات قريبة جداً من منزلها، ولكن الأصوات كانت جداً قوية، وفق ما تقول.

ويوم السبت، استعاد أهالي الجنوب، مشهد يوم الاثنين 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، حين توسّعت الحرب، وخرج الأهالي من منازلهم، وهم لا يعرفون وجهة هروبهم، وهو ما تتحدث عنه سكينة قائلة: «تذكرت ذلك اليوم بكل تفاصيله، وأحداثه، عادت إليّ مشاعر الخوف نفسها، وكان كلّ همي: كيف أحمي أولادي ولا أدع الخوف يسيطر عليهم. واليوم عاشوا خوفاً مماثلاً؛ لم أتمكن من التخفيف عنهم».

لكن رغم ذلك، فإنه لم يخطر على بال سكينة الخروج من منزلها إلى مكان أكثر أماناً، تقول: «عانينا كثيراً عندما هُجّرنا من منازلنا. عشت النزوح من مكان إلى آخر، ولمرات كثيرة، وكانت ظروفنا صعبة للغاية».

وهي تتحدث عن تجربة النزوح وتفاصيل حُفرت في ذاكرتها، تقول: «أخاف أن يتكرر اختبار النزوح الصعب... وأكثر من ذلك، هذه المرة بتنا نقول: الموت داخل منازلنا سيكون أهون علينا من تجربة النزوح المُرّة».

ولا يختلف حال الشابة اللبنانية مهى (25 سنة)، وهي من بلدة الدوير بقضاء النبطية، فتقول: «عدنا بذاكرتنا إلى يوم الاثنين المشؤوم (23 سبتمبر 2024). شعرت أن قلبي سيتوقف عن الخفقان. أعصابي كانت مشدودة. قفزت مرات من مكاني على وقع الغارات، وكذلك فعل إخوتي، بشكل لا إرادي، ربما كنا نغير أماكننا تحسباً من أن يسقط سقف المنزل على رؤوسنا. لا أدري لماذا، هذا أثر الخوف؛ لا شيء آخر».

وتروي مهى لـ«الشرق الأوسط» كيف سيطر عليها شعور غريب من الخوف والضياع في آن... «وحده الانتظار كان سيد الموقف، علماً بأن الضربات الإسرائيلية أصابت أهدافاً في محيط النبطية، وليس على البلدة نفسها».

وعن تفاصيل يوم السبت، الذي وافق 22 من شهر رمضان المبارك والعائلة كلها صائمة، تقول: «عشنا ساعات من النقاش بين أفراد العائلة عن خيار الخروج من المنزل وتركه في حال اشتد القصف. سيطر علينا الخوف، وانقسمنا بين مؤيد لفكرة الهروب ومعارض لها، وانتهى بنا الأمر مسمّرين على هواتفنا نتابع الأخبار لحظة بلحظة».

وتتحدث عن مخاوفها، التي تشترك فيها مع غالبية الجنوبيين، وتقول: «نخاف من تكرار تجربة النزوح مرة أخرى، بكل مآسيها وصعوباتها، كما نخاف من أن نخسر أفراداً من عائلاتنا. لم تعد لدينا قدرة على تحمل كل هذا الكم من التعب. لا قدرة لنا حقاً على ذلك».

وتضيف: «ما زلنا نعيد ترتيب أمور منزلنا، وكذلك حياتنا. نحن اليوم في شهر الصوم. سيكون صعباً علينا لو أننا خرجنا من منازلنا ونحن صائمون، ومن ثمّ، لم تنته الحرب بعد... نعيش يومياً استهدافات وغارات إسرائيلية».


مقالات ذات صلة

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

المشرق العربي رئيس الجمهورية جوزيف عون ملتقياً أعضاء وفد مجلس الأمن في القصر الرئاسي (رئاسة الجمهورية)

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

بدأ وفد سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي زيارة إلى بيروت، حيث التقى المسؤولين، في توقيت بالغ الأهمية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، سقف خطابه مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

أكدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلة جديدة بإدخال مدني إليها.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام، خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

طالب الرئيس اللبناني جوزيف عون وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب من جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
TT

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)

في موازاة احتفالات مستمرة في سوريا بمرور قرابة سنة على إسقاط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، تسربت معلومات أمس عن خطط يقف وراءها رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد لإطلاق انتفاضتين في الساحل السوري ضد حكم الرئيس أحمد الشرع.

وجاءت هذه المعلومات، في وقت شهدت ساحة العاصي بمدينة حماة، الجمعة، فعالية حاشدة بمناسبة مرور عام على تحريرها من قوات الأسد. ورفع مشاركون في الفعالية علماً سوريّاً بطول 500 متر، وعرض 4 أمتار، وسط الساحة «في مشهد رمزي يؤكد وحدة الأرض والشعب»، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «سانا» الرسمية.

تزامناً مع هذه الاحتفالات، نشرت «رويترز» تحقيقاً ذكرت فيه أن اللواء كمال حسن المسؤول السابق في المخابرات السورية، وابن خال الأسد الملياردير، رامي مخلوف، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين؛ أملاً في إشعال انتفاضتين ضد الحكومة الجديدة.

وقال 4 أشخاص مقربين من العائلة إن الأسد، الذي فرّ إلى روسيا في ديسمبر (كانون الأول) 2024، استسلم إلى حد كبير لفكرة العيش في المنفى بموسكو.


قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، أمس، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب قاسم عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار». وأضاف: «نحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
TT

«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)

تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ونيابة عنه، حضر الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، أولى السباقات الكبرى للفئة الأولى على كأسي ولي العهد لشوطي الخيل المنتجَة «محليًا»، والشوط مفتوح الدرجات «إنتاج محلي ومستورد» المصنف دوليًا بدرجة «ليستد»، والمقام ضمن الحفل الثالث والأربعين من موسم سباقات الرياض بميدان الملك عبد العزيز في الجنادرية، وبجائزة مالية قدرها مليونا ريال.

وفي الشوط الثامن على كأس ولي العهد للإنتاج محلي الفئة الأولى مسافة 2400 متر، أحرز الجواد «ونعمين» العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز بالمركز الأول، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز.

وفاز بجائزة الشوط التاسع على كأس ولي العهد المصنف دوليًا «ليستد» على مسافة 2400 متر الجواد «صياح»، العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز.

يذكر أن الكأس يمثل أهمية كونه يحمل اسم ولي العهد إلى جانب أهميته الكبيرة في خارطة السباقات السعودية، بسبب فئويته العالية وقيمة جوائزه، إضافةً إلى مستوى المشاركة الفني الكبير، إذ أظهر البرنامج النهائي مشاركة نخبة من أقوى الخيل في الميدان السعودي على مسافة 2400 متر.