القضاء اللبناني يختم التحقيق في ملفّ رياض سلامة

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)
حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)
TT
20

القضاء اللبناني يختم التحقيق في ملفّ رياض سلامة

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)
حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

لم تبقَ إلا أيام قليلة تفصل اللبنانيين عن الموعد الذي يصدر فيه قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي، قراره الظنّي في ملفّ حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة الموقوف منذ 3 سبتمبر (أيلول) الماضي، والذي يلاحق فيه مع شخصين آخرين هما المحاميان ميشال تويني ومروان عيسى الخوري، بتهمة «اختلاس أموال عامة».

وأفاد مصدر قضائي مطلع بأن القاضي حلاوي «ختم التحقيق في ملفّ سلامة ورفيقَيه، وأحاله إلى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم لإبداء مطالعته بالأساس كمقدّمة لصدور القرار الظنّي». وأشار المصدر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «النيابة العامة المالية تتجه إلى تبنّي ادعائها ضدّ الحاكم السابق ورفيقَيه، لكن ذلك لا يلزم قاضي التحقيق الذي قد يتبنّى ما ورد في المطالعة، أو يخالفه كلياً أو جزئياً».

ارتياح النيابة العامة

وينسب القضاء اللبناني إلى سلامة «الاستيلاء على مبلغ 44 مليون دولار من أموال البنك المركزي، ونقلها إلى حسابه الخاصّ بمساعدة تويني وعيسى الخوري، وهما محاميان يعملان مستشارَين داخل المصرف». في وقت نفى الحاكم السابق أن «تكون هذه الأموال عائدة للبنك المركزي، وأنها عائدة إلى حسابات الاستشارات الخاصة بالشركات التي جنت أرباحاً من خلال اكتتابها بسندات (اليوروبوندز)».

وعكس ختم التحقيق ارتياحاً لدى النيابة العامة التي تستعجل إحالة القضية إلى المحكمة والشروع بالمحاكمة، بما يرفع عن كاهلها مسؤولية المضي بتوقيف سلامة الذي يرفض قاضي التحقيق حتى الآن إخلاء سبيله، كما لاقى ترحيباً من وكلاء الدفاع عن الأخير الذين يجدون في ذلك فرصة لتضع المحكمة يدها على الملفّ وتبتّ بإخلاء سبيل سلامة الذي أمضى نحو سبعة أشهر في التوقيف الاحتياطي. ويعتبر وكلاء سلامة أن «مدّة توقيفه الاحتياطي تخطّت المدّة التي تسمح بها المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تفرض على قاضي التحقيق أو المحكمة إطلاق سراح الموقوف إذا كان ملاحقاً بجرم جنائي بعد مضي ستة أشهر على توقيفه، إلّا إذا كان الإفراج عنه يشكل خطراً على السلامة العامة أو يمكّنه من الفرار، وهذا الأمر غير متوفر في حالة رياض سلامة الذي لا يشكل خطراً على السلامة، ولا يمكنه مغادرة لبنان لكونه ممنوعاً من السفر بقرار من النيابة العامة التمييزية».

محكمة التمييز

وجاء ختم التحقيق بعد ساعات من ورود الملفّ من محكمة التمييز الجزائية التي نظرت في المراجعة المقدمة من المحاميين كمال حيدر ويوسف لحود بوكالتهما عن المدعى عليهما ميشال تويني ومروان عيسى الخوري اللذين طعنا فيها بقرار الهيئة الاتهامية في بيروت التي أصدرت مذكرتَي توقيف وجاهيتين بحق الأخيرين من دون مثولهما أمامها واستجوابهما؛ إذ اعتبرا أنه يشكل سابقة قضائية مستهجنة. غير أن محكمة التمييز رأت أن «الطعن بقرار الهيئة الاتهامية غير جائز؛ ما استدعى ردّه بالشكل».

