«هدنة غزة»: تحركات مكثفة للوسطاء لتفادي «انسداد» المفاوضات

وفد إسرائيلي يغادر القاهرة... ومصر تتمسك بتثبيت وقف إطلاق النار

عائلة فلسطينية تتناول وجبة إفطار في منزلها المدمر وسط أنقاض المباني في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
عائلة فلسطينية تتناول وجبة إفطار في منزلها المدمر وسط أنقاض المباني في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة غزة»: تحركات مكثفة للوسطاء لتفادي «انسداد» المفاوضات

عائلة فلسطينية تتناول وجبة إفطار في منزلها المدمر وسط أنقاض المباني في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
عائلة فلسطينية تتناول وجبة إفطار في منزلها المدمر وسط أنقاض المباني في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

جهود تتواصل نحو استئناف اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رغم مغادرة وفد حكومة بنيامين نتنياهو للقاهرة دون «تحقيق تقدم»، وفق تسريبات إسرائيلية، وعدم قبول «حماس» بمقترح المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، ووضع شروط بشأنه، وانتظار جولة محادثات في واشنطن.

ووسط ذلك الانسداد المتكرر في مسار المفاوضات يتمسك الوسيط المصري بتثبيت الهدنة، ويرجح خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، حصول تغير دراماتيكي والتوصل لحل وسط يجمع الأطراف نحو اتفاق مرحلي يمدد المرحلة الأولى مع تغييرات في شكل المرحلة الثانية، متوقعين استجابة من «حماس»، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في ظل الضغوط التي يواجهونها داخلياً.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر، أن الوفد الإسرائيلي المفاوض عاد من القاهرة «دون تحقيق أي تقدم في ملف التفاوض في ظل الفجوات التي لا تزال كبيرة»، بعد ساعات من حديث موقع «أكسيوس» الأميركي، الأحد، أن مفاوضين إسرائيليين أجروا محادثات بمصر بشأن الهدنة بعدما عقد مسؤولون في «حماس» لقاءات مماثلة، السبت، لافتاً إلى أن «مسؤولين مصريين سيسافرون إلى واشنطن في وقت لاحق من هذا الأسبوع لبحث اتفاق غزة».

وفيما لم تعلن القاهرة أية تفاصيل، قال مكتب نتنياهو، في بيان الأحد، إن الفريق الإسرائيلي المفاوض يبحث في مصر، مع كبار المسؤولين المصريين الصفقة المحتملة.

بينما أكد الوسطاء ضرورة استمرار الاتفاق المعطل منذ انتهاء مرحلته الأولى منذ مطلع مارس (آذار) الحالي، وشدد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الاثنين، في اجتماع مع أكثر من 100 سفير أجنبي وممثلي السفارات والمنظمات الدولية بشأن إعادة تأهيل قطاع غزة، بضرورة تثبت وقف إطلاق النار بالقطاع، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أن المحادثات العديدة تحاول تفادي أي تعثر في الاتفاق أو انسداد في المفاوضات بما يدفع نتنياهو و«حماس» لإبداء مرونة، مشيراً إلى أن التضارب الحالي سبب إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، على نقض الاتفاق وزيادة الفجوات وعدم كبح جماح تطلعاته السياسية.

وبحسب تقديرات السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، فإن «المفاوضات لا تزال بين شد وجذب، وستأخذ وقتاً ليس طويلاً في ذلك الإطار، بينما سيواصل الوسطاء جهودهم من القاهرة أو الدوحة أو محطة واشنطن الجديدة، بهدف تضييق الفجوات والذهاب لحل وسط يتفادى أي أزمة بالمفاوضات».

تنفيذ الاستحقاقات

وفي رد جديد على مقترح ويتكوف، قال المتحدث باسم «حماس» حازم قاسم قوله إن الأمر المطلوب هو الدخول في استحقاقات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة التي تنصل منها نتنياهو، «وليس وضع اتفاقات جديدة وجانبية».