ورأى المصدر القضائي أنه «كان يُفترض بمحكمة التمييز أن تنظر بالأساس، وتحسم ما إذا كان قرار الهيئة الاتهامية متوافقاً مع أحكام القانون أم لا، باعتبار أنه لم يسبق لهيئة قضائية أن أصدرت مذكرة توقيف وجاهية بحق مدعى عليه غير ماثل أمامها». وفضّل المصدر أن «لو كانت هناك مساواة في المذكرات ما بين رياض سلامة ورفيقَيه لكونهم ملاحقين بنفس الجرم، فإما يحاكَمون موقوفين معاً أو مُخلى سبيلهم جميعاً».

وتزامن ختم التحقيق مع نشر معلومات تتحدّث عن «إجراءات لجأت إليها السلطات السويسرية واللبنانية حديثاً، تمثّلت في رفع السرية عن حسابات رياض سلامة وشقيقه في بيروت وسويسرا»، إلّا أن المصدر القضائي أوضح أن «هذا الإجراء قديم، وحصل قبل أكثر من ستة أشهر، وليس معروفاً سبب إثارته الآن»، مؤكداً أن «القضاء اللبناني والقضاء الأوروبي حصلا على حسابات سلامة منذ وقت طويل، حتى في المرحلة التي أجرى الأوروبيون فيها تحقيقاتهم في لبنان».


مقالات ذات صلة

الاعتداءات على الـ«يونيفيل» في جنوب لبنان: رسائل سياسية تربك مساعي الاستقرار

المشرق العربي قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقود مركبات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أمام مبانٍ مدمرة أثناء دورية في قرية كفركلا قرب الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)

الاعتداءات على الـ«يونيفيل» في جنوب لبنان: رسائل سياسية تربك مساعي الاستقرار

في وقت تُبذل فيه الجهود لسيطرة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وتؤكد المواقف العمل على تنفيذ القرار 1701، عادت الاعتداءات على قوات الـ«يونيفيل».

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي نواة ائتلاف انتخابي لبلدية بيروت ينتظر فك «الغموض السني»

نواة ائتلاف انتخابي لبلدية بيروت ينتظر فك «الغموض السني»

يبقى الغموض الذي يكتنف الشارع السنّي في بيروت عائقاً أمام وضوح خريطة التحالفات البلدية.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً مع وفد من الباحثين في معهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن

لبنان يطالب بتفعيل آلية المراقبة لوقف «الاعتداءات الإسرائيلية»

أكد رئيس الجمهورية جوزيف عون ان لبنان ماض في اجراء الاصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لقطة عامة لمرفأ بيروت... ويظهر في وسطها مبنى الإهراءات المعرّض لتدمير جزئي نتيجة الانفجار عام 2020 (رويترز)

لبنان: خيبة قضائية لعدم تسلّم التقرير الفرنسي بشأن «انفجار المرفأ»

كشف مصدر قضائي لبناني عن أن «الوفد الفرنسي الذي التقى النائب العام التمييزي والمحقق العدلي بقضية انفجار المرفأ لم يسلّم التقرير الفني النهائي الذي وعد بإحضاره».

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي النيران تتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت 27 أبريل 2025 (أ.ب)

«حزب الله» يقول إن الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية «اعتداء سياسي»

عدَّ الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، الاثنين، أن الغارة الإسرائيلية التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت الأحد هي عبارة عن «اعتداء سياسي» ومن دون «مبرر».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

نواة ائتلاف انتخابي لبلدية بيروت ينتظر فك «الغموض السني»

نواة ائتلاف انتخابي لبلدية بيروت ينتظر فك «الغموض السني»
TT
20

نواة ائتلاف انتخابي لبلدية بيروت ينتظر فك «الغموض السني»

نواة ائتلاف انتخابي لبلدية بيروت ينتظر فك «الغموض السني»

يبقى الغموض الذي يكتنف الشارع السنّي في بيروت عائقاً أمام وضوح خريطة التحالفات البلدية، وهذا ما يفسر تريث «الثنائي الشيعي»؛ أي «حزب الله» وحركة «أمل» في حسم موقفه ترشّحاً واقتراعاً، وإن كان، كما تقول مصادره لـ«الشرق الأوسط»، يميل للائتلاف مع الأغلبية البيروتية للحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي المؤلف من 24 عضواً، وهذا ما ينسحب على الأحزاب والتيارات المسيحية، التي اتخذت قرارها بالتوحّد، بصرف النظر عن خلافاتها، لئلا تتحمل مسؤولية الإطاحة بالمناصفة.

وإلى أن تحسم الأغلبية في الشارع السنّي خياراتها، فإن المؤكد حتى الساعة، بحسب مصادر بيروتية، أن الشركاء في الائتلاف المنويّ تشكيله بمعظمهم لا يحبذون التعاون مع «الجماعة الإسلامية»، ويفضلون استبعادها من الائتلاف، رغم أن حليفها النائب نبيل بدر يتواصل مع العائلات في الشارع السنّي، بالتلازم مع انفتاحه على رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، لاستمزاج رأيه حول إمكانية انخراطهما في تحالف واحد.

عناصر من الجيش اللبناني أمام قلم اقتراع في انتخابات عام 2016 (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش اللبناني أمام قلم اقتراع في انتخابات عام 2016 (أرشيفية - أ.ف.ب)

وعلمت «الشرق الأوسط» بأن باسيل لا يحبّذ التحالف مع بدر و«الجماعة الإسلامية»، ويفضّل الائتلاف مع الأغلبية السنّية، في حال توصلت إلى توافق يقضي بخوض الانتخابات على لائحة واحدة تجمعها والأحزاب والتيارات السياسية في الشارع المسيحي، بمن فيها الأرمنية، التزاماً منه بوحدة الموقف المسيحي في بيروت.

وأكدت المصادر أن الأحزاب والتيارات المسيحية اتخذت موقفها بالتوحّد في لائحة واحدة بالائتلاف مع الأكثرية السنيّة والشيعية. وقالت إنها أقرت بضرورة تحييد بيروت عن خلافاتها السياسية، وهذا ما أبلغه النائب في حزب «القوات اللبنانية»، غسان حاصباني، إلى زميله النائب فؤاد مخزومي الذي يواصل تحركه بالتعاون مع شخصيات وجمعيات بيروتية لإنضاج الظروف المواتية لتشكيل نواة لائحة من الأغلبية السنّية، على أن تكتمل بانضمام الأحزاب والتيارات المسيحية والثنائي الشيعي و«الحزب التقدمي الاشتراكي» إليها.

ومع أن المؤكد أيضاً أن النواب المنتمين إلى «قوى التغيير»: إبراهيم منيمنة، بولا يعقوبيان وملحم خلف، قطعوا شوطاً بالتشاور مع رئيس «جمعية المقاصد»، فيصل سنو، وناشطين في المجتمع المدني على طريق تشكيل لائحة يُعلن عنها فور إقفال باب الترشيح لعضوية المجلس البلدي لبيروت، في السابع من أيار مايو (أيار) المقبل.

وتردد أن المهندس فادي درويش هو أبرز المرشحين لرئاستها، فيما يغرد النائب وضاح الصادق وحيداً خارج السرب البلدي انتخاباً وترشحاً، مباشِراً تحركه لتشكيل لجنة نيابية - قانونية تأخذ على عاتقها إعداد تصور مشترك لتعديل قانون الانتخابات البلدية من شأنه أن يخفف من الاحتقان الطائفي المترتب على المطالبة بإعادة الصلاحيات التنفيذية للمجلس البلدي لبيروت.

أما على صعيد «الثنائي الشيعي»، فعلمت «الشرق الأوسط» بأنه يتحرك بلدياً تحت سقف ضرورة لمّ الشمل ما أمكن بمعزل عن التحالفات السياسية التي يجب تحييدها عن ضرورة التوصل إلى ائتلاف بلدي للحفاظ على المناصفة البيروتية بتشكيل لائحة تجمع بين شطري العاصمة، وأن «لا مانع لدينا بأن تكون جامعة للأضداد».