وكانت «حماس» قد سلمت الوسطاء، الجمعة، ردها على مقترح أميركي، وقالت إنها مستعدة لإطلاق سراح الجندي، عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأميركية، إضافة إلى جثامين 4 آخرين من مزدوجي الجنسية، في إطار التمهيد للانتقال إلى المرحلة الثانية.

وجاء مقترح «حماس» نوعاً من التعديل على مقترح ويتكوف الذي تضمن إطلاق سراح 5 محتجزين أحياء، بينهم عيدان ألكسندر، و10 رهائن قتلى مقابل إطلاق سراح فلسطينيين وفق معيار سيتم تحديده، وإدخال المساعدات الإنسانية، مثل المرحلة الأولى، بالإضافة إلى وقف إطلاق النار لمدة تتراوح بين 42 و50 يوماً، تتم خلالها مناقشة إنهاء الحرب.

سيدة فلسطينية تُعدّ طعام الإفطار الرمضاني في بيتها المتضرر من القصف بمدينة غزة في 15 مارس (إ.ب.أ)
سيدة فلسطينية تُعدّ طعام الإفطار الرمضاني في بيتها المتضرر من القصف بمدينة غزة في 15 مارس (إ.ب.أ)

وأفاد ويتكوف، الأحد، في تصريحات لـ«سي إن إن» الأميركية، بأن الجواب الذي وصل من «حماس» على مقترح «إطلاق سراح 5 أسرى أحياء بينهم مواطن أميركي (...) غير مقبول على الإطلاق»، مشجعاً الحركة أن «تكون أكثر عقلانية مما كانت عليه، خصوصاً أن هناك فرصة لها؛ لكنها تتلاشى بسرعة».

توفيق بين المقترحات

يتوقع رخا أن تذهب المحادثات نحو التوفيق بين مقترح ويتكوف ونظيره الذي طرحته «حماس» بالذهاب لحل وسط بينهما أو إعطاء الحركة مزايا أو ضمانات تجعلها تقبل وتمنع العودة للحرب، مؤكداً أنه لا يمكن الجزم بوقت للتوصل لهذا الحل، لكن الوقت ضاغط، في ظل الوضع الغذائي الذي ينهار بالقطاع والضغوط على نتنياهو في ظل حالة غليان مكتومة داخل إسرائيل وصراعات تزداد.

ويرجح الفرا أن «حماس» ستقبل في النهاية بحل وسط، خصوصاً وهي تواجه مشكلة ذاتية بأنها لم تعد بقوتها السابقة، ولم تعوض سلاحها المفقود، فضلاً عن ضغوط داخلية، وهناك أصوات داخلية بأنه «يكفي ما تم، ويجب الذهاب لاتفاق في ظل شعب لا يجد ما يأكله ولا يشربه، ويواجه استهدافاً بين وقت وآخر».

ويستبعد أن تُقْدم إسرائيل على استئناف الحرب، مشيراً إلى أنها ليس أمامها سوى عمليات جوية محددة في ظل أزمة داخلية كبيرة متصاعدة ضد نتنياهو، فضلاً على رفض أميركي للحرب ستجبره على عدم المناورة أكثر من ذلك والذهاب لاتفاق، مرجحاً احتمال تمديد الاتفاق مع تعديلات بالمرحلة الثانية.


مقالات ذات صلة

«حماس»: مصلحتنا في استمرار الاتفاق ونتنياهو يسعى للانقلاب عليه

المشرق العربي عناصر من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة «حماس» (رويترز - أرشيفية)

«حماس»: مصلحتنا في استمرار الاتفاق ونتنياهو يسعى للانقلاب عليه

أكدت حركة «حماس»، مساء الثلاثاء، أن مصلحتها كانت ولا تزال في استمرار الاتفاق، متهمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسعي للانقلاب عليه واستئناف الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر خلال مؤتمر صحافي في أثينا يوم 13 مارس 2025 (أ.ب)