ولفتت مصادر «الثنائي الشيعي» إلى أنه يفضّل الائتلاف مع الأغلبية السنّية، وأن لا «فيتو» على التعاون البلدي مع الأحزاب والتيارات المسيحية التي قررت أن تضع خلافاتها جانباً لإنقاذ المناصفة وحمايتها؛ لئلا يؤدي التفريط بها إلى إقحام البلد في أزمة سياسية ذات منحىً مذهبي.

وكشفت عن أن الثنائي ليس في وارد وضع اليد على الحصة الشيعية في المجلس البلدي، وقالت إنه لا مصلحة له بإلغاء أو إقصاء أي طرف يُعدّ من الرموز الشيعية الأصيلة في بيروت، وبالتالي فهو يصر على للحفاظ على رمزية الكلية العاملية بوصفها من كبرى الصروح التعليمية في بيروت، وهذا يتمثل بتأييد ترشيح يوسف بيضون، نجل النائب الراحل محمد يوسف بيضون الذي يعدّ أحد أعمدتها، لعضوية المجلس البلدي، إلى جانب العضو الحالي في المجلس فادي شحرور، على أن ينضم إليهما لاحقاً العضو الشيعي الثالث الذي يعود لـ«حزب الله» تسميته. وأكدت أن جميعهم من غير الحزبيين تتويجاً للتوافق بين الحزب وحركة «أمل»، وبإصرار من رئيسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

وبالنسبة إلى تحالف «الجماعة الإسلامية» وبدر، فإن الأخير، كما علمت «الشرق الأوسط»، يصر على أن يكون وحليفه طرفاً في الاتصالات الجارية لتشكيل لائحة ائتلافية، ولا يحبّذ انخراطه فيها منفرداً، رغم أنه يواجه صعوبة في إقناع الأحزاب والتيارات المسيحية بتشكيل لائحة موحدة بعد أن حسمت أمرها بالائتلاف مع الأغلبية السنية و«الثنائي الشيعي».

أما على صعيد الاتصالات لتشكيل ائتلاف سنّي يمثل الأغلبية البيروتية، فلا بد من التوقُّف أمام موقف رئيس الحكومة الأسبق تمّام سلام الذي يبدي انفتاحاً على جميع المعنيين بإنجاز الاستحقاق البلدي، ويستقبل معظم المرشحين، ويدعو إلى التوافق للمجيء بمجلس بلدي منسجم للنهوض بالعاصمة، مشدداً، في الوقت نفسه، على إبعاد المنافسة عن الصراعات السياسية وتصفية الحسابات.

وفي هذا السياق، لم ينقطع التواصل بين النائب مخزومي ورئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير، ومسؤول الملف الانتخابي في جمعية «المشاريع الخيرية - الأحباش»، الدكتور أحمد دبّاغ؛ لإرساء الأسس لقيام ائتلاف بلدي يحظى بتأييد الغالبية السنيّة ومعها اتحاد العائلات البيروتية.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن المجتمعين يتواصلون أيضاً مع نائبي «الثنائي الشيعي» عن بيروت: أمين شري ومحمد خواجة، وزميلهما عن الحزب «التقدمي الاشتراكي» فيصل الصايغ، بالتلازم مع الاتصالات شبه اليومية التي يجريها مخزومي بممثلين عن الأحزاب والتيارات المسيحية.

وقالت مصادر مقربة من المجتمعين إن الإيجابية، وإن كانت تتصدر المشاورات لتشكيل نواة لائحة ائتلافية تؤيدها الأحزاب ولا تضم ممثلين عنها، فإن ضيق الوقت الذي يفصلنا عن موعد الاستحقاق، في 18 مايو المقبل، لم يعد يسمح بتمديد المشاورات إلى أمد مديد، وباتت الضرورة تتطلب منهم الإسراع بتهيئة الظروف لتأمين ولادة طبيعية للائحة في غضون أسبوع ما لم تطرأ عوامل غير منظورة قد تعيد المشاورات إلى المربع الأول، مع أن «الأحباش» تبدي ارتياحها للاتصالات وتبرر تأخير ولادتها للحاجة لبعض الوقت لتوفير الحماية لها وتحصينها من الحملات التي يمكن أن تستهدفها.