وزير خارجية إسرائيل: غارات غزة ليست ليوم واحد

قال وزير الخارجية الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، إن الغارات الإسرائيلية الأحدث «لم تكن هجوماً ليوم واحد»، وإن العملية العسكرية في غزة ستستمر خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أحد عناصر «سرايا القدس-كتيبة طولكرم» (كتيبة طولكرم) play-circle

مقتل المتحدث باسم «سرايا القدس» بضربة إسرائيلية في غزة

كشفت مصادر من «حركة الجهاد» إن غارة جوية إسرائيلية قتلت المتحدث باسم «سرايا القدس»، الجناح العسكري للحركة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية دبابتان إسرائيليتان عند الحدود مع قطاع غزة (أ.ب) play-circle

الجيش الإسرائيلي: نقصف أهدافاً لحركتي «حماس» و«الجهاد» في غزة

قال الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إنه يواصل قصف أهداف تابعة لحركتي «حماس» و«الجهاد» في أنحاء قطاع غزة.

المشرق العربي أبرز قادة حركة «حماس» الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية على غزة (صحيفة «يديعوت أحرونوت») play-circle

من أبرز قادة «حماس» الذين قُتلوا في الضربات الإسرائيلية على غزة؟

أدت الضربات الإسرائيلية على غزة إلى مقتل قادة بارزين في حركة «حماس»... فماذا نعرف عنهم؟

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«حماس»: مصلحتنا في استمرار الاتفاق ونتنياهو يسعى للانقلاب عليه

عناصر من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة «حماس» (رويترز - أرشيفية)
عناصر من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة «حماس» (رويترز - أرشيفية)
TT
20

«حماس»: مصلحتنا في استمرار الاتفاق ونتنياهو يسعى للانقلاب عليه

عناصر من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة «حماس» (رويترز - أرشيفية)
عناصر من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة «حماس» (رويترز - أرشيفية)

أكدت حركة «حماس»، مساء الثلاثاء، أن مصلحتها كانت ولا تزال في استمرار الاتفاق، متهمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسعي للانقلاب عليه واستئناف الحرب.

وقال المتحدث باسم الحركة، عبد اللطيف القانوع، في بيان، إن «مصلحة (حماس) كانت في استمرار الاتفاق، وستظل تتعامل بمرونة وإيجابية مع الوسطاء لدفع العدوان عن الشعب الفلسطيني وإلزام الاحتلال بالاتفاق»، مشيراً إلى أن الحركة «على اتصال دائم مع الوسطاء، وتتعامل بمسؤولية مع أي مقترحات تهدف إلى وقف العدوان ورفع الحصار».

واتهم القانوع نتنياهو بـ«التراجع عن الاتفاق لتحقيق مصالحه الشخصية والهروب من أزماته الداخلية»، مضيفاً أن الوسطاء «يدركون التزام (حماس) ببنود الاتفاق رغم مماطلة نتنياهو وانقلابه عليه، ويتطلب منهم كشف ذلك للعالم»، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

وأوضح أن مقترح ويتكوف «كان على طاولة المفاوضات ولم ترفضه (حماس)، بل تعاملت معه بإيجابية»، بينما «أغلقت إسرائيل المعابر، وشددت الحصار، ومنعت إدخال المساعدات، ورفضت مفاوضات المرحلة الثانية، في محاولة للانقلاب على الاتفاق واستئناف الحرب».

وطالبت «حماس» الأمم المتحدة «بالتحرّك العاجل والوقوف بحزم أمام انتهاكات إسرائيل وتهديدها لأمن المنطقة واستقرارها».

ودعت الحركة الدول الداعمة للقضية الفلسطينية إلى «ممارسة الضغوط على أميركا لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة».

يشار إلى أن إسرائيل شنت، في وقت مبكر صباح اليوم، الثلاثاء، هجمات جوية على قطاع غزة أسفرت عن سقوط 412 قتيلاً وأكثر من 500 مصاب، بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة.